• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح223 سورة طه الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح223 سورة طه الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى{80}
الآية الكريمة تخاطب بني اسرائيل (  يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) , مذكرة اياهم :
1-    (  قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ) : فرعون وقومه بإغراقهم .
2-    (  وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ) : حيث مناجاة موسى "ع" ونزول التوراة عليه .
3-    (  وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ) : نزل الله تعالى عليكم (  الْمَنَّ ) , وهو مادة صمغية سكرية , (  وَالسَّلْوَى ) , طير اشبه بالسماني , وكان ذلك عند تيههم .    
الآية الكريمة بجملتها تخاطب اليهود في كل عصر وزمان , مذكرة اياهم بما انعم الله تعالى على اسلافهم في زمن موسى "ع" .

كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى{81}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة مبيحا وناهيا ومحذرا :
1-    (  كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) : اباحة كل ما طاب من اكل وشرب ولباس ومسكن ... الخ .
2-    (  وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ ) : نهي عن الكفر به وعدم شكره , وايضا عن الاسراف والبطر ومنعه عن مستحقه ... الخ . 
3-    (  فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ) : تحذير من لزوم العذاب ووقوعه بكم وعليكم .

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى{82}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة مبينا (  وَإِنِّي لَغَفَّارٌ ) , يبين النص المبارك ان الله تعالى غفار لــ :
1-    (  لِّمَن تَابَ ) : التوبة من الشرك اولا .
2-    (  وَآمَنَ ) : بعد التوبة يأتي الايمان , ايمان بلا توبة لا خير فيه , كما وان توبة بلا ايمان لا خير فيها .
3-    (  وَعَمِلَ صَالِحاً ) : بعد التوبة والايمان يأتي العمل الصالح , العمل الصالح بدونهما لا خير فيه , كما وان التوبة والايمان بلا عمل صالح لا يكتملان .
4-    (  ثُمَّ اهْتَدَى ) : بعد التوبة والايمان والعمل الصالح تأتي الهداية , التي لا يمكن ان تكون من غير ( توبة – ايمان – عمل صالح ) .  

وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى{83}
تنعطف الآية الكريمة لتخاطب موسى "ع" (  وَمَا أَعْجَلَكَ ) , يبين النص المبارك ان موسى "ع" تعجل ميعاد ربه جل وعلا , لمناجاته ونزول التوراة , (  عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى ) , سبقتهم الى الطور وخلفتهم وراءك .   

قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى{84}
تروي الآية الكريمة كلام موسى "ع" :
1-    (  قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي ) , تقدمت عليهم بخطى يسيرة , وها هم خلفي مباشرة .
2-    (  وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) : التعجل والاسراع في امتثال الامر الالهي مما يوجب رضاه سبحانه وتعالى , فبين موسى "ع" انه تعجل بامتثال امره جل وعلا لمزيد من الرضا .     

قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ{85}
تخاطب الآية الكريمة موسى "ع" مبينة له (  قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ ) , بعد مفارقتك , (  وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ) , باتخاذ العجل ربا , والدعوة لعبادته و السجود اليه ودعائه .    

فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي{86}
تبين الآية الكريمة (  فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً ) , ان موسى "ع" بعد ان استوفى الاربعون يوما واخذ التوراة , رجع الى قومه غضبانا عليه , حزينا لما فعلوه , (  قَالَ يَا قَوْمِ ) , خطب فيهم "ع" :
1-    (  أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ) : ان يأتيكم جل وعلا التوراة فيها هدى ونور . 
2-    (  أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ ) : طالت عليكم مدة المناجاة "الاربعون يوما" .
3-    (  أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ ) : ام انكم اردتم حلول غضبه جل وعلا وعذابه عليكم باتخاذكم العجل .
4-    (  فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ) : فأخلفتم وعدكم لي بالثبات على الإيمان بالله تعالى , والطاعة لما يأمركم به .      

قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ{87}
تروي الآية الكريمة جواب القوم عليه "ع" (  قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ) , لم نخلف وعدك بآمرنا , او من تلقاء انفسنا , (  وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ ) , فيها رأيين :
1-    هي مجمل الحلي التي استعارها بني اسرائيل من اهل مصر , بحجة العرس وما شابه , فلم يعيدوها اليهم .
2-    هي جملة ما غنمه بني اسرائيل من جنود فرعون بعد غرقهم .    
(  فَقَذَفْنَاهَا ) , طرحناها في النار , (  فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ) , اي القى ما لديه من حلي , يعتقد بعض المفسرين ان السامري قد القى ما قبضه من التراب الذي قبضه من اثر حافر الرسول وهو ما اشارت اليه الآية الكريمة { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } طه96 .  

