• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بين " لِيَأتِ ملكوتك" و "اللَّهم كن لوليك" .
                          • الكاتب : رئبال عبد الكريم .

بين " لِيَأتِ ملكوتك" و "اللَّهم كن لوليك"

هذا هو رجاء الشعوب على مختلف دياناتهم، أن يأت ملكوت الله أي دولته العالمية العادلة التي ستتحقق على أيدي المؤمنين الخلص.
إن قضية الدولة الأخيرة أو الدولة السابعة (نسبة لنبوءة يوحنا في سفر الرؤيا 17: 10عن الملوك السبعة) لها حيّز مهم في مختلف الأديان، و ذلك ان هذه القضية تمثل آخر فصل من فصول المسرحية الكونية، التي بدأت مع مُلك النبي آدم (ع) على الأرض "و اذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة"( سورة البقرة 30) ، و تكون خاتمتها مع الحكم العالمي للمؤمنين في ظل المخلص المنتظر.
"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" (سورة القصص 5)
 " ولقد كتبنا في الزبور(كتاب النبي داود و هو كتاب المزامير)  من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين"( سورة الأنبياء 105)
"الصدّيقون يرثون الأرض و يسكنونها إلى الأبد" (سفر المزامير 29:37)
،لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عينه، مقدما للجميع"( سفر اعمال الرسل 31:17)
يحلم اليهود بمجيء هذا اليوم ،يوم الدينونة او يوم الهلاك العظيم حيث – حسب زعمهم-  معصرة خمر الرب على البشر، يوم أرمكدون ، يوم ينزل الله جام غضبه على الناس و يهلك الأرض في ذلك اليوم العظيم المخوف و ينجي شعبه و بعض الناس ليكونوا خداماً لشعبه المدلل. "فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور، وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشا، ويحرقهم اليوم الآتي، قال رب الجنود، فلا يبقي لهم أصلا ولا فرعا"(ملاخي 1:4)
"وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ اضْطِرَابًا عَظِيمًا مِنَ الرَّبِّ يَحْدُثُ فِيهِمْ"( زكريا 14: 13)
يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ. يَأْتِي كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.( إشعياء 13: 6، يوئيل 1: 15)
عموم المسيحيين يصلون كل يوم و يطلبون من الله :"ليأت ملكوتك .لتكن مشيئتك  كما في السماء كذلك على الأرض"(متى 6: 10، لوقا 11: 2)
و كذلك يدعوا بعض المسلمين (الشيعة الامامية الاثناعشرية فقط) الله لتعجيل فرجهم بتحقق هذا اليوم :
"اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (المهدي) صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظاً وقائدًا ونآصراً و دليلاً و عيناً حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا."(من دعاء الفرج)
"...اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمَّل و العدل المنتظر و حفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يا رب العالمين..استخلفه في الأرض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له ...( من دعاء الافتتاح)
"...أين أعلام الدين و قواعد العلم، اين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية، اين المعد لقطع دابر الظلمة...اين صاحب يوم الفتح و ناشر راية الهدى ..اين الطالب بذحول الأنبياء...با ابن البدور المنيرة، يا ابن السرج المضيئة ، يا ابن الشهب الثاقبة، يا ابن الانجم الزاهرة ... متى ترانا و نراك..."( من دعاء الندبة)
ويدعوا المسلمون الشيعة اللهَ ان يبعثهم من قبورهم مأتزرين اكفانهم لنصرة القائم. والغريب في الامر أن هذا الدعاء يبدأ بذكر التوراة والانجيل والزبور كما في دعاء العهد:" اللهم رب النور العظيم ورب الكرسي الرفيع ورب البحر المسجور ومنزل التوراة والانجيل والزبور ــــ إلى قوله ـــ اللهم ان حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي.."

لقد كانت بعثة السيد المسيح (ع) إنذارا أخيرا للبشرية ، للتحذير من اقتراب موعد الدولة العالمية و انتهاء عصر الأزمنة بمجيء آخر نبي من سلالة الأنبياء( كما قال النبي محمد ص :بعثتُ و الساعة كهاتين. و ضم السبابة و الوسطى ) .
فكل الديانات اكدت على ان هذا اليوم على الأبواب و انه قريب جدا :
"وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ(إشعياء 13: 6)
لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ. وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ(حزقيال 3:30)
آهِ عَلَى الْيَوْمِ! لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ (يوئيل 1: 15)
فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ(عوبديا 1: 15)
قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمِ. قَرِيبٌ وَسَرِيعٌ جِدًّا.( صفنيا 1: 14)
"تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ"(متى 2:3،17:4)
"وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ."(متى 10: 7)
"قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ"(مرقس 15:1)
و لكثرة تأكيد السيد المسيح على اقتراب هذا اليوم  :" كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ."(لوقا 11:19)
"لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ"(سفر الرؤيا 10:22)
"هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا"(سفر الرؤيا 20:22،13:22،7:22)
"اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ"(سورة الأنبياء 1)
"اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ"(سورة القمر 1)
" انهم يرونه بعيدا و نراه قريباً" (سورة المعارج 6-7)

