• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : النجف الهوية الاسلامية العربية المستقله .
                          • الكاتب : علياء موسى البغدادي .

النجف الهوية الاسلامية العربية المستقله

الحضارة هي الجهد الذي يُقدَّم لخدمة الإنسان في كل نواحي حياته، أو هي التقدم في المدنية والثقافة معًا، فالثقافة هي التقدم في الأفكار النظرية مثل القانون
والسياسة والاجتماع والأخلاق وغيرها، وبالتالى يستطيع الإنسان أن يفكر تفكيرًا سليمًا، أما المدنية فهي التقدم والرقى في العلوم التي تقوم على التجربة والملاحظة
مثل الطب والهندسة والزراعة، وغيرها.. وقد سميت بالمدنيَّة؛ لأنها ترتبط بالمدينة، وتحقق استقرار الناس فيها عن طريق امتلاك وسائل هذا الاستقرار، فالمدنية تهدف إلى
سيطرة الإنسان على الكون من حوله، وإخضاع ظروف البيئة للإنسان.ولابد للإنسان من الثقافة والمدنية معًا؛ لكي يستقيم فكر الأفراد وسلوكياتهم، وتتحسن حياتهم، لذلك
فإن الدولة التي تهتم بالتقدم المادي على حساب التقدم في مجال القيم والأخلاق، دولة مدنيَّة، وليست متحضرة؛ ومن هنا فإن تقدم الدول الغربية في العصر الحديث يعد مدنية
وليس حضارة؛ لأن الغرب اهتم بالتقدم المادي على حساب القيم والمبادئ والأخلاق، أما الإسلام الذي كرَّم الإنسان وأعلى من شأنه، فقد جاء بحضارة سامية، تسهم في تيسير
حياة الإنسان  من حيث التقدم المدني والعلمي والتفوق الحضاري اوالديني الاخلاقي المصلح لكل البشرية .(( قيم ومبادئ، وقواعد ترفع من شأنه، وتمكنه من التقدم في
الجانب المادي وتيسِّر الحياة)) فالحضارة الإسلامية في ذاتها وجوهرها إسلامية خالصة، وهي تختلف عن غيرها من الحضارات اختلافًا كبيرًا، إنها حضارة قائمة بذاتها،
لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية، وتستهدف تحقيق الغاية الإسلامية، ألا وهي إعمار الكون بشريعة الله لنيل رضاه، لا مجرد تحقيق التقدم المادي، ولو كان ذلك على حساب
الإنسان والدين كما هو الحال في حضارات أخرى، مع الحرص على التقدم المادي؛ لما فيه من مصلحة الأفراد والمجتمع الإنساني كله
ومن اهم انواع الحضارة الاسلامية هي حضارة الدول والمدن . وهي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان وخدمته، وعند الحديث عن حضارة الدول
ينبغى أن نتحدث عن تاريخ الدولة التي قدمت هذه الحضارة، وعن ميادين حضارتها، مثل:
الزراعة، والصناعة، والتعليم، وعلاقة هذه الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، وما قدمته من إنجازات في هذا الميدان. وقد لعبت المدن العربية الاسلامية دور بارز في
ازدهارها وتوسعها وانتقالها الى بلدان العالم الاخرى  والحفاظ على الهوية الاسلامية العربية  وتصدير العلم والمعرفة والحضارة الانسانية الاسلامية .لانها تميزت
بالاصاله  وعبقرية  الامة الاسلامية  وابداعتها.ومنها مدينة النجف الاشرف .لها تاريخ وحضارة كبيرة وعميقة ولها قدسية  كبيرة في نفوس المسلمين كافة والشيعة خاصة 
