• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : الحشد الشعبي وقادته مفخرة الدين والوطن .
                          • الكاتب : الشيخ علي العبادي .

الحشد الشعبي وقادته مفخرة الدين والوطن

    كثيرةٌ هي الآلام والمأساة التي مرت على شعبنا العراقي وخاصةً أتباع أهل البيت عليهم السلام. ولعل إهمها فقدان المبادرة والريادة  في ترتيب البيت الشيعي . وإيجاد لغة مشتركة بين مكوناته السياسية والدينية. حتى بات الإحباط هو السمة السائدة فيه.
وقد تحمل أبناؤه شتى إنواع المحن والتقتيل والتشريد والتجويع والتخبط خلال العقد المنصرف الذي رافق احتلال العراق وتخريب بناه التحتية وانظمته الإقتصادية والإجتماعية. وظلت هذه السمة هي التي تعلو المشهد العراقي وتتفاقم يوماً بعد آخر . تكللت _ بسبب الفراغ الكبير والهوة بين الجماهير و( القادة ) السياسيين والدينيين _ تكللت بإحتلال آخر للبلد من قبل خوارج ومجرمي القرن الحادي والعشرين مرتزقة الشيطان الدواعش.
    ولكن. وهذه من سنن التاريخ ومن سنن الكون.... ان بعد كل هذا التشرذم والتوهان  لاحت في الأفق شمس جديدة ونور جديد تمحور من رحم هذه المعاناة الكبيرة وهو ... انبثاق الحشد الشعبي... !!! .
    فقد برز وبشكل يستحق التأمل والفخر وكإنّ بركان جاءه الطلق فأولد جيشاً عقائدياً فذاً يحمل هم الوطن والدين والعقيدة ...
    نعم... هكذا ومرة واحدة انتفض هذا البركان لينجب أسود الوغى ، وليضربوا المثل الإرقى بين جيوش العالم من حيث الشجاعة والبطولة والإيمان والتنظيم... جيشٌ سطر أروع الملاحم والتضحيات ... جيشٌ لايقاس به أي جيش آخر. فهؤلاء القادة الأمريكان يصرحون بأنهم يحتاجون الى عدَّةٍ كبيرة وعدد أكبر وسنوات ثلاث لكي يقاتلوا الدواعش ويحيدوهم!!! بينما أبطال الحشد الشعبي والقوات الإسلامية المؤمنة أزاحة الدواعش عن طريقها في مدةٍ لا تتجاوز عدد أصابع الكف الواحدة من الأيام.
    وبرز مع هذا الحشد قادة ٌ لم نألفهم سابقا ً ... ليس لهم أسماء ٌ رنانة تصگ الأسماع... ولا رتبٌ عسكرية وبدلات مزركشة يتقاضون عليها ملايين الدنانير... ولا مكاتب فارهة مدججة بالحراسات والمصفحات... كلا...
 قادةٌ ماعهدناهم من أصحاب التصريحات ولا تصاوير تباع في الأسواق وترفع في المناسبات... يتقاتل عليها الإعلام والأتباع... ولا تسير خلفهم وأمامهم العشرات من السيارات تثير الغبار وتزمجر أبواقها لترعب الفقراء والمارة والزائرين.،...
نعم قادةٌ بسطاء تركوا مكاتب التفاخر لأهلها...
 ورفاهة المساكن لروادها...
و وسائل الإعلام لمحبيها...
 والبدلات والأزياء الفاخرة لمن كانت همه ومبتغاه.
خلعوا كل ذلك ... ورموه وراء ظهورهم  ولبسوا بدلا ً منه أرواحهم وقلوبهم ... وتوسدوا الأرض والتحفوا السماء لكي تكونا لهم فراشاً وغطاء...
    تركوا خلفهم كل النعيق والزعيق ... وكل التفلسف والسفسطة والتسقيط ... وكل التخبطات والتأويلات التي يعيشها من لا يفهم معاني الوطن والدين والمذهب. ولم يمر بتجارب الحياة العميقة . ولم يفهم متى ينام ومتى يستيقظ.