بعد ان اثبنتا ان الدعوة الإلهية على مر الازمان لم تخلُ من فكرة وراثة المؤمنين للأرض ، و تأكيدها على اقتراب ذلك اليوم ، نلاحظ ان الكتب المقدسة اولت شخصيتان عظيمتان اهتماما كبيرا في تحقيق ذلك اليوم ، و هما – و ليس مصادفة – من اسباط النبي داود الملك (  )(ع) ("ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق" سورة ص 26)
ليست المسيحية الوحيدة التي تؤمن بعودة المسيح (ع) الى الأرض بل القرآن الكريم اكد ذلك في آية واضحة:
" إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ." (سورة آل عمران 45-46)
ففي المهد تكلم السيد المسيح (ع) و هو عمره 3 أيام عندما عادت السيدة مريم الى قومها (سورة مريم 30) ، فكان كلامه شاهدا على طهارتها و ان ولادته كانت معجزة حتى يكون ذلك دليلا و حجة على اليهود الذين لم يكونوا على دراية بما حصل مع السيدة مريم (ع) في حملها من الروح القدس. أما "كهلا" أي ان المسيح سيكلم الناس في مجيئه الثاني عندما يكون في عمر الكهولة و هو العمر ما بين ال 45 و ال55 عاما .
و قد اكدت ذلك مئات من احاديث الرسول و اهل البيت (ع) . و هذا من صلب العقائد الإسلامية .
وقد اشار الكتاب المقدس ذاته الى هذه الثنائية التي ستحكم العالم و تحقق دولة العدل في آخر الزمان . وورد ذكرها في  اول اصحاح من تتمة سفر استير على لسان النبي مردخاي:" 10و امر ان يكون سهمان احدهما لشعب الله والاخر لجميع الامم،11فبرز السهمان امام الله في اليوم المسمى منذ ذلك الزمان لجميع الامم." فرجل لشعب الله اي لبني اسرائيل (قال المسيح في سفر متى 15: 24 :"لم ارسل الا لخراف بني اسرائيل الضالة "، وهذا نفسه ما ورد في القرآن في سورة الصف 6 :"وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَـٰبَنِىٓ إِسۡرَٲٓئيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم")،  ورجل لجميع الامم (من هو ان لم يكن المسيح ع؟)، وقد ادخر الله هذين الرجلين لآخر الزمان و تم تعيينهما منذ البدء.
"لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هِيَ مَرَّةٌ، بَعْدَ قَلِيلٍ، فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ،وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا" (حجي 6:2-7)
و وردت هذه الثنائية في رؤيا للنبي دانيال (ع) عند شاطئ الفرات ايضاً في سفره الاصحاح 12 حيث يقول:" وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ.... فَنَظَرْتُ أَنَا دَانِيآلَ وَإِذَا بِاثْنَيْنِ آخَرَيْنِ قَدْ وَقَفَا وَاحِدٌ مِنْ هُنَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، وَآخَرُ مِنْ هُنَاكَ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ.،وَقَالَ لِلرَّجُلِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ الَّذِي مِنْ فَوْقِ مِيَاهِ النَّهْرِ: «إِلَى مَتَى انْتِهَاءُ الْعَجَائِبِ؟»،فَسَمِعْتُ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ الَّذِي مِنْ فَوْقِ مِيَاهِ النَّهْرِ، إِذْ رَفَعَ يُمْنَاهُ وَيُسْرَاهُ نَحْوَ السَّمَاوَاتِ وَحَلَفَ بِالْحَيِّ إِلَى الأَبَدِ: « إِنَّهُ إِلَى زَمَانٍ وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفٍ. فَإِذَا تَمَّ تَفْرِيقُ أَيْدِي الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ تَتِمُّ كُلُّ هذِهِ».وَأَنَا سَمِعْتُ وَمَا فَهِمْتُ. فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدِي، مَا هِيَ آخِرُ هذِهِ؟»
فَقَالَ: «اذْهَبْ يَا دَانِيآلُ لأَنَّ الْكَلِمَاتِ مَخْفِيَّةٌ وَمَخْتُومَةٌ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ.كَثِيرُونَ يَتَطَهَّرُونَ وَيُبَيَّضُونَ وَيُمَحَّصُونَ، أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَفْعَلُونَ شَرًّا. وَلاَ يَفْهَمُ أَحَدُ الأَشْرَارِ، لكِنِ الْفَاهِمُونَ يَفْهَمُونَ.وَمِنْ وَقْتِ إِزَالَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَإِقَامَةِ رِجْسِ الْمُخَرَّبِ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَتِسْعُونَ يَوْمًا.
طُوبَى لِمَنْ يَنْتَظِرُ وَيَبْلُغُ إِلَى الأَلْفِ وَالثَّلاَثِ مِئَةٍ وَالْخَمْسَةِ وَالثَّلاَثِينَ يَوْمًا.أَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ إِلَى النِّهَايَةِ فتَسْتَرِيحَ، وتَقُومَ لِقُرعَتِكَ فِي نِهَايَةِ الأَيَّامِ».
واللافت ان النبي اشعياء (ع) و بولس الرسول(مقتبساً عن اشعياء)، اعطيا للشخص الآتي مع المسيح (ع) اسماً وهو "القائم".  و لعمري لا يوجد شخص اسمه القائم الا الامام المهدي (عج) و هذا لقب شهير له عند الشيعة . النص المذكور فيه هذا الاسم موجود في سفر اشعياء 11 : 4، و رسالة بولس لاهل رومية  15 : 12 مع اختلاف بسيط في النصين : " وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا"،" يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى، وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ، عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ"
ووجد ذكر المسيح  (ع) و المهدي (عج) في احدى الترانيم(مديح لوالدة الاله الشافية من السرطان بهنام كيلي النرجسة المنقذة في الايام الصعبة ص213 طبع دمشق 1967) الواضح معناها :" وساقها قدرها(نرجس ام الامام المهدي التي ولدته قرب شاطئ الفرات وهي مسيحية بنت ملك الروم يرجع نسبها الى النبي داود عبر شمعون الصفا وصي عيسى) الى مدينة السرور على شاطئ اويفرات (الفرات) لتضع وليدها (المهدي) الذي سيسافر مع الماء عبر بئر الحياة، حتى اذا رأى اخيه ( السيد المسيح) نازلا من الملكوت على اجنحة الكروبيم ،عندها سيسوقا (المسيح و المهدي) العالم بعصا من الغضب وويل للامة الملعونة من غضبهم ،أعداءه (اليهود و قوى الشر) صخرهم باعهم و الرب سلمهم (وهذه العبارة الاخيرة نفسها وردت في سفر التثنية 32 : 30  ان في ذلك اليوم الصخور و الحجارة ستخبر عن اليهود و تقول خلفي يهودي اقتله) "


