• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خطاب الواقعة ... .
                          • الكاتب : د . سعد الحداد .

خطاب الواقعة ...


تشير منظومة القيم السماوية التي أنتجتها (واقعة الطفّ) بوضوح الى شموليتها بوصفها نتاجاً إنسانياً غير اعتيادي ، لايقتصر على فضاءات محددة إبان زمن الواقعة أو المشاركين فيها أو من عاشها أو لمساحة الواقعة أو الدولة الإسلامية يومذاك ، بل أنَّ خطابها (المؤنسن) سرعان ماتخطّى كل حدود الزمان والمكان ، لذا تعاقبت ثورات متعددة ، منها ما تزينت بزي الواقعة ونهجت نهجها ، وأخرى اتخذت زيّها شعاراً ظاهراً لها سرعان ماانحرفت عن مسارها الانساني وسقطت براقعها السياسية . وبين هذه وتلك ، فالواقعة محفّزُ استنهاضٍ شعبي إنساني قادر على تفعيل دور المثير الجمعي وتثويره ضد قوى الظلم والطغيان والجبروت ، ولما تمتلكه من قوة تأثير روحي ونفسي وفطرة إيمانية ، على اختلاف الأمكنة والأزمنة. فهي قادرة على الإتيان بحركة مغايرة للواقع تستطيع أن تحدث دويّا في الضمير ليتجاوز السائد من الركود والخنوع الى مناخات من الكرامة والإنسانية . واتخذت تلك القيم أشكالاً وأنماطاً مختلفة في المجالات الحياتية متمثلة بوعي الانتماء الحر ونظرته المتجذرة في الفطرة الإنسانية . وكان للفكر حصته الغالبة في النتاج المعرفي الذي استاف من واقعة كربلاء ومنظومة قيمها مايشكّل مجلدات لاحصر لها من الوعي ليس لدى المسلمين فحسب انما تعدى الى أمم وديانات الأخرى ، وان تباينت الرؤية في قراءة الحدث الا أنّ المؤثر يبقى فاعلا في الضمائر ومن شواهد هذا التأثّر ماكتبه المؤرخ الإنجليزي الشهير( جبيون )إذ يقول ( إن مأساة الحسين المروعة ، بالرغم من تقادم عهدها ، وتباين موطنها لا بد أن تثير العطف والحنان في نفس أقل القرّاء إحساساً وأقساهم قلباً) . أو ردة الفعل الإنسانية للكاتبة الإنجليزية (فريا ستارك )وقد كتبت تقول ( مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس ، وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء).
أما مااستثمره العلماء والفلاسفة والأدباء والشعراء والمثقفون ضمن منظومة القيم الكبرى كلّ حسب طبيعة توجهه ومفاهيمه الدينية أو الفكرية فهو يجسد بملامحه العامة المفهوم الانساني للواقعة ، وقد خلّفوا منجزاً ابداعياً مازال يتنامى بأنساق متعددة من المعارف والفنون والعلوم . فالواقعة بمنتجها القيمي ذات دلالات كبيرة لتحفيز الوعي داخل الذات البشرية وتحويله الى إدراك حسي فاعل في إيقاف عجلات الإغواء والإغراء والتصدي لكل أنواع القيم السلبية داخل النفوس أولا ثم هي العلاج الناجع للمجتمع في تحولاته نحو الاستقرار والتقدم والابداع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68999
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28