• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بغداد.. والشعراء.. والصور .
                          • الكاتب : حيدر فوزي الشكرجي .

بغداد.. والشعراء.. والصور

 بغداد عاصمة جمهورية العراق،. يبلغ عدد سكانها 7,216,040 نسمة حسب آخر الإحصائيات لعام 2011 للميلاد مما يجعلها أكبر مدينة في العراق، وثاني أكبر مدينة في الوطن العربي بعد القاهرة، وثاني أكبر مدينة في آسيا الغربية بعد مدينة طهران عاصمة إيران، كما تعتبر المركز الاقتصادي والإداري والتعليمي في الدولة.

يظن الكثيرين أن أسم المدينة أطلقه عليه مؤسسها أبو جعفر المنصور، ولكن في الحقيقة  الخليفة العباسي سمى عاصمته دار السلام وكان الناس يطلقون عليها مدينة المنصور، أما أصل تسميتها هي قرية كانت موجودة مكان العاصمة وتحمل أسم بغداد وقد ورد أسمها بجدادا بلوح يرجع تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وكذلك وردت أسماء مشابهه بجدادا وبغدادي في ألواح تعود إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد ومعنى الأسم باللغة البابلية بستان الحبيب.
بغداد مدينة تحتضن جدرانها أسرار وخفايا، آلام ومآسي، مجد وذل قلما شهدته مدينة، هي عاصمة العلم والثقافة مع ذلك لم تخلو يوما في تاريخها من الأمية والجهل، تغنى بمجدها الشعراء وصرخ من ظلم حكامها الفقراء، أشتهرت برفاهية قصورها وبقساوة سجونها، بمناظرها الخلابة وفقر أكثر أهلها.
   فهي كما قال عنها المرحوم الدكتور أحمد الوائلي في مطلع قصيدته المشهورة(بغداد)
 
بــغداد يومــك لا يـزال كـأمـسـه                               صور على طرفي نقيض تجمع
يـطغى النعيــم بجــانب وبجــانب                             يـطغى الشقـــا فمرفــه ومـضيـع
في القصر أغنية على شفة الهوى                           والكـوخ دمــع في المحاجـر يلذع
 
سر التناقض لهذه المدينة أنها عاصمة بلد كالعراق موقعه إستراتيجي يربط بين حضارات وقوميات مختلفة (عربية، عثمانية، فارسية، كردية ) أثرت على طبيعة أهله ولكن لم تغير معدنهم، إضافة أن ثرواته تجعله مطمع لكل فاسد من خارج حدوده أو من داخلها هذه الثروات التي لو وزعت بالتساوي على سكانه لجعلتهم يعيشون برفاهية تحسدهم عليها كل الدول المتقدمة.
هذا التنوع الحضاري والثقافي قد تجد جزء منه في كل مدينة عراقية، ولكن في بغداد ستجده كله لأنها بالفعل عبارة عن عراق مصغر، أن النظام المركزي الذي كان سائدا في العراق يجعل أكثر موارد المحافظات تمر بالعاصمة ومن ثم يعاد توزيعها على بقية المحافظات، ولكون من كان يتقلد زمام الامور ثلة مجرمة وفاسدة ظلمت المحافظات المنتجة كما أن هذه المبالغ لم تسهم في تطوير العاصمة كثيرا كون أغلبها كانت تذهب إلى جيوب المسؤولين وحساباتهم السرية والبقية تبنى بها قصور لسكناهم. 
بعد سقوط نظام هدام ظهرت فرصة حقيقية لتغير هذا الواقع فقد كان هنالك شبه أتفاق على جعل نظام الحكم شبه مركزي وإعطاء صلاحيات أكبر للمحافظات، ولم يضع العراقيل لهذا المشروع غير البعض لأهداف واضحة وهي محاولة استمرار عمليات الفساد لأسباب انتخابية بحتة.
وبعد الانتخابات الأخيرة التي عول عليها المواطن كثيرا اصطدمت أغلب الحكومات المحلية بتركة ثقيلة أسمها الفساد، ففي بغداد صرح رئيس المجلس أن العاصمة مديونة بمبالغ تفوق الترليون دينار عراقي بسبب عقود مبرمة مع شركات لتنفيذ مشاريع لم يوافق عليها المجلس السابق وتم تنفيذها دون علمه!!
فإذا اخذنا بنظر الاعتبار حجم الخدمات المطلوب توفيرها من الحكومة المحلية من تبليط شوارع وإنشاء مستشفيات ومشاريع مياه وصرف صحي وووو الخ.. فكيف تستطيع أنجاز كل هذا مع هذه المديونية الضخمة؟؟
نحن الآن نعيش فرصة تاريخية إلا وهي الديمقراطية  فأن بقينا هكذا  فلن يغفر لنا أحفادنا ولا التاريخ أضاعتها، يجب أن تتضافر جهود أبناء بغداد مع الحكومة المحلية لضرب الفساد بيد من حديد، فالقضاء على الفساد هو الحل الوحيد لإعادة بناء العاصمة بغداد بما يليق مع مكانتها وتاريخها العريق.   
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33735
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19