• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : كربلاء برؤية جديدة (منهجية لقراء المنبر الحسيني) ( 1 ) .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

كربلاء برؤية جديدة (منهجية لقراء المنبر الحسيني) ( 1 )

بسم الله الرحمن الرحيم

انَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ. صدق الله العلي العظيم
{ آل عمران 21-22}    

        التاريخ الحسيني أصبح رهينة بين التنازعات والتجاذبات السياسية، تتبناها دول وحكومات، وتنفذها مؤسسات إعلامية، لان الملحمة التي سطرها أبو عبد الله عليه السلام يوم عاشوراء تركت آثارا كبيرة وشرخا في صفوف الأمة، لم تندمل الجراحات والآهات إلى يومنا هذا, وأنتجت شعارات وراءها مواقف وتضحيات (يا لثارات الحسين) وشعار (الرضا لأل محمد) و (لبيبك يا حسين) وما نتج بعد من معارك ودماء وقتل، هذه كلها تطلبت من الدولة الأموية أن تلملم المواقف المخزية التي قامت بها لتؤسس دولتها على الدماء الطاهرة من آل البيت {ع} وشيعتهم.
فقامت بأكبر صفقة في التزوير وقلب الحقائق التاريخية، بإلقاء وزر الجريمة على شيعة العراق خاصة, واعتبار مواقفهم انهزامية وعدم ثباتهم على ارض صلبة وموقف مبدئي هو السبب فيما حدث للعترة الطاهرة، بهذه الكذبة الكبرى حاولت أن تطعن بالتضحيات الشيعية والدماء الزاكية التي قدمها الشيعة في يوم كربلاء وما سبقه وما تلاه. فلا غرابة أن نسمع من المنابر الحسينية لغاية يومنا هذا من يدين شيعة العراق " الكوفة والبصرة" واعتبرت الطغمة التي قتلت الحسين {ع} وأصحابه يوم عاشوراء، بريئة من دم الحسين {ع} وقدمت جهات ساندة كبش فداء للعن والطعن، ضحت بجهات ليس لها علاقة وصلة رحم بالسلطة الأموية ولا منصب سيادي لهم في الدولة، بل اعتبرتهم من شيعة أهل البيت {ع} مثل شبث بن ربعي وحجار بن ابجر وعمر بن الحجاج الزبيدي وغيرهم. هكذا ورثنا التاريخ.!

هكذا ورثنا ثورة كربلاء وتراثها، فهي بالقدر الذي أعطته من مواقف تنحني الهامات لأجلها وتدمع العيون لماساتها، إلا إنها لا تخلو من الحذر في الانجرار إلى التاريخ الحسيني وما فيه من روايات تحتاج إلى إعادة ومناقشة بسبب ما حدث في كتابة التاريخ الإسلامي عامة، والتاريخ الحسيني خاصة.
بذلك دخل التاريخ الحسيني في نفق خطير يتطلب إعادة دراسته وتمحيص الروايات ومحاكمتها لعدم الاطمئنان لجميع ما جاء في تاريخ ثورة الحسين عليه السلام.
وقد قدمنا في العشرة الأولى من عام 1435 هجرية -2013, ثلاث محاضرات على المنبر الحسيني في البصرة عن الأدوار التي كتب فيها التاريخ الحسيني، وتاريخ التشيع، ومجريات المعركة العظيمة التي قادها الحسين {ع} في العراق، والرقعة الجغرافية التي امتدت عليها الثورة والجهات التي شاركت فيها، المدن والعشائر والفترة التي امتدت أكثر من يوم عاشوراء فقط، غير أننا نعتقد جازمين إن الآثار التي نعالجها في هذا التاريخ ليست سهلة وذلك لعدة أسباب. أهمها.
1.    تناثر الروايات الصحيحة في عدد كبير من الكتب التاريخية وبشكل قليل مما يتطلب مراجعة كتبا كثيرة من مصادر التاريخ لاستخراج رواية صحيحة يمكن الاعتماد عليها في هذا البحث.
2.    التاريخ الحالي للثورة الحسينية ترسخ في أذهان الأجيال الماضية والتي تلتها، منها الجيل الحالي، وهذا يجعل المتلقي ينظر بعين الريبة للطرح الجديد، رغم قناعة الأغلبية بتزوير التاريخ الحسيني.
