• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بابيلون ح5 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

بابيلون ح5

وجه ينامي الحكيم بعضا من رماة اللهب , ان يصوبوا نحو وحش خسنسناف الطائر , يقذفونه بكرات اللهب بوقت واحد , ومن جميع الجوانب , أصابت احدى القذائف الوحش الطائر , فهوى الى الارض , وهوى معه خسنسناف بجثته الضخمة , اثر ذلك في نفوس جنوده , الذين تقهقروا تدريجيا الى المدينة , ليطبق عليهم الثوار ويفاجئونهم من الداخل , حاملين رأس ينايفس , الامر الذي زاد الطين بله , قرر عدد منهم الاستسلام , واخرون لاذوا بالفرار , تفرقوا على غير هدى . 
لكن المعارك على الجبهات الثلاث الاخرى لا زالت ضارية , حتى تدخل خنياس امرا احد الضباط بتولي قيادة المعارك : 
- خنشل ... تولى القيادة ... واعمل على سحب جنودنا من جميع الجبهات تدريجا ... ووجههم نحو جبهة خنيفر ... لقد ارسلت قوات من جيوشنا لتطبق عليه من الخلف ! . 
- امرك سيدي ! .    
امر خنشل الجيوش بالانسحاب التدريجي نحو جبهة خنيفر , سرية بعد سرية , لاحظ خنيفر تدفق سرايا الوحوش نحوه , اثناء ذلك , اعلن احدهم ان هجوما يشن عليهم من الخلف , بينما اطبقت الوحوش الطائرة من السماء , ووحوش زاحفة من تحت الارض , اصيب خنيفر وجنوده بالذعر , طلب النجدة , كان وردنياس هو الاقرب اليه , فحاول ان يمده بالثوار , لكنه بوغت بوحوش طيارة , ترمي على ثواره احجار اللهب , منعته من التقدم . 
لم يمض وقت طويل , حتى اكتسح جيش الوحوش ميدان خنيفر , معلنا ان موته وكافة الثوار معه , شرعت معها جيوش الوحوش بمغادرة ارض المعركة , منسحبة الى مدن الغرب , لم يطاردهم الثوار طويلا , سرعان ما اقفلوا وعادوا ليحتفلوا بفتح تفوكلا . 
احتفل الاهالي بفتح مدينتهم , رحبوا بينامي الحكيم , ورحبوا بكل الثوار معه , اعلنوا اقامة حفل كبير , لكن ينامي رفض الاحتفال : 
- ليس لدينا وقت للاحتفال ... لدينا الكثير من العمل . 
- لكن الثوار مرهقون ! . 
- لكننا لا نأمن ان يطبقوا علينا بهجوم واسع النطاق ... مما يوقعنا بما لا تحمد عقباه ! . 
وزعت الواجبات على الثوار , بين دفن الموتى , ومداواة الجرحى , وصنع المزيد من السلاح , واصلاح ما يمكن اصلاحه منها , واعادة ترتيب وتنظيم السرايا والفرق , اثناء ذلك , كان هناك المزيد من الثوار يتدفقون من المدن الاخرى , عازمين على الالتحاق بجيش ينامي الحكيم , الذي كان يتجول في المدينة , وكأنه يبحث عن شيء , سأله حالصبيعش : 
- كأنك تبحث عن احد ؟ . 
- نعم ... المفروض ان التقي به هنا ! .      
وجمّ حالصبيعش بمكانه , حاول النطق , فخانته المناطق , حتى اردف ينامي الحكيم موضحا : 
- لن يهدأ لي بال حتى اجده ... هذا وعد وعدنياه ... وهو لا يخلف وعده ... لقد اشتقت لرؤيته ... كما واني لا اصلح لقيادة المرحلة القادمة . 
- سيقودنا هو اذن ! .
- نعم ! . 
- نعم القائد ! .
- ونعم الثوار ! . 
                         ***************************** 
اجتمع خنياس بقيادات جيشه للتشاور وتدارس الموقف الجديد , يحدقون في الشاشات الكبيرة , يراقبون تحشدات الثوار , وتدفق المزيد على تفوكلا , فقال خنياس : 
- افضل ان نجمعهم في مكان واحد ... ثم نشن عليهم هجوما شاملا فنقبرهم فيه ! . 
- ذلك الرأي السديد ... سيدي ! .   
وقال قائد اخر : 
- انهم يتجمعون في تفوكلا ... فلتكن اذا هي مقبرتهم ! .  
وقال اخرون : 
- متى نحدد موعدا للانقضاض عليهم ؟ . 
- لا زالت اعداد المتمردين تتدفق . 
- عند ذاك سيعانون من مشكلة التموين ! .
- سوف لن يكون هناك طعاما كافيا للجميع ! . 
- سيكونون تحت مطرقتين ... مطرقة جيشنا من جهة ... ومطرقة شحة الطعام من جهة اخرى ! . 
- من جهتنا يجب ان نعد العدة لساعة الحفل الاكبر ! .  
              ******************************** 
بينما كان ينامي الحكيم يتجول مع رفاقه , فأذا بصوت مناديا اياه من الخلف : 
