• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بابيلون ح19 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

بابيلون ح19

كادت تنهار جبهتهم , لولا وصول التعزيزات بقيادة الوزير شردق , الذي ارسل فرقه لتقاتل  بدلا عنهم , طالبا منهم التوقف والعودة الى الوراء , ثم امر بتوجيه خمسون فرقة الى جبهة ينامي الحكيم , لم تكن الجبهة بعيدة , وصلوها بسرعة , واشتبكوا بدورهم مع الامبراطوريون .          
ترك ينامي الحكيم جبهته للمقاتلين الجدد , وطلب من مقاتليه الانسحاب الى الخلف , للراحة ومداواة الجرحى واعادة تنظيم الصفوف ورصها . 
حقق الوزير شردق انتصارات مذهلة , حتى استطاع ان يكتم انفاس الكنكوريون ومن برفقتهم من الوحوش , الذين حاولوا الانسحاب في جنح الليل , لكنه لم يسمح لهم , طاردهم , لاحقهم حتى تخوم مدنهم الفخمة , وتوقف هناك , ترك عشرة فرق بقيادة جنكال , وتوجه بدوره الى جبهة ينامي ليتولى زمام الامور هناك .
لم يحقق الوزير شردق اي انتصارات في تلك الجبهة , الا انه استطاع ان يوقف تقدم جيش الوحوش , امرا قاذفات اللهب برمي المزيد من الحجارة الملتهبة عليهم , وخصوصا الانشطارية منها , نزلت عليهم كأنها العاب نارية , تغازل النجوم , سقطت منها العشرات , الا ان سقوطها لم يستمر طويلا , سرعان ما نفدت الحجارة , فتوقفت ! .    
استمرت المعارك حتى الصباح , دونما هوادة , اعاد ينامي الحكيم تنظيم فرقه السبعون , التي لم يبق منها الا خمسة وستون , ثم تقدم نحو ميادين المعارك , ليحل محل الوزير شردق , الذي شرع بالانسحاب التدريجي , اثناء تمركزه في المعسكرات الخلفية , وصلت تعزيزات من دولة الثوار قوامها ثلاثون فرقة , امرهم بالمكوث في الخلف , ريثما يستطلع رأي ينامي الحكيم . 
كان ينامي الحكيم مشغولا في ارض الميدان , يوجه الفرق والسرايا حين وصله رسول شردق واخبره بالتعزيزات , وانها بحالة جيدة , فأمره يقسمهم الى ثلاثة مجموعات , كل مجموعة من عشرة فرق , الاولى تشن هجوما سريعا على الجناح الايمن لجيوش الوحوش , والثانية تشن هجوما على الجناح الايسر , بينما الثالثة تنقل الحجارة من الجبال الى قاذفات اللهب في الميدان .    
ارتبكت الوحوش من الهجمتين الجديدتين على جناحي جيشهم , وكذلك عودة الحجارة تنزل عليهم في الوسط , قرر القائد شينعان سحب الجيوش الى الخلف , الى منطقة الجبال , تبعهم الثوار , ما ان وصلوا في وسط الوادي الكبير , وقعوا في الفخ , حيث شرع جنود الوحوش برمي الحجارة من قمم الجبال , تبعها هجوما مباغتا بالوحوش العملاقة , على ظهورها رماة النبال والرماح , تقهقر الثوار , محاولين الخروج من عنق الوادي بأقل خسائر ممكنة , لكنهم لم يفلحوا , فأمر ينامي الحكيم قاذفات اللهب برمي المزيد من الحجارة , كي تشغل الوحوش عن انسحاب الثوار .    
***********************
في ايروس , كان القائد خنكيل يتابع سير المعارك مع ضباط جيشه , تحزنه هذه المناظر كثيرا , لم يكن يوما يحب الدمار واراقة الدماء , لكن لا يمكنه فعل شيء , فجأة ظهرت صورة الامبراطور على الشاشات :  
- خنكيل . 
- سيدي الامبراطور المعظم ! . 
- لا زلت تتفرج ! . 
- وما عساني فاعل ؟ ! . 
- ارسل بعضا من فرقك الى ساحة المعركة ... واضرب المتمردين من الخلف ... جنودك من خير جنود الامبراطورية . 
- لا لن اشترك بالقتال حتى يصلوا الى ايروس ! . 
- جميع قادة جيشنا اشتركوا بعدة فرق ... انت الوحيد الذي لم تشترك في القتال الدائر قرب مفرق ايروس . 
- كل قائد له رأي ... اما انا فلن ارسل فرقي لتعمل تحت قيادة القائد شينعان . 
- لك ذلك ... ولك مطلق الصلاحيات في حماية ايروس ! .
- حسنا ! .  
***********************
ابتعد ينامي عن ساحة المعركة ليجتمع مع الوزير شردق وبعض قادة الثوار : 
- كم عدد الفرق المتبقية لدينا ؟ . 
- لا يزال لدينا مئة واربعون فرقة ... حسنا اطلبوا الاربعون ولتبق المئة في حماية الدولة ... يجب ان نحسم هذه المعركة بسرعة ! .  