3.    عدم وجود شواهد وآثار للتاريخ الذي نتناوله، حيث المرقد الحسيني الطاهر يحتوي الشهداء الذين تذكرهم المقاتل الحسينية، ولا اثر للأطروحة الجديدة. سوى العقل والإقناع بمحاكمة الروايات،
4.    التاريخ الحسيني ورواياته انتظمت بقصائد ونعي ولطميات بشكل متناسق مع الرواية، ولذا لا يمكن لأي خطيب حسيني أن يتناول التاريخ الجديد {الصحيح} لأنه يخلوا من أي قصيدة قريض أو شعبية.
كل هذا لا يمنعنا أن نسعى بجهد وهمة عالية لاستخلاص التاريخ الحقيقي للثورة الحسينية، بحقيقتها التي سطرها أبو الأئمة وسيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام. واستخلاص الحقيقة من الكابوس الإعلامي الأموي الذي نجح بشكل ملفت للنظر في صياغة الثورة الحسينية وفق نهج يرعى فيه مصالح السلطة التي نفذت الجريمة في قتل سليل خاتم النبوة وحمل نساءه على اقتاب الجمال يطوفون بهن من بلد إلى بلد.
هذه الأسباب هي التي دفعتني لتقصي الحقائق والتنقيب في بطون المصادر، لاستخلاص الجهاد الشيعي وما قدمه من تضحيات كبيرة في نصرة سيد الشهداء عليه السلام. والله من وراء القصد.

        الشيخ عبد الحافظ البغدادي
12 ربيع الأول 1435 هجرية
البصرة 13/1/2014 ميلادي



مَــن كتـــب التاريــــخ الإسلامـــــي

    أسماءهم وترجمة حياتهم

هذه النقطة مهمة جدا، فمن الذي كتب التاريخ الإسلامي، وما هي الجهات التي رعت كتابته، وأنا اعني الكتب الرئيسة التي اعتمدها جميع الكتاب، لان التاريخ لا يكتب إلا بوثائق، باعتبارها هي المصدر، وبذلك تكون الكتب وكتابها هم الأساس في تاريخ الإسلام، وهم من حددوا الاتجاهات.
والتاريخ الذي نعنيه، وهو المصدر الأساس لبحثنا ولعقيدتنا، ينقسم إلى قسمين:.
الأول: تاريخ الرسول {ص} والرسالة ونزول الوحي والتبليغ، ثم الهجرة وتأسيس الدولة الإسلامية، والحروب التي قامت والذين شاركوا فيها. يضاف لها تاريخ التشريع ونزول القران الكريم على نبينا محمد {ص} والأحكام الشرعية التي تتعلق بتنظيم الفرد والعائلة والمجتمع.
الثاني: ما بعد وفاة الرسول {ص} مرورا بالخلفاء الراشدين، لحين وفاة المؤرخ، ومن يأتي بعده يأخذ منه حتما ويكمل كتابة بقية التاريخ، وهذا يظهر في تاريخنا واختلاف الثقافات والانتماءات بشكل واضح.
وابرز من كتب التاريخ الإسلامي من الطبقة الأولى التأسيسية هم.
1.    عروة بن الزبير بن العوام (23-93هـ).
وهذا يعني انه عاش في عصر الدولة الأموية، وهو من فقهاء المدينة المنورة، كان في بداية حياته مؤيدا لأخيه عبد الله بن الزبير، وبعد انهيار دولة الزبيريين وقتل أخيه عبد الله، اعتزل الحياة السياسية وتوجه نحو العلوم الشرعية وأصبح من فقهاء الأمويين عندهم في المدينة كونه كان يأخذ من خالته أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر {رض}، وهو من روج الأحاديث عن خالته أم المؤمنين، ولم يسبقه احد في هذا المضمار، واعتبر أهم مصدر ومؤرخ عند المسلمين. حدث عن أبيه بشيء يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر، وعن خالته عائشة، ولازمها وتفقه منها.