    تركوا كل ذلك ليعيشوا مع أبطال الحشد الشعبي لحظات القتال... لحظات الموت... لحظات وداع رفيق السلاح وهو يسقط بين يديه ليروي أرض الوطن من دمائه الزكية... لحظات دگ الرؤوس العفنة التي أرادت تدنيس أرضنا وتلويث هوائنا واستباحة مقدساتنا.
    نعم... برز جيش عقائدي حقيقي بقيادة  ميدانية حقيقية ... ومع ملاحظة التداخل السياسي والعسكري الداخلي والإقليمي والعالمي فإن بروز هذا النوع يعتبر مفخرة وطنية . ومفخرة للدين والمذهب. لأن المعترك خطير جدا . والمزالق كثيرة سقط فيها أغلب المتصدين. إلا هؤلاء النفر المتميز الذي وُفِقَ حقيقة ً لهذه المهمة الربانية والوطنية. وباتت الأمور تسير بشكل إيجابي منسجمة ًمع الإرث الحضاري لهذا الدين القويم والمذهب الشريف. فصار حديث الناس والشغل الشاغل للكثيرين. يفتخر به أتباع أهل البيت سلام الله عليهم
نعم ....
  فلازالت كربلاء منبع استلهام المعاني العبقة المنتقاة من عمق الشهادة والإباء.
    ولا زالت أقدام ُ أبي الفضل العباس تعطر شواطئ الفرات وسعفات النخيل...
    ولازال شسع نعل القاسم يرتسم على هامات أشباه الرجال  بكل أنفة ٍ وعنفوان...
    ولا تزال الرجال تكحل النواظر بصولات المجد والخلود... لكي تترنم بها عيون الأحفاد وتاريخ الأمجاد.
    فليكن مايكون ... فإن السهم خرج من القوس وأصاب الهدف . ولعمري أنه غاية المنى وقرة الأعين.
    بوركت سواعد الأبطال وصولات الرجال ... أحفاد المصطفى الأمجد... والكرار الأوحد،..
    بوركت بقايا الطف ممن لا يزال عباسها يصول فيهم بلا وجل ولا تردد...
    بوركت سرايا المجد القادمة من عمق التاريخ لتقول للحاضر لنا اليوم ولنا الغد...
    بوركت بساطيل المؤمنين لتطأ هامات الأقزام أحفاد عبيد صفين من أولاد هند...
    نم قرير العين يا وطني
    فلا زال شسع نعل القاسم يرتسم ُ على هامات أشباه الرجال بالأمس واليوم وغدا
       ومن خلال هذه المعطيات لابد من استثمار هذا التحول الحاصل على الأرض والمشهد الجديد وتحويلة إلى حالة إيجابية شاملة. حالة تنقل البلد من حاله الراكدة  السيئة المملة إلى حالة جديدة تعيد الحياة لمفاصله كافة. حالة تلغي فيه الإمتيازات والطبقية المقيتة التي رسمتها الوجوه الباردة والتي اعتلت مقاليد القرار والتنظير. حالة تجعل الضوابط التمييزية على أسس صالحة للتمييز وليس على أساس المنصب والإنتماء والعنوان .
إذ لابد من نقطة بداية لكل تصحيح بعد إنحراف وضياع. وأتمنى _ مثلما هي حقيقة _ أن ما نحن بصدده يصلح وبشكل كبير ومناسب ليكون نقطة الإنطلاق للتصحيح بعد الإنحراف... فقد حصلت قبل ذلك فرصة ذهبية وهي انتصارات ( آمر لي ) أو كما يحب أن يسميها البعض ( أمير علي ) . وكم تمنينا أن تكون فرصة لدعاة الوطن والدين والمذهب ولكنهم أهدروها بسبب التيه الذي يعيشونه وغلبة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء.