في الختام، يجب الانتباه الى مسألة مهمة جدا، وهي دورنا في عصر انتظار سبطي داود. فيوم الخلاص قريب و لكن هل نحن من الوارثين له ؟
من قال اننا عند ظهور المسيح و المهدي عليهما السلام لن نحاربهما او نقف سدا منيعا في وجههما؟
ان كل امة كانت تنتظر نبيها ثم بمجرد ان يظهر تكفر به، بل تتفق على قتله و التخلص منه. فكيف بنا نحن بلا نبي و لا امام و لا  وصيّ.
موسى عليه السلام  بعد ان اخرج اليهود من مصر كفروا به و بربه ،فقد جاء في سفر الخروج 14: 10-12 :" ولما قرب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم فإذا المصريون في أثرهم، فخافوا جداً وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب وقالوا لموسى : أمن عدم القبور بمصر أخرجتنا لنموت في البرية؟ ماذا صنعت بنا فأخرجتنا من مصر؟ أليس هذا ما كلمناك به في مصر قائلين دعنا نخدم المصريين فإن خدمتنا لهم خير من أن نموت في البرية."
وعندما وصلوا إلى أرض فلسطين وعرفوا الكنعانيين والحثيين واليبوسيين وسائر الشعوب المقيمة في فلسطين وما حولها، أصابهم الوهن أكثر، ووجدوا أن هؤلاء الأقوام عمالقة وأنهم معرضون للهلاك على أيديهم فعبّروا عن خوفهم وجبنهم بطريقة أكثر خزياً من تعبيرهم عندما كانوا في البرية بعد الخروج من مصر : "فرفع كل الجماعة أصواتهم وصرخوا، وبكى الشعب في تلك الليلة وتذمر على موسى وهارون جميع بني إسرائيل وقال لهما كل الجماعة : يا ليتنا متنا في أرض مصر، يا ليتنا متنا في هذه البرية، لماذا أتى الرب بنا إلى هذه الأرض حتى نسقط تحت السيف وتصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة، أليس خيراً لنا أن نرجع إلى مصر" (سفر العدد، 14: 1-3. 14: 10-12.)
" قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ،قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين"(سورة المائدة24- 26)
 و لم تجف اقدامهم من ماء البحر الاحمر حتى قالوا للنبي موسى(ع) بعدما شاهدوا اصنام هؤلاء الاقوام:" يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة،قال انكم قوم تجهلون."(سورة الأعراف 138)
وعندما غاب موسى عن قومه أربعين ليلة لميقات ربه ،رجع موسى غضبان اسفاً بعد ان انقلبوا عن عبادة الله و عبدوا عجلا مسبوكا(  ) من ذهب و حلي المصريين التي  كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به، وعندما أمروا بالخروج حملوه معهم.( سفر الخروج 32، سفر اعمال الرسل 41:7،سورة طه88 ، سورة الأعراف  148)
ثم كاد اليهود ان يقتلوا اخاه هارون (ع):" قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي"( سورة الاعراف 150)
ويحيى بن زكريا عليهما السلام (يوحنا المعمدان)، يُذبح وحيدا و يُهدى رأسه الى هيرودوس الطاغية. وقد اشار الامام الحسين (ع) ذبيح شاطئ الفرات الى ذلك خلال مسيره الى كربلاء حيث كان يكثرمن القول: " "يا عبد اللَّه، إن من هوان الدنيا على اللَّه تعالى، أن رأس يحيى بن زكريا يُهدى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، وأن رأسي يهدى إلى بغي من بغايا بني أمية! أما علمت أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبياً! ثم يبيعون ويشترون، كأن لم يضعوا شيئاً.." ( مقتل الحسين للمقرم)

