• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكوفة عاصمة الدولة العالمية .
                          • الكاتب : فلاح العيساوي .

الكوفة عاصمة الدولة العالمية

إن الذين كتبوا عن مدينة الكوفة ومسجدها المعظم منذ نشأتها وتمصيرها، ومن سكنها من الصحابة ودورها عندما أصبحت عاصمة للخلافة الإسلامية بقيادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وبعده الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) ومحنتها ومحنة أهلها بعد تولي معاوية بن أبي سفيان الحكم، وملك يزيد بن معاوية شؤون الدولة الإسلامية وتحرك أهلها نحو الإمام الحسين (عليه السلام) وأرسلهم له بالبيعة، وإرسال الإمام (عليه السلام) أخيه وثقته من أهله ابن عمه مسلم بن عقيل (عليه السلام) سفيرا له لأهل الكوفة للوقوف على حقيقة البيعة، وبيعة الكوفة لمسلم، ثم دخول اللعين الخبيث عبيد الله بن زياد واليا عليها من قبل يزيد، وتدهور الأمور والأحوال وانقلاب كفة الميزان لصالح النفوذ والأموال والخوف من السطوة والبطش الأموي، ومقتل السفير (عليه السلام)، ووصول الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة ومنع السلطة الحاكمة دخوله لها، ونزوله الطف وحدوث الكارثة العظمى والمصاب الجلل باستشهاده وسبي عياله (حرم آل الرسول (ص)) من الطف إلى الكوفة ومنها إلى الشام، وصولا إلى ثورة التوابين وبعدها صولة المختار الثقفي وأخذه بالثأر، وغيرها من الأحداث عبر حقب من السنين، قد تناولها الكثير من الكتاب والباحثين، لكن من كتب عن دور الكوفة العظيم والكبير في المستقبل القريب القادم، هم من القلة القليلة من الغالبية العظمى من الأساتذة الكتاب المحترمين، لهذا أحببت أن أكون من القلة عسى أن أزيد عددهم لأهمية الموضوع حسب اعتقادي، فأقول بعد حمد الله تعالى، إن الكوفة قبل تأسيسها ذكرها الرسول الأعظم محمد (ص)، فقال: ( الكوفة جمجمة العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الأيمان )، وهذا الكلام الكريم يدل على أهمية دور الكوفة في جميع العصور، ولاسيما دورها الكبير والمرحلي في يوم الوقت المعلوم عصر الظهور المبارك لخليفة الرسول وخاتم الأوصياء المهديين المهدي المنتظر بن الحسن العسكري (صلوات الله تعالى عليه)، وما يوجد بين أيدينا من الأحاديث المباركة كمّ جيد، وبملاحظته نرى أن للكوفة المباركة دورين مهمين، وهما الدور الأول: السابق والتمهيدي لعملية الظهور من خلال تعلق وتحقق العلامات الخاصة والسابقة للظهور، والدور الثاني: وهو دور الكوفة المركزي الرامي لتوحيد العالم تحت ظل القائد المطلق ونجاح الهدف وتحققه وبالتالي تصبح الكوفة عاصمة للإيمان وكنزها المنبثق على العالم، ونقف هنا للحديث أولاً عن الدور الأول، ونقول أن الكوفة سوف تتعرض إلى حوادث كثيرة في السنين القليلة القادمة، وتعرضت أيضا إلى حوادث، منها الاعتداء على حرمة مسجدها المعظم وهدم حائطه على يد المقبور فكان بعده زوال ملكه ونهايته المخزية وكأنه لم يطلع على قول أمير البلاغة وسيدها العظيم (عليه السلام): ( كأنّي بك يا كوفة تمدّين مدّ الأديم العكاظيّ، تعركين بالنّوازل وتركبين بالزّلازل. وإنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوءا إلاّ ابتلاه اللّه بشاغل ورماه بقاتل ). فكان ما كان كما قال، ومنها مقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين من المؤمنين، ووقعة وحادث كبير تندر فيه رؤوس يوم عروبة بين باب الثعبان وأصحاب الصابون، كما أن الرابطة بين حدث الشام وفتنته واضح في الرواية ومرتبط بمعارك دامية بين الحيرة والكوفة، والويل كل الويل من السفياني الذي سوف يعيث فيها بالقبائح فيبعث جيشه إلى الكوفة، عددهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهلها قتلا وصلبا وسبيا، فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوي المنازل طيا حثيثا، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة، وسوف تنزل الرايات السود القادمة من خراسان، لنصرة الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بعث إليه بالبيعة، ولأهمية الكوفة قبيل عصر الظهور نلاحظ أن لابد لحزب ما من أن يحكموا فإذا حكموا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، وهذا السباق الحثيث ينبئنا أن السيطرة على الكوفة بعد سقوط حكومة الحزب الواحد مراد السفياني الغازي، الذي يحاول امتلاك الكوفة والحيلولة دون قدوم المهدي إليها، فهو يعرف أن الكوفة هي قوة المهدي وهي بوابة انتصاراته وحكمه على العالم، لكن قوة المهدي وإيمانه وإيمان أنصاره سوف تكون الغالبة، فيقتل