يُروى عن الزُّهري، عن قبيصة بن ذؤيب، قال: كنا في زمن خلافة معاوية إلى آخرها، نجتمع في حلقة بالمسجد، بالليل، أنا، ومصعب وعروة ابنا الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الملك بن مروان، وعبد الرحمن المسور، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ونتفرق بالنهار، فكنت أجالس زيد بن ثابت وهو مُتَرأِس بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض، في عهد عمر، وعثمان، ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن نجالس أبا هريرة، وكان عروة يغلبنا بسبب دخوله على عائشة.
كانت ولادته في آخر خلافة عمر بن الخطاب، إخوته عبد الله، ومصعب، وجعفر، وعبيدة، وعمرو، وخالد، والمنذر، وعاصم، وحمزة. تفقه على يد خالته السيدة عائشة بنت أبي بكر، روى الحديث من الصحابة ويعتبر أحد الفقهاء السبعة في عصره. عاش فترة من حياته في البصرة ومصر وتوفي في المدينة المنورة. كتب عنه: ابن حجر في البداية والنهاية. في ترجمة عروة بن الزبير. كان عروة واسع المعرفة، محيطا بالسير والمغازى، حتى إنه أول من ألف في هذا الفن، إلا أن ما كتبه في فن المغازي والسير لم يصل إلينا.!!!
يبدو أنه من بين الكتب التي أحرقها، ثم ندم عليها فيما بعد، وكان قادة عصره يعرفون عنه إلمامه بالسير والمغازى، فكانوا يبعثون إليه من وقت لآخر يسألونه عن أمر من الأمور التي تعرض لهم، ويريدون أن يعرفوا وجه الحق فيها، وكان عبد الملك بن مروان يكتب لعروة من وقت لآخر يستوضحه عن الأمر من السيرة، وعلى الرغم من ضياع كتب المغازى, بين ما ضاع أو أحرق من كتبه، فإن قراءة كتب التاريخ بإمعان يمكن للباحث خلال الإمعان فيها أن يستخلص رواية كاملة للسير والمغازي جاءت عن طريق عروة،.
{هذا يبين أن المراسلات التي كانت تتم بين عروة وبين عبد الملك بن مروان والذين من بعده، اعتمدت أساسا في تثبيت التاريخ الإسلامي. علما إن الإمام محمد الباقر "ع" كان موجودا وفي حياته تم إرسال بعض الأسئلة التي لم تتمكن الدولة الأموية من معرفتها والخروج من مأزقها، فاستعانت بالإمام الباقر{ع} وتم الإجابة عليها من قبل الإمام {ع}إلا أنها لم تعتمد في التاريخ الفقهي لدى المذاهب الإسلامية الأربعة }.وقضية سك النقود في الإسلام معروفة( ) وأراد أن يشترك في حرب الجمل ضد علي بن أبي طالب {ع} ولكنهم أرجعوه لصغر سنه، نقل عنه هشام: انه قال: رُددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل، استصغرونا( ).

2.    أبان بن عثمان بن عفان. (20-105هـ)
من فقهاء التابعين وعلمائهم، أمير المدينة. أول من كتب في السيرة النبوية. هو ابن الخليفة عثمان وهو (أول مؤرخ في الإسلام)أمه أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة الدوسي ابن الحارث، عاصر الخلفاء الأمويين وهو ينتسب للعائلة التي حكمت تلك الفترة
تولى إمارة المدينة المنورة لعبد الملك بن مروان سنة 76هـ حيث كان مقرباً من الخلفاء الأمويين كونه ابن عثمان بن عفان. وهو أول من ألف في السيرة النبوية، وكانت فترة إمارته فترة نشاط علمي، وكان يجتمع في مجلسه العلماء والمحدثون والظرفاء، روي عنه أنه كان يحب الدعابة والمرح.( ) فكان يكثر في مجلسه المتحدثون ووعاظ السلاطين، وممن يعرفون استغلال الوقت للأغراض الشخصية، ولم يعرف التاريخ أين كان أولئك الذين يأخذ عنهم أبان بن عثمان. عزل عن ولاية المدينة سنة 83 هـ، وولي مكانه هشام بن إسماعيل المخزومي، {خال الخليفة}، فعاش بقية حياته في المدينة بعيداً عن الإدارة والسياسة، وتعرض للأمراض قال محمد بن سعد أصيب بالصمم، وأصيب بالفالج. توفي سنة 105هـ.
