• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح214 سورة مريم الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح214 سورة مريم الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً{58}
تبين الآية الكريمة (  أُوْلَئِكَ ) , اشارة الى المذكورين انفا , (  الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ ) , النعمة الدينية والدنيوية , (  مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , فمنهم من يقول :      
1- أي إدريس . "تفسير الجلالين للسيوطي" . 
2- اي ان جميع الرسل والانبياء "ع" كانوا من بني ادم , ولم يكونوا  من الملائكة او الجن . 
3- يستفاد من النص المبارك ان الله تعالى يرسل رسله وانبياءه "ع" من جنس المرسل اليهم , لا من غيره . 
4- النص المبارك بمثابة اشارة الى ان ادم "ع" ابو البشر الاول , ومقدمة للنص المبارك الذي يليه مباشرة , حيث يبين ان نوحا "ع" ابو البشر الثاني بعد الطوفان .  
تستمر الآية الكريمة في البيان (  وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ) , يشير النص المبارك الى ان البشر لم تبق لهم باقية في الطوفان , الا من كان في الفلك مع نوح "ع" , وبذا يتحقق ان نوحا "ع" ابو البشر الثاني , (  وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ) , ينتسب الى ابراهيم "ع" عدد كبير من الخلق , منهم قسم كبير من العرب , اما ( إِسْرَائِيلَ ) وهم ذرية يعقوب و موسى وهارون , زكريا ويحيى ... الخ , (  وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ) , للرسالة والنبوة , للكرامة والصلاح , (  إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) , يبين النص المبارك حالهم او صفتهم .     
 
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً{59} 
تبين الآية الكريمة (  فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ) , جاء بعد المذكورين في الآية الكريمة السابقة خلف او عقب سوء , من صفتهم انهم : 
1- (  أَضَاعُوا الصَّلَاةَ ) : اضاعوها بطريقين : 
أ‌) تركها مطلقا . 
ب‌) تأخير مواقيتها .   
2- (  وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ) : طلبوا ما تهوى الانفس في ما يعصى به الله تعالى .     
في ختامها تتوعدهم الآية الكريمة (  فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) , شرا مطبقا .  
 
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً{60} 
تستثني الآية الكريمة (  إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ) , من رجع الى الله تعالى بالندم , وعمل الاعمال الصالحة , فأن لزموا هذا الحال وماتوا عليه , يكون مصيرهم (  فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) , مأواهم الجنة , لا تنقص من اجورهم شيئا .  
 
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً{61} 
تبين الآية الكريمة تلك الجنة (  جَنَّاتِ عَدْنٍ ) , اقامة دائمة , (  الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ) , وهي التي وعد الله تعالى بها من آمن بالرسل والانبياء "ع" وامتثل للطاعة , (  إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ) , ان وعد الله تعالى آت لا ريب فيه , وعداته جل وعلا لعباده منجزة .     
 
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً{62} 
تنقل الآية الكريمة صورتين عن تلك الجنة :  
1- (  لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً ) : لغو الكلام , بل يسمعون السلام من الملائكة ومن بعضهم البعض . 
2- (  وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) : يبين النص المبارك ان الرزق فيها ممدود طول الوقت .    
 
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً{63} 
تشير الآية الكريمة الى تلك الجنة (  تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا ) , حيث سيرثها المتقين بالتقوى والعمل الصالح , (  مَن كَانَ تَقِيّاً ) , مطيعا , مجتنبا للنواهي .    
مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة وما بعدها , ما رواه السيوطي في تفسير الجلالين (  ونزل لما تأخر الوحي أياما وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا ) . 
 
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً{64} 
تروي الآية الكريمة على لسان جبرائيل "ع" بعد ان سأله الرسول الكريم محمد (ص واله) "ما يمنعك ان تزورنا" , فكان الجواب (  وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) , لا ينزل الوحي الا بأمر رباني , (  لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) , حيث انه جل وعلا محيطا بكل جوانب خلقه , فيبين جبرائيل "ع" خضوعه للأمر الالهي , لا انتقال من مكان الى مكان , ولا دوران في الزمان الا بأمره ومشيئته جل وعلا  , (  وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ) , تاركا لك بتأخير الوحي عنك .     
 
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً{65}
يستمر كلام جبرائيل "ع" في الآية الكريمة مبينا (  رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) , المالك المطلق لكل ذلك , خلقا وتدبيرا , ويستفاد ايضا من النص المبارك امتناع النسيان عليه جل وعلا , (  فَاعْبُدْهُ ) , خطابا للرسول "ص واله" , والخطاب يعمم الى كافة المسلمين , (  وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) , العبادة تحتاج الصبر عليه , (  هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ) , ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته وافعاله جل وعلا .   
 
وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً{66} 
تبين الآية الكريمة ان الانسان يقول (  وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ ) , ابعد موتي وقبري وفناء جسدي , (  لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً ) , ابعث من جديد .     
مما يروى في نزول الآية الكريمة , انها نزلت في شأن أبي بن خلف او الوليد بن المغيرة , حيث مرّ في مقبرة ما , واخذ قطعة من عظم منخور , فتته بيديه , ونثره في الهواء , فتطايرت ذراته في كل ناحية , وقال : انظروا الى محمد الذي يظن ان الله يحينا بعد موتنا وتلاشي عظامنا مثل هذا العظم , هذا مما لا يمكن ابدا . "مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي , تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني , تفسير الجلالين للسيوطي وغيرهم " .  
 
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً{67}
تتضمن الآية الكريمة انكارا لهذا الكافر (  أبي بن خلف او الوليد بن المغيرة ) , كيف نسي انه لم يكن شيئا , فخلقه الله تعالى اول مرة , وهو جل وعلا قادر ان يبعثه مرة اخرى .   
اما بخصوص عدم ذكر اسماء المعنيين في القرآن الكريم , فهناك عدة اراء فيها , نكتفي بنقل رأي الدكتور احمد حسون الوائلي ( القران الكريم ليس بكتاب سيرة شخصية , القران الكريم اذا اراد ان يعبر عن موضوع يعبر عنه في حدود مضامينه العامة , فالقرآن الكريم لا يذكر الاسم , فأنه اذا ذكر الاسم يصبح كتاب تراجم شخصية , بينما القرآن رسالة عامة للإنسانية ) . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49052
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19