• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأزهر يصدر ميثاقاً لدعم إرادة الشعوب العربية .
                          • الكاتب : د . محمد الغريفي .

الأزهر يصدر ميثاقاً لدعم إرادة الشعوب العربية

اصدر الازهر أمس الإثنين بيانا لدعم إرادة الشعوب العربية جاء البيان بمثابة وثيقة عربية علي غرار وثيقة الازهر التي صدرت في الفترة الماضية ولاقت قبولا علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي.

وافادت وكالة الانباء القرآنية العالمية(ايكنا) انه أكد «أحمد الطيب» شيخ الازهر أن البيان كان نتاجا للقاءات متعددة بين علماء الازهر ومجموعة من المثقفين المصريين واستند البيان علي مجموعة من المبادئ المستمدة من الفكر الاسلامي لتنظيم العلاقة بين الشعوب والحكام و تم التأكيد علي أن شرعية السُّلطة الحاكمة تعتمد علي رضا الشُّعوب، واختيارها الحر وأن المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلمي حقٌّ أصيلٌ للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم وأن مواجهة الاحتجاج الوطني السِلمي بالقوّة وإراقة دماء المواطنين يُسقِطُ شرعيّةَ السُّلطة وأن القوي الثورية مطالبة بالابتعاد عن اراقة الدماء أو الاستقواء بقوي خارجية لأي مبرر.

قال احمد الطيب في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس أنه: انطلاقًا من إدراك كبار علماء الأزهر، ومجموعة المثقفين المشاركين لهم، لمتطلبات المرحلة التاريخية المفصلية، التي تمر بها شعوب الأمة العربية في نضالها المشروع للحرية والعدالة والديموقراطية، واستئناف مسيرتها الحضارية؛ واستلهاماً لروح التحرر في الإسلام، والقوانين الفقهية لمشروعية السلطة، فإنّ المجموعة التي أصدرت وثيقة الأزهر ومثّلت مختلف ألوان الطيف الفكري في المجتمع المصري توافَقَت علي جُملة المبادئ المستمدة من الفكر الإسلامي، والطموحات المستقبلية للشعوب العربية، وانتهت برعاية الأزهر الشريف إلي إعلان ضرورة احترام المواثيق التالية :

أولاً : تعتمدُ شرعية السُّلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية علي رضا الشُّعوب، واختيارها الحرّ، من خلال اقتراع عَلَنِيٍّ يَتمُّ في نزاهة وشفافية ديموقراطية، باعتباره البديل العصري المنظِّم لما سبقت به تقاليد البَيْعَة الإسلامية الرّشيدة، وطبقًا لتطوُّر نُظُم الحكْم واجراءاته في الدّولة الحديثة والمعاصرة، وما استقرَّ عليه العُرف الدستوري من توزيع السُّلُطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والفصل الحاسم بينها، ومن ضبط وسائل الرّقابة والمساءلة والمحاسبة، بحيث تكون الأمّة هي مصدر السُّلطات جميعًا، ومانحة الشرعية وسالبتها عند الضرورة. وقد دَرَجَ كثيرٌ من الحكّام علي تعزيز سلطتهم المطلقة مُتشبِّثينَ بفهم مبتور للآية القرآنية الكريمة: "و أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ "(٤/٩٥) متجاهلين سِيَاقَها الواضح الصريح في قوله تعالي قبل ذلك في الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَي أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " (٤/٨٥) ممّا يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكْم وعَدَم إقامة العدل فيه مُسَوِّغًا شرعيًّا لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل، ومقاومة الظلم والاستبداد، ومن قال من فقهائنا بوجوب الصبر علي المتغلب المستبد من الحكام حرصًا علي سلامة الأمة من الفوضي والهرْج والمرْج ذ فقد أجاز في الوقت نفسه عزل المستبد الظالم إذا تحققت القدرة علي ذلك وانتفي احتمال الضرر والإضرار بسلامة الأمة ومجتمعاتها.

