• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح230 سورة الانبياء الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح230 سورة الانبياء الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ{21}
تضمنت الآية الكريمة بيانا يبدأ بالإنكار (  أَمِ ) , الهمزة هنا للإنكار , (  اتَّخَذُوا آلِهَةً ) , جعلوا لهم آلهة , (  مِّنَ الْأَرْضِ ) , كالحجر والنار وغيرها , (  هُمْ ) , يعود الضمير الى تلك الالهة المزعومة , (  يُنشِرُونَ ) , يحيون الموتى , كلا لا يمكنهم ذلك , لا يحيي الموتى الا هو , اللطيف الخبير , القدير المقتدر .  

لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{22}
تبين الآية الكريمة (  لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ ) ,  لو كان في السموات والارض آلهة غيره جل وعلا , (  لَفَسَدَتَا ) , لبطلتا , وخرج كل شيء عن نظامه , و لتعارضت الارادتين , كتعدد الحكام لدولة واحدة , وهذا مما يثبت ان الاله واحد , (  فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ ) , الخالق الصانع المصور المدبر لكل الاشياء , المحيط بها علما وتدبير , (  عَمَّا يَصِفُونَ ) ,  عما يصفه المشركون به من اتخاذا الصاحبة والولد .      
لو افترض ان هناك الآهين متساويين في القوة , لنفى ذلك تعددهما , وتعارضت ارادتهما , وان افترض ان احدهما قوي والاخر ضعيف , لنفى الضعف الوهية الاله الضعيف , وان افترض عدم وجود الاله , لطرح السؤال البديهي نفسه بقوة ( من الخالق والمدبر والمصر لهذا الكون المترامي الاطراف ؟ ) .
( عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما الدليل على أن الله واحد قال اتصال التدبير وكمال الصنع كما قال عز وجل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا  ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .      

لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{23}
تبين الآية الكريمة (  لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ) ,  من دلائل الوهيته عز وجل انه جل وعلا لا يسأل عن فعله وتدبيره وقضاءه في خلقه , لعظمته وقوة سلطانه وتفرده بالألوهية , (  وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) , بينما هم والهتهم التي اتخذوها من اي شيء كان يسئلون عن افعالهم واقوالهم , لانهم مملوكون .   
( وعن الرضا عليه السلام قال قال الله تعالى يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء وبقوتي أديت اليّ فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذلك إني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذلك إني لا اسأل عما أفعل وهم يسئلون ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .

أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ{24}
تضمنت الآية الكريمة استفهام انكار , كرر استعظاما لكفرهم , (  أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ) , آلهة سواه تعالى عن ذلك علوا كبيرا , (  قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) , قل لهم يا محمد هاتوا برهانكم او دليلكم على مزاعمكم تلك , فلا يصح القول بما لا دليل عليه , (  هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ) , هذا القرآن فيه ذكر ما معي من الرسالة الالهية , وايضا فيه ذكر ما كان قبله من الكتب السماوية , جميعها وحدت الله تعالى , ونفت ان يكون معه شريكا , او الآه مستقل بذاته غيره جل وعلا , (  بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ) , يبين النص المبارك ان الاغلبية منهم لا يميزون الحق من الباطل , (  فَهُم مُّعْرِضُونَ ) , منصرفون عن التوحيد وكل ما جاء به الرسول الكريم محمد "ص واله" .          

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ{25}
تنعطف الآية الكريمة لتبين مؤكدة (  وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ ) , جميع الرسل "ع" الذين كانوا قبلك يا محمد , (  إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ) , يوحى اليه , (  أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ) , يؤكد النص المبارك ان كل رسول سبق النبي الكريم محمد "ص واله" كان يوحى اليه بأن الله تعالى وحده المتفرد بالألوهية , لا شريك له ولا ند , (  فَاعْبُدُونِ ) , فأخلصوا التوحيد والعبادة له جل وعلا وحده .         

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ{26}
تروي الآية الكريمة مقالا للمشركين (  وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ) , وذلك فيما زعمه اليهود ان عزيرا ابن الله , وكذلك النصارى في ان المسيح بن مريم ابن الله , وما ادعاه العرب من ان الملائكة بنات الله تعالى عن كل ذلك علوا كبيرا , (  سُبْحَانَهُ ) , تنزيها وتعظيما له جل وعلا , (  بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) , كل الذين نسبوهم بأنهم اولاد الله تعالى عن ذلك هم عباد مكرمون , كرموا بتوحيدهم لله تعالى وطاعتهم له وعبادتهم اياه جل وعلا .   

لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ{27}
بينت الآية الكريمة امرين :
1-    (  لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ) : لا يتقدمونه جل وعلا بالقول , بل يأتي كلامهم وقولهم بعد قوله عز وجل , وهذا من شيم العبيد المؤدبين ازاء مولاهم الحق تبارك وتعالى .
2-    (  وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) : يبين النص المبارك مؤكدا انهم لا يعملون شيئا الا بعد ان يأمرهم الباري عز وجل به , او يأذن لهم فيه .    

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ{28}
تؤكد الآية الكريمة ثلاثة مطالب رئيسية :
1-    (  يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) : يؤكد النص المبارك على امرين :
أ‌)    ان الله تعالى مجده يعلم ما قدموا واخروا , ما عملوه وما لم يعملوه .
ب‌)    وهم لعلمهم بأن الله مطلع عليهم وعلى اعمالهم , يراقبهم في كل حركاتهم وسكناتهم  , يراقبون احوالهم ويضبطونها , ويسيطرون على انفسهم , ويحكمونها من الاهواء والخواطر الشيطانية وغيرها .  
2-    (  وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ) : يؤكد النص المبارك على امرين :
أ‌)    جواز الشفاعة , والشفاعة لا تكون للمؤمن , بل لأهل الذنوب من المسلمين .
ب‌)    يؤكد النص المبارك ايضا شفاعة الملائكة والرسل والانبياء "ع" ... الخ .
لكن هذه الشفاعة لا تشمل الجميع , بل (  إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ) , لمن ارتضى الله تعالى دينه .   
3-    (  وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) : يبين النص المبارك حالهم , بأنهم من هيبته وعظمته جل وعلا مرتعدون خائفون .       

وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ{29}
تنعطف الآية الكريمة لتبين موضحة (  وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ  ) , من الملائكة او سائر المخلوقين , بأن يدعي الالوهية , ويدعو الناس لعبادته , (  فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ) , يكون جزاءه جهنم بما هو مستحق , (  كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) , بمثل هذا الجزاء نجزي المشركين .     


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=51258
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16