 و روح الله المسيح (ع) تركه تلامذته في احنك الساعات وقت كان حزيناً ، و لم يؤمن به حتى اقاربه و قالوا عنه انه مجنون و تآمر قومه عليه لقتله : "إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ " (يوحنا 1: 11)، "فَقَالَ لَهُمْ: نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا... ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟...ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ..( متى 26، مرقس14)،" وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ مُخْتَلٌ!."( مرقس 3: 21).
"لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ"(متى 13: 57،لوقا 24:4،مرقس 6: 4)
و محمد (ص) خذله اصحابه في معظم ساعات الشدة الا الامام علي (ع)، حيث هربوا  يوم أحد و جبنوا يوم الخندق حيث جاء الذم الالهي لهؤلاء "الصحابة" قائلاً:"  قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لّا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلا،قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا،قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلا"(سورة الاحزاب16-18) و غيرها ولم يجد الا الامام علي (ع) محامياً و ناصرا مع قلة من المخلصين.
و مات مسموماً(كما يقول الشيعة)، غاضباً على امته لمخالفتهم اوامره قبل ثلاثة ايام من استشهاده ( تكفي حادثة رزية يوم الخميس عندما وصف عمر بن الخطاب الرسولَ بأنه يهجر او يهذي، و حادثة سرية اسامة ) و علمه بمظلومية اهل بيته بعده.
و الامام علي (ع) جرى ما جرى معه من آلام  ، بعد عهد رسول الله (ص) اليه ان الامة ستغدر به بعده (مستدرك الحاكم ج3 ص150) و هو يعلم ان بعد سنين سيذبح بنو امية ابناءه كما تذبح الشاة في كربلاء، وضُرب بالسيف على راسه في محراب صلاته ساجدا عند سَحَر يوم الجمعة في التاسع عشرمن شهر رمضان ، و فارق الحياة على اثر الضربة في ليلة 21 ،اول ليلة من ليالي  القدر.
و الحسن بن علي (ع) مات مسموماً.
و الحسين بن علي (ع) خذله الناس ، كشاة سيق الى الذبح، استشهد مع 72  رجلاً فيهم ابناؤه و ابناء اخوته و ابناء عمومته و اصحابه (بينهم اثنين مسيحيين : جان و وهب الانصاري) مذبوحين عطاشى عند شاطئ  نهر الفرات.

