• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هوذا تعليم! .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

هوذا تعليم!

في حضرة معلّم على مستوى الدكتور سلطان ناصر الدين، حيث المادّةُ تتخطّى المعارف والمهارات إلى طرائق إيصالها، فتمرّ من المدرّس الذي يفهمها ويتبنّاها إلى المتعلّم الذي يفهمها ويستعذب استيعابَها!

في حضرة هذا المعلّم، تعليمٌ في كتاب، معصور خبرةٍ تعلّميّة تجلّى في مخزون ثقافته تعليمًا مميَّزًا وفريدًا! كتابٌ قال: "علّميني يا حياة". وضع المؤلّف ذاته في خانة التعلّم. هو متعلِّمٌ يدرس على الحياة! يقرّ بها معلِّمًا يلقّن دروسًا، لا تفيده وحده، بل تطال الإنسان، كلّ إنسان! هي شهادةٌ من إمامٍ في التعليم مادّةً وأسلوبًا، بأنّ الحياة هي المعلّم الأوّل والدائم. مهما كبُر الإنسان في مقامه وكثُرت ثقافته وعلت شهاداته، يبقى تلميذًا على مقاعد الحياة، ينقصه الكثير من مكاسبها وخفاياها. الحياة هي المعلّم الذي يُنصف إذا كنتَ صادقًا، والذي لا يساوم ولا يحابي إذا تلاعبت!   

ملفتٌ في الكتاب وصفُ المؤلّف: "علّميني يا حياة" كتابٌ للآباء والأمّهات، للمعلّمين والمعلّمات، للطلاّب، للخطباء، للتربويّين، للإداريّين... لكلّ إنسان مهما كان تخصّصه وعمله". "علّميني يا حياة" كتاب أدب. نعم هو أدبٌ واقعيّ لِما يحمل من تجارب الناس تشكّلت في المصنَّف خبرة مؤلِّفه، عرضها بواقعيّةٍ تمكّن القارئ من تبنّي مضامينها. لا يدّعي الدكتور سلطان تعليم الناس أو تدريبهم على المناهج التربويّة التي يراها صائبة! هو يعرض "لتجارب من صميم الحياة بأسلوب سلس وصور موحية"، يستطيع كلّ متعاطٍ الشأن التربويّ أن يفيد منها أو يعتمد بعضَها في ما يجده ملائمًا الوضع الذي يواجهه!

هي نصوصٌ صغيرة، جدّ صغيرة، ملأى بالمعاني وحبلى بالأداء السليم لأجل صقل نفوس على ملء قامة الإنسان! فإذا اعتبرنا أنّ واقعيّة نصوص هذا المؤلَّف تفاصيل عاشها الكاتب، وطرحها هنا من دون تعليق أو إيعاز باعتمادها، فنحن هنا في صدد راقي الأدب الذي يختفي وراء المرسَلة، فيشعر المرء أنّه التقط الحكمة من المعيوش مباشرةً، وفي نفسه أنّه تعلّم من الحياة! 

في نهاية الكتاب ينتقل المؤّلف من النمط السرديّ إلى النمط الوصفيّ، لا ليغيّر توجُّهَ المُراد، بل ليقف مدلِيًا بنصائحَ استُلّت هي الأخرى من صميم الواقع الذي يفوت البعضَ لفتُهم إليه! نصائح في واقعيّتها، أشبه  بأمثولة مرشدة تصيب الحاجة المرجوّة بخفَر، لكنْ باحترام وحبّ!

دكتور سلطان، شكرًا لك! قدّمتَ لنا لوحاتٍ نعايش أحداثها في مدلولات حسيّة ظاهرًا، لكنّها تطال فينا العمق الإنسانيّ في عالي تجلّياته! لكأنّنا نحن من نختبر تجاربكَ ونلتقي عبر الصفحات بالحياة المُعاشة تهدينا العِبر. فحبَّذا لو نمتثل!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44192
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20