• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شبهة قضية الملك فطرس. .
                          • الكاتب : الشيخ علي عيسى الزواد .

شبهة قضية الملك فطرس.


بسم الله الرحمن الرحيم

ورد في بعض الروايات الإشارة الإجمالية إلى قضية الملك فطرس في مقام الدعاء كما في:

في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص827. ومختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي ص35. والمزار لمحمد بن جعفر المشهدي ص399. وإقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ج3 ص304. والمصباح للشيخ إبراهيم الكفعمي ص544. والبلد الأمين والدرع الحصين للشيخ إبراهيم الكفعمي ص186.

وذكرت القضية بشكل تفصيلي على نحوين:

الأول:

إن الله عرض ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) فقبلها الملائكة وأباها ملك يقال له فطرس فكسر الله جناحه. كما في:

بصائر الدرجات - محمد بن الحسن بن فروخ (الصفار) ص88. وعنه مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج3 ص437. وبحار الأنوار للعلامة المجلسي ج26 ص340. وتفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي ج4. وتفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي ج10 ص533. وتفسير الصراط المستقيم للسيد حسين البروجردي ج5 ص111.

الثاني:

كان من الحملة (حملة العرش)، فبعث في شيء فأبطأ فيه، فكسر جناحه والقي في تلك الجزيرة يعبد الله فيها ستمائة عام. ووردت في عدة روايات مع اختلاف في الألفاظ كما في:

مستطرفات السرائر « باب النوادر » لابن إدريس الحلي ص115. وكامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه ص140. والأمالي للشيخ الصدوق ص200. و روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص155. ودلائل الامامة لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي) ص190. والثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ص338. والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ج1 ص252. مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج3 ص229. ومستطرفات السرائر لابن إدريس الحلي صفحة580. واختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) للشيخ الطوسي ج2 ص850.

وقد يشتبه البعض في فهم الروايات ويتوهم أن الملك فطرس قد عصى الله تعالى، وهذا خلاف القرآن والضرورة القاضية بالعصمة.

وأنا مجيب ان شاء الله عن هذه الشبهة فأقول:

النحو الأول محمول على ما دلّ من الروايات المستفيضة وهي أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان.

فالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) بمرتبة لا يحتملها إلا الملك المقرب وعندما عرضت على الملك فطرس إرشاداً - وهو لم يكن مقرباً آنذاك - لم يحتملها فكسرت جناحه فبقي يعبد الله ستمائة عام حتى يتهيأ لقبول الولاية بتلك المرتبة، وعلمه بأنّ هناك مرتبة أعلى مِن الولاية عليه أن يطلبها قد بُيّن له مِن خلال مخاطبته بتلك الولاية التي هي غير مقدورة له. فعرض الولاية عليه بتلك المرتبة مِن أجل أن يعرف أنّ هناك مرتبة مِن الولاية لا ينالها إلا مِن خلال البلاء، وليست المطالبة بالولاية مولوية، فالمصحح للعرض هو الإعلام، وهذا كما تقول لابنك: اكتب كذا، وهو لا يعرف، وإنما طلبت منه مِن أجل أن يعرف أنه لا يعرف وعليه أن يتعلم، فتعطيه وظيفة يكتبها في صفحات لا عقوبة وإنما مِن أجل أن تشحذ موهبته وتنمي استعداده.

فليس تكسير الجناح عقوبة، كما أنه ليس أثراً وضعياً لأن الروايات تذكر أن الله تعالى كسر جناحه، والحمل على الأثر الوضعي خلاف الظاهر.

ولم يكن عرض الولاية عليه مِن قبيل الأوامر المولوية بل هو مِن قبيل الأوامر الارشادية، وعدم قبوله ليس معصية مولوية بل هي المخالفة للإرشاد المعبر عنها بمخالفة الأولى.

وهذا من قبيل الابتلاءات التي يتعرض لها المؤمن حيث توجب عنده استعدادا ليكون مؤمنا ممتحناً، فهذه الابتلاءات هي من رحمة الله تعالى بالعبد، وهذا مثل تعرض العبد للعملية الجراحية لا باعتبارها عقوبة بل مَن أجل شفائه، وكمثال آخر مقرّب للفكرة، نجد أنّ حامل الأثقال يتحمل مشاق العمل الرياضي التدريبي مِن أجل إيجاد الاستعداد عنده لحمل وزن اكثر.

وهذا بالضبط ما تفعله البلاءات، فإنها توجد عند الشخص استعدادا لتحمل المرتبة الأعلى مِن الولاية، وليس التعرض لهذه البلاءات عقاباً له على معصية عصاها.

ولا يصح فهم الرواية على أنه انكر اصل ولاية أمير المؤمنين ورفضها فإنه مخالف لصريح كتاب الله تعالى من طاعة الملائكة لله تعالى وعدم معصيتهم له.

{...مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}- التحريم - الآية - 6

وكذا النحو الثاني من الرواية فإن الابطاء في الأمر هو خارج عن قدرته واحتاج إلى استعدادات اكثر كي يحقق ما يُطلب منه بصورة اكبر فكسرت جناحه ويتفرغ للعبادة حتى يتهيأ للأمر أكثر.

وقد يقول قائل: اذا كان كسر الجناح والبقاء للعبادة مهيئا فلماذا احتاج إلى الحسين عليه السلام في رجوع جناحيه.

فأقول:

ورد في الروايات أن الملك لا يكون مقربا إلا بمشيئة أهل البيت عليهم السلام، فلابد من وجود مشيئة أهل البيت عليهم السلام حتى يكون ملكاً مقربا، فبعد تلك الابتلاءات وحصول الاستعداد عنده مَنّ الله تعالى عليه بالقبول ببركة الحسين عليه السلام فأرجعت جناحه المكسورة إلى سابق عهدها، ونالته المشيئة الحسينية بأن يكون ملكاً مقرباً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : عبدالله ، في 2023/04/17 .

يقول الشيخ محمدجواد مغنية
"أهيل الدين" يسوقون الشواهد حسب فهمهم تبريرا لأفعالهم...الحمدلله الشافي من جهلهم وآراء فضلهم.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=36411
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28