يصف الامام جعفر الصادق (ع) حال البشر في آخر الزمان :"ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرى و لا امام هدى ، لا ينجو منها الا من دعا بدعاء الغريق و هو : يا الله يا رحمان يا رحيم ثبّت قلبي على دينك". (مفاتيح الجنان للقمي فصل النهي عن التصرف في الادعية نقلا عن الشيخ الصدوق)
و الى ذلك اشار النبي موسى (ع) في قوله محذراً من كيد فرعون  :" وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ".(سورة يونس 88)
فالمغريات التي يملكها الانبياء الكذبة الذين حذر منهم المسيح (ع):" فأجاب يسوع وقال لهم : انظروا لا يضلكم أحد،فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح ويضلون كثيرين" (متى 4:24، مرقس 5:13)، قد تفتن الناس و تجر بهم نحو الوقوف في خندق اعداء الله رغبة أو رهبة .
و أضاف السيد المسيح(ع) :" حينئذ إن قال لكم أحد: هوذا المسيح هنا أو: هناك فلا تصدقوا،لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا"(متى 23:24-24)
حذر روح الله المسيح (ع) في الآيتين السابقتين من  فتنة الأعور الدجال (العين شعار الماسونية)  الذي يخرج في آخر الزمان معلناً- كذبا و زورا- انه هو المسيح .
و هذا الدجال  يؤمن به اليهود (المشيا العسكري) و الذي  يزعم اليهود انه سيؤسس لهم دولتهم ويحقق لهم احلامهم في حكم العالم واتخاذ البشرخداماً لهم حراثين اراضيهم وجامعين لكرومهم (   ).
و الدجال هو" الشرير " الذي طلب السيد المسيح من الناس الصلاة للنجاة من شره و فتنته في آخر الزمان كما في صلاة الابانا قوله :" نجنا من الشرير"(متى 13:6، لوقا4:11)، و قوله "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ" (متى19:13)
و في إنجيل يوحنا 5 : 43"أنا قد أتيت لكم باسم الله ولستم تقبلوني، إن أتى آخر بإسم نفسه فذلك تقبلونه".
 فأشار السيد المسيح إلى أن هناك مسيحا آخر سوف يأتي يقبله اليهود .
تم الرمز الى الدجال في سفر الرؤيا  "بالوحش" : " وسجدوا للوحش قائلين: من هو مثل الوحش؟ من يستطيع أن يحاربه؟ وأعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف، وأعطي سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا.ففتح فمه بالتجديف على الله، ليجدف على اسمه، وعلى مسكنه، وعلى الساكنين في السماء.وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم، وأعطي سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة.فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض،وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع، إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه.هنا الحكمة! من له فهم فليحسب عدد الوحش وعدده: ستمئة وستة وستون من له أذن فليسمع".(سفر الرؤيا 13)
 إذا، فإن الدجال سوف يمتلك امكانيات هائلة ، امكانيات دول كاملة بحيث ان كل البشرية سوف تسجد له لما تراه من جبروته وقوته وامكانياته الهائلة ، واول اهدافه هو نشر الكفر والالحاد "واعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطي سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا.ففتح فمه بالتجديف على الله، ليجدف على اسمه، وعلى مسكنه، وعلى الساكنين في السماء" (سفر الرؤيا 13: 5)  والفم هنا هو وسائل الاعلام الهائلة التي سوف يسخرها الدجال في نشر الكفر والالحاد.
ثم يُبين لنا يوحنا هدفا آخر لهذا الدجال فيقول في 19: 19 "ورأيت الوحش وملوك الأرض وأجنادهم مجتمعين ليصنعوا حربا مع الجالس على الفرس ومع جنده".
من اهم علل رجوع المسيح (ع) إلى الارض ، حيث في حضوره الأول لم يستطع اكمال مهمته لوقوف اليهود والوثنيين والدولة الرومانية ضده، هي القضاء على  الدجال وانقاذ البشرية من شرّه والتمهيد للحكومة العالمية العادلة.
فيتفق الدجال وجنود ابليس على قتل المسيح عليه السلام، فيحاربونه و لا يقدرون عليه "لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُنْقِذَكَ"(ارميا 19:1)
وأشار بولس الرسول إلى الدجال بشكل واضح في رسالته الثانية الى اهل تسالونيكي ،الاصحاح الثاني:" أن يوم المسيح قد حضر.لا يخدعنكم أحد على طريقة ما، لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولا، ويستعلن إنسان الخطية، ابن الهلاك (الدجال )المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا، حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله، مظهرا نفسه أنه إله .أما تذكرون أني وأنا بعد عندكم، كنت أقول لكم هذا .والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته لأن سر الإثم الآن يعمل فقط، إلى أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن ،وحينئذ سيستعلن الأثيم، الذي الرب يبيده بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة، وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم، في الهالكين، لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا .ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال، حتى يصدقوا الكذب،لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق، بل سروا بالإثم"