اثناء ذلك , توجهت الوفا من الوحوش الطائرة نحو دولة الثوار , وشرعت برمي الحجارة الملتهبة على البيوت , والرماح والنبال على الناس , في محاولة لزعزعة الجبهة الداخلية للثوار , وايضا لقطع المدد عنهم , تصدت لهم فرق الثوار بكل قوة وحزم , لكنهم عددها كان كبيرا , وحركتها سريعة , ثم بدأت بإنزال الجنود قرب المدن لمحاصرتها , وقطع الطرق بين مدينة واخرى , تترس الثوار في داخل المدن لحمايتها من دخول الوحوش اليها , فلم يفلحوا بإرسال الفرق الاربعون التي طلبها ينامي الحكيم . 
من جهة اخرى شنت الوحوش الطائرة التابعة للحرس الامبراطوري هجماتها على المعسكرات الخلفية , لمنع الثوار فيها من الراحة ومعالجة المرضى واعادة التنظيم , تحلق بارتفاعات عالية جدا , لا تصلها احجار قاذفات اللهب . 
المزيد من الوحوش الطائرة ارسلت تعزيزات للكنكوريين , لدعم جبهتهم ضد فرق الثوار بقيادة جنكال , فتعرضت جبهته لخسائر كبيرة , قرر معها التراجع والابتعاد عن الكنكوريين . 
اما الثوار في ميادين القتال الواسعة , فقد شنت عليهم الوحوش الطائرة التابعة لقوات النخبة هجوما مطبقا , ملقية اطنانا من الحجارة عليهم , اصبحت قاذفات اللهب عديمة الجدوى , لا يصل مداها الى تلك الوحوش ولا يمكنها مجاراة سرعتها , رجحت كفة جيوش الامبراطورية على جميع الاصعدة , وتزعزعت ارادة الثوار , كثير منهم هرب , او فكر في الهرب .     
حاول ينامي الحكيم لملمتهم , لكن التوتر كان سيد الموقف , الى ان تمكن احد الثوار المشتبكين مع الحرس الامبراطوري من قتل شيلخوب , قطع رأسه ورفعه على رمح وصرخ قائلا : 
- قتلت شيلخوب ! . 
عندها انهار الحرس الامبراطوري انهيارا كبيرا , فاندفع الثوار نحوهم بقوة , لكنها كانت محاولة يائسة , سرعان ما حلت عدة فرق من قوات النخبة محل الحرس الامبراطوري واندفعت بشكل عنيف وسريع لصعقهم . 
اثناء ذلك , كان القائد شينعان يراقب الوضع من مقر قيادته على احد سفوح الجبال , حوله بعض قادة الجيوش , كان البشريون مسخرين في خدمتهم , ينقلون لهم الطعام والشراب , يسوئهم ما يجري على الثوار هناك في الميدان , لكن لا يسعهم فعل شيء , احدهم قال : 
- بوسعي ان افعل شيئا ! . 
حمل ابريق الخمر مع قدح كبير , اقترب من القائد شينعان , لم يمنعه الحراس , بل سمحوا له من الاقتراب اكثر , فهذه هي وظيفته , تقديم السقاية للقادة والضباط , حتى وقف خلفه مباشرة , استغل انشغال الحراس باستراق النظر الى ساحة المعارك , تناول سكينا كان على المائدة , بحركة سريعة وقوية غرسه عميقا في ظهر القائد شينعان حتى خرجت السكين من بطنه , ذهل الجميع مما حدث , قتل ذلك البشري على الفور .
اضطرب مركز القيادة اضطرابا شديدا لوجود اعدادا كبيرة من البشريين فيه , شن بعضهم هجومات متفرقة على بعض الضباط وقادة الجيش الكبار , فقتلوا عددا منهم وجرحوا اخرين , اختل توازن جيوش الوحوش , وفقد قادتها وضباطها السيطرة على مجريات الامور , عندما اعلنت بعض فرق البشريين من حلفاء الوحوش التمرد عليهم والتزامهم طرف الثوار , امسى الوحوش لا يعرفون صديقهم من عدوهم , لذا قرر القائد جينجيل اخبار الوزير خنياس وابلاغه بما جرى , ثم اخذ الاوامر منه مباشرة , فكانت بإيقاف المعارك والانسحاب الى ما منطقة الجبال وما خلفها .  
 اطلقوا مجموعة من الشعلات في السماء , علامة الى ايقاف القتال , من جهته تهلل وجه ينامي الحكيم طربا لذلك وامر بإيقاف القتال من جانبه ايضا : 
- نحن في امس الحاجة لذلك .    
ارخى الليل سدوله , انشغل الثوار بإسعاف الجرحى ونقل جثث الموتى من الميدان , وانشغل ينامي الحكيم مع قادة الثوار في الاعداد للمرحلة القادمة , اثناء ذلك , دخل احد الثوار صارخا : 
- سيدي ينامي الحكيم ! . 
- ماذا وراءك ؟ ! . 
- بعضا من الفرق البشرية الحليفة للوحوش  قرروا الانضمام الينا .   
 سعد الجميع لذلك , وقرروا الخروج للترحيب بهم , عانق ينامي الحكيم قادة الفرق وضباطها , رحب بهم احر ترحيب , واخبروه ان هذه الليلة ستشهد التحاق الكثير من البشريين بالثوار , وهكذا كان طوال الليل , يهرب البشريون من جيش الوحوش ويلتحقون بجيوش الثوار . 
*** يتبع 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=66536
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20