• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح138 سورة يونس الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح138 سورة يونس الشريفة

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ{53}
تشير الاية الكريمة الا ان القوم يستخبرون النبي الكريم محمد (ص واله) (  أَحَقٌّ هُوَ ) , فتوجه الاية الكريمة النبي الكريم (ص واله) ان يجيبهم , وكان الجواب على محورين :   
1- ( قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) : ( إِي ) تعني ( نعم ) .    
2- ( وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) : لستم بفائتين له ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .   
اختلف المفسرون بشأن المستخبرين من هم ؟ , وعن ماذا يستخبرون ؟ , فنختار رأيين :  
1- ان المستخبرين هم المشركين , ويستخبرون عن يوم البعث والعذاب . ( تفسير الجلالين للسيوطي ) . 
2- ان المستخبرين هم من المسلمين , يستخبرون عن وصيه (ص واله) , وهو علي بن ابي طالب (ع) . ( تفسير البرهان ج3 / السيد هاشم الموسوي البحراني ) . 
 
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{54} 
نستقرأ الاية الكريمة في اربعة موارد : 
1- ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ ) : يشير النص المبارك لو ان لكل نفس كفرت واشركت وظلمت بركوب المعاصي ما في الارض لقدمته بغية الخلاص من العذاب . 
2- ( وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ ) : اخفوا الحسرة لما رأوا ان العذاب واقع بهم لا محال . 
3- ( وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) : الحكم بين الخلائق ذلك اليوم بالعدل .  
4- ( وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) : لا ظلم ولا اجحاف في الحقوق , كل يجازى بما عمل .   
 
أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{55} 
تشير الاية الكريمة الى حقيقتين : 
1- (  أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : كثيرا ما يتردد النص المبارك في القرآن الكريم , في هذه الصيغة او في صيغ مختلفة , جميعها تدل وتشير الى معنى واحد , وتضمر معنى اخر , يعتمد على ما قبله وما بعده . 
2- (  أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ ) : وعد الله تعالى يشير الى كثير من المعاني , نذكر منها : 
أ‌) البعث والنشور . 
ب‌) الثواب والعقاب , الجنة والنار . 
ت‌) الرجعة ( كما هو الحال لدى علماء الشيعة , رغم اختلاف الاراء حولها ) .
ث‌) اقامة العدل الالهي على الارض بظهور المهدي (عجل الله فرجه) .   
وتبين ان اكثر الناس لا يعلمون ذينك الحقيقتين , اما جهلا واما غفلة ( وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) .   
 
هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{56}
تستمر الاية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , فنسبت لله تعالى امرين , احدهما في الدنيا والاخر في الاخرة : 
1- ( هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ) : هو وحده جل وعلا القادر على الاحياء والاماتة , وذلك في الدنيا , لانهما ينعدمان في الحياة الاخرة . 
2- ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) : الرجوع يوم النشور , يوم القيامة .  
 
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{57} 
الاية الكريمة تخاطب الناس عامة , وتبين ( قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) , ايات القرآن الكريم فيها عبر ومواعظ للترغيب في الخير , ( وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ ) , وايضا فيه شفاءا لما في الصدور من المفاسد والعقائد الباطلة والشكوك ونحو ذلك , ( وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) , هدى مرشدا دليلا الى طريق الحق , ورحمة للمؤمنين .   
يلاحظ من سياق الاية الكريمة انها خاطبت الناس عامة واوضحت ان القرآن الكريم فيه مواعظ وشفاء وهدى ورحمة , لكن لا ينتفع به كل الناس , بل المؤمنين فقط بدليل ( لِّلْمُؤْمِنِينَ ) .   
 
قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{58}
يختلف المفسرون كالعادة في شأن فضل الله تعالى ورحمته , فننقل رأيين : 
1- ( قل بفضل الله ) الإسلام ( وبرحمته ) القرآن . "تفسير الجلالين للسيوطي ". 
2- الفضل من الله تعالى النبي محمد (ص واله) , ورحمته علي (ع) ."تفسير البرهان ج3 السيد هاشم الحسيني البحراني ". 
ايا كان ذلك الفضل وايا كانت تلك الرحمة (  فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ ) , فليفرح الناس بما جاءهم من عنده عز وجل , (  هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) , فضل الله تعالى ورحمته خير مما ينشغل غير المسلمين بجمعه من حطام الدنيا الزائل من ذهب وفضة وعقارات وغير ذلك .    
 
