• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مجلس حسيني - فضل العلم والعلماء .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

مجلس حسيني - فضل العلم والعلماء

قال رسول الله {ص} :العلم ثلاثة . آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، وما خلاهنّ فهو فضل.
 هذا الحديث الشريف ذكره الإمام موسى بن جعفر{ع} عن رسول الله {ص} قال: (دخل رسول الله (ص) المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: (ما هذا؟ فقيل: علامة. فقال: وما العلامة في رأيكم؟ قالوا له: "  أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية". فقال (ص): ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه؛ ثم قال : إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، وما خلاهنّ فهو فضل)..  ثم قال : لا خير في العيش إلا لمستمع واع، أو عالم ناطق)  ..

قيل يا رسول الله , ما هي ..؟ قال : 1ـ استماع العلم. 2ـ وحفظه. 3ـ ونشره عنده أهله. 4ـ والعمل به.

           بعد هذه المقدمة  أعود إلى فكرة المجلس المبارك :.. العلم أصل كلِّ شيء،  هو يحرِّر العقول من القيود والأوهام،و يُدِير حركة الإنتاج والنهضة،  والعلم يَقضِي على الفساد ويبدله إلى نظام وقانون ..

وهو أساس كل عبادة؛ فلا يمكن أن نصلِّي دون علم، فالصلاة تحتاج إلى عالِم يعلِّمنا كيف نصلَّى , ما يقال فيها وأركانها، ولا يمكن الصيام دون علم، فلا صلاة، ولا صيام، ولا زكاة، ولا جهاد، ولا حج دون علم؛ فالعلم هو الأساس؛ لأن كل شيء يُبنَى عليه...

لكن السبب  في العلماء الذين يأخذون فروعَ العلم  ويتركون الأصول؛ لان الأصول ثابتة متفق عليها , ولكن الاختلاف في الفروع .. فيحدث هدمٌ في الدين؛ مبني على الأصول والفروع،فيحدث الاختلاف عادة في الأصول ..على ذلك فالعلماء أنواع:

أولا :... العلماء الربانيون، - من هو العالم الرباني ..؟ يقول العلماء " إن الأخلاق هي مقياس الدين " وأفضل صفة في الأخلاق هي التواضع .. قال الإمام الصادق {ع} :التواضع شرف ومرتبة رفيعة , ولو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق ما في مخفيات العواقب .. والتواضع ينبغي ان يكون من العالم لغيره و من غيره له..  إلا إن العالم أولى بان يتصف بهذه الصفة الكبيرة لأنه داعية إلى الله فعليه أن يتواضع لله , ومن تواضع لله يرفعه الله على كثير من عباده .. سئل بعضهم عن التواضع ؟ قال هو أن يخضع للحق وينقاد له ولو سمعه من صبي ..

من هنا نرى عليا (ع) لم يختر كميلا على أنه كميل صديقه أو قريبه  ، بل لأنه  فرد من أفراد  شعبه وشيعته.. فقال له: اكتب يا كميل!.. ولم يقل له: هذا سر بيني وبينك؛ اذهب وروجه في صفوف إخوانك.. قال له يا  كميل: إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها.. فأحفظ عني ما أقوله لك: الناس ثلاثة:عالم رباني.. ومتعلم على سبيل نجاة.. وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، لا يستضيئون بنور العلم؛ فيهتدوا، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق؛ فينجو).

 إن عليا (ع) في هذه الكلمة، عندما يقول: (الناس ثلاثة)؛ معنى ذلك أنه ليس هنالك شق رابع.. إنه حديث مخيف، لأن علي (ع) وزع ثلاث شهادات: شهادة ربانية، وشهادة المتعلم على سبيل النجاة، وشهادة الهمج الرعاع.. والإنسان بسلوكه يحدد أنه من أي صنف من هذه الأصناف الثلاثة!..

العالم الرباني: كلمة العالم الرباني، هو ذلك الإنسان العالم الذي يربي نفسه أولا , ثم يربي  العباد، . بتوضيح اخر , هو العالم الذي ينقل نوره الباطني إلى الأمة.. وكل من يتمكن لهذا نقل نوره الباطني إلى الناس فانه تشابه كثيرا من حياة كالأنبياء (ع).. وطبعاً هذا النقل يحتاج إلى عنصرين أساسين:

العنصر الأول: وجود نور العلم.." نقطة مهمة نور العلم  ليس بكثرة التعلم"  وإنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء.. هناك متعلمون من جميع المذاهب , يمارسون المنكرات، شأنهم شأن الآخرين؛ هذا ليس عالم رباني , مجرد درس علم الحديث، وعلم الرجال والتفسير.. إذن العلم ليس جمع المعلومات.. الرام يمكن ان يحمل آلاف الكتب , فهل يمكن أن نسميه عالم ...؟. {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}.. والعالم الرباني هو ذلك الذي يستحصل على هذا النور..

