• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحية للرئيس المسيحي .
                          • الكاتب : معمر حبار .

تحية للرئيس المسيحي

تولى رئاسة لبنان يوم 25 مايو 2008، وفي ليلة 25 ماي 2014، وقبل ساعات معدودات من انتهاء ولايته، ألقى رئيس جمهورية لبنان العماد ميشال سليمان، خطبة وداع بقصر بعبدا، بحضور الساسة والقادة والسفراء.

قال عنه البارحة أحد الساسة عقب الخطاب، أنه رفض رفضا مطلقا، أن يضيف لعهدته الرئاسية ثانية واحدة، وهم الذين طلبوا منه البقاء والتمديد.

ترك كرسي الرئاسة شاغرا، كما استلمه شاغرا، لأن مجلس النواب اللبناني، لم يتفق أعضاءه على تسمية رئيسا مسيحيا جديدا للبلاد، خلفا للرئيس سليمان، المنتهية عهدته.

سيكتبه التاريخ في سجل الكبار، الذين تركوا الرئاسة طوعا، ولم يتشبّثوا بالكرسي، فخرجوا معزّزين مكرّمين، يصفقون لهم، ويودعهم العٍلْيَة من أوسع الأبواب.

خرج سليمان ولم يدعي خاتم سليمان، لم يقل لبني جلدته، أن غيابي سيحرق الحجر والشجر، لم يهدد المؤيد والمعارض له، بأن غيابه سيكون وبالا عليهم. لم يحتمي بفرنسا التاريخية، التي ملّكت المسيحي على رقاب المسلمين، والتي يعنيها الانتخابات في بيروت كما تعنيها الانتخابات في باريس. وكان باستطاعته أن يستدعي الأسطول الأميركي، فيأتيه قبل أن يخطب، لكنه لم يفعل وانسحب بهدوء وشرف، تاركا وراءه الساسة يبحثون عمن يستخلفه ويسد فراغه.

سليمان الآن، سلم الناس من لسانه ويده، وأمسى مواطنا عاديا، يأكل ويمشي في الأسواق، كأنه لم يكن ذات يوم، رئيس دولة يتربّع على عرشها.

إن التاريخ يحفظ للشخص والمجتمع اللحظات الأخيرة، التي تنبئ عن الداخل المدفون، والتي ستخرج في الأخير عن طواعية المرء ويراها الجميع، فإما سوادا تُعرفُ به العاقبة، أو بياضا يرفعه قبل أن يُرفع.

إن العرب بمذاهبهم، والمسلمون بطوائفهم، إحترموا الرئيس المسيحي، الداخل لقصر الرئاسة والخارج منها، ورضوا بحكمه وخضعوا له ، واعتبروه ولي أمر البلاد ، تجب طاعته في السلم والحرب، والكر والفر. فمنحوه الرقاب، وأمدوه بالمال، وطلبوا ممن يملك الأمواج والسحاب، أن احموه ودافعوا عنه، ولكم منا ماتقر به العين.

هؤلاء.. هم الذين خرجوا عن الحاكم العربي، وقالوا .. اقتلوه، ودماءه في رقبتنا، ونضمن لكم الجنة. وأحرقوا حاضر سورية العزيز وماضيها التليد.

هذا العربي الذي دافع عن المسيحي ليكون تابعا له، وذاك العربي الذي وقف مع المسيحي الحالي، ليخلف المسيحي السابق.. التقيا في ميدان لايتبع لهذا ولا ذاك، فاقتتلا فيما بينهما، وتنابزا بالألقاب، واتّهم كل منهم الآخر، وتجاوزا القصاص من السّن بالسّن إلى لعبة قطع الأعناق وبقر البطون.

إن المسيحيين من حقّهم أن يفتخروا، لأن المسلمين بأطيافهم، توحدوا بشأن وجوب طاعة ولي الأمر المسيحي، ولا يريدون عنه بديلا .. فهنيئا لكم الرئاسة والرئيس.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46552
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28