• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : المراهق عندما ينتقد المرجعية فذاك شر البلية .
                          • الكاتب : عبد الامير الصالحي .

المراهق عندما ينتقد المرجعية فذاك شر البلية

نسمع ونقرا من هنا وهناك بعض المراهقين المهتمين بآخر الصيحات على الفيس بوك ممن يستأنس برؤية اسمه على صفحة العالم الافتراضي يلاقي عددا من الإشارات والاعجابات من أقرانه يتصور المسكين عندها انه حقق ما عجز انه الابطال بل يرى لنفسه انه بذلك اصبح مشهورا وذا باع طويل بمعترك الحياة ، فاته انه في عالم افتراضي .

والعديد من هؤلاء اشك انه سمع بالمقابر الجماعية وما لاقاه الشعب من محن ايام نظام صدام البائد وسنوات حكمه بل اجزم انه لم يقرر له النص القانوني بالتصويت على الدستور في اول عملية ديمقراطية بعد السقوط لحداثة سنه – كون عمره لايسمح – بحسب قانون المفوضية ، وقد لا ابخس حقه فاقول انه قد التحق اخيرا بالانتخابات والتصويت ومارسه حقه الديموقراطي في اختيار من يمثله ، وقد اصبح لهؤلاء انتقاله من كونه مولع بتفاصيل حياة مايكل جاكسن وقصة نجوميته وموته على سبيل المثال اومعرفته باخر من فاز ببرنامج ارب ايدل ، او اخر تحديثات البلي ستيشن - وهذا طبيعي لان المراهق هذه ابوابه التي يطرقها – الى كونه يتشندق بلسانه يمنتة ويسرة منتقدا المرجعية الدينية تاره لموقفها هنا او واضعا رايا ازاء رايها في مسالة هناك وهذا – الغرور – هو ما يضحك الثكلى بل وشر البلية .

يتوقع امثال هؤلاء ومريديهم – ممن حولهم – ان بتسلقهم الجبل الاشم تحقيقٌ للنجومية وكسب للاضواء ضانا انه في تربعه على قمة الجبل الشاهق – وهو بعيد المنال - سيعمد على تناول قرص الشمس وحبس شعاعها ، هكذا يظن المسكين وليته يعلم ان بتسلق الجبال امكانية ان تهوي به قدمه في واد سحيق او تهوي به الريح بمكان بعيد .

يلوم البعض من هؤلاء المرجعية الدينية ويحملها انها السبب في وصول الوضع الى ما هو اليه والحال ان المرجعية الدينية و المحسوبين عليها لم نراهم قد تسنموا وزارة او استلموا سفارة او حتى وقعوا عقدا استثماريا .

والى هؤلاء نقول ان المرجعية الدينية اخذت على عاتقها رسو السفينة على شاطئ الامان وسط امواج عاتية وعواصف رعدية ممطرة وليس ذنبها – المرجعية - ان ارتطمت السفينة بجبل صخري هنا او جليدي وسط البحر هناك كون غايتها ان تبحث عن طريق يوصل وبأقل الخسائر – السفينة - ومن عليها إلى بر الأمان .

هكذا وضع العراق بعد السقوط شعب غادر للتو محنة الدكتاتورية والانغلاق في كل مجالاته العلمية والثقافية والحضارية والإعلامية لعقود اصبح بليلة وضحاها تتقاذفه التيارات الفكرية والحزبية الباحثة عن قاعدة جماهيرية تستند عليها لتمشية معتقداتها وافكارها ، وقد تاه المواطن المسكين تحت الضغوط الاعلامية بعد فتح فضاء الاعلام والفضائيات لا يعلم ايها يضره وايها ينفعه وكنا – يومها - نسمع من يستشهد بحديثه بما تقوله قناتي الجزيرة والعربية غير مستوضح ايها النافع والضار منه .

وسط هذه الأوضاع والأجواء انبرت المرجعية الى الرؤية التي تؤدي الى اقل الخسائر وكان همها وضع العربة على السكة الصحيحه كمرحلة اولى وبعدها تختار – أي الامة – وقد أصبحت أكثر وعيا ونضوجا فكريا في تلمس الطريق ، ويقينا لم يكن هذا الطريق معبدا بالحرير .

وعَمدَت – المرجعية اعزها الله - وسط هذه الأحداث على مراعاة المصلحة العليا للجميع بنَفس أبوي استحقت لقب – صمام الأمان - نظرا للمواقف الجسام التي انيطت بها وتحملتها وخرجت منها هي صاحبة ألكاس المعلى رغم جميع العقبات التي وضعت في طريقها ، كل ذلك حفاظا للمصلحة العليا للبلد ولشئون الناس بكافة مشاربهم ومعتقداتهم .