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ{88}
تستمر الآية الكريمة بسرد التفاصيل (  فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ ) , صاغ السامري لهم جسد عجل من تلك الحلي , يصدر خوارا , هناك رأيين حول سبب الخوار :
1-    يعتقد بعض المفسرين ان الخوار كان بسبب ذلك التراب الذي قبضه السامري من اثر حافر حصان جبرائيل "ع"  . "يذهب الى هذا الرأي جملة من المفسرين ومنهم السيوطي في تفسير الجلالين " .
2-    ان السامري صنع العجل ووضع فيه تجاويف وانابيب تصدر صوتا عند مرور الهواء من خلالها , وكان يضع العجل في مواجهة الريح . "يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين ومنهم الشيخ الدكتور احمد حسون الوائلي " . 
 (  فَقَالُوا ) , السامري ومن اعانه على صنع العجل وكذلك اول من آمن به , (  هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ) , اشارة الى العجل , انه ربكم يا بني اسرائيل ورب موسى "ع" , (  فَنَسِيَ ) , يختلف المفسرون في المخاطب فمنهم من يقول :
1-    هي من كلام السامري قاصدا ان موسى "ع" نسي ربه هنا وذهب ليبحث عنه في الطور . ( يذهب الى مثل هذا الرأي السيوطي في تفسير الجلالين , وايضا الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج3 )
2-    هي من كلامه عز وجل , بمعنى ان السامري نسي ايمانه وما عاهد عليه وما وعد موسى " ع" به . ( يذهب الى مثل هذا الرأي الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج3 ) .        

أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً{89}
تسلط الآية الكريمة الضوء على :
1-    (  أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً ) : اولم يروا ويعلموا انه لا يجيب على دعواهم , ولا يرجع لهم القول . 
2-    (  وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً ) : وايضا لا يضرهم ان تركوا عبادته , او ان يدفع عنهم اي ضرر او خطر محدق بهم .
3-    (  وَلَا نَفْعاً ) : وايضا لا تنفعهم عبادته شيئا , ولا يجلب لهم نفعا في اي شيء .  

وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي{90}
تروي الآية الكريمة كلام هارون "ع" معهم (  وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ ) , اي قبل عودة موسى "ع" من المناجاة , (  يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ) , انما اختبرتم بالعجل , (  وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ ) , لا العجل , (  فَاتَّبِعُونِي ) , ولا تتبعوا السامري , (  وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) , في الثبات على ما جاءكم به موسى "ع" من عنده عز وجل .      

قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى{91}
تروي الآية الكريمة جواب القوم على هارون "ع" (  قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ ) , لا نزال مقيمين على عبادة العجل , (  حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ) , حتى يرجع موسى "ع" من مناجاته مع ربه .   

قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا{92}
تروي الآية الكريمة كلاما لموسى "ع" مع اخيه هارون "ع" (  قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ ) , ما كان المانع لك , (  إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ) , بعبادة العجل .  

أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي{93}
يستمر كلامه "ع" مع اخيه هارون "ع" (  أَلَّا تَتَّبِعَنِ ) , في الغضب لله تعالى ومقارعة الكفر به , وقد كان حريا بك ان تتبعني وتلحق بي , (  أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) , فيها عدة اراء نذكر منها :
1-     (  أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) : بالصلابة في الدين والمحاماة عليه . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
2-     (  أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) : في ما امرتك به في خلافتي فيهم , واصلاح امورهم .  
مما يروى ان موسى "ع" اخذ بلحية هارون "ع" .

قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي{94}
تروي الآية الكريمة جواب هارون عليه "ع" وكان في اربعة محاور :
1-    (  قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ ) : قدم هارون "ع" ذكر امهما , استعطافا واسترقاقا وتهدئة  لغضب موسى "ع" .
2-    (  لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ) : كان موسى "ع" قد اخذ لحية هارون "ع" بيده اليسرى , واخذ شعر رأسه بيده اليمنى .
3-    (  إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) : في النص المبارك يبين هارون "ع" السبب هو انه خشي ان يتفرق بني اسرائيل الى فرقتين , فرقة تلتحق به "ع" ممن لم يعبد العجل , وبدورهم يلتحقوا بموسى "ع" , وفرقة اخرى تبقى عاكفة على عبادة العجل .
4-    (  وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) : ولم تنتظر قولي فيهم , حين قلت لك  { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } الأعراف142 , فأن الاصلاح في حقن الدماء وعدم التفرق والتشرذم , حتى تعود لتتدارك الامر بفعلك ورأيك .    
( عن الصادق عليه السلام أنه سئل لم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته ولم يكن له في إتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب فقال إنما فعل ذلك لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ألا ترى أنه قال لهرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال هرون لو فعلت ذلك لتفرقوا ) .  "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 



 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50242
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19