• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بابيلون ...ح4 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

بابيلون ...ح4


اجتمع ينامي مع قادة الثوار , بحثا عن خطط جديدة او اي فكرة تمكنهم من حسم المعركة :
-    كلما طالت الحرب ازداد عدد ما نخسر من الثوار ... يجب ان نحسمها بأقرب فرصة ممكنة حقنا للدماء ! .
-    لا زلنا ننتظر تحرك الجبهة الداخلية في تفوكلا !  .
-    اذا يجب ان نساعدهم للتحرك ... او نجبرهم عليه .
-    كيف يمكننا ذلك ؟ .
-    نرسل لهم سرية كاملة ... تستقر داخل تفوكلا حتى الصباح ... بمجرد ان تلتقي السيوف يبدؤون حراكهم ! .      
                   *****************************
كان القائد خسنسناف منهكا جدا , فكر ان يأوي الى الفراش بعد مدارسة الموقف مع ضباط جيشه , ظهر خنياس امامه مباشرة على شاشات الرادار قائلا :
-    نصر جديد ... يا خسنسناف ! .
أدى التحية , واجاب :
-    نبذل قصارى جهودنا ... سيدي ! .
-    لقد كتبت تقريرا جيدا عنك وسلمته الى الامبراطور المعظم .
-    هذا شرف عظيم لي ... سيدي ! .
-    اوصيت فيه بمكافئتك وترقيتك ايضا .
-    شكرا لكم سيدي ... هل تريدونني ان انجز المهمة واجهز على ما تبقى من المتمردين ! .
-    كلا ... نريدك ان تطيل القتال حول تفوكلا .
-    لكن سيدي خسرنا الكثير من جنودنا حتى هذه اللحظة ... اما اذا استمر القتال سوف نخسر المزيد ! .
-    نريد المتمردين ان ينشغلوا اكثر واكثر في دخول تفوكلا ... ريثما نفكر في ابادتهم فيها .
-    آمركم ... سيدي ! .
-    سوف نخبرك بموعد انهاء الحرب .
اختفى خنياس من شاشات الرادار , وخلد القائد خسنسناف الى النوم .
                       **************************
اختار حالصبيعش مجموعة من الثوار الاشداء , وحرص ان يكونوا ممن يثق بهم , وبالذات ذوي الخبرة بالمدينة ممن سبق وان زارها , تسللوا بحذر بالغ , واحدا تلو الاخر , حتى تمكنوا من عبور الاسوار الصغيرة والموانع , وتخطو نقاط الحراسة الثابتة بنجاح , دخلوا المدينة وتنقلوا بين شوارعها وازقتها بحذر , متجنبين دوريات الحراس المتنقلة , توزعوا على عدة بيوت , من بيوت اصحاب ذوي الشأن , واستقروا هناك حتى الصباح .
                      ***************************
كان ينايفس مشغولا في مرضه , لا يخرج من غرفته , بل لا يعلم ما يدور حوله , يحدق في المرآة , يتفحص هزال واصفرار وجهه , يكلم نفسه :
-    ماذا حدا بي ! ... هذا انا ينايفس قائد جيوش الامبراطورية ... صاحب القلب المتحجر ... اصبحت وامسيت هزيلا ... مريضا ... معتلا ... لا اقوى على النوم من كثرة الكوابيس ... يبدو انها اللعنات ... لعنات من سحقتهم بأقدامي ! .   
                 ***************************
اعلنت الشمس بشروقها صباح يوم جديد , تتجدد فيه المعارك , على الجبهات الاربع , المزيد من ازهاق الانفس , المزيد من الدماء , المزيد من الصراخ , يتحدى النجيع السيوف تارة , وتتحدى السيوف النجيع تارة اخرى .
كان ينامي الحكيم يركز قتاله بشكل كبير في جبهته , محاولا احداث ثغرة في صفوف جيش ينايفس للوصول الى المدينة , حيث كان يتوقع انطلاق سريته مع ثوار المدينة بالحراك الداخلي , كي يصلهم بالنجدة في اقرب وقت , لاحظ القائد خسنسناف ذلك , فحاول ارسال بعض السرايا الاحتياطية الى هناك .
حالما شرعت جيوش ينايفس بالخروج من مدينة تفوكلا صباحا , تحركت السرية برفقة بعض الاهالي من الثوار نحو قصر ينايفس , واجهوا بعضا من الدوريات , قضوا عليها بسهولة , واستمروا قدما بالتحرك نحو قصر القائد العام , حالما وصلوا , ضربوا الحصار عليه , بينما اغلقت ابواب القصر , لم تك في القصر سوى سرية واحدة , طلبوا النجدة من القائد خسنسناف , لكنه كان مشغولا جدا بتحركات ينامي الحكيم المريبة , لم يعبأ بالأمر , ولم يوليه اي اولوية او اهتمام , فالأولية لأرض الميدان , لكنه وبعد الحاح شديد من ضابط السرية وافق على ارسال كتيبة واحدة فقط .
