• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة نقدية - تاريخية لكتاب (عمر والتشيع) للاستاذ حسن العلوي (8) .
                          • الكاتب : احمد كاظم الاكوش .

قراءة نقدية - تاريخية لكتاب (عمر والتشيع) للاستاذ حسن العلوي (8)

 الصلاة على محمد.
أن هذه المواضيع وغيرها مما يكتبه العلوي في كتابه هو اشبه بما يكتب على الماء فيجرفه السيل، وان دلت فإنما تدل على الفهم الناقص والغير تام لمثل تلك البحوث والمواضيع, فالأستاذ العلوي غير ملم بالقضاية الفقهية أو الحديثية على الأقل التي قد تبنى عليها مثل تلك الأبحاث الإسلامية إضافة للقران الكريم. وكذالك يدل ما تطرق إليه العلوي من كلام إنما هو مقصود لتوسيع الخلاف أو نصرة جهة دون أخرى - وهذا الأمر واضح جداَ- لأنه غير قائم على البحث العلمي الرصين. ويعتبر العلوي أن هذه الموضوع - الصلاة على محمد - مما زيد فيه بالمرويات والآراء وإنجاب لُغة ومصطلحات تُرضي نزعة الافتراق. بمعنى أن تلك الروايات هي روايات مختلقة اختلقها أهل القطيعة. وأنا لا اعرف ماذا يريد من قوله بان هذه الروايات أو الآراء هي لترضي نزعة الافتراق؟!! وأنا أقول للأستاذ للعلوي أن من تسميهم أصحاب المقاطعة لا يعتمدون على الآراء وإنما على الروايات قطعية الصدور!! هذا بعد القران طبعا. مع إني الفت نظر وفكر الأستاذ العلوي إلى أن هذه الروايات التي يقول بها أهل القطيعة "الشيعة" هي روايات يقول بها أهل المشاركة "السنة" وسنبينها خلال البحث.  
ويستدل العلوي بالآية 56 من سورة الأحزاب حيث يقول:
(..لم يُترك النبي محمد وحده ليصلي الله عليه ويُسلم. فألحق معه الآل أو الأصحاب ولو أن الآية 56 من سورة الأحزاب تقول: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فيكون الأسلم والأجمل أن يصلي الله ويُسلم على نبيهِ دون أن يشترك معه أحدٌ من أهل القرابة والصحابة).
صحيح أن أصل هذه المسألة قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). كما أن هناك آيات أخرى تشترك مع هذه الآية تشير إلى صلاة الله على عباده، مثل قوله: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا). ومع آية ثالثة أشارت إلى صلاة النبي على بعضهم، هي قوله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقد أشار أكثر المفسرين من الفريقين إلى أن صلاة العبد لربّه دعاء وتعظيم، وصلاة الله لعبده رحمة وتكريم بدليل التعليل الوارد (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وصلاة الرسول على المؤمنين هي الدعاء لهم بالخير والبركة. وصلاة الملائكة على الرسول أو المؤمنين دعاء واستغفار.
إلا أن الخصوصية الكبرى من بين تلك الصلوات (العبد لربه, الله لعبده, الرسول للمؤمنين, الملائكة للرسول) هي للرسول الأعظم إذ صلّى عليه، وصلّت عليه ملائكته، وألزم المؤمنين بالصلاة عليه، وكان من جملة ذلك تكريم أُمته التي آمنت به وانصاعت لأوامره، فكانت صلاة الله وملائكته ورسوله عليها رشحة من ذلك التكريم، وقبساً من تلك المشكاة، وخصيصة تمتاز بها هذه الأُمة عما سواها من الأُمم التي جاءت قبلها.
وقد أجمع فقهاء مذهب أهل البيت على عدم جواز الاكتفاء بذكر النبي في الصلاة ووجوب ذكر آله معه، مستدلّين على ذلك بأخبار قطعية وردت في تراث الفريقين معاً، كالخبر المشهور في المصادر السنّية، أنّ النبي (خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال: (فقولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم انك حميد مجيد)، وقد أورد مثل هذا النصّ سائر المفسرين عند هذه الآية: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ...) وفي صيغة الجزم والتأكيد تقف عندما رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة، أنه 9 قال: (لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلّ على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد).