.تنتشر فيها رائحة التاريخ الاسلامي والحضارة الاسلامية الانسانية  الاصيلة  لعبت دورا قياديا في مجالات كثيرة (حضارية – دينية – وسياسية – واقتصادية )تعتبر من
المراكز الدينية والثقافية المهمة في العالم الاسلامي . تقع مدينة النجف على الطرف الغربي من نهر الفرات، وعلى بعد 160 كيلومتراً جنوب العاصمة العراقية– بغداد النجف
بلدة واسعة واقعة على رابية مرتفعة، فوق أرض رملية فسيحة، تطل من الجهة الشمالية الشرقية على مساحة واسعة من القباب والقبور منها الدارس ومنها لم يزل بارزاً
للعيان، وهذه المقبرة العظيمة تدعى وادي السلام، وتشرف من الجهة الغربية على بحر النجف الجاف، ويشاهد القادم من مسافة بعيدة مرقد امير المؤمنين  الامام علي بن أبي
طالب الذي يقع في وسط المدينة تتجلى فوقه قبة كأنها قطعة من ذهب الإبريز تطاول الشمس لمعانا. و تبلغ مساحة المدينة نحو 1338 كم2، شوارعها مستقيمة فسيحة وعماراتها
جليلة مرتفعة واسواقها عريضة منظمة ولا سيما السوق الكبير الذي يبتدئ من سور المدينة الشرقي وينتهي عند صحن الامام علي. وبعد التغير الذي حدث في العراق وسقوط
النظام الصدامي الظالم وبروز شمس الحرية والعداله والدموقراطية بدات النجف تتميز بمشاريعها العمرانية الكبيرة والحياة المدنية المتطورة ومشاريع التقدم العلمي
والتعليمي ومشاريع الخدمات العامة التي فتحت ابواب اكبر لتقف مدينة النجف في مصاف الدول والمدن العربية المتقدمة.  وتُعتبر النجف مدينة مقدسة  في العالم الإسلامية
مع مكة والمدينة والقدس.إلاّ انها تعتبر في المرتبة الأولى من حيث الأهمية من بين المدن المقدسة الشيعية في العالم الإسلامي حيث يرقد في أرضها (أمير المؤمنين )
الامام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف(ع)، وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. حيث أراد اللّه عزّ شأنه أن تتكامل أهمية هذه البقعة الطاهرة
المطهرة، أن تأخذ أبعاداً ومضامين جهادية وسياسية، هيأ لوصيّة الأمين علي (عليه السلام)، أن يتخذ هذه البقعة المباركة مركزاً لولايته، وبعد تلك المسيرة الظافرة
للإمام المبين علي، في ترسيم معالم الدولة الإسلامية، وبينما هو منشغل بمسؤولياته في تلك الظروف الدقيقة شاءت إرادة اللّه أن تختم تلك المسيرة باستشهاد الإمام
علي(عليه السلام) لتتشرف هذه البقعة المباركة بضم ضريح لجسده الطاهر، فأضاف لهذه المدينة ميزة خاصة، حين اقترن اسم علي باسمها، ووجودها بوجوده، فأصبحت في ضوء ذلك
أكثر تفرداً وأعمق تألقاً وأمضى تأثيراً في المسيرة الإنسانية. روي عن أمير المؤمنين علي أنه أراد الخلوة بنفسه فأتى إلى طرف الغري فبينما هو ذات يوم يشرف على
النجف وإذا برجل قد أقبل من البرية راكباً ناقة وقدامه جنازة، فحين رأى علياً قصده حتّى وصل إليه وسلّم عليه وقال له: من أين؟ قال: من اليمن، قال: وما هذه الجنازة؟
قال: جنازة أبي جئت لأدفنه في هذه الأرض، فقال له علي: لم لا تدفنه في أرضكم؟ قال:
أوصى أبي بذلك وقال: إنه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر، فقال له علي: أتعرف ذلك الرجل؟ قال: لا، فقال: واللّه ذلك الرجل أنا، قم فادفن أباك.