يزيد البعض تفسيرا لمعنى العالم الرباني :.. هو  إن العالم الرباني هو الذي له قدرة على إشاعة النور في المجتمع.يربي العلم، ويوسع العلم؛ لأن العالم إذا اتصل بعالم الغيب، صار هنالك قناة اتصال بينه وبين عالم الغيب.. ومن ينكر هذه المقامات العالية، سوف لن يصل إليها في يوم من الأيام.

*****  القسم الثاني من العلم الاستشراف :..

      هذه المرتبة لا تأتي بالدراسة , ولا يمكن لأي كلية ومعهد ان يعطي أي عالم نسبة استشراف , ومعنى الاستشراف , أن يشرق النور في قلبه بقراءة المستقبل ووضع الحلول .. .. كثير من الناس لا يستطيعون تخيل المستقبل ولا يملكون أدوات الاستشراف  للمستقبل :.. منهم ..

الأول: لا يهتم لأي مسالة عن المستقبل , بل يعرض عنه، ولا يملك أي تحسس لنفسه وبلده وأمته ..

الثاني: عالة على الآخرين  يكون تابع ما يقوله الناس ويعتقد ما اعتقدوا. حتى انه يتبع السحرة  حين يقولون عن المستقبل كلاما بلا دراسة ولا علم مجرد الاعتماد على الجن والسحر ..

الثالث: إنسان خبير يملك علمية وفراسة  وخيال واسع في معرفة ما ستؤول له الأمور, يتابع  كل ما يصدر من آراء ودراسات.... هذه العلوم موجودة كثيرا في القران والحديث الشريف ..ولكن الغرب لم يتنبه لعلم المستقبل إلا متأخرا وبعد أن تزاحمت عليه نتائج البحوث العلمية  منذ رحلة كرستوف كولمبس  في القرن الــ15  الذي وجد  صعوبة إقناع من حوله بأهمية رحلته البحرية لاكتشاف العالم من حوله، حين قدم خطة مكتوبة لملك إسبانيا , عرضها الملك على لجنة خاصة لدراستها بقيت هذه اللجنة بعد أربع سنوات بدراسة الفكرة استهزئوا ب(كولومبس) وأنه إذا ذهب فلن يستطيع العودة!.. وقصة (مورس) مكتشف التلغراف؛ قدم تصوراته في جلسة خاصة مع أعضاء الكونغرس الأمريكي عام 1842م، قال : أنه بإمكانه أن ينقل الرسائل عبر الكهرباء بالهواء عن طريق التلغراف .. فظنوا به  جنون!..

     ولكن اهتمام الغرب بعلم المستقبل" الاستشراف "  بدأ في منتصف الأربعينيات، وشكلوا مركز «البحث والتطوير» انطلقت المسيرة لدراسة علم المستقبل وأهميته حتى وصل عدد المؤسسات إلى 600 مؤسسة في الولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية عام 1976م،.. أما السويد فقد قامت بتأسيس وزارة للمستقبل عام 1973م .... تعريف علم استشراف : هو: القدرة على معرفة المستقبل من خلال قياس الماضي يحاضره، وقابلية تحسينه نحو الأحسن .. بتعبير آخر هو استباق في معرفة الخير والشر , والتهيوء لكليهما والتعامل مع أي حدث قبل وقوعه..وعدم الاتكال على كلمة { لو }..

 المجتمع الإسلامي عنده خزين كبير من علم الاستشراف ولكنه لم يفّعله , بل اتخذه للعظة والنصح فقط .. منها قول النبي {ص} سيأتي زمان على أمتي  توشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها) قيل (أومن قلة نحن يومئذ؟) قال (بل انتم كثير ولكن كغثاء السيل ويوشك الله ان ينزعن المهابة من صدور أعداءكم وان يقذف في قلوبكم الوهن) قيل (وما الوهن؟) قال (حب الدنيا وكراهية الموت ...  وقال {ص} (ستاتى على أمتي سنوات خداعات يكذب فيها الصادق و يصدق فيها الكاذب ويؤتمن الخائن و يخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضه) قيل (وما الرويبضه؟) قال: (الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة)... وقال {ص}: (سيأتي زمان على أمتي يكثر فيها شرب الخمر وسيسمونها بغير اسمها) (يقال عنه الآن مشروبات روحية) وقال : سيأتي زمان على أمتي يكثر فيها التعامل بالربا ومن يحاول اجتنابه فلن يسلم من غباره) (فوائد البنوك)...  ومئات الأحاديث

***** إذن ما سبب تأخر المسلمين عن الغرب ..؟

هذا السؤال يدور في أذهاننا ويقض مضاجعنا .... السبب هو الفراغ النفسي  وانعدام التفكير .. الذي يقول عنه النبي الكريم في حديثه ..  شريعة متبعة { قائمة } ما معنى الشريعة ، ومعنى القانون.

