• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شيخوخة الطبقة الأولى .
                          • الكاتب : د . نوفل ابو رغيف .

شيخوخة الطبقة الأولى

  اتساقا مع سلسلة الحديث عن أزمات العراق السياسية التي ماانفكت تعصف ببنائه الهش وتسبب مزيدا من الإحباط والنكوص على ارض رخوة شكلت رحما خصبا لإنتاج جدل عقيم بات مشغلا لتجميع الأفكار وترويضها اكثر منه وسيلة لإنتاج الحلول والمعالجات ، وعلى الرغم ممايسببه الكلام في بعض مفاصل هذا السياق من ازعاج وتنغيص لطبقة عريضة من متصدري مشهد صناعة القرار في عراق مابعد٢٠٠٣ ، فإنه لامناص من اعادة الكلام في مفهوم الترهل والشيخوخة التي اصابت الجدار الاول في بنية الطبقة السياسية التي تكشفت في السنوات الأربع الاخيرة عن ملامح شيخوخة ومراوحة وعناد مريب ، وعجز احيانا في ادارة أدنى الأداءات في مشهد الدولة المثقل بالتصدعات ، عبر تكريس خطاب يغلّفه الثبات اكثر من الحركة والجمود اكثر من المرونة ، في تمسك واستئثار صارخين لرموز الطبقة الاولى ممن لايأتيهم الباطل من بين أياديهم ولامن خلفهم ، مع اصرار متواصل على إنكار مايراه غالبية اتباعهم من عدم القدرة على التعاطي مع التحولات المتلاحقة بسرعة فائقة في الواقع العراقي لأسباب عديدة بات القاصي والداني يشخصها بنحو متراكم ، ولعل احد اهم الأسباب التي نود الوقوف بأزائها في هذا المقام هي مراوحة الطبقة السياسية في الخط الاول عند مثاباتها واعادة انتاج نفسها وأفكارها وآلياتها بصورة لا تدر الا مزيدا من التراجع وصناعة الأزمات ، انطلاقا من حرص هذه الطبقة على ابتكار مايعزز رؤيتها في اقصاء الاجيال اللاحقة أو تأجيلها ( بتعبير أنعم ) بذرائع شتى يبدو بعضها بريئا او تكتيكيا لكنها في النهاية تفضي الى فهم واحد يكرس بقاءها ويحجب الافق عن انساق لاحقة لاتزال الطبقة الاولى تعتقد بوجوب ضمها تحت عباءة وصايتها ، بسبب من قناعة راسخة لدى الطبقة المخضرمة بأنها الاقدر والأكفأ والاجدر والاوحد والاولى بإدارة زمام الامور ، دون وجود مايعزز هذه القناعات الذاتية لدى الاخرين!! ، وتستمر بهذا الاتجاه لقناعتها بأنها وحدها من يجب ان تبقى في سدة القرار الى نهاية المطاف ، وان كل مايقدم لها ممن هم في طبقات وفئات وانساق اخرى هو ناقص بالضرورة ويحتاج الى مباركة الآباء  وأختامهم الأبوية لكي يبدو ناضجا ومقبولا 
مع أهمية الاعتراف بالعديد من الأدوار الإيجابية والمواقف الراكزة والمزايا التي تحسب لصالح هذه الطبقة ورموزها ورجالاتها اعتبارا من إقرار نسق الدولة بعد ٢٠٠٣ وحتى اللحظة ، فقد كانت لها بصمات واضحة في محاور ومفاصل مهمة من دون شك ، ولكن استحقاقات التحول المتسارع الذي بات يقتضيه الواقع العراقي يحتم التوقف بجدية عالية امام هذه الموضوعة التي لايمكن ان تشهد نقاشا جديا الا في مثل الظروف التي نعيشها اليوم في العراق بعد تشكل اجيال جديدة ولدت او نشأت في ظل التحول الديمقراطي وامتلكت فهمًا مغايرا للفهم الذي تشكل في مناخات سابقة لها خصائصها وظروفها واستحقاقاتها ، فطالما كان التمركز حول الذات والاستئثار بها سببا جوهريا في ما آلت اليه الامور من تصدع وانحلال في بنية الدولة والعملية السياسية بنحو صارخ ، اذ لاتزال غالبية هذه الطبقة التي لايمكن استثناء جهة منها ، تصر على رسم معالم خارطة توافق قناعاتها التي يختلط فيها فهم الدولة بين عقل المعارضة وعقل الحكم على نحو شاخص ، وهو ما أوجد شعورا متزايدا لدى الطبقة السياسية الجديدة والأجيال التي تشكلت في خضم التحولات بأنها أشبه بمثابات كماليةً وعناوين للعرض فقط وأنها احتمالات مؤجلة ، عليها ان تترهل وتغادر افكارها الحية ومشاريعها الطموحة لكي تبلغ الحلم بموافقة الشيوخ !!! ، او في اعلى التقديرات باتت الطبقة الجديدة أشبه بأيقونات مركونة في رفوف الاحتياط يمكن ان تتخذها الاحزاب والتيارات والجهات السياسية المهيمنة عاملا مساعدا في ادائها الثانوي في المفاصل المزهود بها عند الضرورات القصوى جزءا من خداع الواقع ومجاملة الاعلام وذر الرماد ، بعنوان انها موجودة في الساحة من دون استعانة حقيقية بها أو فسح المجال لأفكارها وبرامجها ، وطالما كانت هذه الطبقة العجوز ( وهذا توصيف وليس قدحا ) عائقا حقيقيا امام اية نزعة شبابية في الأداء السياسي والتنفيذي الذي يعكر اجواء الاستحواذ والأنانية التي يدافع عنها أصحابها حتى الرمق الاخير ، مع استثناءات فردية طفيفة على صعيد الأشخاص لدى الطبقة الواحدة لاتكاد تبين .
فهل آن أوان وقوف الكبار عند هذه المثابة ومناقشتها من دون عقد وتصفية حسابات ؟ في ضوء التدافع المحموم على الإصلاح 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78361
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20