• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قصص سورة الكهف والقضية المهدوية .
                          • الكاتب : الشيخ فيصل التميمي .

قصص سورة الكهف والقضية المهدوية

تتضمن سورة الكهف المباركة على أربع قصص مختلفة تحوي في طياتها عدة جوانب مهمة ، ولكننا سنركز الكلام ـ وحسب فهمنا القاصر ـ حول قضية واحدة أشارت إليها هذه القصص بأجمعها ، ألا وهي القضية المهدوية ، فكل قصة تناولت جانباً من جوانب قضية الإمام المهدي () ، وهذه القصص هي:
1. قصة أصحاب الكهف، وهي في قوله تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ... إلخ الآيات).
2. قصة صاحب الجنتين، وهي في قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ(إلى قوله تعالى) فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً (إلى قوله تعالى) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) .
3. قصة النبي موسى والعبد الصالح(الخضر) (عليهما السلام)، وهي في قوله تعالى : (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا... إلخ الآيات) .
4. قصة ذو القرنين ، وهي في قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا... إلخ الآيات).
5. بالإضافة إلى قصة إبليس وتمرده على الأمر الإلهي بالسجود لآدم () ، في آية واحدة ،وهي في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا).
 والآن نستظهر بعض الإشارات المهمة من هذه القصص المباركة حول القضية المهدوية وما يحيط بها من تساؤلات ، كطول عمر الامام المهدي ()، وماهية عمله في زمن غيبته الشريفة ، ومقدار الانتفاع به خلالها ،وسعة ملكه وولايته بعد ظهوره الشريف، وكيفية انتصاره على أعدائه مع ما يمتلكونه من أسلحة حديثة وعلوم متقدمة .
فنحن نفهم حسب علمنا القاصر إن لكل قصة من قصص سورة الكهف المباركة جواباً شافياً ووافياً على هذه التساؤلات ، وإليك بيان ذلك:
فقد ورد في قصة أصحاب الكهف بأنهم بقوا على قيد الحياة لمدة طويلة وهي أكثر من ثلاثة قرون ، وهي بطبيعة الحال تفوق المدة التقليدية لعمر الانسان العادي، وبهذا تؤكد هذه القصة على عدم استحالة بقاء الانسان على قيد الحياة لمدة طويلة من الزمن ، وبهذا تحل إشكالية طول عمر الامام المهدي () وبقائه كل هذه المدة حياً ، وهذه الحقيقة أكدها القرآن الكريم في قصة أخرى هي قصة النبي يونس () حيث قال تعالى في شأنه لما ابتلعته الحوت : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) أي إن للجسد البشري والحيواني قدرة وإمكانية أن يبقى حياً إلى يوم القيامة فضلاً عما هو أقل من ذلك !
أما القصة الثانية في سورة الكهف المباركة فهي قصة صاحب الجنتين ، والتي نستظهر منها المصير الأسود للذي يتكل على الاسباب المادية ولا يخضع ويؤمن بمسبب الاسباب والرازق والخالق الحقيقي وهو الله تعالى ذكره ، فحال صاحب الجنتين حال الحضارة الغربية اليوم ،فهي أخلدت للأرض وآمنت بالمادة وكفرت بالمنعم الحق وظنت أن قدراتها وإمكانياتها لا تبيد أبداً ولا غالب لها على وجه الأرض ، وبهذه الامكانيات ستحكم البشرية وتتصرف بمقاديرهم كيفما تشاء ولسان حالها (...إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) وهذه القدرات مهما عظم شأنها فهي خاوية على عروشها مادامت لم تتصل بالمطلق العظيم (جل ذكره) وهي بمثابة الأصفار على الشمال مالم تتولَ الله تعالى وتخضع لإرادته، والعاقبة ستكون للصالحين المصلحين والمستضعفين ممن عبد الله وأتصل به (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) فللإمام المهدي () واتباعه ستكون خلافة الارض بعد دمار الحضارات الكافرة بالله تعالى ، التي سيحل بها ما حل بصاحب الجنتين ، قال تعالى: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) .
أما القصة الثالثة في هذه السورة المباركة فهي قصة النبي موسى () مع العبد الصالح(الخضر) وهذه القصة ترشدنا بوضوح إلى ماهية بعض الاعمال التي يزاولها الخضر () في غيبته وخفاء عنوانه عن الناس ، فسيدنا الخضر () دائب في مزاولة الأعمال الإصلاحية بالرغم من جهالة الناس بشخصه وقدره . وهذا هو حال إمامنا الغائب المهدي المنتظر () كما صرح هو بذلك بأبي وأمي في رسالته الشريفة التي أرسلها إلى العالم الجليل الشيخ المفيد(أعلى الله مقامه) حيث جاء فيها : (انّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء واصطلمكم الاعداء ) .
أما القصة الرابعة ، وهي قصة ذو القرنين فنستطيع أن نستظهر منها أمرين :
الأول: مساعدة وإنقاذ الناس من سطوة الظالمين والمفسدين وهم (يأجوج ومأجوج) واليوم تتمثل هذه القوة الإفسادية ـ كما نفهم ـ بالكيان اليهودي والولايات المتحدة الأمريكية وأذنابهم .
الثاني: تأسيس الدولة العالمية العادلة بقيادته () وهذا ما سيحققه الامام الحجة المهدي () بعد ظهوره الشريف وبسطه العدل والقسط في شرق المعمورة وغربها ، وإصلاح حال العباد والبلاد بعد أن تملأ ظلماً وجوراً.
فهذه القصص الأربعة ترشدنا لأهم ما يكتنف شخصية الامام المهدي () من تساؤلات والتي ذكرناها في مقدمة الكلام ، وفي الختام أود أن أُشير إلى سبب كل الويلات والمظالم التي تصيب البشرية عامة والصالحين والمصلحين بشكل خاص ، ألا وهو الـ(الأنا) حب الذات، في قِبال طاعة الله تعالى ، وهذا ما عرضته القصة الخامسة والقصيرة في هذه السورة المباركة وهي قصة تمرد إبليس على المر الإلهي بالسجود لأبينا آدم () فالشيطان قدم نفسه (الأنا) على أمر الله تعالى ورأى في نفسه العظمة علو المنزلة على آدم () الذي خلقه تعالى من طين لازب (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) فالأنانية سبب المصائب والمشاكل والبلاءات، وها هي الحضارة الغربية اليوم تتقمص ذلك دور وترى في نفسها علو المنزلة والكبرياء على سائر الشعوب حتى إنها صنفت العالم إلى أصناف وطوائف وفقاً لمعايير وضوابط جاهلية معاصرة . ولكن الامام المهدي () القادم من رحم الغيبة إلى دنيا الظهور سيقضي على مظاهر الظلم والإستبداد وينشر العدل ويرث الارض لإقامة دولته العادلة (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) صدق الله العلي العظيم وصدق رسوله الكريم وإنا على هذا من الشاكرين والشاهدين والحمد لله رب العالمين.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37838
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6