حدود سايكس بيكو لا قدسية لها وانتهت , هذا الكلام ليس لأياد السماوي أو مصطفى الحسيني أو علي مارد , بل هو لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني , قاله في المقابلة التي بثّتها قناة سكاي نيوز في مساء الأحد 12/أكتوبر/2014 , حيث قال ( إنّ المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة ولم تبقى قدسية للحدود التي رسمت بعد سايكس بيكو , مؤكدا إنّ تلك الحدود لم تعد كما في السابق في العراق وسوريا ) , وحينها لم نسمع أي من السياسيين الشيعة أو السنّة قد أرتعدت فرائصه وأخذته الغيرة والحمية على حدود بلده التي رسمتها سايكس بيكو , فالمشكلة ليست في كلام مسعود بارزاني , فالرجل كان صادقا ويعي تماما ما يقول وما يريد , وكذلك سنّة العراق الذين لا يقبلوا بحاكم شيعي جاء من الهند مع القوّات البريطانية وسكن العراق , وإنما المشكلة في وعي القيادات السياسية والدينية الشيعية التي انفصلت عن الجسد الشيعي , فهذه القيادات لا زالت حتى هذه اللحظة لا تعرف ماذا تريد وماذا يخطط لها في دوائر صنع القرار الأمريكي .
والقيادات السياسية الشيعية حتى وهي على راس السلطة تمارس التقية ( أي الكذب ) من موضوع وحدة الوطن التي لم يعد لها أي وجود في نفس الكردي أو السنّي أو الشيعي , وهي تعي تماما أنّ الحدود التي رسمتها سايكس بيكو على الرمال , محتها الدماء التي سالت سواء من الشيعة أو السنّة , ولطالما قلنا إذا كان ثمن هذه الوحدة هو هذا السيل من الدماء البريئة والمجازر المروّعة , فلا حاجة لنا بمثل هذه الوحدة , فالوحدة التي تبنى على جماجم ودماء الناس الأبرياء , لن تستقيم ولن يكتب لها البقاء , ولهذا نرى القيادات السياسية الكردية والسنّية لا تخجل حين تطالب بالتقسيم , إلا القيادات السياسية الشيعية التي تمارس الكذب والنفاق بحق أبناء طائفتهم الذين يتعرّضون للقتل والذبح على يد إخوتهم وشركائهم في هذا الوطن , ولو أنذ هذا الكلام الذي قاله مسعود بارزاني قد صدر من سياسي شيعي , لقامت الدنيا ولم تقعد , ولكان أول المتصدين له هي المرجعية الدينية العليا التي تلعب دور أم الولد في العراق , فالذي يقول إنّ داعش هم شأننا هو كبير مراجع أهل السنّة في العراق عبد الملك السعدي , وليس شخصا معتوها كطه اللهيبي الذ قال إنّ الشيعة في العراق قد جاؤوا مع قوّات الاحتلال البريطاني عند دخوله العراق سنة 1914 , أمّا كون الشيعة أبناء متعة فهذه حقيقة مطلقة عندهم يرددها الكبير منهم والصغير .
كاتب هذا المقال كان من أشّد المدافعين عن حدود سايكس بيكو , لكنّ هذه الحدود لم تعد بذات القدسية خصوصا بعد هذه أحداث العاشر من حزيران وما نتج عنها من مجازر بحق أبناء شيعة العراق المدافعين بأجسادهم وأرواحهم عن هذه الحدود , وهذا الواقع الجديد أصبح محل تساؤلات جميع العراقيين عن جدوى التمّسك بهذه الحدود التي رسمها البريطانيون والفرنسيون لأبناء المنطقة , مع هذا القتل والقتل المضاد , ونحن نعيش هذه الأجواء المباركة , أجواء عاشوراء الثورة والشهادة والتضحية , أدعوا كل السياسيين العراقيين الشيعة أن ينتزعوا ثوب التقية ويلبسوا ثوب عاشوراء الشهادة , ويجسدّوا على أرض الواقع شعار هيهات منّا الذلة , ويشرعوا بإقامة دولتهم المستقلّة جمهورية سومر الكبرى . |