يعد من أبرز فقهاء المدينة المنورة، شهد معركة الجمل مع عائشة سنة 36هـ/656م، ضد الإمام علي{ع}، ولاه عبد الملك بن مروان المدينة المنورة سنة 75هـ, بعد أن نقل الحجاج بن يوسف عنها إلى العراق. فظل عليها سبع سنوات ثم عزله سنة 82هـ، ولم يكن ذا مقدرة إدارية. وفي أثناء ولايته خرج عبد الرحمن بن الأشعث في العراق على عبد الملك، فلم يعين الخليفة أميراً للحج عام 80هـ فلما قدم أبان مكة تنازع مع واليها الحارث بن خالد المخزومي على إمارة الحج فمال الناس إلى أبان، فحج بهم.
ولم يكن لأبان خطر سياسي وإنما اشتهر برواية الحديث، وكان من الرواة الثقات، روى عن أبيه وغيره، وهو أول من دوّن ما سمع من أخبار السيرة النبوية والمغازي ودفعها إلى سليمان بن عبد الملك في حجه سنة 82هـ فأتلفها سليمان, في أواخر حياته أصيب بالفالج والصمم، فكان يؤتى به إلى المسجد محمولاً في محفة.
يتبين من النص الذي ذكره الذهبي أن ما يكتبه المؤرخ يُسَلَم إلى الأمير والحاشية لمراجعته. ومن الأمور المهمة التي كتبت في التاريخ. كنموذج منها التالي:(أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن الزبير بن خالد (2) قال: قلت لأبان بن عثمان بن عفان: ما شأنـها كتبت {لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162)، ما بين يديها وما خلفها رفع وهي نصب ؟! قال: إن الكاتب لما كتب {لَكِنْ الرَّاسِخُونَ} حتى إذا بلغ قال: ما أكتب ؟ قيل له: أكتب (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ) فـكتب مـا قيل لـه)( ). وفي تاريخ المدينة للنميري: " حدثنا عمرو بن عاصم قال، حدثنا حماد بن سلمه، عن الزبير أن خاله قال: قلت لأبان بن عثمان وكان ممن حضر كتابة المصحف: كيف كتبتم {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162) ؟! فقال: كان الكاتب يكتب والمملي يملي، فقال: أكتب. قال: ما أكتب. قال: أكتب (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة)( ) هذا يعني إن كتابة التاريخ عند أبان كان فيها خلل كبير وهذا يؤدي إلى تغيير المعنى والغايات والأفكار. والسبب هو سهو المملي والخلل الذي يقع به الكاتب نحويا بسبب عمى العالم وعدم رؤيته لما يكتب. وهو الذي أوقع الأمة وتاريخها في اختلافات كبيرة.
3.    وهب بن منبه:(34 – 114هـ)
عاش في كنف الدولة الأموية طيلة حياته حين دخل الإسلام وتوفي سنة 114 هجرية، وهب بن منبه من التابعين واسمه أبو عبد الله الصنعاني اليمني صاحب الأخبار والقصص، وكان شديد الاعتناء بكتب الأولين وتاريخ الأمم. وصنف كتاباً في ذكر ملوك حمير، وقد ولي القضاء في عهد عمر بن عبد العزيز، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب السنة إلا ابن ماجه، توفي في صنعاء.
كان يهوديا واسلم زمن عثمان بن عفان. وقد كتب عنه الصنعاني وغيره انه السبب في دخول الإسرائيليات في الفكر الإسلامي من خلال رواياته. روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم، منها في:1/216: عن وهب بن منبه. لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم ؟قال: ها هنا يا رب. قال: ألا تخرج ؟.!! قال: أستحي منك يا رب ! فقال: ملعونة الأرض التي خلقت منها !.
ترجم له الذهبي في ميزان الاعتدال. قال:وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني، صاحب القصص، من أحبار علماء التابعين، ولد في آخر خلافة عثمان، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين. وروى عن ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الأعرابي وأقاربه. وكان ثقة صادقاً، كثير النقل من كتب الإسرائيليات.!!. قال العجلي: ثقة تابعي، كان على قضاء صنعاء. انتهى.
