• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح307 سورة الأحزاب الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح307 سورة الأحزاب الشريفة

 بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً{7}

تضيف الآية الكريمة مبينة (  وَإِذْ  ) , تقديره { وَاذْكُرْ } الذي استهلت به كثير من الآيات الكريمة , (  أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ) , يؤكد النص المبارك انه عز وجل اخذ الميثاق من جميع الانبياء "ع" , (  وَمِنكَ ) , يا محمد , (  وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) , ذكروا بالخصوص لانهم يمثلون اولو العزم من الانبياء , (  وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ) , تكرار لبيان عظمة وخطورة هذا الميثاق . 

 

لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً{8}

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ) , الغرض من اخذ الميثاق ليسأل الله تعالى الانبياء يوم القيامة , فقد صدقوا عهدهم فيظهر الصدق , وهو تبكيت للكافرين , (  وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً ) , فيثاب المؤمنين الذين آمنوا وصدقوا بما جاءتهم انبياءهم به , وليس لمن كفر بهم الا العذاب الاليم .    

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً{9} 

تضمنت الآية الكريمة خطابا مباشرا للمؤمنين (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) , نعمه جل وعلا لا تعد ولا تحصى , ومنها (  إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ ) , حين جاءتكم جنود العدو , وهم الاحزاب "قريش وغطفان – عسكروا في الخارج- ويهود قريظة والنضير من الداخل " , (  فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ) , فارسل الله تعالى على الاحزاب :   

1- (  رِيحاً ) : ريح الدبور , ريح شديدة اقتلعت الخيام ونثرت عدتهم . 

2- (  وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا ) : الملائكة .  

(  وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً ) , اكثر المفسرين يرون ان العمل المقصود في النص المبارك هو عمل حفر الخندق .     

 

إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا{10} 

تصف الآية الكريمة الحال في واقعة الاحزاب من جانب المؤمنين (  إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ ) , من اعلى الوادي , (  وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ) , من اسفل الوادي "من المشرق والمغرب" , (  وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ ) , شخصت ومالت عن كل شيء الا عن العدو , (  وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ) , من شدة الرعب , (  وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ) , وراودتكم حينها مختلف انواع الظنون بين النصر والهزيمة .  

 

هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً{11} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع الاحزاب (  هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ ) , في ذلك الزمان والمكان اختبر المؤمنين اختبارا صارما , فظهر المؤمن والمنافق الثابت والمتزعزع , (  وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) , شدة الرعب والفزع كان لها وقع على القلوب كالزلزال .  

 

وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً{12} 

تستمر الآية الكريمة في الموضوع كاشفة عن ظهور فئتين من المنافقين : 

1- (  وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ ) : انكشف جانبهم وظهرت نواياهم الحقيقية . 

2- (  وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) : كشفوا عن ضعف ايمانهم , وعدم صلابتهم في مثل هذه المواقف التي تتطلب الصبر والصمود واظهار القوة للعدو . 

كلا الفئتين قالتا (  مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) , ما وعدنا الله تعالى به من النصر باطل , لا علامة تدل عليه , ولا صحة له .   

 

وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً{13} 

تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ ) , تتردد الآراء حول هذه الطائفة بين المنافقين وفئة اخرى شاركت في تثبيط العزم وبث روح الاحباط بين المسلمين , (  يَا أَهْلَ يَثْرِبَ ) , سكان المدينة , (  لَا مُقَامَ لَكُمْ ) , لا مكان لكم ها هنا , (  فَارْجِعُوا ) , اتركوا اماكنكم الحالية وعودوا الى منازلكم , وكانوا قد خرجوا مع الرسول الكريم محمد "ص واله" , (  وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ ) , في الرجوع , (  يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ) , معتذرين محتجين ان بيوتهم ليست حصينة , (  وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ) , والواقع انها غير ذلك , بل هو عذر للانسحاب او الهروب من ساحة الميدان , (  إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً ) , ارادوا بهذه الحجة او العذر سببا للفرار .   

 

وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً{14} 

تستمر الآية الكريمة قدما في الموضوع (  وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ) , من جوانبها "نواحيها" , (  ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ ) , طلب منهم الردة وقتال المسلمين , (  لَآتَوْهَا ) , لفعلوها , (  وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً ) , ننقل فيها رأيين : 

1- لا يتأخر منهم عن الفتنة الا القليل . 

2- وما تأخروا عن الشرك إلا يسيرًا منهم . 

3- (  وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا ) بالفتنة أي بإعطائها . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 

 

وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً{15} 

تستمر الآية الكريمة قدما في الموضوع (  وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ) , سبق لهم ان عاهدوا ان لا يولون الادبار في الحرب , وكان ذلك قبل غزوة الخندق , (  وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً ) , مسؤول عن الوفاء به , محاسب على عدم الوفاء به .    

 

قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً{16} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها (  قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ ) , الفرار لا يجدي لكم نفعا , (  إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ) , ان كان سبب الفرار الخوف من الموت , فلابد لكل امرء من موت لأي سبب كان "تعددت الاسباب والموت واحد" , (  وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً ) , بعد فراركم من الحرب تتمتعون في الدنيا الا عددا قليلا من السنين .  

 

قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً{17}

تستمر الآية الكريمة (  قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ ) , لا مجير لكم ولا عاصم غيره جل وعلا , (  إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً ) , مصيبة , شدة , محنة , (  أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ) , خير كالنصر والغنيمة , (  وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً ) , ينفعهم , (  وَلَا نَصِيراً ) , يدفع عنهم الضر .       

 

قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً{18}

تستمر الآية الكريمة (  قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ ) , الذين ساهموا في تثبيط عزائم المسلمين , (  وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ) , هؤلاء يقولون اخوانهم اما في النسب والقرابة او لمن هو على شاكلتهم او لمن تربطهم بهم روابط اجتماعية وكانوا في معسكر المسلمين يقولون لهم كأنهم ناصحين "تعالوا انضموا الينا, ألتحقوا بنا " , (  وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً ) , لا يقاتلون الا قليلا , قتالهم من باب الرياء وطلب السمعة , وكذلك خوفا من الفضيحة والتعيير , وان يوصفوا بالجبن والتخاذل وعدم مراعاة العهود والمواثيق .   




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73268
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19