• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : النظام الرئاسي في العراق نافذة على الاستبدادية!! .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

النظام الرئاسي في العراق نافذة على الاستبدادية!!


بعد الأزمات المتتالية التي عصفت بالبلد في ظل النظام البرلماني كثر دعاة النظام الرئاسي : وهو نظام ديمقراطي يقوم على أساس الفصل التام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بخلاف النظام البرلماني الذي يؤمن بفصل السلطات الثلاث ولكن بشيء من المرونة "فصل مرن".
ولكن مما كان مدعاة للاستغراب والعجب هو مطالبة أحد زعماء فصائل المقاومة بحل البرلمان وإقامة نظام رئاسي وأضاف انه ماض بمطاليبه هذه حتى النهاية؟!
يبدو انه لم يكلف نفسه عناء مطالعة مقال بسيط أو أي مقطوعة في صحيفة أو موقع فضلا عن كتاب عن النظام الرئاسي فهؤلاء الزعماء بقدر ما يجيدون لغة الحرب لا يجيدون شيئا من السياسة كما أثبتت التجارب الكثيرة.
فقد غاب عنه أن واحدة من ابرز مقومات النظام الرئاسي وجود برلمان يتكفل مهام السلطة التشريعية أما إذا تم إلغاء البرلمان فلا يسمى النظام حينها في الأدبيات السياسية رئاسيا بل استبداديا لان السلطتين التنفيذية والتشريعية ستناطان حينها بشخص أو هيئة واحدة فلا ادري كيف جاز له أن يجمع بين المطلبين إلا إذا كان يأخذ بمبدأ "يجوز للسياسي العراقي ما لا يجوز لغيره "!!!
وبعيدا عن هذا الخلط الفاضح نلاحظ أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي جعلوا من هذه المطالبة حملة جماهيرية من دون أن يعرفوا شيئا عن معنى كون النظام رئاسيا أو برلمانيا والدليل انك لا تجد أي احد أشار إلى أن إلغاء البرلمان مخالف لجوهر النظام الرئاسي فلا يمكن الجمع بين المطلبين .
 وهذه ظاهرة خطيرة فصحيح أن بعض القيادات قدمت الكثير للبلد ولكن هذا لا يعني أن نغرد خلفهم في أي سرب غردوا فالنظام الرئاسي في بلد يمر بظرف كظرف الشعب العراقي يعني خطوة كبيرة باتجاه الاستبداد والدكتاتورية التي دفع البلد ثمنها باهظا لعقود بل قرون قد خلت ولا زال .
ويمكن بلورة هذه الفكرة من خلال الوقوف على بعض خصائص ومقومات النظام الرئاسي التي انفرد بها عن النظام البرلماني :
1-    أحادية السلطة التنفيذية وانحصارها برئيس الدولة فقط أما الوزراء فمجرد كتاب للدولة ينفذون ما يمليه عليهم الرئيس فحسب ولا شك أن هذه خطوة باتجاه الاستبداد .
2-    انحصار السلطة التشريعية بالبرلمان بمعنى انه لا يحق لرئيس السلطة التنفيذية تقديم مشروع قرار او قل لا يحق له اقتراح القرارات التي يراها مناسبة للمرحلة وهذا يؤدي إلى مثالية القرارات ومجانبتها للواقع خصوصا في بلد يمر بظروف كتلك التي يعيشها الشعب العراقي .
3-    لا يحق للسلطة التنفيذية إعداد مشروع الميزانية فالبرلمان هو الذي يعد الميزانية العامة للدولة عن طريق لجانه الفنية ثم يناقشها ويقرها وكل ما يسمح به للسلطة التنفيذية هو تقديم تقرير سنوي يبين الحالة المالية للدولة ومصروفات السنة المنصرمة واحتياجات السنة القادمة .
