• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما الفرق بين (ليأت ملكوتك) وبين (اللهم عجل بظهور المهدي)؟ .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

ما الفرق بين (ليأت ملكوتك) وبين (اللهم عجل بظهور المهدي)؟

تلك هي امنيات الشعوب وفي مختلف دياناتها وعقائدها أن يأت (ملكوت الله) أي حكومته الأبدية التي سيحل فيها السلام والمحبة بين الناس على يد قادة اخيار عدول منصفين. 
ففي سفر دانيال يحلم اليهود بهذا اليوم ودوّنوه في توراتهم ونرى ذلك واضحا في سفر دانيال 7: 14 ((كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض)).
ومن بين سطور هذه الامنية نرى وضحوحا في الاهداف الكونية التي رسمها الله للإنسان (العبادة) فهذا النص يقول : (لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة) . وهو نفسه النص الذي ورد في القرآن الكريم في سورة الذاريات ؟ 56 : ((وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون)).
في طول المسيحية وعرضها أيضا وعبر افواه ملايينها تتردد نداءات متكررة ملايين المرات كل يوم تطلب من الله ان يُعجل بمجيء ملكوته الذي اوعدهم به نبيهم المسيح عليه السلام فقال لهم : (( الحق أقول لكم : إن من القيام ههنا .. قوما يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته)). (1)
ولذلك فإن عموم المسيحية تُصلي كل يوم وتطلب من الله (أن يأت ملكوته : ((ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض)). (2) اي ان مشيئتك في السماء التي انتشر فيها السلام نطلبها منك أن تكون على الأرض.
وهكذا انتقلت هذه الأمنيات من دين إلى آخر حتى وصلت إلى مرحلة قطافها الأخير على يد الدين الاسلامي ، فكل الديانات السابقة لم تُعين قائدا يتحقق على يديه ملكوت الله وسلامه إلا في المسيحية والاسلام حيث نزول السيد المسيح مع القائم ولغرض قطع الطريق على المتقولين قال السيد المسيح بأن هذا الملكوت لا يبقى في المسيحية بل سوف ينتقل إلى أمة أخرى : (( لذلك أقولُ لكم : إن ملكوتَ الله يُنزعُ منكم ويُعطى لأمةٍ تعملُ أثمارهُ)). (3)
ومن أجل ان لا يتم تفسير قوله فيما بعد بتفاسير تجعل الناس في حيرة قال السيد المسيح وبكل وضوح بأن مملكته ليست في هذا العالم : ((أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم.. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا)). (4)
لماذا مملكته ليست من هذا العالم ؟ بيّن السيد المسيح ذلك أيضا حينما غمز اصحابه بقوله : ((لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود)). (5) أي أن احد اهم اسباب عدم تأسيسه لدولة الملكوت العالمية هو قلة الانصار وخذلانهم له، ولكنه سوف يأت عندما تكون الضروف مهياة حيث يتوفر القائد والانصار فيأت المسيح ناصرا ومعينا. 
وكان السيد المسيح يُكرر عليهم بأن ملكوت الله قد اقترب : ((اعلموا هذا إنهُ قد اقترب منكم ملكوت الله)). (6) ولشدة الحاحه وتأكيده على هذا اليوم العظيم تصور الناس انهُ سوف يحلُّ غدا : ((وإذ كانوا يسمعون هذا كانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر في الحال)). (7)
وكذلك نبههم السيد المسيح إلى أن من لايقبل بهذا اليوم فلن يدخله ولا يكون جزءا منه : ((الحق أقول لكم: من لا يقبلُ ملكوت الله فلن يدخلهُ)). (8)
وهكذا ينتظر العالم كله هذا اليوم فلم يكن هذا اليوم حكرا على الشيعة وليس وحدهم من ينتظر هذا اليوم الذي اكد الانبياء انه بات قريبا جدا ولا يعرف أحد في اي ساعة سوف يأتي النداء ، حتى أن السيد المسيح لم يكن يأمن ان يُداهمه ذلك اليوم كما نقرأ في تحذيره لقومه : ((احترزوا لأنفسكم ــ لكي لا ــ يصادفكم ذلك اليوم بغتة)). (9)
وهذا ما أكد عليه الإسلام في كثير من نصوصه القرآنية منها او من خلال الاحاديث الكثيرة ففي القرآن قال الله تعالى : ((انهم يرونه بعيدا ، ونراهُ قريبا)).(10) وقد اجمع المفسرون على ان المقصود بذلك هو ظهور المهدي.
ولم يكن تحذير السيد المسيح لقومه الوحيد في هذا المجال من أن الذي لايؤمن بهذا اليوم سوف لا يدخله، بل القرآن ايضا كما نقرأ وبكل وضوح : ((هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل)). (11) وهذه الآية نزلت في المهدي (عج). حين يظهر وينزل معهُ السيد المسيح لا يقبل الله من الناس إيمانهم به مالم يكونوا آمنوا به وتحملوا ما تحملوه في انتظارهم له .
من كل ما تقدم نفهم أن قول الشيعة في أدعيتهم : (اللهم عجل الفرج لوليك امرك القائم). لم يكن بدعة ابتدعوها ، بل هي مما جاءت به الاديان وسبقت المسلمين بذلك فهو نفس التضرع الذي يردده المسيحيون كل يوم في صلاتهم : ( ليأت ملكوتك). امنياتُ يطلقها الناس كلٌ حسب عقيدته وإيمانه.
المصادر . 
1- إنجيل متى 16: 28.
2- إنجيل متى 6: 10
3- إنجيل متى 21: 43
4- إنجيل يوحنا 18: 36
5- إنجيل يوحنا 18: 36.
6- إنجيل لوقا 10: 11
7- إنجيل لوقا 19: 11
8- إنجيل لوقا 18: 17
9- إنجيل لوقا 21: 34
10- سورة المعارج : 7.
11- سورة الانعام : 158 .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=52554
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19