ورغم وفرة هذه الأدلّة وكثرتها وتأكيدها على الجمع بين النبيّ وآله، إلاّ أن الفقه السنّي لم يقطع بوجوب الصلاة على الآل، فهناك من أوجب ذكر الآل في الصلاة عليه وهناك من لم يوجبه، محتجّاً بوجوه واهية، فضلاً عن الاعتقاد بها، كقوله: إن عدم الوجوب أولى لأن (النبي إنّما أمرهم بهذا ـ يعني ذكر الآل مع النبي ـ حين سألوه تعليمهم ولم يبتدئهم به).
والجواب عليه: إن النبي قد يكتفي بسؤالهم في إيراد الأحكام المتعلقة بموضوع المسألة، ولو لم يسألوا لكان قد بادر إلى بيان هذا الحكم الشرعي. وهذه الحالة لها نظائر قرآنية كثيرة أوردها القرآن الكريم بعنوان يسألونك، كما في: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ)، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ)، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)، وغير ذلك، وعلى هذا الادعاء يلزم أن لا يكون لهذه المسائل أحكام شرعية، لو لم يكن يظهر سؤال من الناس عنها، فهل هذا الاستنتاج صحيح؟!!.
وتأكد الأحاديث الشريفة من مصادر علماء أهل السنة على أن الصلاة على النبي غير كافية.
فعن أبي مسعود عن النبي قال من صلى صلاة لم يصل فيها علي ولا على أهل بيتي لم تقبل منه.
وعن علي قال كل دعاء محجوب حتى يصلي على محمد وآل محمد.
وقال الإمام الرازي في قضية الصلاة على الآل: إن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء (أي الصلاة على النبي وآله) خاتمة التشهد وقوله: اللهم صل على محمد وعلى آله وارحم محمدا وآله . وهذا التعظيم لم يوجد في غير الآل فكل ذلك يدل على أن حب محمد وآل محمد واجب - إلى أن قال: - وأهل بيته ساووه في خمسة أشياء :
1 - في الصلاة عليه وعليهم في التشهد.
 2 - وفي السلام.
3 - وفي الطهارة.
4 - وفي تحريم الصدقة عليهم.
 5 - وفي المحبة.
ووجوب الصلاة على محمد وآله لقوله اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم.
فيحصل من ذلك ثبوت مطلوبية الصلاة على النبي في كل آن، ووجوبها في التشهدين من الصلاة، ومن هنا يتضح بطلان الصلاة التي لم يرد فيها الصلاة على النبي.
كما تحصل أيضاً أن المقصود بالصلاة على النبي هي ما ذكر فيها أهل بيته معه، وأن الصلاة الخالية من ذكرهم صلاة سمّاها الرسول بالصلاة البتراء، وقد نهى عنها الرسول نفسه، وبالتالي فالفريضة الخالية من ذكرهم كالخالية من ذكره أصلاً.
قال الإمام الشافعي:
يا أهل بيت رسول الله حبكم **  فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم ** من لم يصل عليكم لا صلاة لــــه
ثم يسترسل العلوي بكلامه قائلا:
فالمشترك الأعظم والأول للمسلمين هو القرآن. فإذا تلي على الناس، فقد يضيعُ على المستمع هوية المقرئ وهوية المكان، هل هو في جامع سُني أم شيعي؟ وتدعو ضرورة الخلاف إزالة الإشكال عند مستمع التلاوة. وقد تم ذلك مؤخراً إذ يعرف القارئ الشيعي عند انتهاء تلاوته بجملة (صدق الله العلي العظيم) بدلاً من (صدق الله العظيم) التي أصبحت سُنيّة.
من الطبيعي عدم ورود مثل هذ ه الأمور في الروايات, لذا فمن الناحية الأولية يمكن الاتيان بأيهما شاء, لكن لما كان في هذه الجملة (العلي العظيم) من زيادة في اجلال و تعظيم الله أولاً, وثانياً لأنها وردت في القرآن الكريم بموردين:
قال سبحانه: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
وقوله سبحانه: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
ولم نجد في القرآن اقتران العظيم بلفظ الجلالة لوحده فقط, لذا كان الأفضل هو الجملة الأولى, أي (العلي العظيم), ولهذا تمسك بها شيعة أهل البيت..
ولا يوجد أي معنى لما يقوله الاستاذ العلوي, والتدقيق في كلامه يتبين مراده.!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=51698
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28