• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قراءة في لافتات الشاعر أحمد مطر .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

قراءة في لافتات الشاعر أحمد مطر

 أحمد مطر شاعر عراقي من مدينة البصرة ، ولد في قرية التنومة عام 1954 م ،  ومن التنومة أنتقل إلى محلة الأصمعي مع أسرته المكونة من عشرة أبناء ، وكان تسلسله الرابع بين أخوته الذكور والإناث .
تميز أحمد مطر بنبوغ موهبته الشعرية وهو في مرحلة الصبا ، فكتب الشعر في سنّ مبكرة وقد ذكرت بعض المصادر ومنها ( ويكيبيديا – الموسوعة الحرة ) التي أعتمدنا عليها كمصدر في كتابة بعض الفقرات من حياته ، أنه في سنّ الرابعة عشرة بدأ يكتب الشعر ، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية ، إذ كتب أول قصيدة له وهو في هذه السن ، وكان عدد أبيات القصيدة سبعة عشر بيتا ومطلعها :
            مرقتْ كالسهم لا تلوي خطاها *** ليت شعري ما الذي اليوم دهاها
إشتهرأحمد مطر بالشعر السياسي ، فتناول موضوعات تنطوي على تحريض واستنهاض الهمم للخلاص من الواقع الظالم المفروض على الناس من قبل السلطة الظالمة (( ألقيت بنفسي مبكرا في دائرة النار ، عندما تكشفتْ لي خفايا الصراع بين السلطة والشعب ، ولم تطاوعني نفسي على الصمت أولا ، وعلى إرتداء ثياب العرس في المأتم ثانيا ، فجذبت جوادي ناحية ميدان الغضب )) .
 هذا الموقف الوطني جلب له ألما وسجنا ، وقد سُجن في مدينة الكوت أثناء تأديته الخدمة العسكرية ، بسبب رفضه طلبا لمحافظ الكوت ( محمد محجوب ) بألقاء قصيدة لمديح السلطان الجائر بمناسبة ذكرى ( 17 تموز ) التي يحتفل فيها أعضاء  (حزب البعث) إذ كانوا يجبرون الناس على الإحتفال معهم ، وفي السجن نظم قصيدة يخاطب فيها لائميه مطلعها:
                    ويك عني لا تلمني فأنا اللوم غريمي وغريمي بأسي
وبسبب مضايقات نظام البعث الظالم ، هجر أحمد مطر وطنه مضطرا وهو يشعر بالألم والحسرة ، إذ إضطر (( إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه الى الكويت  هاربا من مطاردة السلطة )) ، الأعمال الكاملة .
أستقر أحمد مطر في الكويت ، وعمل محررا ثقافيا في جريدة ( القبس ) الكويتية وفي رحاب ( القبس ) عمل مع الفنان الفلسطيني ناجي العلي ، ليجد كل منهما في الآخر توافقا نفسيا واضحا ، تبنت ( القبس ) الأثنين معا ، فكانت تنشر في الصفحة الأولى أحدى لافتات أحمد مطر ، وفي الصفحة الأخيرة تنشر رسما كاريكتاريا إلى الفنان الفلسطيني ناجي العلي ، ذاع صيته في العالم العربي من خلال نشراللافتات  لأنها كانت سياسية تحريضية ، وتتطابق مع رسومات ناجي العلي ذات المغزى السياسي الثوري أيضا .
 اللافتات سميت بهذا الإسم لأنها كانت تؤدي دور اللافتة في الأعلام ، عندما تعلق اللافتة لغرض الإحتجاج على مواقف السلطة والتنبيه على أخطائها ، وأرى أنها سميت ( لافتات ) لأنّها تشبه اللافتة الإعلانية من حيث القصر والإختصار في اللفظ والتعبير، أضافة لدورها الوظيفي الذي يشبه دور اللافتة الإعلانية في التنبيه على الأخطاء والتحريض على الثورة .
لافتات أحمد مطر أثارت حفيظة مختلف السلطات ، تماما مثلما أثارتها ريشة الفنان الفلسطيني ناجي العلي ، الأمر الذي أدى إلى إصدار قرار من الحكومة الكويتية بمنع نشر لافتاته في جريدة ( القبس ) ، فأعلن أحمد مطر إستقالته من الجريدة ونظم قصيدة أسماها ( حيثيات الإستقالة ) نذكر منها هذه الأبيات :
-         لا ترتكب قصيدة عنيفة .
لا ترتكب قصيدة عنيفة .
طبطب على أعجازها طبطبة خفيفة
إنْ شئتَ أنْ
تُنشر أشعارك في الصحيفة !
·       حتى إذا ما باعنا الخليفة ؟!
-         ( ما باعنا ) . . كافية .
لا تذكر الخليفة .
·       حتى إذا أطلق من ورائنا كلابه ؟
-         أطلق من ورائنا كلابه .. الأليفة !
·       لكنها فوق لساني أطبقت أنيابها ! !
-         قلْ : أطبقت أنيابها اللطيفة !
·       * *
·       أيتها الصحيفة
الصدق عندي ثورة
وكذبتي
-         إذا كذبتُ مرّة –
ليست سوى قذيفة !
فلتأكلي ما شئتِ ، لكني أنا
مهما استبد الجوع بي
أرفض أكل الجيفة .
أيتها الصحيفهْ
تمسّحي بذّلةٍ
وانطرحي برهبةٍ
وانبطحي بخيفهْ
أمّا أنا . .
فهذه رجلي بأمِّ هذه الوظيفة !
قصيدة ( حيثيات الإستقالة ) تعبير عن كرامة الشاعر الذي يرفض بيعها في سوق النخاسة ، مثل ما يحصل اليوم لكثير من المأجورين ، كلمات القصيدة تعبير صادق عن نبض كل مثقف أو أديب أو أنسان ، أي أنسان تحت أي عنوان كان ، يرفض بيع كرامته من أجل المال ، عزّة النفس والكرامة هي من دفعت الشاعر للهجرة من العراق ، وهما من دفعتا الشاعر لقطع علاقته مع ( القبس ) الكويتية .
موقفه هذا دفع الحكومة الكويتية لنفيه مع رفيقه ( ناجي العلي ) خارج الكويت  فهاجرا إلى لندن عام ( 1986 م ) ، وهنا فقد أحمد مطر رفيقه ناجي العلي الذي أغتيل بمسدس كاتم للصوت ، لأنه أثار حفيظة الحكام العرب والكيان الصهيوني من خلال رسومه الكاريكتارية ، وقد رثاه في قصيدة طويلة من أبياتها :
                 ناجي  العلي  لقد   نجوت  بقدرة *** من  عارنا ،  وعلوت   للعلياء
                إصعد ؛ فموطنك السماء ؛ وخلّنا *** في الأرض إن الأرض للجبناء
وعن حياته في بريطانيا يقول ( أحمد مطر ) :
(( أنا في بريطانيا دولة مستقلة ، نمشي على قدمين ، نشتاق إلى أوجاع إحتلالها ونهفو إلى المعركة من جديد ، لست سعيدا لأني بعيد عن صدى آهات المعذبين ،لأني أحمل آهاتهم في دمي ، فالوطن الذي أخرجني منه لم يستطع أن يخرج مني ، ولا أحب أن أخرجه ولن أخرجه )) .
يجد الكثير من الثوريين في العالم والناقمين على الأنظمة الظالمة مبتغاهم في لافتات أحمد مطر، حتى أنّ هناك من يلقبه بملك الشعراء ، ويقولون إذا كان أحمد شوقي  أمير الشعراء ، فأحمد مطر ملكهم .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46014
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19