وقد اكد المسيح ان مجيء هذا الدجال سيترافق مع نزاعات شديدة و خراب على الأرض (حيث بدأنا نشهد اول الغيث) في تحذيره الناس من "رجسة خراب دانيال" (  ) :".. لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَاضْطِرَابَاتٌ. هذِهِ مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. فَمَتَى نَظَرْتُمْ "رِجْسَةَ الْخَرَابِ "الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي. لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ. فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ... (متى 24، مرقس 13)
و قد حذر الرسول و اهل البيت (ع) من هذا الدجال كثيراً في روايات السنة و الشيعة على السواء ، كما في قول الرسول الشهير عندما ذكر الدجال:" اني لانذركموه و ما من نبي الا انذر قومه ، لقد انذر نوح قومه، و لكن ساقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه،تعلمون انه اعور،و ان الله ليس بأعور".
و قوله (ص): المهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس و الزلازل.(الأربلي ،كشف الغمة في معرفة الائمة ج 3 ص271)
و قال الامام علي (ع) في كلام له يومي فيه الى ذكر الملاحم في آخر الزمان :
فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنَبِّئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله)، مَا كَذَبَ الْمُبَلِّغُ، وَلاَ جَهِلَ السَّامِعُ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ضِلِّيل(شرير و هو الدجال) قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ،وَفَحَصَ بِرَايَاتِهَ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ(الكوفة عاصمة دولة الامام علي و المهدي ،المذكورة في الكتاب المقدس بكوثي) (  ). فإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ شَكِيمَتُهُ، وَثَقُلَتْ فِي الاْرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا، وَمَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا، وَبَدَا مِنَ الاْيَّامِ كُلُوحُهَا(عبوسها)، وَمِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا(اثر الجراحات).فَإِذَا يَنَعَ زَرْعُهُ، وَقَامَ عَلَى يَنْعِهِ(حالة نضجه)، وَهَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ(هديره)، وَبَرَقَتْ بَوَارِقُهُ(سيوفه و رماحه)، عُقِدَتْ رَايَاتُ الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ، وَأَقْبَلْنَ كَالْلَيْلِ الْمُظْلِمِ، وَالْبَحْرِ الْمُلْتَطِمِ.هذا، وَكَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِف(ما اشتد صوته من الرعد و الرياح)، وَيَمُرُّ عَليْهَا مِنْ عَاصِف(ما اشتدّ من الريح، والمراد مزعجات الفتن) وَعَنْ قَلِيل تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ(كناية عن الاشتباك بين قواد الفتنة وبين أهل الحق كما تشتبك الكباش بقرونها عند النّطاح.)، وَيُحْصَدُ الْقَائِمُ(ما بقي من الصلاح قائما)، وَيُحْطَمُ الْـمَحْصُودُ. (نهج البلاغة ج1 ص 194)
" كأَنَّي بِهِ (الدجال) قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ(الناقة السيئة الخُلُق تعضّ حالبها)، وَفَرَشَ الاْرْضَ بِالرُّؤُوسِ، قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَثَقُلَتْ فِي الاْرْضِ وَطْأَتُهُ، بَعِيدَ الْجَوْلَةِ، عَظِيمَ الصَّوْلَةِ.وَاللهِ لِيُشَرِّدَنَّكُمْ فِي أَطْرَافِ الاْرْضِ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاِّ قَلَيلٌ، كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ، فَلاَ تَزَالُونَ كَذلِكَ، حَتَّى تَؤُوبَ إِلَى الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلاَمِهَا(غائبات عقولها). فَالْزَمُوا السُّنَنَ الْقَائِمَةَ، وَالاْثَارَ الْبَيِّنَةَ، وَالْعَهْدَ الْقَرِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ بَاقِي النُّبُوَّةِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُسَنِّي(يسهل) لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتَّبِعُوا عَقِبَهُ. (نهج البلاغة ج2 ص23)
وقد تطابق - بشكل كبير- هذا القول السابق للامام علي (ع) مع وصف النبي اشعياء - مخاطباً كوثي- عن حالة الخراب و الهروب الجماعي للناس الى الكوفة (كوثي)  بعد مجيء "المخرّب" ،ثم يأتي "قاضٍ" ينشر السلام  والعدل (   ) و يقتل "المخرب" و يرث ملك داود ، وهو حفيده كما بيّنا سابقاً :
"كفراخ منقرة تكون بنات موآب في معابر ارنون... استري (يا كوثي) المطرودين، لا تُظهري الهاربين.ليتغرب عندك مطرودوا موآب. كوني سترا لهم من وجه المخرَب، لان الظالم يبيد و ينتهي الخراب و يفنى عن الأرض الدائسون. فيثبت الكرسي بالرحمة و يجلس عليه بالامانة في خيمة داود قاضٍ و يطلب الحق و يبادر بالعدل"(اشعياء 16)