       الشريعة تُطلق على مورد الإبل ، وهو المكان الذي سُنّ لها لتَرِدَ إليه لتشرب  منه ، اُخِذ هذا المعنى وأطلق على ما سنّه الله لعباده من أحكام تنظّمُ حياتهم , فلم تترك الشريعة الإسلامية شيئاً إلا شملته بحكم وأدب ، جاء يهودي  لأحد الصحابة , قال  مستهزئاً : لقد علّمكم نبيّكم كلّ شيء حتى الخرأَة , يقصد آداب قضاء لحاجة  في الاستقبال والاستدبار ..

*****ما هو الفراغ الباطني ...؟  مقدمة للموضوع :... بعض الموضوعات لا تعني كثيراً من الناس، كالحديث عن الكرم -مثلاً- لأنه لا يعي المسالة , ولا يبحث في طيات نفسه عن فقير , ولا تتألم روحه لحالة إنسان محتاج , فهو يخرج من بيته للعمل , ويعود بعد انتهاء العمل , ولا ترتسم صورة اجتماعية في ذهنه يتفاعل معها ..  هؤلاء يعتبرون أنفسهم غير ملزمين بالإنفاق الواجب والمستحب.. لذا، فإنهم مهما سمعوا أحاديث عن الكرم والإنفاق والسخاء، لن يبدل ذلك في الأمر شيئاً؛ لأن الموضوع لا يعنيهم ؛ رغم أن الكرم صفة عظيمة!.. هذا مثل يساق عليه قياسات كثيرة ..

    **** قضية أخرى يسميها العلماء " البطالّة "  وهذا مجتمع كبير جدا,  من كل الشرائح الاجتماعية  وهم سبب التخلف ,  البطالة هم كل إنسان مكلف.. ضعيف الهمة , قليل الإنتاجية , لا يعير أهمية للعلم ولا للتقدم نحو الكمال .. أشبه شيْ كالمقارنة بين اغلب العراقيين والمجتمع الأوربي أو الإيراني , عنده الحياة رتيبة لا فائدة فيها كثيراً لأنه لا تحثه نفسه بالتطور , فلا زال في السوق دواء مستورد , وأدوات كهربائية , وملابس جديدة مستورده , فلا  يكلف نفسه أن يتكامل نحو الأحسن, أن يسد حاجته من ذاته , رغم انه يمكنه ذلك , ولكن الفراغ , ومستوى البطالة أصبح عالة على نفسه وعلى الآخرين .

      إذا ابتلى المجتمع بهذا البلاء , ووصل إلى مستوى البطالة مع الفراغ النفسي , أصبح مجتمعا متخلفا , حتى لو جلس واستمع في المسجد لخطبة مكررة من خطيب ألف مرة , تراهم يرتدون ملابس حديثة وسيارات حديثة وبيوت فارهة وسفرات , ولكنهم عالة على الشعوب المنتجة المفكرة ..

 

لذلك يسمي رسول الله {ص} هذه العلوم كالشعر والأدب والقصة والمسرح والتمثيل , يسميها فضل وليست علم يقدم الأمة ,, يسمونها هم ثقافة , الفرق بين الثقافة والفضل , يحدث غالبا التباس كبير لدى طبقة ايطلقون على انفسهم مثقفين ,  هناك اسئلة تتعلق بهذا الموضوع. مثال ذلك:

**** ما هي الثقافة؟  من هو المثقف؟  ما هي معايير تحديد المثقف؟  مصدر كلمة ثقافة في العربية رجل حاذق اذا صار حاذقاً او ماهراً. وهي عبارة عن مقاييس أخلاقية عامة الى كل جوانب الحياة الروحية والمادية بحيث  تؤثر على السلوك والعادات , فتؤدي الى رفع مستوى الإنسان الى الأحسن وتتناقل من جيل الى آخر عن طريق اللغة والمحاكاة

المثقف هو الذي يضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع. والاهم في كل هذا انه  يعمل لصالح القطاعات العريضة في المجتمع. وتكون لديه القدرة للارتقاء بالأمة نحو الكمال والأحسن .. ولذا لا يمكن أن نطلق على كل من ينتمي للفنانين والمطربين  انه مثقف , فما علاقة الثقافة بالرقص او المهرج بالسيرك .. او المذيع وهو لا يعرف اللغة العربية  بصورة صحيحة .. كما نراهم الآن .

بعضهم يعمل لقاءات مع شرائح علمية متعددو طبيب  وضابط بالقوات المسلحة وبرجل دين , وبمهندس مشاريع .. كيف يتمكن ان يغطي هذه الشرائح ويعطي صورة عن انطباعاته عن تلك الشريحة .. هؤلاء غير مثقفين ولكن يشتغلون بالصحافة والإعلام فقط .. سالت مسؤول أعلام في إحدى منظمات  إسلامية . كم كتاب تقرأ بالشهر أجاب انه لا يقرأ..!