- ينامي ! . 
توقف ينامي الحكيم واستدار نحوه , ما ان وقع نظره عليه , لم يتمالك نفسه , ترجل من حصانه واقبل مسرعا نحوه , مغرورق العينين بدموع الفرح , انحنى امامه قائلا : 
- سيدي ... لقد طال الانتظار ! . 
وجمّ الاخرون على خيولهم , ما ان سمعوا كلام الحكيم ينامي , حتى بادروا بالترجل واسرعوا نحوه , انحنوا جميعهم : 
- لا بأس ... انهضوا ! .  
نهضوا جميعا , وبادر ينامي لمعانقته , ثم عانقه الاخرون واحدا تلو الاخر , كان يرحب بهم بأسمائهم , وكأنه يعرفهم منذ زمن طويل , بينما كانت هذه اول مرة لهم يروه فيها , ولولا ان تعرف عليه ينامي الحكيم لما كانوا قد عرفوه . 
بينما كان ينامي منشغلا بالحديث معه , كان الجميع يحدقون بسيفه , لم ينتبهوا الا عندما سمعوا ينامي الحكيم : 
- اسلمك قيادة الجيش ... سيدي ! .
- كلا ... يا ينامي الطيب ... ليس بعد ... ستبقى في القيادة انت ورفاقك . 
- ولمّ ... يا سيدي ! . 
- يجب ان امتحنكم اكثر واكثر ... لا تهمني الكثرة ... بل اريد قلوبا كزبر الحديد وان كانوا قلة ! . 
- اذا ! . 
- سأتولى القيادة ان صبرتم على امر مما لاقيتموه في تفوكلا ... وان تمكنتم من الوصول الى مدينة ايروس او مشارفها . 
- عندها ستكون انت القائد العام ! . 
- نعم ... واعلموا اني معكم في كل لحظة ومكان ! . 
تمالك حالصبيعش ان يسأله : 
- بماذا تنصحنا ... سيدي ؟ . 
- لا تبقوا في مكان واحد ...ولا تسلكوا طريقا واحدة ... بل توزعوا في عدة اتجاهات ... فأن المكان الواحد يسهل القضاء عليه . 
- سنعمل على ذلك قدر الامكان . 
ما ان انهى حالصبيعش كلماته , حتى اختفى .
عملا بنصيحته قرر ينامي الحكيم ان يتولى ادارة مدينة تفوكلا بمساعدة بعض الثوار , وكلف حالصبيعش بادارة مدينته , وكلف ايضا وردنياس ان يغادر الى المدينة التي جاء منها ينامي الحكيم ليتولى ادارتها ايضا , ووزع الثوار على ذينك المدن الثلاث . 
                       ************************ 
بينما كان خنياس يتحدث مع احد الضباط , دخل احد الجنود مسرعا , انحنى ليقول : 
- سيدي ! . 
- هات ما عندك ! . 
- جاءنا تقرير عيوننا في تفوكلا ! . 
- نعم ... اخبرني ما جاء فيه . 
- يقول انه ظهر ... تكلم مع ينامي الحكيم وحالصبيعش ووردنياس وبعض قادة المتمردين .
نهض خنياس من مكانه غضبا , منزعجا : 
- وماذا جرى ؟ . 
- لم تتمكن عيوننا من سماع الحديث الذي دار بينهم ... لكنه تركهم ورحل ! .
- سحقا ... ما كان ينبغي ذلك .   
على شاشة الرادار الكبيرة , يظهر الامبراطور بجثته الضخمة , التي ملأت الشاشة , نهض خنياس لينحني امامه , وكذلك انحنى جميع الحاضرين , جاء صوته الكئيب , الذي هو اشبه ما يكون باحتكاك قطعتي معدن  : 
- خنياس ! .
- سيدي الامبراطور المعظم ! . 
- ما هذا الذي سمعنا به ... سقوط تفوكلا وبعض المدن الاخرى ... ومقتل ينايفس وخسنسناف وخيرة قادة امبراطوريتنا ... كما وان عيوننا هناك قد شاهدوه ! . 
- كل ذلك صحيح ... سيدي ! . 
- يا احمق ... وهل انا اكذب ! . 
- كلا ... يا سيدي ... لقد حدث كل ذلك ! . 
- كيف يحدث كل هذا ... وماذا تفعل انت ... تتفرج ؟ ! . 
- سيدي ... اعدادهم تتزايد بشكل غريب ... هناك المزيد من حركات التمرد في المدن الصغيرة ... لم يحكم جنودنا السيطرة عليها ... ففلت  الزمام ! . 
- كل ذلك اعرفه ... وما هي تدابيرك حول الموقف ؟ . 
- اعد لهم العدة ... هجوما شاملا ... مباغتا خاطفا ... بعد ان نحاصرهم حصارا لا رحمة معه ... سيدي ! . 
- ان لم تفلح سوف نقوم بتغييرك ... 
- هذا لكم سيدي ... تفعلون ما ترونه مناسبا ! .     
اختفى الامبراطور , وتنفس خنياس ومن حوله الصعداء . 
                          *****************************  يتبع



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49338
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18