• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح286 سورة القصص الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح286 سورة القصص الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{51}
تبين الآية الكريمة موضحة (  وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ) , متواصلا , يتبع بعضه بعضا في الانزال والتذكير , (  لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) , فيؤمنوا ويطيعوا . 
( عن الكاظم عليه السلام : امام الى امام ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .   

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ{52}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها مبينة (  الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ ) , قبل القرآن الكريم , (  هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ) , بالقرآن او بالكتب التي انزلت عليهم , الآية الكريمة نزلت في مؤمني اليهود والنصارى . 

وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ{53}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع مضيفة (  وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا ) , عندما يقرأ عليهم القرآن يقولون :   
1-    (  آمَنَّا بِهِ ) : صدقنا به , انه من كلام رب العالمين .
2-    (  إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا ) : انه الحق الثابت منه جل وعلا , لتطابقه وتوافقه مع ما لدينا من الكتب , وكونه مصدقا لها .
3-    (  إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) : حيث ان كل الرسالات السماوية كانت تدعو الى الاسلام , وكل من آمن بالرسل والانبياء "ع" في زمانهم يكون مسلما بالضرورة . 

أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{54}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع مضيفة (  أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ ) , بإيمانهم بالكتابين , (  بِمَا صَبَرُوا ) , على العمل بهما , او صبروا على اتقاء شرور الكفار , (  وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) , يدفعون السيئة بحسنة , (  وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) , النفقة الواجبة , او الصدقة , او النفقات في وجوه الخير تطوعا .  

وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ{55}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) , يعرضون تكرما على موارد الباطل , ومنها الكذب واللهو والغناء والسب والشتم , (  وَقَالُوا ) , لأهل اللغو :   
1-    (  لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ) : لنا ثواب ما عملنا وعلينا سيئاته , وعليكم يعود جزاء اعمالكم . 
2-    (  سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) : (  سَلَامٌ ) هنا متاركة لهم , سلمتم من شتمنا لكم , وآمنتم جانبنا , فأننا لا نطلب مصاحبة الجهال .   

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ{56}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) , انت لا تهدي من تود هدايته , (  وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ) , يوفق للهداية من طلبها في مواردها , (  وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) , كفى به جل وعلا عليما بالمهتدين وطالبي الهداية .   

وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{57}
تروي الآية الكريمة على لسان الكفار (  وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ) , للنص المبارك محورين :
1-    يحسبون ان حجتهم في اجتناب الهداية حفاظا على اراضيهم , فالهداية "الايمان" تدعوهم الى الهجرة منه او النفقة او حتى التبرع بما يملكون الى من لا يملكون .
2-    عن السجاد عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال : والذي نفسي بيده لادعون الى هذا الأمر الأبيض والاسود ومن على رؤوس الجبال ولجج البحار ولادعون إليه فارس والروم فجبرت قريش واستكبرت وقالت لأبي طالب اما تسمع الى ابن اخيك ما يقول والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من ارضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فأنزل الله تعالى هذه الآية . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .   
فكان الرد الرباني على مزاعمهم تلك (  أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً ) , يأمنون فيه من القتل والغارات وغيرها , (  يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا ) , تحمل اليهم كل انواع الثمر , رزقا خالصا منه تعالى , اذا كان هذا هو حالهم وهم كفار , فكيف بهم اذا كانوا موحدين ! , (  وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) , اكثرهم جهلة , لا يفكرون او يفطنون لذلك .   

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ{58}
تبين الآية الكريمة (  وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ) , كثيرة هي القرى التي كان حالها كحالكم في الامن والعيش الرغيد , لكنهم كفروا وتمردوا , فدمرهم الله تعالى بذنوبهم , (  فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً ) , لا تزال اطلال مساكنهم قائمة , لا يسكن بها , من شؤم ما جرى لهم , الا المارة , يسكنون فيها يوما او بعض يوم للراحة من عناء السفر , (  وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) , لم يبق لهم وارث يرث اموالهم ومساكنهم , ها هم قد تركوا كل شيء , الوارث الحقيقي هو المالك المطلق الله جل جلاله .  

وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ{59}
تضيف الآية الكريمة (  وَمَا كَانَ رَبُّكَ ) , ما كانت من عاداته جل وعلا , (  مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً ) , ان يهلك اهل القرى , ما لم يبعث في اعظمها واهمها شأنا رسولا , وخصّت القرية الام كون اهلها الاكثر تحضرا وفهما واطلاعا والاكثر فطنة ونبلا وتعقلا , (  يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) , يلزمهم الحجة القاطعة , وقطعا للمعذرة , (  وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) , وما كان الله تعالى ليهلك القرى الا في حالة ظلمهم , كفرهم وجحودهم , بتكذيبهم الرسل .  

وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ{60}
تضيف الآية الكريمة (  وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ) , كل ما لديكم من متاع وزينة , فمدته لا تتجاوز الحياة الدنيا , ثم يفنى او تفنون انتم بالموت , (  وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) , لكن ما عند الله تعالى من الثواب افضل من ذلك , لأنه خالص اللذة , كامل البهجة , وادوم بقاءا , (  أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) , ان الباقي خير من الفاني , لكنكم تستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير . 

أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ{61}
تضيف الآية الكريمة موضحة  (  أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ ) , بالجنة وثوابها , (  كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) , كمن تمتع في الحياة الدنيا الفانية , وايضا يجب ان يلاحظ ان ملذات الدنيا لا تخلو من منغصات , فلذتها ليست خالصة , وكذلك بهجتها ليست كاملة , (  ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) , ثم بعد ان تمتع بملذات الدنيا , تكون عاقبة امره ان يحضر للحساب او العذاب , بالتأكيد لا يستويان .      
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64414
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19