من البديهيات التي تعود عليها عباد الله، بمختلف شرائحهم وأعمارهم وأصنافهم وجنسياتهم، محاولاتهم لإتباع منهج الحق، وهنا قد يغلب الهوى، والنفس الأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، على محاولة الإنسان بان يكون نموذجياً وكما أراد له خالقه، وتأتي الخواتيم بتوفيقات الله وقدرة الإنسان على اتخاذ القرار، وتحمل تبعاته، ومهما كان الطريق الذي يسلكه الإنسان، فعليه أن يدرك انه محاسب بعد ذلك، وعليه أن يتحلى بالشجاعة الكافية، لتحمل النتائج مهما كانت.
وهذا ما لا يحاول سياسيو العراق إدراكه أو معرفته، بل يحاولون التغاضي عنه، أو ربما يسلك بعضهم سلوك النعام (رغم خطأ الفكرة المأخوذة عن هذا الطائر) فيدس رأسه في الرمال تحت شعار (لا عين تشوف ولا كلب اليحترك)، ويذكرني الكثير من السياسيين عندنا، بتصرفات الكثير من المسؤولين الرياضيين في اغلب دول العالم الثالث فهم عند وجود بطولة رياضية، يصرحون، ويهددون،ويتوعدون باجتياح واكتساح وإحراق وإغراق، أعلامهم وجماهيرهم تملا ارض الملعب مرددين الأغنية الشهيرة (جيب الكأس جيبة) ، وما أن يخرجوا من البطولة بـ (الجلاليق) حتى يحضرون قائمة الأعذار، وقائمة الاتهامات، وتعود للساحة نظريات المؤامرة، والحكم المتحيز المرتشي، والملعب الأصلع والزلك، و(الكاع العوجة)، وتعب السفر..وووالخ، لتنقلب الأفراح أحزانا، ويحضر المدرب الخاسر حقيبة سفره، بعد أن يعود فريقه باحتسار وانكسار ودموع في الأحداق.
أما الأحبة (العينتين ) من سياسيينا، فهم يسلكون سلوك غريب، وبدل أن يراجعوا أنفسهم، مرشحيهم، برامجهم، وبدل أن يعيدوا حساباتهم، ليحددوا مكان الخطأ ، نراهم يهاجمون الجماهير الناخبة، لأنهم لم يرتقوا بتفكيرهم، ولم يثقفوا نفسهم وينموا قدراتهم بالشكل الذي يتناسب مع الطرح والأفكار والأيدلوجيات التي أرادها المكون السياسي، وأكيد زعيمه المفدى، ولكم يضحكني وأتعاطف كثيرا، مع تلك العقول المريضة، ولكم تذكرني بالطرح السائد من قبل (الرفاق البعثيين) كما كنا نسميهم، فالمواطن عندهم هو المقصر في عدم محاولته الارتقاء لفهم ما تريده منه القيادة والقائد الضرورة، وانه لم يدخل في المرحلة ولم يهيأ له نفسها ليعبر مع العابرين، فالقيادة الحكيمة وفرت له كل شيء وتبذل كل ما في وسعها لإسعاده بل أنها أراحته حتى في وقت الاستفتاء الرئاسي ، واختارت مكانه، القيادة التي كانت اقرب إلى المواطن من نفسه لتعرف اختياره، وأتذكر حينها أن هناك بعثي كان يجلس إلى جنبي في سيارة النقل، وهو يتأفف ويهدد ويتوعد ويقسم بأنه إن عثر على الـ (خائن) الوحيد في المحافظة والذي كتب كلمة (لا)، ليقطعنه (40) وصلة ، واستغربت حينها عن سبب اختيار الرقم (40) ولكني لم أتوقف كثيرا حينها عند المسالة، وعرفت السبب بعد سقوط هبل التكريتي.
الانتخابات قادمة ولكم أتمنى، أن تنضج عندنا الأحزاب السياسية، والسادة السياسيون، ليرتقوا إلى متطلبات الجماهير، بل كم أتمنى أن يفهموا ما يريده الناس، أن يقفوا معهم، ليبحثوا عن حلول لمشاكلهم، دون أن يتمسكنوا قبل أن يتمكنوا، كم أتمنى أن يروا الحق حقا ويرزقهم الله إتباعه، ويريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه، وان يميزوا بين الحق والباطل، فهما واضحان وضوح الشمس في كبد السماء، رغم أن بينهما أربعة أصابع..سلامي. |