****أما معنى الفضل: قولة{ص}  وما عداهم فضل , الفَضْلُ والفَضيلَةُ: خلاف النقص والفضل هو  الإحسان. ورجلٌ مِفْضالٌ يعني من يزيد على أقرانه ,  نقول لمن يصنع جميلا أنت متَفَضَّلَ  لأنه يختلف عن الناس بفضله .. قوله تعالى: "يُريدُ أن يَتَفَضَّلَ عليكم".والفاضل  من فُضل على غيره ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

انواع البطالة :... الناس عادة يكونون على إحدى حالتين: حالة الجدية، وحالة البطالة.

الحالة الأولى: الجدية.. وتعني  الإنسان الجاد، يحوّل ساعات العمل إلى  إنتاج وتكامل إلى الله  وعبادة.. مثلا :.. الموظف يعمل ثماني ساعات فإنْ جعل هذه الساعات: لكسب المعاش، والإنفاق على أهله، والزائد منه ينفقه في سبيل الخير؛ يكون بذلك قد تحوّل ثلث العمر إلى عبادة . ولكن لو قضى مقته بتضييع الزمن , ضر بنفسه ومجتمعه ومستقبل بلاده ..

ثانياً: الإنسان الذي ينام في اليوم ثماني ساعات وهو المطلوب طبياً- يكون قد نام ثلث اليوم.. فمن نام للتقوّي على العمل والإنتاج والعبادة؛ تحوّل نومه إلى عبادة. ولكن إذا نام للظهر . هذا عالة ..

ثالثاً: إن الثلث الباقي، هذا قسم منه عبادة واجبة، وقسم منه عبادة مستحبة كقيام الليل، وزيارة الأرحام.

وعليه، فإن كل العمر تقريباً صار في عبادة وعمل وتطوير , فيجب أن تتحدد نية الإنسان في كل عمل يريد انجازه , أما ترى الله وهو العارف بما في القلوب , لا يقبل الأعمال إلا بالنيات ..

فما فائدة الصلاة بدون نية القرب والاتكال على الله أن ترتقي بنفسك نحو الأحسن , أنت تقول"  إياك نعبد وإياك نستعين "

    في الحج يحاول الإنسان أن يرسخ النية؛ هناك يستخدم النية بمفهومها الحقيقي ,  حين يدخل المسجد الحرام ليطوف .. لا بد من نية .. ويرمي الجمرات بنية وبتركيز كبير ان يصيب المكان المحدد وليس رمياً عشوائياً!.. أما في  العمل او الصلاة وغيرها؛ فإنه لا يهتم , من منا يقول كل صباح "اللهم!إني أعمل هذا اليوم؛ قربة إليك: كداً لعيالي، وكسباً للمعاش الحلال.. وأنت تعلم ما في نفسي، فما زاد عن الإنفاق الواجب، أصرفه في سبيلك، وفي آخر العام أخمس الزائد عن مصرفي". هذه هي الجدية ..

***** الحالة الثانية: البطالة..هنالك بطالة نسبية، وبطالة مستمرة..

أولاً: البطالة النسبية.. بعض الناس يعيش البطالة النسبية؛ وهو في العمل إنسان جاد، ولكن عندما يرجع إلى المنزل؛ فإنه يعيش جو اللهو والسهو.. بعض الرجال بمجرد أن يدخل إلى المنزل، يستلم بيده جهاز التحكم عن بعد، ويسترخي على سريره، إلى أن ينام لا يكلم أحداً، إنما ينتقل من قناةٍ إلى قناة.. هنا أصبح  إنسان بطّال لا فائدة في عمره، وإن كانت تلك البطالة في الحلال؛ فكيف إذا كانت في الحرام؟!..

ثانياً: البطالة المستمرة.. هناك من يعيش البطالة المستمرة، الذي لا يهتم لحياته  ولا لإنتاجه ومسؤوليته سواء في البيت أو العمل , لا يشتغل من الدوام إلا ساعة بالأكثر , ويتعمد التأخير للأكل أو الصلاة أو يريد رشوة , او يخرج من العمل قبل انتهاء وقت انتهاء العمل .. .. هل تعتقد إن أمثال هؤلاء يمكن أن يتطور البلد, حتى لو كان يحمل اكبر شهادة بالعالم .

**** عقلية ومستوى تفكير البطال :...  انه يفتقر لمتطلبات الحياة , فوجوده في الموقع الفلاني له فضل على الشعب والناس كافة ..لا يهتم لحياة الآخرين يضع شعارات وصور ورموز خلف مكتبه ,  لم يعترف، لمستقبل الأمة ... شعاره يأكل ليعيش، ويعيش ليأكل!..يملا بطنه كيفما يكون , له أنتاج أحيانا من البنين لا يهتم بتربيتهم, فيكون عالة على البلد والأمة وعالة حتى مجاري المياه الثقيلة هو وأبناءه..

 بينما المؤمن بالله , وبقضية المجتمع : يأكل ليعيش، ولكن يعيش ليتكامل!.. فالمؤمن يتزود , ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ بيما غير  المؤمن يتمتع بالفضل فقط اذا كان ذو علم ..اما الجاهل فلا.. 