السفياني ويندحر جيشه، وهنا يبدأ الدور الثاني للكوفة التي سوف ينزل بها المهدي المنتظر (ع) وتخرج عليه بعض الخارجة فيبددها، ويعتلي منبر مسجدها المعظم ويخطب في أصحابه وأنصاره ويتخذه دار حكمه وقضائه ويتخذ مسجد السهلة بيتا له ومحط رحاله، فمن كانت له دار بالكوفة فليتمسك بها، فإن أسعد الناس بالمهدي (ع) أهل الكوفة، وهم أصحابه وأنصاره ورفقائه في كل خطواته، وأتباعه المخلصين، ومن ظهرها يخرج له سبعين ألف من الصالحين يكونون في طاعته وإمرته ومنها العدة والعدد فهي كنز الإيمان ورمح الله عز وجل، وتتم إرادة الله وحكمته، في تحقق العدل والقسط في العالم، فيسمو الإيمان منها وينطلق لينتشر في بقاع المعمورة وغير المعمورة، ولا يبقى من أعدائه غير إبليس وجنده فيقضي عليه بعد معركة حامية ويذبحه في مسجد الكوفة المعظم وتنتهي دولته وتبدأ دولة العدالة الإلهية، ولا شك أن نهاية إبليس في مسجد الكوفة بهذه الصورة المفرحة للمؤمنين، هو حدث ذو إعجاز كبير ففيه نهاية الظلم والفساد في العالم، فتكمل العقول وتبلغ الحلوم، وتضرب الخيام في مسجد الكوفة للتعليم ونشر العلوم المحمدية وتصبح الكوفة عاصمة الدولة الإلهية العالمية ولا يبقى مؤمن إلا وهو فيها أو يحن إليها حتى تظهر الجنتان المداهمتان في مسجد الكوفة وتظهر فيه العيون وتبقى في رضا الله ما شاء الله لها إلى يوم القيامة. إن كل ما تقدم من نصوص مقتبسة من كلام المعصومين (عليهم السلام) يضعنا أمام عدة مسئوليات على مستوى الأفراد من المؤمنين، والجماعات المتمثلة بالمؤسسات الثقافية والاجتماعية، والفكرية تكمن في عدة نقاط منها:
أولا: مسؤولية الفرد الكوفي اتجاه تربية نفسه وتهذيبها من أجل التكامل المعرفي والإيماني في سبيل تحمل أعباء التثقيف بالفكرة المهدوية الأصيلة، وبذلك يستحق أن يكون في المستقبل من الرفقاء والمعاونين والناصرين لدولة المهدي العالمية والتي سوف تكون الكوفة عاصمتها الأبدية.
ثانيا: لخطباء المنبر الحسيني والمجالس الدينية أثر كبير في التبليغ ونشر المعرفة فتقع عليهم المسؤولية والواجب الديني العقائدي، في تثقيف المجتمع الكوفي والنجفي على الخصوص بالفكرة المهدوية وضرورة التحضير النفسي لها والواجبات اتجاهها وهذا لا يتم إلا بالتنبيه المستمر في شرح الروايات الواردة في علامات الظهور الحتمية منها وغير الحتمية، فقد ورد عن المعصومين عليهم السلام وجوب معرفة العلامة للفرد حتى يتمكن من النجاة في المهالك.
ثالثا: أن المسؤولية المتقدمة على الفرد والخطيب، تقع على عاتق الكيانات ذات الاتجاهات الدينية بنسبة اكبر منها إلى الفرد، كونها تجمعات ذات كيان يعمل بطاقة الجماعة، ولها القدرة الأكبر على نشر المعرفة والعلوم الدينية والأخلاقية وإذكاء الحركة الفكرية والمعرفية لدى الفرد في المجتمع الكوفي على الخصوص لعلاقته بموضوع القيادية المستقبلية للعالم.
رابعا: على المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في الكوفة وعموم النجف الأشرف التوجه نحو نشر الوعي الممهد للفكر المهدوي من خلال نشر الكتب والبحوث المعرفية الخاصة ذات العلاقة بموضوع الظهور المبارك وعلاماته والرابطة بينه وبين الكوفة كي يتسنى للفرد المؤمن التعرف على دور الكوفة المحوري في اليوم الموعود، وكذلك الاهتمام بالمسابقات والمهرجانات الثقافية التي تساهم في تثقيف المؤمنين من خلال طرح الأسئلة الخاصة بهذا الشأن. 
ونحن بطرحنا هذا، لا ننفي الجهد الكبير للمؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في الكوفة والنجف الأشرف وعموم العراق الحبيب، ودورهم الفاعل في حركة التثقيف والتوعية الدينية، ونشر المعارف الجليلة، ولكن نتمنى منهم التركيز على ما ذكرناه لأهميته ونحن نرى إرهاصات الأحداث على عموم الخارطة العربية والعالمية.
وأعتقد أن هذا التوجه سوف يجعل الكوفة وأهلها على استعداد لتحمل المسؤولية الكبرى التي تسبق الظهور المقدس وما بعد الظهور ويجعلنا من المستحقين أن نكون من الرفقاء المخلصين لإمام زماننا الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ومتعنا بالنظر إلى وجهه المبارك وهو يخطب من على منبر مسجد الكوفة المعظم، ونراه ويرانا، ولتعجيل الظهور المبارك نبتهل بالدعاء: { اللّهُمَّ إِنا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِها الاِسْلامَ وَأَهْلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إِلى سَبِيلِكَ وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ }.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35352
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28