العجيب في الرواية انه يقول عنه كثير النقل من كتب الإسرائيليات. ولكنه يوثقه بقوله " كان ثقة صادقا " واعتمدت أفكاره في العقيدة الإسلامية التي كتبها بيده من الإسرائيليات !!!! وتسنّم الرجل منبر التحدّث عن الأنبياء والأُمم السالفة يوم كان نقل الحديث عن النبي{ص} ممنوعاً، بينما عروة أخذ بمجامع القلوب فأخذ عنه من أخذ، وكان نتيجة ذلك الأسلوب في الحديث، انتشار الإسرائيليات حول حياة الأنبياء في العواصم الإسلامية، وقد دوّن ما ألقاه في مجلد واحد، أسماه في كشف الظنون « قصص الأبرار وقصص الأخيار »( ). وهذا يجعلنا نشكك بجميع ما كتبه في تاريخه. وهو من أسس فكرة الجبر في الإسلام تلك الفكرة التي روج لها حكام بني أمية، فادخلها ضمن كتاباته. وليته اكتفى بهذا المقدار ولم يلعب بعقيدة المسلمين ولم ينشر نظرية الجبر التي لو ثبتت إلى هذا اليوم لما بقيت للشرائع دعامة، ويظهر من تاريخ حياته أنّه أحد المصادر لانتشار نظرية نفي الاختيار والمشيئة عن الإنسان.
روى حماد بن سلمة عن أبي سنان قال: « سمعنا وهب بن منبه قال: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلّها: من جعل لنفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي»( ).
رغم تصديه للكتابة في باكورة التدوين ولكن لم يؤخذ ما كتبه في تاريخه بعين الاعتبار، لأنه ادخل الخرافات والإسرائيليات وغيرها في كتب المسلمين، لذا لم يعتبر معتمدا في الحديث والأحكام الشرعية، بل أخبار الإسلام لا تؤخذ منه لضعف معلوماته وتداخل القصص والأخبار بعضها ببعض عنده، رغم هذا لما كان الجهل بالتاريخ الإسلامي قائم على قدم وساق، وحين يكتب رجل كتابا عن السيرة وتاريخ الأنبياء، فان عددا من الناس يتخذونه مصدرا من مصادر المعرفة الإسلامية، ولما يضع كاتبا مثل الذهبي عليه بصمته " كان ثقة صادقا" فانه يعتمد, لأنه لم يأخذ رواياته وعلومه من أل بيت رسول الله {ص}.فأصبح ثقة.
المهم وهب بن منبه كان ضليعا بالإسرائيليات وتاريخ الأنبياء الذي وصلنا وفيه تشويه كثير وكتب عنه علوي بن شهاب الدين( ) رسالة في جميع مروياته، وما نقل عنه علماء الجرح والتعديل. وجميع مروياته في الكتب التسعة التي بلغت أربعين رواية مرفوعة وموقوفة، ثم حلل مروياته حيث قام بتخريج كل رواية من كتب الحديث، قام بدراسة أسانيدها { عدا التي في الصحيحين} باعتبار أن ما في الصحيحين لا يجوز نقدها وإثارة الشك عليها. وخصص جزءَ من دراسته عن الإسرائيليات ودخولها على عقيدة المسلمين ومدى خطورتها. ومدى صحة نسبة ما في التوراة وغيرها من فكر أهل الكتاب، ثم تناول موروثات وهب بن منبه التي تخالف القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وتعارضها الواضح لعقيدة المسلمين. هذا الرجل يعتبر ممن كتب التاريخ الإسلامي عند المذاهب الإسلامية الأربعة، وهو مصدر من مصادر مدرسة الصحابة.
4.    عاصم بن عمر بن قتادة
 تابعي عاش في زمن بني أمية طيلة حياته، قربه عمر بن عبد العزيز الرجل الذي كتب التاريخ في زمانه واستعان به, وعينه إماما وخطيبا للمسجد الأموي بالشام، فيحدث الناس بالمغازي والمعارك والفتوحات. وكان يتحدث عن مناقب الصحابة( ) وهو موثقا عند النسائي وأبي زرعه.
يروي عنه ابن قتادة بن النعمان، وأبو عمر الظفري الأنصاري المدني. ويقال: أبو عمرو، أحد العلماء.