يقول تعالى ( كلا إن الإنسان ليطغى أن راءه استغنى) وفي سورة الاخلاص {  وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ يقول عباس محمود العقاد في كتاب التفكير فريضة إسلامية :{ العمل بالعقل أمر من أوامر الخالق، ولا يعطله عن العمل إلا مراعاة العرف الشائع، والاقتداء بالسلف واقتفاء آثارهم، والخوف من السلطة الدنيوية. والإسلام يدعو إلى تخطى كل هذه الموانع والتحرر منها، لكي يأتي التفكير سليماً لا يعوقه شيء من هذه العوائق التي تؤدي إلى شلل العقل وجموده.وبديهي أن يرافق الدعوة إلى التفكير إقبالٌ على العلم، أي على جملة المعارف التي يدركها الإنسان  ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     عن موسى بن جعفر عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): سائلوا العلماء، وخالطوا الحكماء، وجالسوا الفقراء).  فسؤال العلماء توضيح وتصحيح، ومخالطة الحكماء غذاء للعقل وتوسع في المعرفة، ومجالسة الفقراء مؤانسة لهم ومشاركة في الإنسانية. يتبين من الحديث  انه أشار {ص} إلى العلم الذي لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه: فعلم الأنساب، وعلم وقائع العرب، والقصائد  العربية، كل هذه ليس فيها ما يبعث على غذاء الفكر، أو يزيد في حياة المسلمين الحضارية، أو يخلق تقدّماً وتطوّراً يساعدهم على النهوض في ركاب الحضارة الإنسانية. فهذه المعارف قلّل النبي (ص) من أهميتها ودعا إلى الاهتمام بسائر العلوم الأخرى لأنها لا تضر من جهلها ولا تنفع من علمها.

ــــــــــــــ   طرق التعلم وكيفية الإفادة منه ....

أولاً: استماع العلم: فعلى المتلقي أن يصغي جيداً لما يسمعه من العالم, لأن فنّ الاستماع هام كفنّ التعليم، ومن لم يسمع جيداً لا يستوعب شيئا ..الآية الكريمة: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)، كثير  من الناس يعانون نقصا بسبب عدم الاستماع، وقد نعت الله عز وجل الذين لا يسمعون ولا يعون ما يقال لهم بأسوأ نعت فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون، إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون..) ولكي نتعلم فن الاستماع علينا:

1 ـ أن نتعمد الاستماع ونركز على ما يقال (الإنصات والإصغاء)

2 ـ أن نكون شهودا أي حاضرين بعقولنا وقلوبنا نتدبر بهما ما نسمع

3 ـ أن نقاوم انصراف انتباهنا إلى شيء آخر

4 ـ أن نسمع بصدر رحب ما يقوله المتحدث .... علينا أن نكبح "الأنا" فينا، بعض المتعلمين يريد ان يقول المتحدث ما هو يعرفه والا يعتبر موضوعه لا يفيد مطلقا ...وقد مدح الله تعالى عليه فقال: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله) .....

ثانياً: الحفظ: وهو ضروري لأن الذاكرة خزانة المعارف .فمن لا يحفظ لا يستطيع الإفادة ممّا سمعه ..

ثالثاً: نشر العلم. : هذا من واجب العالم أن ينشر علمه ولا يبقيه محصوراً في صدره ليفيد به الآخرين. لأنّ العالم الذي يخزن علمه ويبخل به على الناس  كالغني البخيل يخزن ماله فلا يفيد نفسه ولا يفيد غيره.وهنا نقطة مهمة ..ان لا ينشره إلا عند أهله. ذلك أن الماء يسقي به الزارع الأرض الخصبة وليس الأرض المالحة ..

*******   الفرق بين القرآن والحديث القدسي ... وبين  الحديث النبوي والحديث القدسي .. لان المسلمين جميعا يأخذون  أحكامهم من القران والأحاديث سواء للنبي {ص} أو لأهل البيت {ع} في حين لا يأخذ المسلمون عن الحديث القدسي أي اثر فقهي .. مع العلم إن الحديث القدسي هو قول الله ..

الجواب :... القرآن : نزل به جبريل عليه السلام ، والوحي أنواع . أما الحديث القدسي فلا يُشترط فيه أن يكون الواسطة فيه جبريل ، فقد يكون جبريل هو الواسطة فيه ، أو يكون بالإلهام ، أو بغير ذلك .

ثانيا :... القرآن : قطعي الثبوت ، فهو متواتر كله . وهو الذي نزل على نبينا محمد {ص} من الجلد الى الجلد , الموجود بين أيدينا الآن , بينما  الحديث القدسي منه الصحيح والضعيف والموضوع .

رابعا :.. القرآن : مُتعبّد بتلاوته ، فمن قرأه فكلّ حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها . بينما  الحديث القدسي : غير مُتعبد بتلاوته . القرآن  جاحد  من يكفر به  ، بل من يجحد حرفاً واحداً منه يكفر . أما الحديث القدسي : فإن من جحد حديثاً أو استنكره نظراً لحال بعض روايته فلا يكفر .

