• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح289 سورة العنكبوت الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح289 سورة العنكبوت الشريفة



لهذه السورة الشريفة فضائل كثيرة , لعل اهمها ما جاء في كتاب ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله من اهل الجنة لا استثني فيه ابدا ولا اخاف ان يكتب الله عليّ في يميني اثما وان لهاتين السورتين من الله لمكانا .

بسم الله الرحمن الرحيم

الم{1}
تقدم الحديث عنها .

أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2}
تبين الآية الكريمة (  أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا ) , القول بالإيمان فقط , (  وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) , وهم لا يختبرون في ايمانهم .
( عن الصادق عليه السلام معنى يفتنون يبتلون في انفسهم واموالهم .
وعن النبي صلى الله عليه وآله انه لما نزلت هذه الآية قال لا بد من فتنة تبتلى بها الامة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب لأن الوحي قد انقطع وبقي السيف وافتراق الكلمة الى يوم القيامة .
وفي نهج البلاغة قام رجل فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله عنها فقال علي عليه السلام لما انزل الله سبحانه قوله الم احسب الناس الآية علمت ان الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله بين اظهرنا فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها فقال يا علي ان امتي سيفتنون من بعدي فقلت يا رسول الله اوليس قد قلت لي يوم احد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وجيزت عني الشهادة فشق ذلك عليّ فقلت لي ابشر فان الشهادة من ورائك فقال لي ان ذلك كذلك فكيف صبرك اذن فقلت يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر فقال يا علي سيفتنون بأموالهم ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والاهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع قلت يا رسول الله فبأي المنازل انزلهم ابمنزلة ردة ام بمنزلة فتنة فقال بمنزلة فتنة ) ."تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) , الاختبار سنة قديمة جرت في الامم السابقة وستجري على امة محمد "ص واله" , (  فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ) , من ينجح في الاختبار , (  وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) , من يفشل فيه .

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ{4}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) , الكفر والمعاصي , (  أَن يَسْبِقُونَا ) , يفوتونا فلا نقدر ان نجازيهم عليها , (  سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) , قبح وساء حكمهم هذا .   

مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{5}
تبين الآية الكريمة (  مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ ) , من احب لقاء الله عز وجل , (  فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ) , فأن آجل اللقاء آت لا محالة , (  وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) , وهو جل وعلا سميع بأقوال عباده , عليم بإعمالهم واعتقاداتهم . 
( عن امير المؤمنين عليه السلام يعني من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لات من الثواب والعقاب قال فاللقاء ههنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ{6}
تبين الآية الكريمة (  وَمَن جَاهَدَ ) , الجهاد بكل انواعه , جهاد الحرب او جهاد النفس , (  فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ) , فأنه هو المستفيد من جهاده , (  إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) , انه جل وعلا لا حاجة له بطاعات خلقه , بل ان كل الطاعات تعود بالنفع لهم .   

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ{7}
تبين الآية الكريمة (  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , من آمن بالله تعالى ورسوله "ص واله" وعمل الاعمال الصالحة , ذات النفع له ولمجتمعه , فأن لهم من الله تعالى :
1-    (  لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) : وعدا مضمونا لهم بستر السيئات .
2-    (  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ) : افضل واحسن جزاء .  

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{8}
تنعطف الآية الكريمة لتوضح (  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً ) , برهما والرفق بهما والاحسان اليهما , (  وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) , نهي عن طاعة الوالدين بالشرك , (  إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) , يوم البعث , (  فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) , يوم القيامة ستجد كل نفس ما عملت مسجلا ومدونا , فتجزى به .   

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ{9}
تنعطف الآية الكريمة لتؤكد (  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , من آمن بالله تعالى ورسوله "ص واله" وعمل الاعمال الصالحة , ادى الواجبات واجتنب المحرمات والمنهيات , (  لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) , تضمن النص المبارك وعدا ألهيا لهم بدخولهم في الصالحين , ويلاحظ ان النص المبارك ادخلهم في جملة الصالحين , ولم يجعلهم ( من الصالحين ) , وذلك لان هذه المنزلة هي من ارفع المنازل في الجنة واسماها قدرا .   

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ{10}
تبين الآية الكريمة حال البعض (  وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ) , قولا بالإيمان , (  فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ ) , فأن تعرض الى الاذى في الله تعالى من قبل المشركين او العاصين , (  جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ) , جعل أذاهم له كعذاب الله تعالى الباقي والاشد ايلاما , وربما تراجع عن ايمانه ودخل في معتقداتهم , وربما نافق , (  وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ ) , الفتح والغنائم , يختلف المفسرون في توجيه النص المبارك , فمنهم من يرى :       
1-    انتصارات المسلمين في حروبهم .
2-    النصر بظهور المهدي "عج" , وهو ما اشارت اليه سورة النصر الشريفة (  إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3} ) .
عند ذاك (  لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ) , في الدين , فاشركونا في الغنيمة واجعلوا لنا نصيبا منها , (  أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ) , ألا يكفي علمه جل وعلا بما في القلوب من الاخلاص والنفاق . 

وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ{11}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) , بقلوبهم , بالتعرض لموارد الاختبار , ثم الصبر عليه والنجاح فيه , (  وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ) , الذين فشلوا في الاختبار , فيجازي جل وعلا الفريقين .   
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65477
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20