يروي عن أبيه، وعن جابر بن عبد الله، ومحمود بن لبيد، ورميثة الصحابية، وهي جدته، وأنس بن مالك. حدث عنه بكير بن الأشج، وابن عجلان، وابن إسحاق، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل وجماعة. وثقه أبو زرعه، والنسائي، وغيرهما، وكان عارفا بالمغازي، يعتمد عليه ابن إسحاق كثيرا. وفد عاصم بن عمر على عمر بن عبد العزيز في خلافته في دَين لزمه فقضاه عنه عمر، وأمر له بعد ذلك بمعونة، وأمره أن يجلس في مسجد دمشق فيحدث الناس بمغازي رسول الله {ص}، ومناقب أصحابه، وقال: إن بني مروان كانوا يكرهون هذا وينهون عنه، فاجْلِسْ فحدِّث الناس بذلك، ففعل، ثم رجع إلى المدينة، فلم يزل بها حتى توفي سنة عشرين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك..
قال الذهبي بكتاب سير أعلام النبلاء: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا وحاربوا فيما بين بدر وأحد. وعن أبي عون، قال: كان أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوقهم، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فلم تفعل، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فأغضب المسلمين ووقع الشر.اي القتال بين الطرفين.
5.    شرحبيل بن سعد:
 من طبقة المؤرخين الأوائل الذين كتبوا في فترة خلفاء الأمويين من بني مروان، توفي سنة (132هـ) يقال عنه في التراجم انه كان اعلم الناس بالمغازي, إلا انه يجعل من لا سابقة له سابقة، فاسقطوا مغازيه وعلمه، وهذا ما يؤكده كبار المؤرخين( ) غير إن سفيان بن عيينة قال فيه: لم يكن احد اعلم بالمغازي والبدريين منه, وهذا يعطي رأيا بعكس ما ذكره صاحب الطبقات الكبرى وسير أعلام النبلاء، ثم وثقه يحيى بن معين وابن حبان ونقل له في صحيحه، ووثقه ابن خزيمة في صحيحه( ) وبذلك أصبح من المؤرخين المؤسسين للتاريخ الإسلامي, رغم ما جاء عنه في أمهات كتب التاريخ(انه كان يجعل من لا سابقة له سابقة) وقد أعطى روايات كثيرة غير دقيقة زاد فيها فضائل للصحابة, أقل ما يقال عنهم أنهم ليسو أهلا للفضل فجعل لهم سابقة, وبقيت تلك الفضائل والسوابق في بطون التاريخ باعتبارها حقيقة ومن المسلمات.!
6.    ابن شهاب الزهري:
أبو شهاب الزهري. كان يعمل مدير شرطة في زمن الأمويين، توفي سنة 124 هـ. وهو صاحب كتاب المغازي، حفظ أجزاء منه في كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني, عاصر بداية حياته الإمام زين العابدين عليه السلام، وصار في خدمة عبد الملك بن مروان بعد وفاة مروان بن الحكم, استمر شطرا من حياته في خدمة عبد الملك، وبعد موته خدم هشام وسليمان ويزيد أولاد عبد الملك، وقد استعمله يزيد على القضاء( ).
قال معمر: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي {ع} فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما، الله اعلم بهما،! واني لاتهمهما في بني هاشم( ) هذا يعطي صورة واضحة انه متهم في إخفاء بعض الحقائق التاريخية، وإدخال قصص مزيفة نسجها خصوم بني أمية للنيل من بني هاشم، والنقص من منزلتهم، ادخلها في بطون التاريخ، وهذا يعطينا الحق في عدم الأخذ من تاريخه لأن فيه زيف كثير.!!
رغم ما يقال إن الزهري كان أكثر أنصافا من عروة بن الزبير، ولكن الرجل لم يكن له ميل لبني هاشم عامة وال الرسول {ص} خاصة، رغم ذلك كان يوجه نقدا للتاريخ الذي يكتب بأيدي الأمويين، قال معمر: عن كاتب كتاب صلح الحديبية، سالت الزهري عنه. فضحك وقال هو علي بن أبي طالب {ع}، ثم قال: ولو سالت هؤلاء، يعني بني أمية، قالوا عثمان( ) وهذا يبين إن الأمر لم يقتصر على سلب الفضائل من أمير المؤمنين {ع} بل إضافتها إلى غيره, وهذا ما فعله شرحبيل بن سعد، حين يكتب لمن لا سابقه له يجعل له سابقة.!!