اكد الميثاق:

ان الحركات الوطنية السِّلمیّة المعارضة، فهی من صميم حقوق الإنسان فی الإسلام التی أكّدتها سائر المواثيق الدّولیّة، بل هی واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ علی الحكّام وأهل السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ

ثانيا: عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلميّ، الذي هو حقٌّ أصيلٌ للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم، ثم لا يستجيب الحكّام لنداء شعوبهم، ولا يُبادرونَ بالإصلاحات المطلوبة، بل يُمْعِنونَ في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التي تنادي بالحرية والعدالة والإنصاف، فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يُعَدُّون من قَبيل البُغاة أبَدًا، وإنّما البُغاة هم الّذين تحدَّدت أوصافُهم فِقهيًا بامتلاك الشَّوكة والانعزال عن الأمَّة، ورَفع الأسلحة في مواجهة مخالفيهم، والإفساد في الأرض بالقُوّة، أمّا الحركات الوطنية السِّلميّة المعارضة، فهي من صميم حقوق الإنسان في الإسلام التي أكّدتها سائر المواثيق الدّوليّة، بل هي واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ علي الحكّام وأهل السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ.

ثالثا: تُعَدُّ مواجهة أيّ احتجاج وطني سِلميّ بالقوّة والعُنفِ المسلَّح، وإراقة دماء المواطنين المسالمين، نقضًا لميثاق الحكْم بين الأمّة وحكّامها، ويُسقِطُ شرعيّةَ السُّلطة، ويهدر حقَّها في الاستمرار بالتَّراضِي، فإذا تمادتِ السُّلطةُ في طُغيانها، وركبت مركب الظلم والبغي والعدوان واستهانت بإراقة دِماء المواطنينَ الأبرياء، حِفاظًا علي بقائها غير المشروع - وعلي الرغم من إرادة شعوبها - أصبحت السلطة مدانة بجرائم تُلَوِّثُ صفحاتها، واصبح من حق الشعوب المقهورة أن تعمل علي عزل الحكام المتسلطين وعلي محاسبتهم، بل تغيير النِّظام بأكمله، مهما كانت المعاذير من حرص علي الاستقرار أو مواجهة الفِتَنِ والمؤامرات، فانتهاكُ حرمة الدَّم المعصوم هو الخطّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان. وعلي الجيوش المنظّمة ذ في أوطاننا كلِّها - في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدّستورية في حماية الأوطان من الخارج، ولا تتحوّل إلي أدواتٍ للقمع وإرهاب المواطنين وسفك دمائهم؛ فإنه" مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "(٥/٢٣).

رابعا: يَتعيَّنُ علي قوي الثورة والتّجديد والإصلاح أن تبتعد كليًا عن كل ما يؤدي إلي إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوي الخارجية أيًا كان مصدرها، ومهما كانت الذرائع والتعللات التي تتدخل بها في شؤون دولهم وأوطانهم وإلا كانوا بغاة خارجين علي أمتهم وعلي شرعية دولهم. ووجب علي السلطة حينئذ أن تردهم إلي وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض وأوجب الواجبات . وعلي قوي الثورة والتجديد أن تتّحدَ في سبيل تحقيق حُلمِها في العدل والحريّة، وأن تتفادي النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية، حِفاظًا علي نسيجها الوطني، واحترامًا لحقوق المواطنة.

خامسا: بناءً علي هذه المبادئ الإسلامية والدستورية، المعبِّرَة عن جوهر الوَعْيِ الحضاريّ؛ فإن علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يُعلنونَ مناصرتهم التّامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والاصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية، ويَهيبونَ بالمجتمع العربي والإسلامي أن يتّخذ مبادرات حاسمةً وفعّالة لتأمين نجاحها بأقلِّ قَدْرٍ من الخسائر، تأكيدًا لحقِّ الشُعوب المطلق في اختيار الحُكّام، وواجبِها في تقويمهم مَنعًا للطُّغيان والفساد والاستغلال، فشرعيّةُ أيّة سُلطةٍ مرهونةٌ بإرادة الشّعب، وحقّ المعارضة الوطنيّة السّلمية غير المسلحة مكفولٌ في التّشريع الإسلامي في وجوب رفع الضّرَر، فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدّولية جميعًا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=47582
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 25