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ{59} 
تأمر الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) موجهة اياه ان يقول : 
1- ( أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً ) : ذلك في محورين : 
أ‌) ما كان متعارف لدى عرب الجاهلية من تحريم البحيرة والسائبة والميتة ( كما تقدم ) , وينسبون تحريمهم الى الله تعالى . 
ب‌) ما كان متعارفا لدى اهل الكتاب وذلك ما اشارت اليه الاية الكريمة { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ }الأنعام139 ... الخ . 
2- ( قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) : الله عز وجل امركم بذلك ( التحليل والتحريم ) , ام هي مجرد افتراءات ؟ ! .    
 
وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ{60}
نستقرأ الاية الكريمة في شطرين : 
1- ( وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) : ما يظن هؤلاء المفترون على الله تعالى ( في التحليل والتحريم ) , أيحسبون انه جل وعلا لا يحاسبهم عى افتراءاتهم تلك يوم القيامة ! . 
2- ( إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ) : فضل الله عز وجل على الناس كبير جدا , لا يمكن وصفه { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }إبراهيم34 , لكن الاعم الاغلب من الناس لا يشكرونه عز وجل , ولا يقرون ولا يعترفون بفضله عليهم .    
 
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ{61}
تخاطب الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) في مستهلها , ثم تنعطف لتخاطب عامة الناس , (  وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ ) , مشغول في امر ما , (  وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ ) وما تتلو ما ايات القرآن الكريم , (  وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً ) , انعطاف لمخاطبة الناس كافة , فكل عمل ايا كان نوعه يكون عليه شهودا رقباء { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105 , (  إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) , تدخلون في العمل , (  وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ ) , لا يغيب عنه جل وعلا , (  مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) , الكتاب المبين هو اللوح المحفوظ . "مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي , تفسير الجلالين للسيوطي".       
 
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} 
تبين الاية الكريمة ان اولياء الله تعالى الذين يتولونه جل وعلا بالطاعة ( لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) , لا في الدنيا ولا في الاخرة , ( وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) , على ما فاتهم .   
جاء في تفسير البرهان ج3 السيد هاشم الحسيني البحراني ( سئل امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) عن قوله تعالى ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) فقيل له من هؤلاء الاولياء ؟ , فقال امير المؤمنين (ع) : قوم اخلصوا لله تعالى في عبادته ونظروا الى باطن الدنيا حين نظر الناس الى ظاهرها فعرفوا اجلها حين غرت الخلق سواهم بعاجلها فتركوا منها ما علموا انه سيتركهم واماتوا منها ما علموا انهم سيميتهم , ثم قال : ايها المطل نفسه بالدنيا الراكض على حبائلها المجتهد في عمارة ما سيخرب منها الم ترى الى مصارع ابائك في البلاد ومضاجع ابنائك تحت الجنادل والثرى كم مرضت بيديك وعللت بكفيك تستوصف لهم الاطباء وتستعتب لهم الاحباء فلم تغن عنهم غنائك ولا ينجع عنهم دواؤك ) .     
 
الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63}
تبين الاية الكريمة صفة اولياء الله تعالى : 
1- ( الَّذِينَ آمَنُواْ ) : الذين امنوا وصدقوا بكل ما جاء من عند الله تعالى واسلموا لرسله , ومنهم رسوله الكريم محمد (ص واله) .
2- ( وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ) : يمتثلون لاوامره جل وعلا , ويجتنبون نواهيه .    
 
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64}
تبين الاية الكريمة ان لاولياء الله تعالى نوعين من البشرى : 
1- في الدنيا : الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له ."تفسير الجلالين للسيوطي  , تفسير البرهان ج3 السيد هاشم الحسيني البحراني". 
2- في الاخرة : الجنة والثواب "تفسير الجلالين للسيوطي " , ( هي ما يبشرهم به الملائكة عند خروجهم من القبور وفي يوم القيامة الى ان يدخلوا الجنة , يبشرونهم حالا بعد حال ) " تفسير البرهان ج3 السيد هاشم الحسيني البحراني".    
( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ) لا خلف لما وعد به جل وعلا من الثواب , ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) , اي فوز بعد فوزا يصفه الباري عز وجل بأنه ( الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=34608
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19