• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : مع الشاعر محمد حراث .
                          • الكاتب : معمر حبار .

مع الشاعر محمد حراث

 من النعم التي يظلّ المرء يفتخر بها ، أن الشبكة العنكبوتية مكّنته ومازالت من التعرف على مختلف معادن الرجال والنساء ومختلف الأوطان، وهو قابع وراء مجموعة من الأزرار، يوجّهها وتتوجه معه، حيث الصحبة التي جعلت من الحرف جليسا، ومن الكلمة مؤنسا.

كان أول مرة يراه من بعيد، ويستمع إليه من قريب، حين ألقى كلمته الافتتاحية بعنوان " كن فارس القرآن"، بمناسبة المسابقة الوطنية لفارس القرآن الجامعي في طبعتها الثالثة، بجامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، والتي تمّ نشرها فيما بعد على الجرائد والمواقع.

وقف بجسده النحيل، ليلقي الكلمة القوية، بصوت يدمع له الشديد، فولد من يومها جنين الإعجاب بالأديب والشاعر .. ‎محمد حراث.

استمر من يومها التواصل عبر عالم الأزرار، هذا بنقده وتوجيهاته التي مازال يمتثل لها، والشاعر بعطاءه المدهش، الذي لم يبخل به يوما.

وجاء اليوم المشهود، فتواعدا البارحة لأمر قد قدر، حول فنجان قهوة وعصير برتقال، بمقهى فندق الحمادية، بعد أن أديا صلاة العصر.

يلقي بسمعه لك، كأنه التلميذ وهو الشاعر والأستاذ. لايرفع بصره، ويظل من العصر إلى المغرب لايرفع صوته، وهو الذي أوتي البراعة في الإلقاء، والجمال في التعبير.

لايتدخل إلا بالقدر الذي يضيف، ولا يقاطع محدّثه إلا ليصحح خطأ خشية أن يفسد المعنى والجلسة. ورغم حياءه وخجله، إلا أنّ له مزاجا قويا ونبرة حادة، حين يعلن رفضه لفكرة أو شخص يذكره بالاسم والصفة، ولا يقبل في موقفه النهائي رأيا ولا نصيحة.

يقول عنه صاحب الأسطر، ربما عنفوان الشباب من وراء ذلك التصلب في الرأي والموقف، وإن لعوامل الزمن والوظيفة والتجربة، مايجعل الشاب يلين في بعض المواقف، ويراجع منحناه، ويبقي على الخط المستقيم، ليهتدي به في علوه وانخفاضه.

حين ينعم عليك الزمن بالجلوس معه، فإن الماضي السحيق، يأتيك حبوا ليقاسمك دقائق الحاضر. فالشاعر محمد حراث، لايحلو له الجلوس ، إلا وهو يستمد من الكتب الماضية، والأشعار الباقية، والمخطوطات الغابرة، مايجعل الجليس يتمنى لو طالت الجلسة وامتدت.

من أراد أن يستخرج منه معادنه النفيسة، فليلقي السمع دائما، فإن صفاء معدنه، وحلاوة لسانه، والبيان الذي أوتي، يجعل من الزميل التلميذ، يطلب المزيد من هذا البئر العميق، الذي كلّما غرفت منه، زاد ارتفاعا وعطاء.

صاحب الأسطر مازال يردد بين أضلعه، أن الشاعر محمد حراث، سيسجله التاريخ مع الكبار، وسيحتفظ باسمه مع الذين احتفظ بهم منذ قرون، وعلامات النبوءة كثيرة، يعرف بعضها ويلمسها من جالس هذا الفتى، وألقى السمع وهو شهيد. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45533
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19