خامسا :.. القرآن : مقسم إلى سور وآيات وأجزاء . أما الحديث القدسي : لا يُـقسّم هذا التقسيم .فالقران   كلام الله لفظاً ومعنى .أما الحديث القدسي :{ معناه من الله ولفظه من النبي {ص} .. واخيرا .. القرآن : تحدى الله به العرب بل العالمين أن يأتوا بمثله لفظاً ومعنى . وأما الحديث القدسي : فليس محلّ تحـدٍّ .

 

اما الفرق بين الحديث النبوي والحديث القدسي :..  الحديث القدسي : ينسبه النبي{ص} إلى ربه تبارك وتعالى . أما الحديث النبوي : فلا ينسبه إلى ربه سبحانه . والأحاديث القدسية  أغلبها يتعلق بموضوعات الخوف والرجاء ، وكلام الرب جل وعلا مع مخلوقاته ، وقليل منها يتعرض للأحكام التكليفية . أما الأحاديث النبوية : فيتطرق إلى هذه الموضوعات بالإضافة إلى الأحكام . الأحاديث القدسية : قولية  فقط والأحاديث النبوية : قولية وفعلية وتقريرية .

***** الأحاديث القدسية على قسمين: بعضها قوية السند، أي تكون مروية عن رسول الله والأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم ) وذلك بسند صحيح والتي ينقلها عنهم ثقاة الرواة.والبعض الآخر من الأحاديث مرسلة السند، أي مقطوعة السند ويكون مُرسلها ضعيفاً. فما كان منها من القسم الأول فهو مورد القبول والاعتماد عند العلماء.  أما القسم الثاني: فان كانت تحمل في طياتها نوعاً من الحكمة والوعظ والإرشاد بما يعود على الإنسان بالنفع والخير، أو حكماً غير إلزامي فتشمله قاعدة التسامح في أدلة السنن ..

*****  معنى التسامح في أدلة  السنن ..؟  حين نقول تسامح الشَّخصُ في الأمر : يعني  تساهل فيه ، تهاون ولم يكن متشددا فهو متسامح ..  اما كلمة السنن , هي الطريق والغاية .. فيكون تسامح السنن  هو التهاون والتساهل فيما جاء في  الطريقة والغاية .. معنى القاعدة هو إعمال المسامحة والمسهلة بالنسبة إلى سند الروايات الدالة على الحكم ألاستحبابي، فكل رواية أفادت حكما مستحبا إذا كان في سندها خلل { لا تترك تلك الرواية ولا تسقط عن الاعتبار} ذلك كونها حجة يعمل بها على أساس التسامح في أدلة السنن .. اليك بعض الروايات ...منها صحيحة صفوان عن أبي عبد الله {ع} قال: "من بلغه شئ من الثواب على شئ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإن كان رسول الله {ص} لم يقله". لا زال  ورد في الخبر حكم فيه  ثواب المستحب فعمل به طاعة وانقيادا يترتب على ذلك العمل الأجر والثواب، ولو لم يكن الخبر صادرا من أهله بحسب الواقع. ...

****** ما هي السنة ..  تعريف السنة وبيان أنواعها:

السنة في اللغة: هي السيرة المتبعة ،و الطريقة التي يسلكها المتشرعون .. وتسمى ايظا البيان حيث يقال سن الأمر أي بينه ووضحه .. هذا من الناحية اللغوية ...

أما السنة في الاصطلاح : هي كل ما جاء عن النبي {ص} قول أو فعل أو في سيرته الشريفة سواء كانت صفة خلقية أو سكوته على قضية عملها احد المسلمين , أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها .

السنة عند الفقهاء وعلماء العقيدة: هي كل ما دل عليه الشرع من غير فرض على المسلمين ولا وجوب (ما يثاب عليه فاعله ولا يعاقب تاركه).للسنة أنواع : أنواع السنة الواردة عن رسول الله{ص} .

1) السنن الفعلية : وهي ما كان يقوم به الرسول {ص} حين وقف في غدير خم ورفع يد علي {ع} وقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ..هنا قام بعمل وحركة بدنية .. وجمع الناس وخطب فيهم .

2) السنن القولية: و هي أقواله {ص} لأن أقول سبحان الله ، و الحمد الله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر . أحب إلي مما طلعت عليه الشمس .. وقوله الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ..

3) السنن التقريرية: و هي نقل تقريره لهم على أمر شاَهدَهُم يفعلونه أو أُخْبِرَ به بفعلهم له أي أنه أقر الصحابة على فعلها و إن لم يفعلها هو عليه الصلاة والسلام.

4) السنة التركية: وهي التي تركها عليه الصلاة والسلام وأمر أصحابه عدم إتيانها .. أي منعها . مثلا انه ترك الأذان والإقامة في صلاة العيد .. فلا يمكن ان نأتي بها والرسول {ص} تركها .. ومنها عدم أهمية الوضوء في صلاة الميت , فلو صلاها الإنسان بدون وضوء صحت منه , حتى عدم التلفظ بالنية بصوت مسموع عند الصلاة .. فلا وجوب التلفظ بها بل النية المركوزة تكفي ..

