• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح221 سورة طه الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح221 سورة طه الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى{56}
تبين الآية الكريمة (  وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ كُلَّهَا ) , يبين النص المبارك ان الله تعالى ابصر فرعون بالبينات والمعاجز التي لا مجال لإنكارها , وعرفه صحتها , (  فَكَذَّبَ وَأَبَى ) , لكن فرعون كذب بها , وابى ان يوحد الله عز وجل طغيانا وعتوا .      
 
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى{57}
تروي الآية الكريمة كلام فرعون مع موسى "ع" (  قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا ) , ارضنا مصر , (  بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ) , وهنا يتهم موسى "ع" بالسحر .   
 
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَاناً سُوًى{58} 
يستمر كلام فرعون مع موسى "ع" في الآية الكريمة (  فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ ) , سنقابل سحرك يا موسى بسحر مثله , (  فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ) , موعدا للقاء بالسحرة , (  لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَاناً سُوًى ) , يلتزم الطرفين بالحضور في الزمان والمكان المعينين .      
 
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى{59}
تروي الآية الكريمة جواب موسى "ع" لفرعون , وتضمن موردين : 
1- (  قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) : هو يوم عيد يتزين فيه الناس , اختاره موسى "ع" ليظهر معجزاته على  رؤوس الاشهاد .
2- (  وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) : وان يجمع الناس في ضحى ذلك اليوم , كي يشاهدوا ما سيحدث ! .    
 
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى{60} 
تبين الآية الكريمة ان فرعون جمع من يكيد بهم موسى "ع" من اساطين السحرة , ثم انه حضر في الموعد , فيما يروى ان عددهم كان اثنان وسبعون ساحرا , وقيل كان عددهم سبعون الف , بعضهم يحملون عصي , والبعض الاخر يحملون حبالا .  
 
قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى{61} 
تروي الآية الكريمة كلاما لموسى "ع" (  قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ ) , وويلكم فيها عدة معاني , منها : 
1- واد في جهنم . 
2- كلمة تهديد ووعيد . 
3- الويل بمعنى الهلاك . 
4- حلول الشر والعذاب .
5- كلمة يدعى بها على من وقع في الشر وهو مستحق .  
(  لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً ) , بعد التهديد ينهاهم "ع" عن الافتراء على الله تعالى بأن تدعوا آياته سحرا , (  فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ) , يهلككم ويستأصلكم بعذاب من عنده جل وعلا , (  وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ) , يبين النص المبارك ان كل من افترى على الله تعالى ليس له سوى الخيبة والخذلان .  
 
فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى{62}
تكشف الآية الكريمة عن حال السحرة لما سمعوا كلام موسى "ع" (  فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ) , قال بعضهم لبعض " هذا ليس ساحر , ولا كلامه بكلام السحرة " , (  وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ) , اي تكلموا سرا فيما بينهم , ( قيل كان نجواهم إن غلبنا موسى إتّبعناه وقيل إن كان ساحرا فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمر ) ." تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .  
 
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى{63} 
يختلف المفسرون في من المعني بــ ( قَالُوا ) , يذهب البعض الى انهم السحرة فيما بينهم على رأي , وعلى رأي اخر انه فرعون وقومه المعنيين بها , (  إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) , موسى وهارون "ع" , (  يُرِيدَانِ أَن ) , ينويان على امرين : 
1- (  يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا ) : ان يخرجاكم من بلادكم بما اتقنوه وخبروه من علوم السحر .
2- (  وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ) : يختلف فيها المفسرون , فمنهم من يرى انها : 
أ‌) مذهبكم او دينكم الذي انتم عليه .
ب‌) طريقتكم العظيمة في فنون السحر العظيم .
ت‌) اهل قومكم ووجوهكم واشرافكم .      
 
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى{64} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها  (  فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) , لملموا واحكموا كيدكم في فنون السحر واعزموا على ان لا يقع اختلاف او هنة بينكم , (  ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً ) , اي مصطفين صفا واحدا , فأن ذلك اكثر هيبة للرائي , واعظم تأثيرا عليه , (  وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ) , فاز بالمطلب اليوم من غلب .     
 
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى{65}
تروي الآية الكريمة كلام السحرة مع موسى "ع" بعد ان لملموا امرهم وعقدوا عزائمهم , اختر بين (  قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ ) , ان تكون اول من القى عصاه , (  وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) , او نكون نحن اول من يلقي عصاه , ليبدأ مبارياته او مجاراته .   
خيّر السحرة موسى "ع" في ذلك مراعاة للأدب . 
 
قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى{66}
تروي الآية الكريمة جواب موسى "ع" وقد اختار الخيار الثاني , مراعيا مقابلة ادبهم معه بأدبه , (  قَالَ بَلْ أَلْقُوا ) , كونوا انتم اول من يلقي عصيه وحباله , (  فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) , فالقوا حبالهم وعصيهم , وقد طليت او لطخت الحبال بالزئبق "كما في قصص الانبياء" تحت تأثير اشعة الشمس , اضطربت وتحركت , فتخيل الرائي انها تتحرك من تلقاء نفسها .  
 
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} 
تكشف الآية الكريمة عن حال موسى "ع" حين مشاهدة هذا المنظر (  فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ) , يختلف المفسرون فيه كالعادة , فمنهم من يقول : 
1- أي خاف من جهة أن سحرهم من جنس معجزته أن يلتبس أمره على الناس فلا يؤمنوا به . "تفسير الجلالين للسيوطي" . 
2- لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .   
 
قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68}
يأت النداء الرباني لموسى "ع" في الآية الكريمة مطمئنا (  قُلْنَا لَا تَخَفْ ) , مؤكدا (  إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ) .    



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49990
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29