محطات عديدة مرت بها المرجعية الدينية خلال العقد الماضي الذي عشنا أحداثه وتقلباته وتطوراته عاشتها وهضمتها المرجعية الدينية وكان لها في كل مناسبة مفتاح الحل تقدمه على طبق من ذهب لمن يطرق بابها ايا كانت صفته استنادا الى نظرتها الثاقبة للامور وحسها الفاحص لما ستدور اليه عاقبة الاحداث ، وهنا اسجل بعض المحطات محل الشاهد التي قد يرى من أعيته الحيل وقصر نظره ان يحكم بسذاجة راي ويحمل المرجعية تحميل خبط عشواء :-

اولا : وقفت المرجعية الدينية على مسافة واحدة من الجميع وقد اشارت الى ضرورة جمع الكلمة ولملمة الصفوف كون العدو غادر ويمكن ان يعاود الكرة من جديد بلباس متلون اخر ، وما ( نصيحتها ) يومها للسياسيين بان يجمعوا شتاتهم في قائمة واحدة لتحقيق هذا الغرض ، فضلا عن ان المواطن بعد لم يكن فاحصا مدققا ناضجا ، لما اسلفنا من عقود الانغلاق في الزمن البائد وكونها الممارسة الاولى فكان لابد وضع قدم على سكة المسير الى الامام .

ثانيا : عمدت المرجعية ومنذ الأيام الأولى على تحييد رجال الدين واقتصار دورهم على التربية الأخلاقية والدرس الحوزوي في المساجد والجوامع ونصحت بعدم تسلم معمم إدارة الشئون الإدارية في بيانات متعدد منشورة ، فلا ريب ان تحميل التيار الديني المسؤولية فيما يجري ضرب من الاستخفاف بالعقول ليس إلا ، إذ إن المرجعية أوصت مريديها بان الجوامع والمساجد هي المكان المقرر لهم .

ثالثا : إن الانتكاسات التي حدثت ونعيش مرارتها اليوم هي بسبب تخلي أصحاب القرار عن النصح بعد أن غرتهم المناصب وأخذت بهم الأحلام والغرور مأخذها حيث السلطة والجاه والأموال والامتيازات الأخرى وأصبحوا إسراء شهوة المنصب ومرجعهم في ذلك الدينار والدرهم ، فما ذنب المرجعية إذا كان راعي الرعية اخلد إلى الأرض واتبع هواة فتردى ، وفي إشارة المرجعية بقولها ( لقد بح صوتنا ) كفاية ، إذا ما نعيشه اليوم هوعبارة عن هزات ارتدادية لما كان قائما بكل تناقضاته وسلبياته .

رابعا : كنتيجة طبيعية للمنزلق والتهور الذي عاشته أحزاب السلطة الحاكمة والمشتتة من اجل المصالح والامتيازات وما صاحب ذلك من فساد وعبث ، استغل او سمح للعدو ان يخترق الصفوف ويستحوذ على المبادرة ويرجع ذوي السلطات إلى الوراء القهقرى وهو ما تمثل باحتلال ثلث ارض العراق ، عندها وقفت المرجعية الدينية مرة أخرى لأجل الشعب وحفظ المجتمع من الإبادة بسبب شراسة العدو وأعلنت الجهاد الكفائي وقد كانت مرغمة على ذلك ، بعد ان داهم العدو وافلت الزمام وانهارت المؤسسات ولو علمت واطمأنت لوجود تلك القيادة التي يعتد بها لحفظ الدولة ومؤسساتها لما التجأت إلى تحشيد المجتمع فيا لها من نكسة تبقى تبعاتها على المتصدين للقرار والمراكز بالأصالة وبالوكالة ، وياليت شعري بلد تتكالب عليه الأعداء من كل حدب وصوب وكل فاغر فاه ليلتهم كيف يدار ويراد ان يحقق استقراره بالوكالة فهذا ما لم نسمع به في البلدان المستقرة فكيف ببلد يحترق شعبه كالعراق ! وهنا لا يمكن ان تغفل جهود المرجعية على الصعيد الانساني المنقطع النظير تجاه المهجرين والمنكوبين في عموم العراق .

خامسا : اليوم وقد أحجمت عن النصح لعدم تقبل القوم وهذا طبيعي لان النصح سيكون في غير محله ، وقد نوهت – المرجعية من خلال خطب الجمعة - في أكثر من مناسبة بل وأفرغت حيزا كبيرا وبعدا وطنيا لدور الشارع في التغيير وعدم الاكتفاء بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بل أرادت من الشارع ان يصنع الحدث ويحدث التغيير ولن تترك مناسبة إلا وأدلت بهذه الرؤية لتحريك البرك الراكدة ، سلاحها الكلمة وبلسان عربي فصيح ، من ذلك ما تعرضه له قبيل الانتخابات من ضرورة ان يغيروا ( فالمجرب لا يجرب ) إلا ان الشعب انساق – كالعادة – وراء الدعاية والألاعيب البهلوانية التي استخدمتها السلطة وعلى رأسها الحزب الحاكم لجمع اكبر عدد من الأصوات بمساعدة الدولار والدرهم ، فكان ان تُحمل وصايا وإرشادات المرجعية وكأنها لشعب اخر غير العراقيين وان المقصود وأصحاب القضية ليسوا هم المعنيين بالتغيير ، فَلِم الملامة بعد هذا ولوموا أنفسكم بدل ذلك و ( ولات حين مندم ) .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78698
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29