إذا كان هذا العلم يعتبر من العلوم الأصولية خاصة انه يسند إلى رسول الله{ص} , فكل ما قاله وعمله وسكت عنه يعتبر من علوم الإسلام ومن تشريعاته ....... . هناك أشياء تغيرت من بعده .. وإذا كان بعض الصحابة الأولين غير ثقاة في نقل الأحاديث النبوية الشريفة فيبطلون الحديث الذي لا يتماشى وأهواءهم وخصوصا إذا كانت هذه الأحاديث من الوصايا التي أوصى بها رسول الله{ص} عند وفاته ، فقد أخرج البخاري ومسلم أن رسول الله أوصى عند موته بثلاث :ـ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب. ـ أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم .. ثم يقول الراوي :  ونسيت الثالثة  ....

فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة وهم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة؟ كلا ولكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها وعدم ذكرها ، إنها مهزلة  مقابل العلم الذي يقولون انه علق بهم ..

من مهازل هؤلاء ان الوصية الأولى لرسول الله كانت ـ استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي.

مع أن الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح , رغم كتمانها  من الكتاب , أخرج البخاري في صحيحه ومسلم  في صحيحه ...  ذكر عند عائشة أن النبي أوصى إلى علي.. أذن هؤلاء غير ثقاة في نقل وصايا رسول الله فلا لوم بعد ذلك على التابعين وتابعي التابعين.وإذا كان أي كان لا تطيق ذكر اسم علي {ع} لا تطيب لها نفسا بخير كما ذكر ذلك ابن سعد ... وتلك تسجد لله شكرا عندما سمعت بوفاته .. لذا لا نلوم الوهابيين والسلفيين يقولون :..  يجب ترك جميع الاحتفالات الدينية , لان النبي {ص} لم يفعلها , في حين يرى غيرهم إنها أحياء شعائر الله بهذه الممارسات .

****** مصيبتنا في الاجتهاد مقابل النصوص:... من اكبر المصائب على المسلمين إنهم لم يتركوا رسالة نبيهم بنصوصها التي وعوها , وتلك  مصيبة الأمة الإسلامية.. مصائب وقعت بسبب  الاجتهاد من الصحابة مقابل النصوص الصريحة فبدلت حدود الله ومحقت السنة النبوية ... أصبح العلماء والأئمة يقيسون على اجتهادات الصحابة ويرفضون بعض الأحيان النص النبوي إذا تعارض مع ما فعله أحد الصحابة ، أو حتى النص القرآني ولست مبالغا بذلك ..مثلا :.. وجود نص على التيمم في كتاب الله وسنة الرسول الثابتة رغم كل ذلك اجتهدوا ، فقالوا بترك الصلاة مع فقد الماء...

****** من أول الصحابة الذين فتحوا هذا الباب على مصراعيه هو الخليفة الثاني الذي استعمل رأيه مقابل النصوص القرآنية بعد وفاة الرسول{ص}

أولا :... عطل سهم المؤلفة قلوبهم الذين فرض الله لهم سهما من الزكاة وقال : لا حاجة لنا فيكم.

 ثانيا :...اجتهد في حياة الرسول وعارضه عدة مرات.منها  في صلح الحديبية , وفي منع كتابة الكتاب يوم الرزية . وقوله حسبنا كتاب الله, وحدث ما كان متوقعا ان اختلفت الامة من بعده ..

ثالثا إسقاط " حي على خير العمل " من الأذان الإقامة ,,

من هنا جاءت الفكرة لعلماء الجماعة بأن رسول الله{ص} معصوم في تبليغ القرآن فقط وما عدا ذلك فهو يخطئ كغيره من البشر ويستدلون على ذلك بأن عمر صوب رأيه في العديد من القضايا...

*******   ثم يقول :{ص} .. وما زاد عن ذلك فضل .. ما هو المعنى اللغوي للفضل

الفَضْلُ : يأتي أحيانا الإحسانُ  والزيادةُ على الشيْ هذا فضل ..  ومرة يأتي بمعنى ما بقي من الشيءِ فيسمى فضل منه .. والفَضْلُ : إحسان بلا مقابل ، هِبة ، نعمة ينعمها الله علينا هي فضل من عنده , والفضل اسم ...

الإنسان قد يزيده الله قوةً، أو علماً، قد يزيده ذكاءً، أو شأناً، ووسامةً،ووقار بين الناس , هذا كله فضل من الله , يزيده قُرباً، فكل ما أوتيت زيادةً على عموم الناس فهذا هو الفضل..  نقول في دعائنا :{ وهب لنا من فضلك وانزل علينا من رحمتك} فكل مؤمن , كل إنسان حينما  يرزقه الله أن يتعلم , فقد زاده فضلا . مثلا يكون طبيبا او مهندسا او قاضيا ..فلان يكون منحرفا ولكن فلان مهتدياً، حينما يَسَّرَ الله له طريق العلم والمعرفة ، آتاه الله منه فضلاً كبيراً، عامَّة الناس الذين تراهم أمامك في الطريق يأكلون، ويشربون،  لكن لا يفقهون شيئاً، لكن الذي آتاه الله العلم، او آتاه الله قوةً في جسمه ونفسه، ومكَّنه الله من طاعته، وأعانه على عبادته، هذا آتاه فضلاً عظيماً. ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ ﴾ ...