كتب بعض المحققين عن الزهري, انه كان شجاعا مدافعا عن الحقيقة بسبب بعض المواقف. منها قضية إلصاق تهمة آلافك بعلي بن أبي طالب{ع} وهي من اكبر حالات اغتصاب الحقيقة التاريخية. كان الوليد بن عبد الملك يقرأ والزهري عنده { إن الذين جاءوا بآلافك عصبة منكم, إلى قوله تعالى، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } فالتفت وقال: الذي تولى كبره علي بن أبي طالب {ع}.! فقال الزهري: لا انه عبد الله بن أبي( ) وهذا يبين إن الحقيقة التاريخية تلاعب بها الأمويون لأغراض سياسية لتسقيط الخصوم من رموز الدولة الإسلامية وأعلامها، ومحاربتهم في اخطر قضية هي التاريخ وتمرير الروايات الكاذبة المزيفة بحق أهل البيت {ع} ودسها في كتب التاريخ، ليأخذها الجمهور الإسلامي الذي سيتلقى التاريخ مشوها مزيفا منحرفا.
7.    يزيد بن رومان الاسدي:
صاحب كتاب المغازي، اخذ منه ابن سعد في طبقاته، كان يعتمد في رواياته على عروة بن الزبير وعلى أبي شهاب الزهري، توفي سنة 130 هجرية في أخر أيام الدولة الأموية، وهذا يعني انه عاش حياته في رحاب الأمويين( ) روى عنه ابن إسحاق.
8.    أبو الأسود الاسدي:
وهو أكثر من اخذ عن عروة بن الزبير باعتباره المصدر الأساس في توثيق التاريخ الإسلامي، ومعظم الروايات التي جاءت في تاريخه مصدرها من عروة، بذلك أصبح موثقا عند كتاب التاريخ حيث ذكر شيئا من المغازي والحروب التي خاضها رسول الله{ص} وأصحابه، واخذ عنه صاحب كتاب الإصابة الذي كتب شطرا واسعا عن صحابة رسول الله {ص}( ).
9.    ابن حـــــزم:
عبد الله بن أبي بكر: اخذ عن أبيه عبد الله وعن عروة بن الزبير، كتب الرواية والحديث فكان من أصحاب التاريخ، توفي سنة 135 هجرية، حدث عنه الزهري وابن إسحاق.
10.    داود بن الحصين الأموي:
هذا الرجل من بني أمية، وهو تلميذ عكرمة، تأثر برأي الخوارج وكتب آراءهم في خصومهم. وتوفي سنة (135 هجرية) حدث عنه ابن إسحاق ( ).
11.    موسى بن عقبة
هو مولى لآل الزبير بن العوام، وكان موافقا لآرائهم، وتتلمذ عندهم له كتاب في المغازي والحروب الإسلامية، اعتمد على مصادر الزهري تماماً( ) نقل اغلب أحاديثه عن نافع مولى عبد الله بن عمر، أي آراء ابن عمر أصبحت مادة الكتاب، ونقل عن سالم بن عبد الله بن عمر. فاخذ عنه الطبري في تاريخه والبلاذري في انساب الأشراف وغيرهما( ) توفي سنة 141 هجرية.
اكتفي بهذا العدد من الكتاب لعدم الإطالة رغم كثرتهم، غير إني أردت أن أعطي فكرة للقاريْ الكريم عن الشخصيات التي رسمت صورة التاريخ الإسلامي، وكيف تعاملوا وفق توجيهات وضوابط سلطات بني أمية. وتأريخ وفاتهم يدلل على إنهم من غير الصحابة وأنهم عاشوا في فترة الحكم الأموي الذي أعلن الحرب الشعواء على بني هاشم وإقصائهم وقتلهم ورميهم بشتى التهم.هذه الثلة التي كتبت التاريخ لم تتمكن أن تكتب إلا بموافقة الدولة الأموية ورموزها. وهي فترة لا تخفى على القاريْ اللبيب.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62312
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29