تسلق الثوار جدران القصر , بينما يحاول الاخرون ان يحدثوا ثقوبا في الجدار للولوج من خلالها , وغيرهم كان يعالج البوابة , نتيجة للضغط المتزايد , تراجع جنود سرية الوحوش الى الداخل , للإحاطة بمقر ينايفس , حتى تمكن الثوار من فتح البوابة , ودخلوا على شكل دفعات , بما تيسر من الاسلحة البسيطة , اشتبكوا معهم , في قتال مصيري , ادرك جنود السرية ان لا حياة لهم بعد الان , ان لم يدافعوا عن انفسهم , و ادرك الثوار من جانبهم , ان لا حياة بكرامة مع سيطرة الوحوش  على مقاليد الحكم .    
بإصرارهم واندفاعهم , بنشوة النصر , والتطلع الى الحرية , وحياة افضل , تمكن الثوار من القضاء على جميع افراد السرية , واخيرا , تمكنوا من اقتحام غرفة ينايفس , الذي كان متمددا على الفراش , لا يقوى على الحركة , يسمع الجلبة في الخارج , ويصرخ مستفهما , لكن لم يعمله احد بما يجري , حتى وقعت عينيه على الثوار , الذين لم يعطوه فرصة ليتفوه بكلمة , انهالوا عليه ضربا وتنكيلا , قطعوا رأسه , ومثلوا بجثته , غضبا وحقدا على ما فعل ببني البشر ! . 
اثناء ذلك , يظهر خنياس على شاشات الرادار , كان يروم القاء التحية على ينايفس , فهاله ما شاهد , اندهش الثوار لرؤية هذه الخلقة البشعة , لم يسبق لاحد منهم ان شاهده من قبل ,  فلم يتعرفوا عليه , قال لهم :
-    الويل لكم ... ماذا فعلتم ايها الحمقى ! .
تقدم احدهم نحو الشاشة حاملا رأس ينايفس وقال له :
-    اتعرف صاحب هذا الرأس ... رأسك سيكون التالي ! .
-    تبا لك ... ألا تعرفني من انا ! .
-    لا نعرفك من تكون ... كائنا من كنت ... فلست الا صعلوكا من صعاليك الوحوش القذرة ! .
استشاط خنياس غضبا :
-    انا خنياس الوزير ... والقائد العام لجيوش الامبراطورية العظمى ! .
ارتعب الثوار , كان لاسمه اثرا في النفوس , حدق بعضهم في وجه الاخر , ابتسموا لبعض , ثم التفتوا نحو خنياس ساخرين منه , بعضهم اخرج لسانه واصدر اصواتا , واخرون وضعوا ايديهم فوق رؤوسهم ملوحين بها كأنها قرون الحيوانات , وغيرهم رموه بالأحذية وبعض الاثاث , حتى تمزقت الشاشة , فاختفت صورته , لكنهم جميعا سمعوا تهديده :
-    سحقا لكم ! . 
لم يكن جميع الثوار قد توجهوا نحو قصر ينايفس , بل كانت هناك مجموعات من الثوار توجهت نحو منافذ المدينة الاربعة , تحسبا لمجيء نجدة ما , كانوا قد زرعوا الكثير من فخاخ صيد الحيوانات على الطريق , وتواروا جيدا بين الاشجار , فجأة لاحظوا فرقة من الخيالة قادمة من احد المنافذ , متوجه نحو المدينة , كمنوا هناك واستعدوا لتوجيه ضربة قاضية لها , كانت الخيول مسرعة , عندما وقع الحصان اول الأفخاخ  , رفع قوائمه الى السماء , حتى سقط فارسه ارضا , بينما ارتطمت الخيول الاخرى بعضها مع البعض الاخر , تساقط بعض الفرسان , واخرون تشبثوا بقوة , صاح احدهم منبها من خلفه :
-    كمين ... انه كمين ! .  
تراجعوا الى الوراء , فأنقض عليهم الثوار بالحجارة والنبال , وما تيسر من ادوات , لحسن حظهم كان عدد الفرسان قليلا , تمكنوا منهم بعد مراس شديد .
استمر ينامي الحكيم بتعبئة المزيد من الثوار على جبهته , فاتحا ميدانا واسعا لرحى الحرب , بينما القائد خسنسناف لم يتمكن من تعبئة المزيد من السرايا لانشغالهم على الجبهات الاخرى , بدا عاجزا امام اندفاع الثوار , وهو يشاهد تقهقر جيشه , فقرر ان يأمر بالتراجع الى المدينة , لكن القدر كان له رأي اخر ! .
************* يتبع
 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=47379
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28