• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل تنجح الديمقراطية في العراق؟ .
                          • الكاتب : علاء كرم الله .

هل تنجح الديمقراطية في العراق؟

يقول الزعيم البريطاني المعروف (ونستون تشرشل) (( أن الديمقراطية تعد أقل أنظمة الحكم سوءأ)). ولكن ما جرى بالعراق بعد مرور(13) عام على سقوط النظام السابق، يعد الأسوء بتاريخه الحديث في كل شيء منذ تأسيس دولته عام 1921 .

 ان الديمقراطية مثل نبات له مزايا خاصة لا يزرع في أي مكان ويكبر وينمو مالم تتوفر له الأرضية والأجواء المناسبة والمحيطة به

 والسؤال: هل كان العراق أرضا مناسبة لنمو وبناء الديمقراطية؟ الجواب ومع الأسف كلا ثم كلآ!!، فلا الذين بشروا بها وهم (الأمريكان) ولا القائمين على بنائها وترسيخها وتطويرها من السياسيين وقادة الكتل والأحزاب السياسية العراقية أصابوا نجاحا يذكر في ذلك! 

كما أن الشعب العراقي لا يمتلك أية خلفية عن الديمقراطية! لأن كل الأنظمة التي حكمته في العهود السابقة من ملكية الى جمهورية  حكمته بطريقة دكتاتورية وأستبدادية مع بعض الفوارق بين هذا النظام وذاك! وحتى ديمقراطية النظام الملكي كانت ديمقراطية مزيفة! وهذا ما يعترف به الأنكليز والسياسي المعروف نوري سعيد على السواء!!

ولذا لم يفهم العراقيين من الديمقراطية التي جاء بها الأمريكان من بعد سقوط النظام السابق في 2003  سوى الفوضى والأضطراب والأنفلات وغياب المركزية!

 قال الرئيس الأمريكي (أوباما) في احد خطاباته في فترة رئاسته الأولى بخصوص الديمقراطية في العراق( لم يكن العراق مكانا مناسبا للديمقراطية وليس من مسؤوليتنا جعله كذلك)!

وأعتقد أن (أوباما) كان مصيبا في ذلك ولو ان مثل هكذا تصريحات متأخرة تثير الكثير من الألم في النفوس ، بعد كل هذا الضياع والدمار الكامل للعراق، هذا بالنسية للقادة الأمريكان.

 اما بالنسبة لسياسيينا المصابين بهوس وحب السلطة وكرسي الحكم فلقد كان قصورهم وأداؤهم واضحا في موضوع الديمقراطية ونشرها وترسيخ مبادئها بين الشعب،

 فصورة البرلمان العراقي المنتخب من قبل الشعب وعبر صناديق الأقتراع والذي يمثل أعلى درجات الديمقراطية وروحها، قد أثبت ومن خلال السنوات التي مرت بأن غالبية أعضائه أن لم نقل جميعهم،

 يحتاجون الى ثقافة الديمقراطية والأيمان بها قبل غيرهم وبشكل صادق وحقيقي وليس بالكلام عنها فقط كما تعودنا أن نسمع منهم عبارة ( العراق الديمقراطي الفدرالي الحر)

 فالبرلمان العراقي وتحديدا الحالي أصبح هو المشكلة! وخاصة بعد أحداث نيسان الماضي وأقتحام بنايته من قبل المتظاهرين، قد أعطى صورة باهتة ومشوهة عن الديمقراطية وخاصة بعد فشله الذريع في أداء دوره الرقابي والتشريعي الذي يعد من أساسيات وأولويات عمله من أجل أزدهار البلاد وتطورها حيث وضع المصالح الحزبية والطائفية والقومية والشخصية فوق مصلحة الشعب والوطن.

 فأذا كان هذا أعتراف الأمريكان أنفسهم بأعتبارهم رسل الديمقراطية!، وأذا كان هذا هو حال قادة أحزابنا السياسية وسياسيينا والذين تجرعنا منهم كؤوس المرارة والفرقة والفقر والحاجة والتشرد والموت بأسم التجربة الديمقراطية طيلة كل هذه السنوات التي مرت منذ عام 2003 ولحد الان,

 فلا عتب على الشعب الذي يفتقد غالبيته الى الكثير من التحضر والثقافات العامة في سلوكه اليومي وليس الثقافة الديمقراطية فقط والتي يفتقد الى أبسط مفاهيمها وموقومات نجاحها فكيف به سيفهمها ويتقبلها بعد (13) عام من تجربة مريرة أفرزت نتائج وكوارث مرعبة

 وتمثل ذلك بمئات الألاف من الشهداء والأرامل والأيتام والمطلقات والمهجرين في الداخل والخارج وأزدياد نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الى أكثر من 40 بالمائة أضافة الى انتشار الأمراض

 بما فيهم الأمراض الخطيرة كالسرطان وهبوط مستوى التعليم الجامعي والأساسي وأنتشار الأمية بشكل مخيف والأخطر من كل  ذلك هو فقدان هيبة الدولة وهشاشة السيادة الوطنية وكثرة التجاوز عليها والتدخل في شؤنها من قبل قبل دول الجوار

 بسبب من ضعف القائمين عليها وعدم قدرتهم على حماية العراق بعد أن أستقوت عليه جميع دول الجوار، مع وجود تهديد واضح وقائم بتفتيت العراق وتقسيمه.

ومن الطبيعي أن كل ذلك ألقى بظلال من الخيبة والألم في نفوس العراقيين وكرهوا الديمقراطية كره العمى!، وبات الغالبية العظمى من العراقيين يفظلون بل يؤمنون، بأن دكتاتورية وبمركزية وبضبط وربط كما يقال توفر لهم الأمان والسلام وتقضي على الفساد، خير ألف مرة من ديمقراطية بفوضى وأضطراب وأنفلات وخوف وفساد.!!

 وقد أجمل رجل كبير في السن كل ذلك عندما قال على احدى الفضائيات  وبلغة أهل الجنوب الجميلة(جا هو شنهو التغير بزمن صدام جان حاط وصلة بحلكنه ما نكدر نحجي، من جوي ربعنا طلعوا الوصله من حلكنا وخلوها بذانهم)!!.

 

 والأكثر ألما في ذلك أن كل ما جرى بالعراق من مصائب وويلات خلال (13) عام التي مرت كأنها مر السحاب! حدث في ظل دستور مختلف عليه من قبل الجميع ويعتبر أس المشاكل والمعظلة الأكبر!!.

 فمن حق الشعب بعد كل هذا وما لاقاه من ضيم وخوف وقهر أن يلعن الديمقراطية ومن جاء بها ونادى بتطبيقها

أن شعوب العالم المتمدن والديمقراطي لا يهتمون بالسياسة ولا بالسياسيين ليل نهار كما نحن وغيرنا من الشعوب المقهورة المعجونين بالسياسة حتى النخاع من طفلنا الرضيع حتى شيخنا الكبير! بقدر ما يهمهم ما  تحققه الحكومة المنتخبة لهم وما تقدمه أليهم من عيش كريم وضمانات صحية وأجتماعية وفي أجواء انسانية آمنة.

 فأذا أستمر قادة الأحزاب السياسية في العراق على منوالهم بالصراعات والأقتتال من أجل الأحتفاظ بالمناصب وكراسي الحكم في ظل ديمقراطية زائفة تم تحريفها وتشويهها الى مسمى(الديمقراطية التوافقية)

 وهي في حقيقتها محاصصة طائفية وحزبية وقومية والتي كانت السبب وراء كل هذا الدمار الذي حل بالعراق فلن تنجح الديمقراطية بالعراق أبدا!!.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79393
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5