• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المحكمة الأتحادية بين مهمة حماية الدستور ومغازلة السياسة .
                          • الكاتب : محمد روكان الساعدي .

المحكمة الأتحادية بين مهمة حماية الدستور ومغازلة السياسة

  ان من أهم مبادئ بناء الدولة القانونية هو مبدأ الفصل بين السلطات والذي يعني ان لكل سلطة من السلطات الثلاث في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية أختصاصها الدستوري المنوط بها ولايجوز لأي سلطة ممارسة أختصاص السلطة الأخرى او التدخل في عملها .

(المقصود بالفصل هنا ليس المطلق وأنما النسبي لأن لابد من التعاون بين تلك السلطات و لكل سلطة أختصاصها) وهذا ما نص عليه الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 في المادة (47) منه

(تتكون السلطات الأتحادية ,من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , تمارس أختصاصها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات)

وقد حدد الدستور أختصاص كل سلطة من تلك السلطات الثلاث وهنا أريد التطرق الى أختصاص السلطة التشريعية (مجلس النواب)

وهما بأختصار أختصاصين رئيسيين حسب ماجاء في المادة 61 من الدستور  

1- تشريع القوانين          2- الرقابة على أداء السلطة التنفيذية 

اضافة الى مهام اخرى تجنبنا التطرق لها للأختصار وعليه ان مجلس النواب هو صاحب الأختصاص الحصري في تشريع القوانين بما تحمل تلك الكلمة من أطلاق أي جميع مراحل سن القوانين , الا ان هناك رأي للمحكمة الأتحادية العليا والتي تمارس مهمة (الرقابة القضائية على دستورية القوانين في العراق) يقول هذا الرأي ان أختصاص مجلس النواب العراقي هو أقرار مشاريع القوانين التي تعدها السلطة التنفيذية (الحكومة) ولا يحق للمجلس أعداد مشاريع القوانين وأقرارها وأنما تقديم مقترحات الى الحكومة لصياغتها وأقرارها ثم أرسالها للمجلس للمناقشة والأقرار وفقا" للمادة(60 من الدستور) والتي تنص

اولا- مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء

ثانيا"-مقترحات القوانين تقدم من عشرة من أعضاء مجلس النواب , او أحد لجانه المختصة

بحجة ان مقترح القانون لايرتقي الى مستوى مشروع القانون لان المقترح يمثل فكرة او خطوط عامة لأمرا" ما أما المشروع يكون منظم ومصاغ وعلى أثر ذلك قامت المحكمة الأتحادية بنقض الكثير من القوانين , أعتقد ان هذا الفرق فني (تكتيكي) لاقانوني جوهري لان من غير المعقول عرفا" وقانونا" ان تقدم الحكومة مجرد فكرة او خطوط عامة لموضوع ما وتترك عناء الأعداد والصياغة لمجلس النواب لاسيما ان للحكومة لجان ومستشارين يقوموا بهذه المهمة الفنية فضلا" عن ان تحدد الحكومة ماتريد أقراره من مجلس النواب بشكل

واضح ومحدد ومصاغ لأن الحكومة أعرف بما تريد وليتسنى لمجلس النواب معرفة ما تطلبه الحكومة منه ثم ما المانع القانوني من ان مقترح القانون الذي يقدم من عشرة أعضاء من مجلس النواب او أحد لجانه المختصة ان يصاغ من الناحية القانونية ليكون مشروع قانون كامل.

سأقدم هنا بعض الأدلة الدستورية التي تؤكد حق مجلس النواب ضمنا"او صراحة بتشريع القوانين لا أقرار مشاريع القوانين مثل ما قضت به المحكمة الأتحادية

1- ما نصت عليه المادة (61)من الدستور 000 (يختص مجلس النواب بما يأتي / اولا" - تشريع القوانين الأتحادية )

فان هذه الفقرة أعلاه هي نص صريح ومطلق بحق مجلس النواب في تشريع القوانين بجميع مراحل سن القانون وليس أقرار مشاريع القوانين (حسب رأي المحكمة الأتحادية) فلو كان المشرع الدستوري يريد ان يكون أعداد مشاريع القوانين بيد الحكومة حصرا" لنص في الفقرة اولا" من المادة 61 من الدستور بان أختصاص مجلس النواب هو أقرار مشاريع القوانين وليس تشريع

القوانين كما جاء والفرق واضح وجلي بين المضمونين من الناحية القانونية

2 - ما نصت عليه المادة 49 في فقرتين منها 

الفقرة ثالثا" (تنظم بقانون شروط المرشح والناخب وكل مايتعلق بالأنتخاب)

الفقرة خامسا" (يقوم مجلس النواب بسن قانون يعالج حالات أستبدال أعضائه عند الأستقالة اوالأقالة او الوفاة)

ففي الفقرة ثالثا" من غير المقبول ان تقوم الحكومة بأعداد مشروع قانون الأنتخابات وتقدمه لمجلس النواب لأقراره بقرينه واحدة هي ان النظام الدستوري والسياسي الجديد في العراق حرص كل