اما على المستوى الفردي علينا الانتباه على ان لا نكون اتباعاً للدجال  و ابليس و نحن غافلين عن ذلك ، فنعرف ذلك اذا نظرنا الى انفسنا ، هل التزمنا بما امرنا المسيح و المهدي؟

أليست ذنوبنا و خطايانا و غفلتنا من جعلت المسيح و المهدي لاكثر من الف عام تائهين في الصحارى و الجبال خائفين على دين الله ،يترقبان؟
"تاجروا حتى آتي " (لوقا 19: 13) ما أجملها من عبارة و ما أصعبها من مهمة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ،لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ.(سورة الصف 10-12، سورة فاطر 29-30)
 و قد أكد الامام علي (ع) على هذه العبارة في خطبة له يصف فيها المتقين (نهج البلاغة ج 2 ص160) قائلاً: "... قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة. وأجسادهم نحيفة ، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة. صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة.  تجارة مربحة ، يسرها لهم ربهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها. وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها..."
و هي شراء الآخرة و الخلود بنعيم الدنيا الفاني.

"هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ"(سورة الانعام 158)
و ألم يقل الامام المهدي ع:" ولو أنّ أشياعنا ـ وفَّقهم الله لطاعته ـ على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجَّلت لهم السعادة بمشاهدتنا، على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتَّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم... فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبّتنا، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإنّ أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، والله يلهمكم الرشد ويلطف لكم في التوفيق برحمته" (من رسائل الامام المهدي (ع) الى الشيخ المفيد)
"لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ" (متى 21:7-23)
"فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً، وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ "(لوقا 34:21، سورة القمر 50)
"اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ"(مرقس 13: 33)
"لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ "ابْنِ الإِنْسَانِ". اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي "ابْنُ الإِنْسَانِ"  ". (متى 24 : 27)

من منا يسهر و يتضرع ليكون من الوارثين لملكوت الله بين يدي روح الله المسيح  و بقية الله المهدي، عليهما السلام ؟
الرب يعلم، لربما لا أحد.

--------------------------

1)  ينسب الشيعة المسيح (ع) الى  السيدة مريم (ع) بنت عمران النبي (ع) وصولا الى رحبعام بن سليمان بن داود . فالمسيح ينسب الى ابراهيم (ع) عبر امه (ع) . و المهدي فهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن الامام علي (ع) . و ام المهدي (ع) هي مسيحية رومية اسمها مليكة (اسم مسيحي شامي) المعروفة بنرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، من ولد الحواريين تنسب إلى شمعون الصفا (بطرس) وصي المسيح (عليه السلام) الذي يرجع بدوره الى النبي سليمان بن داود (ع).

  2 ) نسب الكتاب المقدس صناعة العجل للنبي هارون (ع) بينما نفى القرآن ذلك و نسب صناعة العجل لشخص سماه بالسامري و اكد ان النبي هارون كان  دائم التحذير لقومه بانهم فتنوا بهذا العجل .

  3 )  وَيَقِفُ الأَجَانِبُ(كل من ليس عبرانيا حتى اليهود السامريون و غيرها من القبائل اليهودية هم أجانب) وَيَرْعَوْنَ غَنَمَكُمْ، وَيَكُونُ بَنُو الْغَرِيبِ حَرَّاثِيكُمْ وَكَرَّامِيكُمْ. أَمَّا أَنْتُمْ فَتُدْعَوْنَ كَهَنَةَ الرَّبِّ، تُسَمَّوْنَ خُدَّامَ إِلهِنَا. تَأْكُلُونَ ثَرْوَةَ الأُمَمِ، وَعَلَى مَجْدِهِمْ تَتَأَمَّرُونَ.. لِذلِكَ يَرِثُونَ فِي أَرْضِهِمْ ضِعْفَيْنِ. بَهْجَةٌ أَبَدِيَّةٌ تَكُونُ لَهُمْ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُحِبُّ الْعَدْلِ، مُبْغِضُ الْمُخْتَلِسِ بِالظُّلْمِ. وَأَجْعَلُ أُجْرَتَهُمْ أَمِينَةً، وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. وَيُعْرَفُ بَيْنَ الأُمَمِ نَسْلُهُمْ، وَذُرِّيَّتُهُمْ فِي وَسَطِ الشُّعُوبِ. كُلُّ الَّذِينَ يَرَوْنَهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ أَنَّهُمْ نَسْلٌ بَارَكَهُ الرَّبُّ"(سفر اشعيا 61)