وها هي الفرصة الآن  الأكبر والأروع على الإطلاق لتكون نقطة التحول والإنطلاق في تصحيح المعادلة التي فقدناها لأسباب لا أخب تكرارها. ولا أعتقد أن الفرص تتكرر دائما ً بلا توجيه إلهي رباني... وأني لأظن أن الله تعالى يمنحنا إياها إلاّ لأجل أن نستثمرها من أجل الخير والتصحيح... وأجزم بأن المولى تبارك وتعالى ليس عليه هيناً سفك دماء أتباع أهل البيت بلا ثمن تستحقها. ولعل الحياة الحرة الكريمة مبتغى ومحل نظر المولى تقدست أسماؤه. والدولة الكريمك حلم الأنبياء والأولياء كما جاء في الدعاء المبارك ( اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة ).
    فإذن لابد لنا أن نجعل  هذه الفرصة ثمناً تستحقه تلك الدماء المسالة على أرض الأنبياء. وأن نجعل للأرامل واليتامى والفاقدين لمحبيهم سبباً يتفاخرون به يضاف لإنتصارات ذويهم وينسجم مع فداحة مصاباتهم وهو التغيير المنشود نحو العراق الجديد الذي يستحقه العراقيون جميعا ً.

    وبعد كلِّ هذا لابد أن نلتفت لعدة أمور :

أولاً... نسجل إعجابنا الشديد وتأييدنا المطلق لهؤلاء الفتية الذين تسابقوا ويتسابقون بشكل دائم لتسطير أروع الملاحم البطولية بالشجاعة وفنون القتال. والذين ضربوا أروع الآمثلة بالصبر والتحمل والوفاء.
ثانياً... ونسجل إعجابنا وامتناننا لقادة الحشد الشعبي الميدانيين ومن كان وراءهم من المختفين عن الإعلام والذين لهم الدور الكبير بل ولعله الرئيسي في حسم المعارك من حيث الدعم اللوجستيي من تسليح وتدريب وتسهيل الوصول لأرض المعركة.
ثالثاً... نحن نعلم أن المعارك بحاجة الى سلاح حديث وفعال وذي تقنية عالية حتى نجابه به العدو. فإذا ما علمنا بإن العدو الداعشي مدجج بسلاح حديث ومتطور وآليات عسكرية عالية الجودة والإمكانيات حصل عليها ممن أدخله أرضنا ومستمر في تمويله وبشكل يومي ، علمنا ثانيةً بأن من يقف وراء تسليح الحشد الشعبي البطل وتمويله بالسلاح الحديث وديمومة هذا الدعم اللامتناهي بالعدة والعدد يستحق الشكر من الله تعالى ومنا له خالص الشكر والإمتنان لهذه المواقف التي سوف يخلدها التاريخ وتذكرها الأجيال. ولا أظنها جاءت من سياسي الصدفة ولا من المتخاذلين ولا من الإنهزاميين أو المتربصين لإخوانهم ... ولعل الأمر لا يحتاج لا الى التصريح ولا حتى التلميح.
رابعا ً... ونعلم جيدا ً أيضاً بأن الوضع الإقليمي والدولي تشكل الآن بقوى عسكرية تتناسب مع الأخطار التي تحيط به. وبلدنا يفتقر وبشكل كامل لهذا العنصر وهو وجود جيش متكامل يساهم في حفظ أمنه وحدوده أمام تلك التحديات. والحشد الشعبي المبارك مع القوات الأمنية الحالية الآن بإمكانه أن يكون هذا العنصر المفقود وذلك من خلال النظر إليه على أنه جيش العراق الجديد بإضفاء الصفة الرسمية عليه وعلى قياداته بعد إجراء التعديلات اللازمة التي تتناسب معه. وبذلك نكون قد كسبنا جيشاً قوياً وذا تجربة حقيقية في القتال وقادةً أثبتت وطنيتها وقدرتها وجاهزيتها لمثل هذه المهمة الوطنية الكبيرة.
خامسا ً...لابد من أن تفرز هذه الأحداث واقع جديد للعراق.على الخارطة السياسية وادارة الدولة العراقية. وفق المعطيات الحالية بما ينسجم والوضع الراهن... فمن غير الممكن ولا المعقول أن تبقى الكتل السياسية الحاكمة في مواقعها الحالية متنعمة بخيرات البلد ومتسلطة على مقدراته وقد اثبتت هذه الإحداث عدم استحقاقها لإدنى مراتب البقاء.
