• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البرلمان العراقي أمام تحد أخلاقي ووطني .
                          • الكاتب : اياد السماوي .

البرلمان العراقي أمام تحد أخلاقي ووطني

الحديث عن الفساد في العراق هو حديث عن البلاء والخراب الذي حلّ بالبلاد قبل وبعد سقوط النظام الديكتاتوري الدموي , فسرطان الفساد الذي نخر جسد الدولة العراقية بكل مؤسساتها , بات يشكل خطرا داهما على حاضر ومستقبل الشعب العراقي والأجيال القادمة .
فهذه الآفة المدمرة أصبحت قوية ومتماسكة وتضرب بجذورها في كل جزء من أجزاء النظام القائم في العراق , ولا مبالغة إذا قلنا إن مؤسسة الفساد في العراق أصبحت أقوى من الدولة العراقية نفسها .
فالحديث عن فساد وزارة ما أو مؤسسة ما أصبح أمرا اعتياديا , لأن الفساد قد أطالها جميعا دون استثناء , لكن أخطر ما في هذا التغلغل أن يطال هذا الفساد مؤسسات القضاء العراقي أو المفوضية العليا للانتخابات أو الهيئة العامة للنزاهة أو ديوان الرقابة المالية , فهذه المؤسسات تمثل البنى التحتية للنظام الديمقراطي في العراق , وعليها يتوقف مستقبل هذا النظام الديمقراطي .
ومن هذا المنطلق تصبح قضية التصدي للفساد في هذه المؤسسات , هي قضية الوطن العراقي برمته , وليست قضية هذا الحزب أو ذاك , وبالتالي فإن مناقشة أي ملف للفساد في هذه المؤسسات يجب أن يكون بعيدا عن ساحة الصراع والتجاذب السياسي بين الكتل السياسية , وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار .
والقضية المطروحة اليوم أمام البرلمان العراقي هي قضية سحب الثقة من المفوضية العليا للانتخابات والتي سيصوت عليها البرلمان العراقي الأسبوع القادم , فكل أبناء الشعب العراقي تابعوا باهتمام بالغ سير الاستجواب الذي قامت به النائبة البطلة حنان الفتلاوي وكيف إنها أثبتت وبشكل مقنع تماما وبالأدلة الدامغة فساد المفوضية العليا للانتخابات ممثلة برئيسها ومفوضيها , والجميع شاهد أجوبة رئيس المفوضية السيد فرج الحيدري المتلعثمة وغير المقنعة .
والسادة أعضاء البرلمان العراقي مطالبون اليوم بوقفة شجاعة , وقفة أمام الله وأمام الوطن وأمام التاريخ , تكون نقطة انطلاق حقيقية في التصدي لهذه الآفة المدمرة والتي نخرت جسد الدولة العراقية برمتها .
وللأسف الشديد هنالك بعض القوى السياسية التي تريد أن تسيس هذه القضية وتجعل منها قضية تصفية حسابات بين هذه القوى السياسية المتنافسة , والمحزن في هذا الأمر أن تلتمس هذه القوى السياسية العذر للفاسدين وتصور الأمر على إنه صراع سياسي وتصفية حسابات وليس فسادا , مما أتاح لرئيس المفوضية العليا للانتخابات والذي بان فساده أن يردد هذه الأسطوانة المشروخة ويحاول أن يظهر للعالم بأنه ضحية صراعات بين الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة .  
والشعب العراقي يدرك تماما إن البرلمان العراقي أمام امتحان تاريخي صعب , لكن الأمل في تجاوز الصراعات الحزبية وتغليب المصلحة الوطنية العليا والخروج بموقف موحد يضع حدا لاستشراء هذا الفساد , هو الذي ينتظره الشعب العراقي من برلمانه كي يثبت مصداقيته في تمثيل هذا الشعب .
إن الإبقاء على هذه المفوضية الفاسدة وعدم سحب الثقة منها هو جريمة بحق العراقيين جميعا , بعد الاستجواب الذي شاهده كل أبناء الشعب العراقي , فلا مجال للتستر على الفاسدين في هذه المؤسسة الهامة تحت أي غطاء أو عنوان , وقد آن الأوان لأن يقف الجميع وقفة حقيقية مع النفس بعيدا عن الصراع السياسي القائم وينصفوا ضمائرهم قبل أن ينصفوا الشعب العراقي الذي أتمنهم .
في الختام أقول لله درك يا حنان وبوركت وبورك أبناء شعبك بك .
أياد السماوي 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7426
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16