الإنسان أحياناً يخالف أوامر إنسان سواء أقوى منه أو أدنى قوة , حين  يسترضيه لا يرضى، يستغفره فلا يغفر، يرجوه فلا يقبل رجاءه , بعضهم يتمنى ان يفتك بك لأنك اختلفت معه , هو ليس له سلطة عليك ولكن النية في قلبه ينوي لك الشر ..، لكن نعكس هذا الأمر على الله سبحانه وتعالى إذا تُبت إليه تاب عليك، فمن فضل الله على الإنسان أنه يتوب عليه، والإنسان يخطئ، ويستغفر، ويتوب الله عليه.

****يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ﴾ ما هو الفضل الذي أتاه الله لداود ..؟  بعضهم قال: الفضل هي النبوَّة، وقال آخرون: هو الزبور.. قال جماعة القوَّة..﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾.

قال بعض المفسرين: تسخير الجبال والطير  وبعضهم قال: أنه تاب عليه، والتوبة فضلٌ عظيم، لانه مكَّنه أن يحكم بالعدل، لأنه القاضي العادل الله عزَّ وجل يسدِّد خُطاه، ، ينير له الطريق، فالعدل فضلٌ عظيم.

 ومن فضل الله على سيدنا داود ألان له الحديد، وجعل صوته حسناً ، فالصوت الحسن من نِعَم الله الكبرى. فمن وهبه الله صوتاً حسناً فعليه أن يُسَخِّرَهُ لتلاوة القرآن لا للغناء، لذلك المغنون الذين آتاهم الله الأصوات العذبة، كان من الممكن أن يرقوا بأصواتهم تلك إلى أعلى درجات الجنَّة إذا سخَّروها في تلاوة القرآن، أما حينما سخَّروها في إثارة الغرائز هبطوا بها جهنم ويئس المصير ..

**** ولهذا لاحظوا مسالة  .. كم مرَّ عبر التاريخ من الملوك والأمراء والعظماء والتجار والمخترعون انتهوا بمماتهم، فانتهى ذكرهم، وحين يتذكرهم الناس يأتي ذكرهم عابرًا مجرد اسم في التاريخ , ولكن لو نضرت لأهل العلم , ذِكرهم يتجدد مع الزمان، لا يُذكَرون إلا ويُترحَّم عليهم، أجسادهم مفقودة، لكن آثارهم باقية بين أيدينا. أحكامهم التي استنبطوها قبل مئات السنين , نعتبرها عقيدتنا .. أين هؤلاء من الفنان والمسرحي والرسام . او ذلك الرجل الذي يتكلم عن الأنساب والمعارك ...

وفي حديث  أن رسول الله {ص} قال: «خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ». قالوا: كيف يذهب العلم يا نبي الله، وفينا كتاب الله؟ قال: «أَوَلَمْ تَكُنِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمْ شَيْئًا؟ إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ حين  يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ»  ....

وعندنا في كربلاء رجل حمل اسم أبي الفضل .. كل هذه الفضائل جمعت فيه .... قد يظن البعض ان اسم العباس  من العبوس، ولكن والده سماه بهذا الاسم لأنه عرف أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل.. هنا وجه آخر، لعله أولى وأقرب، بل لعله المتعين.

إن أمير المؤمنين (ع ) سمى وليده بالعباس تسمية له بأحد أسماء الأسد. فإن للأسد أسماء كثيرة متداولة بين العرب يقول اللغويون هذه  الألفاظ تعني الأسد .. ومثلها الليث، حيدرة، الضيغم، الحارث.

جاء في المنجد: العباس... من أسماء الأسد وفي المعجم الوسيط: العباس: الأسد الذي تهرب منه الأسود ********.. من هي زوجته ..؟ :.. هي (لبابة بنت عبد الله بن عباس) وكان من سيدات بني هاشم , اختارها امير المؤمنين زوجة لولده العباس أبوها عبيد الله بن عباس وكان واليا على اليمن من قبل الإمام علي بن أبي طالب{ع} أما أمها هي  أم حكيم بنت خالد الكنانية ..السيدة لبابه لم تعش بعد استشهاد العباس{ع} إلا قليلا الروايات تقول أنها توفيت سنة 63 هـ بعده بسنتين فقط، وكان عمرها 28 عاما أي  وقيل إن عمرها 25 لكن محنتها كانت كبيرة ولم تستطع تحمل شدة الصدمة ...

{ الشيخ عبد الحافظ البغدادي }

الحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74039
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28