حينما كنا "كمش!"، يوم كان الصديق يصبغ غرفة زفاف صديقه كما فعلها صديقي ليث داخل الذي أغمض عينيه عن الحياة وهو يقول لي: يمعود دير بالك على روحك!، اتصل بي صديقي وطلب مني أن أذهب معه واهله ليخطب فتاة أحلامه في منطقة حي الفرات، كانت لدي سيارة أشبه بالتابوت العائلي!،طويلة مثل أليسا وعريضة مثل هيفاء وهبي!، أتذكر حتى هذه اللحظات صعود صديقي واخيه وابيه(رحمه الله) و(أبوكاظم رحمه الله)، ولأننا كنا مؤدبين لانسبق الكبار بكلمة إلا أن يتكلموا، فقد صممنا على أن يبدأ بيان الخطبة المرحوم "أبوكاظم" لسببين: الاول ان أبا الفتاة كان عضو قيادة فرقة في حزب البعث، والثاني انه كان عضو قيادة فرقة في حزب البعث أيضا، كنا "شلايتية" وخشية أن تطفر من أفواهنا "تحشيشة" يفهمها الرفيق عضو قيادة الفرقة للحزب أنها كانت موجّهة ضد شخص السيد الرئيس القائد سابقا(حفظه الله ورعاه!) ويسمط"ابّهاتنا" بتقرير بدايته (تحية نضالية) ونهايته (ولرسالة امتنا المجد والخروط!)، لهذا تركنا الجمل وماحمل لــ"أبوكاظم" حتى يفتض بكارة المجلس!!.
بعد السلام...الله بالخير...دخل علينا الشقيق الأكبر للفتاة بوجه عبوس قمطريري (رجاء لحّد يسالني عن معناها!)، ماكان مني الا أن أخرجت هويتي العسكرية وقدّمتها له، تفاجأ هو بحركتي وقال: شني هاي؟ قلت له: انه اخوك مو فرار لان طبتك علينه مال انضباطية...ضحك الجميع فيما تكاثرت غمزات الذين يطالبونني بالصمت واحترام هيبة الاجتماع...الحزبي!!.
شربنا الشاي ولم نفعل كلاوات العرب في رفض الشاي حتى تنقضي الحاجة لنا، كان اسرعنا في شرب الشاي الزاير ابوكاظم، فمه خال من الاسنان فأي ضرر لودخله سائل حار اوبارد!؟، كانت عيوننا مشدودة نحو "ابو كاظم" والدر المنضود الذي سيخرجه من جعبته ( بيناتنه والله الشاهد كان ابو كاظم لايحمل جعبة ولازمزمية!)، وخشية ان يتهمونا باننا من اذيال حزب الدعوة العميل(ذيج الايام)، لم نجهر بالصلاة على محمد وال محمد(بذاك الوكت)، تكلم ابو كاظم:
-ولايهونون الجماعة (كبّر راسنه شوية!)، يقولون اكو فارس بالعرب، عشق احدى النساء(عيوننا تتجه نحو صديقي لاننا توقعنا ان يربط ابوكاظم القضية به قبل ان يموت الدوشيش!)، وحين حملت بطفلها الأول منه،اضطرته الظروف ان يسافر الى مكان بعيد، وحين وصل إلى احدى الواحات الصحراوية شرب ونام، وصادف ان احد الفرارية [من اعداء الحزب والثورة ومن اذناب حزب الدعوة الموعميل]، كان يتربص بصاحبنا، وحين نام، تقرّب منه واغمد خنجره في قلب الفارس النائم (ابوكاظم شد قبضته بقوة وكأنه هو الفرار وعدو الثورة والحزب ومن اذناب لاحس والغبراء)، هرب الحرامي بالهميان (كان فرحا وهو ينطق مفردة الهميان وكأنه اكتشف الزرف السابع في الجفجير!)، مرت الايام والسنوات وكبر ابن الفارس بعد خروجه ( من بطن أمه ولو أن ابوكاظم ضحك حين ذكر هذه الجزيئة!!)، صادف ان ابن الفارس ذهب الى نفس الواحة[كنا نحن نترقب ابو كاظم ان يربط السالفة!]،ووجد نفس الحرامي نائما بمكان ابيه المغدور، الحرامي ابن ليل وابن زنا من سابع ظهر، انتبه الى ابن الفارس فامسكه من"خوانيكَه" واتهمه بسرقة هميانه القديم !، ولأن ابن الفارس كان بريئا فقد انكر التهمة المنسوبة اليه بكل حذافيرها[ طبعا حذافير ابو كاظم ماالهه دخل بالسالفة!]، تشاجرا فقام ابن الفارس بقتل الحرامي واخذ هميان أبيه ورجع كل هميان لصاحبه وصادف أن يكون المال بنفس مقدار المال المفقود من الفارس قبل عشرين عاماً، صحنا جميعا (سبحااااااااااااااان الله!!)، الحرامي كان قد ترك احد ابنائه في مضارب قبيلته، جاء الى الواحة صدفة وكأن احدا اخبره ان والده قد مات، حضر ولم يجد سوى جثة ابيه قرب الواحة، وحصانه يكسر الخاطر......
وصل صبري الى النهاية فصرخت:
-ابو كاظم...اشتعلت روح الي جايبك للخطبة...شني تحجي إلنه قصة الف ليلة وليلة والرفيق عنده خفارة بالفرقة وعايفهه علمود جيّتنه وانته خابصنه... اجه الفارس وراح الفارس...، انعل ابو الفارس لابو الجابه لابو خريبط وحجي عبود...هسه احنه جايين نخطب لو ندوّخ الناس بهاي السوالف التعبانة الي مابيهه ربط....
التفت أنا بسرعة الى والد الفتاة وقلت له:
-رفيقي احنه جايين نخطب بنتك فلانة لصاحبنه فلان شتكَول؟
بهدوء اعضاء قيادات الفرق والشعب في الحزب القائد قال:
-اني موافق واتفقت وي الرفيق .....( صاحبنا!) على كل شي!!!.
صحت بالجميع:
-رفاق ردّدوا شعار...العفو اقرأوا الفاتحة!!