• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح202 سورة الكهف الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح202 سورة الكهف الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} 

الآية الكريمة تضرب مثالا للكافر والمؤمن ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ ) , كافر ومؤمن , ( جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا ) , احدهما وهو الكافر كان غنيا , ( جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ) , كان لديه بستانين من العنب المحفوف بالنخيل , ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً ) , وايضا بينهما زرع ( قوت ) .  

 

كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا ) , ثمارهما , ( وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً ) , لم ينقص من ثمارهما شيء , ( وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً ) , شق النهر بينهما للسقي والشرب .       

 

وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , ( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ) , وايضا كان الكافر لديه ثمارا اخرى من غير ذينك الجنتين , تعودان عليه بالمال الوفير , ( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) , يبين النص المبارك ان الكافر الغني حاور المؤمن الفقير مفاخرا :  

1- ( أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً ) : اموالي اكثر من مالك , ما لدي اكثر مما لديك . 

2- ( وَأَعَزُّ نَفَراً ) : اولادا واعوانا , غالبا ما يحاط الغني بالأنصار والاعوان والمتملقين والمنتفعين , بينما الفقير لا يكون له ذلك .   

 

وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35}

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , نستقرأها في موردين : 

1- ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) : يبين النص المبارك ان الكافر الغني ذات يوم دخل في بستانه , ( وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) , بالكفر وأصابه العجب .  

2- ( قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً ) : فقال معجبا مغرورا ( لا اعتقد ان هذه ستفنى بل ستبقى دهرا طويلا ) , او شيئا من هذا القبيل .     

 

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36} 

تبين الآية الكريمة انه تمادى اكثر واكثر حيث قال : 

1- ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) : ما اعتقد ان الساعة ( القيامة ) ستقوم . 

2- ( وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً ) : وان افترضت انها كائنة كما تزعم ايها المؤمن , ورجعت الى ربي يوم البعث لأجدن عنده خيرا وافضل من جنتي هاتين .      

 

قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{37} 

تستمر الآية الكريمة في سرد تفاصيل الموضوع , لكن هذه المرة تنقل الحوار الى الرجل المؤمن الفقير ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) , مجيبا اياه , رادا على مزاعمه , ( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ) , فأن التراب اصل مادتك , ومآلك اليه , ( ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ) , مني , { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى } القيامة37 , ( ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) , ثم عدلك وصيرك انسانا متكامل النضج .     

 

لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{38} 

تستمر الآية الكريمة بنقل حوار المؤمن ( لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ) , لكني لا اقول بقولك , بل اقول ( هُوَ اللَّهُ رَبِّي ) , ( وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ) , لن اشرك بعبادته احدا غيره .    

 

وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{39} 

تستمر الآية الكريمة بنقل حوار المؤمن ( وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ ) , هلا قلت عند دخولك جنتك واعجابك فيها بالقول المرضي عند الله عز وجل ( مَا شَاء اللَّهُ ) , اقرار بأنها بمشيئته عز وجل , ان شاء ابقاها , وان شاء افناها , ( لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ) , فيها اعترافا بالعجز عن قوتك والاعتراف بقوته جل وعلا , فكل ما عملته واجتهد فيه من عمارتها لا يكون الا بتوفيق وتسديد منه جل وعلا , ( إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً ) , ان كنت تراني اقل منك مالا وولدا .        

 

فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{40} 

تستمر الآية الكريمة بنقل حوار المؤمن ( فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ ) , فهو القادر على كل شيء من جهة ومن جهة اخرى , ان الذي اعطاك قادر على ان يعطيني ايضا , ( وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ ) , انواعا من العذاب كالصواعق مثلا , بسبب كفرك واعراضك عن شكر نعمة المنعم جل وعلا , ( فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً ) , فتكون بعد وقوع العذاب بالصواعق وغيره ارضا ملساء , لا ينبت فيها الزرع والشجر , بل لا تثبت فيها القدم .    

 

أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{41}

يستمر الحوار من قبل المؤمن الفقير , محتملا جهة اخرى لنزول العذاب ( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً ) , غائرا في اعماق الارض , ( فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً ) , عند ذاك تعجز عن استخراجه او الوصول اليه .       

 

وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} 

تذكر الآية الكريمة بداية نهاية القصة ( المثل ) , ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ) , وقع الدمار , وهلكت الاشجار , كما انذر وتنبأ المؤمن , ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) , ندما وحسرة وتلهفا , ( عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) , على ما انفق فيها وبذل الجهد , وها هو يراها قد سقطت عروش الكرم على الارض وسقط الكرم فوقها , ( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ) , كأنه تذكر قوله صاحبه المؤمن الفقير ونصيحه وانذاره له .                          

 

وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43}

تبين الآية الكريمة ( وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ ) , جماعة , ( يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ) , يعينونه على درء الخطر عنها وحمايتها , غيره جل وعلا فهو القادر على كل شيء , ( وَمَا كَانَ مُنتَصِراً ) , وما كان منتصرا بحمايتها من الهلاك بنفسه , وما كان ممتنعا من انتقام الله تعالى منه .            

 

هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{44}

تبين الآية الكريمة مقررة ( هُنَالِكَ ) , فيها رأيان : 

1- يوم القيامة . 

2- في الدنيا : في مثل هذا الحال والمقام من الشدائد .  

تكون ( الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ) , النصرة له وحده جل وعلا , وعلى بعض الآراء الملك والسلطان , ( هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً ) , من غيره , ( وَخَيْرٌ عُقْباً ) ,  عاقبة من اطاعه وتولاه خير من عاقبة من تولى واطاع غيره .  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46082
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19