سادسا ً... ويتفرع من النقطة السابقة إن تقول الجماهير كلمتها بتغيير الخارظة السياسية للإشخاص والكتل والأحزاب . وأن تكون الكلمة الفصل بيد الحشود التي قاتلت وضحت بأن تختار نوع الحكم الذي ينسجم مع هذه المواقف الأخيرة.
سابعا ً... وهذه لعمري أهم النقاط وهو أن يكون هذا الجيش المقدام المكون من الحشود الشعبية متواجداً بشكل فعال في توجيه البوصلة نحو العراق الجديد الخالي من مرتزقة السياسة والناهبين المال العام والمتسلطين بلا رادع ولا ورع. وان لا يغادروا ثكناتهم العسكرية الا بعد ان تحسم الأمور في سن القوانين التي تجرد الساسة من كافة الإمتيازات التي حولتهم الى اباطرة وقياصرة وتقنين القوانين التي تنظم حياة الناس وبشكل ينسجم مع كرامتهم . ومحاسبة المقصرين ومحاكمة المتآمرين والمتخاذلين وابعاد من لايستحق التواجد في المكان المناسب.
وكذلك مراجعة الدستور في صياغة جديدة تنسجم مع الإغلبية المضحية والتي لها القول الفصل في بناء البلد والحفاظ على ممتلكاته وإرثه دون المساس بحقوق المواطنين بكافة قومياتهم وإنتماءاتهم ومذاهبهم.
    وأخيراً... أرجو أن لاتضيع جهود الأبطال بعد انتهاء المعارك وتجييرها لمن لا يستحق . لأننا نعلم جيداً بأن إصحاب القداسات والمناصب والريادات سيظهرون مرةً إخرى بعد ( النفاه) ليتبجحوا بأدوارهم الكارتونية في حصول الإنتصارات وليحولوا أنفسهم الى قادة من جديد وهم يشترون بعض ساعات البث من بعض القنوات الفضائية بآلاف الدولارات لكي يظهروا بمظهر يغسلون به عار الإنبطاح والإنهزام بكل ما آتاهم الشيطان من قوة.
     سيسجل التاريخ بأحرفٍ من نور تلك المواقف البطولية الفذة التي وقفتها حشودنا الإيمانية الشعبية بمعية القوات الأمنية يوم تنادت أصوات الحق لدفع الظلاميين القادمين من جحور البغايا التي لفظتها الأرحام القذرة .
 وسيعلم القاصي والداني بأن الوطن تعرض لأسراب الغربان
لتفتك بأرضه وسمائه،
ولتيتم بناته وأبنائه وترمل نسائه
 فهب أحفاد الكرار ، وأبناء الحسين ، ممن تسلح بالعقيدة والإيمان حاملين أرواحهم على أكفهم
 غير آبهين بنعوت السفهاء الذين وصفوهم بغير العقائديين
ولا بصراخ المسخ الذين نسبوهم لأقاصي آسيا تارةً وتارة ً أفريقيين.
نعم ليعلم العالم إجمع، اليوم اليوم وليس غداً...  بأننا أتباع إهل البيت عليهم السلام وأبناء الزهراء البتول هم فقط من تكفلوا برفع الحيف والضيم لتطهير الأرض من قذارة بقايا أصحاب التاريخ المظلم أحفاد آكلة الأكباد وحملة الرؤوس الطاهرة على رماح البغي والجور.
سجّل إيها التاريخ... لكي لاتنسى الأجيال القادمة بطولات أبناء الرافدين ، أبناء العقيدة . أبناء الأمهات الطاهرات والآباء الكرام.
سلاماً أيها الوطن... سلاماً أيها الأرض الكريمة...
سلاماً أيها الشهداء... يامن سققيتم بدمائكم إرض الإجداد...
سلاماً أيها الأبطال المعانقين حور البنادق والمدافع والرماح...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59368
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29