 4 )  نبوءة النبي دانيال عن نهاية العالم .
 5)  " ستظهر لكم من السماء آية جلية ، ومن الأرض مثلها بالسوية، ويحدث في أرض المشرق ما يُحزن و يُقلق، و يَغلب – مِن بَعد- على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق (داعش و القاعدة و اخواتها)، تضيق – بسوء- فعالهم- على اهله الارزاق،ثم تنفرج الغمة –من بعد- بِبَوار طاغوت الأشرار..." (من الرسالة الأولى للامام المهدي الى الشيخ المفيد)
 6 )   "حتّى تقوم الحرب بكم على ساق (أي تشتدّ الحروب وتدوم ردحاً من الزمن)، بادياً نواجذها (كناية عن كثرة الفتك والقتل بين النّاس)، مملوءة أخلافها (أي أثداؤها)، حلواً رضاعها، علقماً عاقبتها (أي أنّ تجّار الحروب والانتهازيّين يتوقّعون الفوائد العظيمة والمكاسب الكثيرة لأنفسهم من وراء تلك الحروب، ولكنّهم في النهاية لا يجدون إلّا طعم الخسائر المرّة كمرارة العلقم)، ألا وفي غدٍ، وسيأتي غد بما لا تعرفون (أي اعلموا أنّ المستقبل سوف يكون مليئاً بالأحداث التي لا تتوقّعونها)، يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوي أعمالها (أي أنّ أوّل عمل يقوم به ذلك "الوليّ الإلهيّ" هو عزل الحكّام الظالمين في الأرض واحداً بعد واحد، ونصب أعوانه الصالحين مكانهم فتنصلح الدنيا تبعاً لذلك)، وتخرج الأرض له أفاليذ أكبادها (أي كلّ ما أودع الله سبحانه فيها من الخيرات والمواهب والمعادن التي لم تخرجها حتّى ذلك الوقت)، وتلقي إليه سلماً مقاليدها (أي أنّه لن يبقى سرّ من الأسرار العلميّة المتعلّقة بالأرض إلّا ويكشف على يدي المهديّ المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فيريكم كيف عدل السّيرة (أي كيف تكون العدالة الحقيقية ويثبت بذلك زيف كلّ هذا الضجيج الإعلاميّ في العالم حول حقوق البشر والحريّة والسلام.. إلخ)، ويحيي ميّت الكتاب والسنّة (أي يعيد إلى الحياة قوانين القرآن والسنّة النبويّة المحمّدية، التي بقيت متروكة ومهجورة مدّة طويلة من الزمن حتّى كادت أن تندثر)".
(الامام علي ،نهج البلاغة ج2 ص22)
"إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السُبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لصدقته ولا برّه، وهو قوله تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) " (الامام علي ، الإرشاد للشيخ المفيد، ص343)


رئبال عبد الكريم
جبل عامل- لبنان.


 


كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : رئبال عبد الكريم ، في 2015/04/30 .

مولاتي شكرا لكم . واني اقولها لكم بصراحة اني ما وصلت الى ما انا عليه الان انما هو ثمار مجهوداتكم و نهلا من علمكم .
فانتم الشجرة و ان شاء الله اكون انا جزء من الثمرة. وألم يقول روح الله عيسى بن مريم ع من ثمارهم تعرفونهم
ارجو دعائكم لي و حبذا لو اتشرف بلقياكم
تلميذكم


• (2) - كتب : رئبال عبد الكريم ، في 2015/04/30 .

مولاتي شكرا لكم . واني اقولها لكم بصراحة اني ما وصلت الى ما انا عليه الان انما هو ثمار مجهوداتكم و نهلا من علمكم . فأنا تلميذكم
فانتم الشجرة و ان شاء الله اكون انا جزء من الثمرة. وألم يقول روح الله عيسى بن مريم ع من ثمارهم تعرفونهم
ارجو دعائكم لي و حبذا لو اتشرف بلقياكم
تلميذكم



• (3) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2015/04/29 .

مرحبا اخ رئبال سلام ونعمة وبركات من الرب عليكم .
احييك على هذا البحث الجميل الذي سلطت فيه الضوء على هذه المسألة المهمة التي على ما يبدو انها بدأت تقترب بسرعة وذلك لما نراه من اهتمام من قبل آلوف الكتاب والباحثين بهذه المسألة وكان هناك شعورا خفيا يدفعهم الى ذلك حتى أن العريفي التخريفي حشر أنفه في هذه المسألة وما ذلك إلا لشعوره بأن للشيعة دور خطير في هذا اليوم ولذلك سارع إلى انكار ان يكون للشيعة دور في ذلك اليوم .
ولكن مواضيع مثل موضوعكم هي التي تدحض مزاعم اتباع الدجال من امثال العريفي واضرابه
لا توجد عندي ملاحظات واقول بداية موفقة .
إيزابيل



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=61251
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5