• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من الصناديق إلى التوابيت .
                          • الكاتب : معمر حبار .

من الصناديق إلى التوابيت

حين يقف المرء ساعات طوال، وهو يتابع مايجري في شوارع مصر المحتلة من طرف أنصار الانقلاب العسكري، بقيادة وزير الدفاع، الفريق الأول، عبد الفتاح السيسي من جهة. ومن جهة أخرى، أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بقيادة إخوان مصر، يجد نفسه أمام  جملة من الملاحظات :
1.   خلال هذا الأسبوع، وقف القائد العسكري الأمريكي أمام البنتاعون ، وهو يُقيّم الوضع في سورية، ثم قال كلمة مازالت ترن في الأذن وهي .. أترك اتخاذ القرار، للمنتخبين من الشعب، ثم انصرف بهدوء، ينتظر أوامر رئيسه المنتخب. فيكتمل المشهد السياسي بالمشهد العسكري، ويكون القرار على العموم صائبا، وبأقل الخسائر.
2.   الفريق الأول عبد الفتاح السيسي، لم يكتف بالانقلاب على رئيس منتخب. هذا الرئيس الذي ارتكب أخطاء فادحة، وصلت إلى حد السخرية أحيانا، بل طالب بإعطاءه تفويضا مطلقا، لممارسة مهامه العسكرية، لتأديب كل من لم يوافقه في انقلابه .. وباسم التفويص، زهقت أرواح ، وسالت دماء، وأغلقت قنوات، وسجن منتخب.
3.   قيمة الأرقام من قيمة الأرواح، وبما أن الأرواح لا قيمة لها في الدول المتخلفة، فكذلك الأرقام. وقد ظهر ذلك جليا في الأرقام المتضاربة ، بين تلك التي قدمها أنصار الفريق السيسي، وأنصار الرئيس المعزول. ومن الخطأ الاعتماد على أرقام هؤلاء أو هؤلاء.
4.   لم يكن في يوم من الأيام، الاستعانة بالشوارع، حل دائم لأمة تعرف قدر نفسها، وإلا لكانت شوارع الصين والهند، والاتحاد السوفياتي سابقا، حل صائب ودائم. والملاحظ في حالة مصر، أن كلا الطرفين، اتخذا من الشارع، لعبة يتسلى بها هذا وذاك. وقد سبق للجزائر في التسعينيات من القرن الماضي، أن مارست نفس الهواية، ولم تؤد إلا إلى سفك الأنفس، وخراب الديار.
5.   إن الذين قُتلوا في ساحة رابعة العدوية، أو ساحات أخر، بغض النظر عن انتمائتهم، وبغض النظر عن قاتلهم، فإن دماءهم في رقاب من طلب التفويض، وهو الآمر الناهي. وفي رقاب من أصرّ على الاعتصام. وفي رقبة ذلك الأخ العربي، الذي سارع بالعطايا والأموال، ووعد بالمزيد والاغراءات.
6.   واضح جدا، أن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي، لم يكن تلميذا نجيبا، لوزير الدفاع السابق، المشير محمد حسين طنطاوي، حين أمسك بزمام المرحلة الانتقالية، وتنازل عن الحكم للمدنيين. بينما السيسي، تجاوز الرئيس، ورئيس الحكومة، حين خاطب الشعب مباشرة، طالبا منه التفويض، وقد ظهر هذا التجاوز في صور السيسي التي رُفعت، وهو بالبدلة العسكرية، وكأنها معركة ضد جيش غَازٍ قادم.
7.   كان على الجيش المصري، أن يقف على الحياد، وعلى مسافة واحدة من الطرفين، لا أن يكون خصما لهذا، ومساعدا لذاك. وبموقفه المنحاز هذا، يكون الجيش قد سقط في نفس الخطأ الذي وقع فيه إخوان مصر، حين مالوا ميلة واحدة، للأحبة والاخوان، متجاهلين الشطر الأكبر من الشعب.
8.   تقاس الهزيمة أو النصر بعدد القتلى، لأنه كلّما سقطت أرواح، ابتعد النصر، وحلّت الهزيمة. والنصر على جثث الأبرياء، هزيمة يستحي منها المنتصر، قبل المنهزم. وبما أنه في كل مسيرة، تسقط فيها الأرواح على يد الأخ، فإن الهزيمة لامحالة، أصابت إخوان مصر، وعسكر مصر، ومن أفتى لهذا، وساعد ذاك.
9.   ليس غريبا أن تقف الولايات المتحدة الأمريكية، موقفا متذبذبا من الانقلاب العسكري، فهي ترفض أن تسميه انقلابا عسكريا، حتى لاتحرم مصر من المساعدات العسكرية، باعتبار المساعدات تدخل ضمن الأمن القومي الأمريكي. وفي نفس الوقت، هي التي اعتبرت انتخابات نزيهة، شهد لها العدو قبل الصديق، على انها انقلابات عسكرية، لأنها تعتبرها دول مارقة، تستحق العقاب لا الثناء. والسؤال المطروح، ماهي الضمانات التي قُدمت من طرف المؤسسة العسكرية الجديدة، للولايت المتحدة الأمريكية، لكي تعتبر الانقلاب العسكري، ليس انقلابا عسكريا. لأنه ماكان للولايات المتحدة الأمريكية أن توافق على حكم إخوان مصر، لو لم يقدموا لها الضمانات. إذن الولايات المتحدة الأمريكية، تضمن كل من يقدم لها ضمانات أكبر وأطول وأدوم وأثمن، في انتظار أن تتخلى عنه، وتستبدله بآخر، وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون.
10.                    طلبت الكنيسة القبطية في مصر، المسيحيين التابعين لها، بالصيام يوم الجمعة، وهو اليوم الذي شهد خروج الفريقين، وأن يشاركوا اخوانهم المسلمين الصيام والجوع والعطش، وأن يشرعوا في الأكل مع أذان المغرب، مساندة للصائمين من هذا الجانب أو ذاك. وهذا الموقف تُشكرُ عليه الكنيسة. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34223
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29