لقد تمتعت النجف بأهمية دينية وعلمية حتى انّ الرحالة والزوار العرب المسلمين وصفوها بأنها العصب المركزي العظيم للعالم. فهي "قلب العالم" وهي "العالم في
مدينة".اهميتها قديما وحديثا وتاثيرها المستفبلي اكبر واوسع على العالم اجمع وهي ليس حكرا على فئة معينة او دين معين هي مزار لكل العالم ولكل مؤمن بالمعرفة والتقدم
والحضارة الانسانية الخالدة المنتجة المتطورة  الغير تقليدية الاصيله 
.اما عن الدور الجهادي للنجف :
فقد كان لها دورا جهاديا كبير  مارسته دفاعا عن حقوق الشعوب الاسلامية في كل العالم الاسلامي حيث بدأ دورها الجهادي أ منذ ان ظهرت عمارتها بظهور القبر العلوي الشريف
عام ١٧٠ هـ وسطع نجمها وفي مواقف عديدة منها :
(دورها اثناء الحروب المخربة والمؤسفة بين الصفويين والعثمانيين في القرن العاشر والحادي عشر مما جر عليها الخراب. ,دورها خلال الحصار الوهابي والنهب والسلب حيث
جاء من الرحبة عام ١٢١٦هـ وتكرر بعد ذلك كما ذكر صاحب (مفتاح الكرامة ) السيد العاملي وهو من المقاويمن. والدور الجهادي لعلماء النجف وصراعهم ضد الانكليز دفاعا
عن الدولة الاسلامية العثمانية حيث كان المرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي والمرحوم شيخ الشريعة من القادة فيه، وان كان التراك لم يعطوها حقها بل هاجموها بقوة)

اما دورها الثقافي والادبي :
حيث ان بروز نشاطها الديني والحضاري الاسلامي لم يجعلها حكرا على علماء الدين فقط ولم تكن مخصصه لان تعد علماء دين  متميزين فقط. وإنما أنجبت جيلا من الشخصيات
الأدبية التي درست بها ,فقد كانت ولا تزال رافدا عظيما للغة العربية والادب وتخرج فيها مئات الشعراء الكبار عبر التاريخ وفي العصر الاخير كالجواهري والشبيبي وبحر
العلوم والظالمي والفرطوسي والوائلي وغيرهم. ، فكانت هذه المدارس مراكز للفكر الديني والسياسي والأدبي على السواء، وهي بذلك شاركت بشكل أو بآخر في تأسيس الدولة
العراقية الحديثة بمختلف الجوانب والادوارالاجتماعية  القيادية المميزة . حيث يفيض ارثها الحضاريوالاسلامي والثقافي على  ابنائها وشبابها ويزيدهم فخرا بها وتقودهم
مدينتهم  الكبيرة في كل شيى نحو التفوق والتقدم والبناء . مع كل هذا المجد الحضاري والتاريخ والحضارة الاسلامية  والمكانه المقدسة التي تميزت بها النجف  والارث
العمراني الاصيل والارث الثقافي والمعرفي والادبي لها وادوارها البارزة في حياة المسلمين  والدوله الاسلامية ودورها الاجتماعي والسياسي والديني الكبير في نشاة
الدوله العراقية الحديثة تستحق ان تكون وبجداره عاصمة للثقافة الاسلامية  .ان هذا المشروع او هذه الدعوة المباركة ستشهد  بداية لوحدة اسلامية حقيقية  وتقارب فكري
ومذهبي عزيز على مسلمين كبير على الكفار معه تشهد امتنا الاسلامية والعربية  مشهد انساني وحدوي جديد لينطلق من مدينة النجف صوت الوحدة والتقارب ليس للمسلمين فقط بل
لكل العالم . هي قادرة وابنائها ومحبيها وداعميها قادرين في انجاح هذا المشروع الانساني  الوحدوي لكل الامة الاسلامية المستحق .لان النجف عاصمة الثقافه الاسلامية
يعني بداية الحوار الصحيح والحقيقي  بين المذاهب والاديان لانها  ارض السلام . وان اختيار النجف عاصمة ثقافية للعالم الاسلامي محل استقبال كبير من قبل العلماء
والمفكرين وكل المتحرقين لقضية الثقافة في عالمنا الاسلامي..لانها كانت وما تزال مهوى للقلوب و منارا للتعليم و التبليغ الديني والمرجعية الفقهية والفكرية تنجب
العلماء جيلا بعد جيل وبوتيرة متصاعدة وتألق مستمر .وقدحظيت بمكانتها العريقة الضاربة في عمق التاريخ الإنساني بما لها من قيمة حضارية تجمع بين قدس العبادة
وكرامة العلم.وهي بارثها الكبير (الحضاري الاسلامي والانساني والثقافي )نموذجا ناجح لان تكون عاصمة الثقافة الاسلامية ومركز للوحدة الاسلامية  والتحاور والتقارب بين
الاديان . (نعم لباب مدينة العلم .نعم لمدينة حفظت العربية وهي تضم العربي والفارسي والتركي والأفغاني والهندي والصيني والأفريقي والروسي وكل هؤلاء يحملون هما ً واحدا
ً هو العلم والثقافة. نعم نجف الجواهري شاعر العرب الأكبر. نعم لنجف الوحدة الاسلامية . نعم لنجف الوحدة الوطنية .نعم لنجف الانسانية .نعم لنجف السلام .
 
 المصادر
 1-    علي الوردي لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، واركوفان للنشر، بيروت،
1992م، ط2، الجزء الثالث
2-    عبد الله النفيسي :دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث، دار النهار
للنشر، بيروت 1986م، ط2
3-    المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب  الاسلامية .
4-    وكالة انباء برثا .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=6897
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18