الحرص على ان يكون قانون وتنظيم الأنتخابات مستقل وشفاف وحيادي وأبعد السلطة التنفيذية (الحكومة) عن هذا الأمر بشكل واضح ولذلك نص الدستور في المادة (102) على أنشاء مفوضية مستقلة للأنتخابات للقيام بهذا الأمر , اما الفقرة خامسا" فأن أعداد الحكومة لمشروع قانون يعالج حالات أستبدال أعضاء مجلس النواب فيه خرق واضح لمبدا الفصل بين السلطات المنصوص

عليه في المادة 47 من الدستور كما يؤشر لتداخل شائك في عمل السلطات 

3 - ما نصت عليه المادة 51 (يضع مجلس النواب نظاما" داخليا" له لتنظيم سير العمل فيه)  كما معروف قانونا" ان للنظام الداخلي لمجلس النواب قوة القانون أي أنه قانون شكلا" ومضمونا" وقوة فاذا كان مشروع  قانون النظام الداخلي للمجلس يأتي من الحكومة فأن هذا يثير الأستغراب حقا" وأنه ينطبق عليه ما قلناه في الفقرة خامسا" من المادة 49 من الدستور 

4 - ما نصت عليه المادة 62 الفقرة اولا" من الدستور 

(يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي الى مجلس النواب لأقراره)

الحقيقة ان هذه الفقرة الدستورية تجلعنا نقف امام أمرين الأول /أن ذكر المشرع الدستوري لهذه الفقرة قد جاء عبثا" وليس له أي مدلول او غاية مقصودة لأن المعروف أن أعداد الموازنة هو أختصاص حصري للسلطة التنفيذية (الحكومة) لأنها القائمة على أدارة أموال الدولة وبيدها مواردها المالية وايراداتها وصادراتها ..... الخ وبما ان الموازنة تصدر على شكل قانون كما هو

معروف والمشرع قصد أبتدا" بأن مشاريع القوانين تعد من الحكومة كما في المادة 60 اولا" من الدستور حسب رأي المحكمة الأتحادية العليا فلا يوجد مبرر او ضرورة قانونية لذكر هذه المادة أصلا"

الثاني / ان المشرع الدستوري قصد العموم في المادة (61 -اولا")وهي ان يختص مجلس النواب بتشريع القوانين الأتحادية بكل مراحله لا أقرار المشاريع المعده من الحكومة وقد أستثناء مشروع أعداد الموازنة  العامة من ذلك العموم في تلك القاعدة الدستورية المطلقة والتي تشير الى حق مجلس النواب بتشريع القوانين لا أقرار مشاريع القوانين الذي قضت به المحكمة الأتحادية العليا . فأن لم يكن كذلك فلما ذكر المشرع في المادة 61 يختص مجلس النواب بما يأتي اولا" تشريع القوانين الأتحادية وذكر في  المادة 62 اولا" أقرار مشروع الموازنة فلم يكن أمامنا الا ان المشرع قصد الأستثناء من ذلك العموم وهو امر واضح وجلي أعتقد لا خلاف فيه.

5 - ما نصت عليه المادة 65 من الدستور على أنشاء مجلس تشريعي يدعى مجلس الأتحاد بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب 000 وعليه فأن هذا المجلس المذكور له اختصاصات تشريعية سيحددها قانونه وسيمثل هذا المجلس التوأم لمجلس النوا ب واللذين سيكونا السلطة التشريعية بجناحين فاذا كان مثل هكذا مجلس يأتي مشروع قانونه من االحكومة فأي مبدأ للفصل

بين السلطات طبقنا وأي دولة قانونية أسسنا فأن مجلس الأتحاد مجلس تشريعي صرف الا اذا اريد للسلطة التشريعية ان تكون شكلا" فقط ولهذا كلام اخر لأنه امرا" خطيرا" يجعلنا أمام دولة بوليسية لا دولة قانونية مثل مانطمح.

وأخيرا" أقول ان لمجلس النواب العراقي الحق الكامل في تشريع القوانين الأتحادية سواء كانت نلك القوانين عن طريق أرسال الحكومة لمشاريعها او من قبل عشرة أعضاء من مجلس النواب او أحد لجانه المختصة بعد اكمال الصياغة القانونية المطلوبة .فالأمر لايعدو كون الفرق بين المقترح والمشروع هو فرق فني لا قانوني وأعتقد ان رأي المحكمة الأتحادية العليا بخصوص تفسير المادة

(60) من الدستور غير دقيق وغير موفق وبعيدا" عن الصواب بدلائل المواد والفقرات الدستورية التي ذكرناها لأثبات حق مجلس النواب بتشريع القوانين بجميع مراحل التشريع وقد جاء رأي المحكمة الأتحادية نتيجة واضحة للتدخلات السياسية في عمل تلك المحكمة ان لم نقل بأنها سيست بالكامل والذي يعني ان الأمل في بناء الدولة القانونية أصبح بعيدا" وان نهج وأدوات الأستبداد لازالت متجذرة في عقول الكثير مما يؤشر الى أن مشكلة الحكم لم تحل بعد حتى ترتقي هذه الدولة الى مناص الدول المتقدمة وتعيش حالة جديدة من الأستقرار السياسي والنمو الأقتصادي والرقي الثقافي والأنساني المأمول...........




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=66118
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19