4-    تعيين القضاة في السلطة القضائية يكون بيد رئيس السلطة التنفيذية ولعمري ههنا مقتل النظام الرئاسي ففي هذا النظام تلغى وظيفة رقابة البرلمان على الجهاز التنفيذي بموجب ما يتبناه النظام من الفصل التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإذا ما أضفت لذلك تحكم الجهاز التنفيذي بالسلطة القضائية عزلا وتنصيبا تجلت لك الاستبدادية بأبهى صورها .
5-    لا يحق لرئيس السلطة التنفيذية حل البرلمان مهما كان الظرف وكذا لا يحق له دعوة البرلمان إلى عقد جلساته الاعتيادية أو الاستثنائية بالغا ما بلغت الأزمة في حين منح النظام البرلماني كل هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية .
6-    بصورة عامة فان هذا النظام قائم على القطيعة التامة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية فيلغي من جهة البرلمان حق الاستجواب والرقابة فلا يحق له التعرض للسلطة التنفيذية بأي اتهام أو ما شابهه وكذا لا يحق للبرلمان إقالة الحكومة أو رفع الحصانة عن احد أفرادها ويلغي من جهة السلطة التنفيذية حق اقتراح القوانين أو نقضها أو الاعتراض عليها فلا يحق للرئيس التدخل في التشريع بأي شكل من الأشكال وكذا لا يحق لرئيس الجمهورية حل البرلمان في حين ترك السلطة القضائية تحت رحمة السلطة التنفيذية أما في ظل النظام البرلماني فكل هذه الحقوق ثابتة لجهتها وأما القضاة فيتم ترشيحهم من قبل رئيس السلطة التنفيذية ثم التصويت عليهم من قبل البرلمان .
بقي ههنا إشكال وجيه مفاده : إذا كان النظام الرئاسي ينطوي على كل هذه المزالق فكيف نهض بدولة كأمريكا إلى ما هي عليه اليوم مع أنها تعد في طليعة الدول العاملة بهذا النظام بل تعد أنموذجا حيا يشير إلى نجاحه وحيويته ؟!
ويمكن أن يجاب عنه بان الدستور الأمريكي تكفل إجراء عدة تعديلات على النظام الرئاسي تمثلت بالتالي :
1-    بدلا من مجلس نيابي واحد كفل الدستور الأمريكي تكوين مجلسين تشريعيين هما مجلس الشيوخ والكونغرس وضمن لكل واحد منهما مهام وصلاحيات خاصة .
2-    منح الدستور الأمريكي للكونغرس حق النظر في بعض التهم الموجهة إلى رجال السلطة التنفيذية
3-    ضمن لرئيس السلطة التنفيذية حق الاعتراض على أي قانون تسنه السلطة التشريعية خلال عشرة أيام من تبليغه .
4-    ضمن لرئيس السلطة التنفيذية حق دعوة المجلس التشريعي إلى الانعقاد في ظل الظروف الاستثنائية .
5-    ضمن لمجلس الشيوخ دور الرقابة على السياسة الخارجية فقد اشترط الدستور الأمريكي موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية ثلثي أعضائه على المعاهدات الدولية التي يعقدها رئيس الدولة
6-    ضمن لمجلس الشيوخ حق اختيار كبار الموظفين في الدولة
7-    ضمن لرئيس السلطة التنفيذية حق تقديم توصيات للكونغرس من وقت لآخر تتضمن الإجراءات التشريعية التي يراها ضرورية من وجهة نظره
8-    ضمن للكونغرس حق توجيه التهم لرجال السلطة التنفيذية بالتصويت بأغلبية ثلثي  أعضائه سواء كانت التهم عبارة عن أخطاء سياسية أو جرائم وجنايات.
وفي الواقع إن الدستور الأمريكي في كل هذا خرج عن متبنيات النظام الرئاسي القائم على الفصل التام بين السلطتين
وعلى كل حال كان ينبغي لكل مواطن أن يفهم أولا ماذا يعني النظام الرئاسي قبل أن يشارك في حملة قد تعيد لنا أيام الدكتاتورية التي قاسينا منها الأمرين .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=63401
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20