• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح312 سورة الأحزاب الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح312 سورة الأحزاب الشريفة

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً{63} 
تنتقل الآية الكريمة لتنقل سؤال اهل مكة (  يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ) , يسألون عن القيامة , وقتها , (  قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ) , لا يعلم وقتها الا الله عز وجل , (  وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ) , لعل وقتها قريب , الخطاب للرسول الكريم محمد "ص واله" والمعنى به عموم الناس .    
 
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً{64} 
تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ ) , طردهم من رحمته التي وسعت كل شيء , (  وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ) , ليس بعد الطرد من الرحمة , الا نارا شديدة الايقاد .    
 
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً{65} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) , لا يخرجون منها ابدا , (  لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً ) , يحفظهم , (  وَلَا نَصِيراً ) , يدفع العذاب عنهم , او حتى يخففه .    
 
يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا{66} 
تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) , تصف من جهة الى اخرى , (  يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) , عندها يقول الكفار نادمين لو اننا اطعنا الله تعالى والرسول لما اوردنا انفسنا هذا المورد .   
 
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا{67}
تنقل الآية الكريمة قول الكفار المعذبين في النار (  وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا ) , اطعنا السادات والكبراء من قومنا , (  فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) , فأبعدتنا طاعتنا لهم عن سبيل الهدى .    
 
رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً{68} 
تستمر الآية الكريمة رواية كلام الكفار (  رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ ) , يسألون الله تعالى ان يزيد ائمة الكفر ضعفين من العذاب , لانهم ضلوا واضلوا , (  وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) , اشد مراتب اللعن .  
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً{69} 
تنتقل الآية الكريمة لتخاطب المؤمنين (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى ) , ينهي الخطاب المؤمنين ان يكونوا كالذين أذوا موسى "ع" من اليهود , (  فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ) , قالوا فيه "ع" اشياء تؤذيه , فبرأه الله جل وعلا منها , (  وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً ) , ذو قرب ووجاهة .  
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} 
تضمنت الآية الكريمة خطابا اخر مباشرا للمؤمنين (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ) , يأمر الخطاب بتقوى الله تعالى , الزموا طاعته وطاعة رسوله , واجتنبوا نواهيه , (  وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) , خال من الكذب والباطل والريب .   
 
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة , فوضعت مقابل التقوى والقول السديد امرين : 
1- (  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) : يتقبلها الله تعالى منكم "على بعض الآراء" , وعلى اراء اخرى , ان العمل مهما كان قد تعتريه بعض الشوائب وابرزها الرياء , مما يؤثر على مقبوليته , فيتكفل الباري جل وعلا لمن اتقى واصاب القول السديد ان يكون عمله خالصا نقيا من كل الشوائب , او يوفقه لذلك .    
2- (  وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) : بعد التقوى والقول السديد واصلاح العمل تغفر الذنوب , مهما كانت كبيرة .   
(  وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) , يصرح النص المبارك ان من اطاع الله تعالى ورسوله الكريم محمد "ص واله" فقد نال الفوز العظيم , كرامة الدارين .  
( عن الصادق عليه السلام إنه قال لعباد بن كثير الصوفي البصري ويحك يا عباد غرك أن عف بطنك وفرجك إن الله عز وجل يقول في كتابه يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح أعمالكم اعلم أنه لا يقبل الله منك شيئا حتى تقول قولا عدلا ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 
 
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{72} 
تضيف الآية الكريمة مبينة (  إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ ) , الامانة هي التكليف الشرعي على اغلب الآراء , (  عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) , أبين حملها وخفن ان لا يؤدين حقها , (  وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ) , آدم "ع" بعد ان عرضت عليه "على بعض الآراء" , وفي اراء اخرى ان الانسان اسم جنس ,ولا يعني آدم "ع" بالضرورة , (  إِنَّهُ كَانَ ) , الانسان : 
1- (  ظَلُوماً ) : لنفسه ولغيره . 
2- (  جَهُولاً ) : بنفسه , او ان الجهل صفة غالبة على الانسان , او اكثر الناس . 
( أن عليا عليه السلام إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلون فيقال له مالك يا أمير المؤمنين فيقول جاء وقت الصلاة وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .      
( الأمانة هي الإمامة والأمر والنهي والدليل على أن الأمانة هي الأمامة قوله عز وجل للأئمة إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها يعني الأمامة فالأمانة هي الأمامة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها أن يدعوها أو يغصبوها أهلها وأشفقن منها وحملها الانسان يعني الأول إنه كان ظلوما جهولا ) . "تفسير القمي" .     
 
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{73}
تستمر الآية الكريمة في موضوع الامانة , ويلاحظ فيها انها تقتضي : 
1- (  لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ) : حمل الامانة اقتضى تعذيب من ضيعها , وابرز المضيعين لها هم المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات . 
2- (  وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) : اما حمل الامانة وادائها يقتضي نوال التوبة والمغفرة .  
(  وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) , وهو عز وجل (  غَفُوراً ) , كثير المغفرة للمؤمنين , لانهم مهما كانت درجات ايمانهم لابد وان يكونوا قد فرطوا بشيء من الامانة لظلم او جهل او قهر , (  رَّحِيماً ) , بهم في كل الاحوال .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74571
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28