• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بطلة؟... هي كذلك! .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

بطلة؟... هي كذلك!


تملّكني الذهول للوهلة الأولى في بدايات اطّلاعي على وقائع الحدث! في جريدة "لاكروا" الفرنسيّة، تقريرٌ ولقاء حول امرأةٍ اعتُبرت استثنائيّة!
بالفعل، كونها تعيش حياة عاديّة حتى يوم الحادثة بالذات، جاء تصرّفها تجاه الواقعة مميَّزًا. تصرّف جريء نتيجة موقف حرِج، بل مخيف!
نزلت إنغريد من الباص، بعد أن عاينت جريحًا مُلقىً على الطريق! ترجّلت مندفعةً بشعور المُسعِفة منذ ثلاثين عامًا. "انحنيتُ عليه لأقيسَ نَبْضَه. ولم أرَ وجهه لأنّه كان مغطّىً. وعندما هممتُ لنزع الغطاء، بادرني صوت رجلٍ: "لا تلمسي جسمَه". التقت عيناي بدايةً يدي الرجل الملطّختَين بالدماء، وهما تحملان فأسًا ومسدَّسًا وسكّينًا. هنا وعيتُ أنّني أشهد جريمة قتل، وأنّ القاتل ينتصب أمامي!"
هي أمام مجرم محترف لن يتوانى لحظة عن مضاعفة ضحاياه! هدوءٌ ابنتاه! "الدني بألف خير"! ودار حوار بينها وبين القاتل قلَبَ مجرى الأحداث ضدَّه! حوار امتدّ اثنتي عشرة دقيقة حتى وصول الشرطة!
وقع المحترف قتْلَ الناس، ضحيّةَ اثنتَي عشرة دقيقة حافلة بالحوار الذي طال مفهومَه "الجهاديّ" وقناعاتِه الإجراميّة. استطاعت إنغريد الإيقاع بالقاتل بين أيدي العدالة. ولكن، أين العدالة لم تطَل القتيل؟ من يُعيد إليه الحياة؟ هذا مل نقص في تدخُّل إنغريد في ما لم تكفِه بطولتُها!
تساءلت إنغريد طويلاً: هل كان الضحيّةُ بعدُ على قيد الحياة عندما وصلَتْ؟ هل كان يمكنني إنقاذُه؟ هو شعورها الإنسانيّ الدافع إلى حماية الحياة وتصنيفها أولويّة في سلّم الاهتمامات.
ودُعيَت ملاكَ "وُلويش". وبحقّ! إنّها فريدة بتصرّفها ونادرة بجرأتها. صحيح إنّها تأسّست في مدرسة الكشفيّة، حيث الحسّ الإنسانيّ ومواجهة الصعوبات وجهان أساسيّان. إلاّ أنّها تعيش في عالم من الإنفراديّة وتنامي حسّ الأنا! تعيش في زمن لا يلتفت المرء إلى الآخر إلاّ بمقدار حاجته إليه ومنفعته منه.
هوذا أيّام ندرَ فيه الناس "الملائكة"، تناقصت فيه المحبّة لأجل لا شيء إلاّ المحبّة! ما دفَعَ رئيس الوزراء البريطانيّ يثني على "تصرّفها الذكيّ والكريم" أثناء مأساة "وُلويش". وتصف هي موقفها " بأنّها فعلت ما كان
يجب أن تفعل". وهي فعلت ببساطة، استقلّت بعدها القطار بشكلٍ طبيعيّ وأكملت طريقها كالمعتاد.
في عالمٍ تغلب عليه شريعة الغاب، ويموت فيه الناس ضحايا إيديولوجيّات لا إنسانيّة تستخدم المبدأ الدينيّ وهي من الله براء. في عالمٍ يسيطر فيه القويّ، فيلغي الآخر ليبقى هو أسير قناعاته القابعة في الجهل والاستبداد! في عالمٍ تهيمن عليه حضارة الموت وتسود، يطلُّ وجه إنغريد ملاكًا يهتف حبًّا ويخطف عدالة! يسرق أملاً في قلوب الناس، ويلقي ابتسامةَ رضىً على وجوه آلفت التجهُّم!
إنغريد، ملاكٌ من المملكة المتّحدة، لم يهمّنا انتماؤها السياسيّ أو الطائفيّ. لم نسألْ عن لونها وعرقها. همَّنا فقط عملُها البطوليّ في تجرّده، في سرعته وفعاليّته. همَّنا اندفاعُها الإنسانيّ نحو أخيها الإنسان! لأنّ في كلِّ واحدٍ منّا بذورٌ خالصة، تنبتُ طبيعةَ إنسانٍ ملؤها صفاتٌ نقيّة تهتف حياةً ومحبّة!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45402
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16