• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح325 سورة يس الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح325 سورة يس الشريفة

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{41}
تستمر الآية الكريمة في بيان بعض الدلالات الخاصة (  وَآيَةٌ لَّهُمْ ) , علامة اخرى ينبغي ان يتفكروا بها ويتدبروها , (  أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) , سفينة نوح "ع" , على بعض الآراء , وفي اراء اخرى يعمم المطلب الى كافة السفن التي تجوب البحار . 
( عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث انه سئل فما التسعون فقال الفلك المشحون اتخذ نوح فيه تسعين بيتا للبهائم وقيل ذريتهم اولادهم الذين يبعثون الى تجاراتهم أو صبيانهم ونسائهم الذين يستصحبونهم فان الذرية تقع عليهم لانهن مزارعها وتخصيصهم لان استقرارهم فيها اشق وتماسكهم فيها اعجب ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني " .     
 
وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ{42} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ ) , مثل سفينة نوح "ع" , صنعوها بتوفيقه وايحاءه جل وعلا لهم , (  مَا يَرْكَبُونَ ) , بعض الآراء تشير الى ان المعنى (  وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ ) اي الدواب التي يركبها الناس للتنقل على ظهر المعمورة .   
 
وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ{43} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقاتها  (  وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ ) , كل شيء متعلق بإرادته جل وعلا , فشاء ان يحمل الناس على البحر , وان شاء جل وعلا اغرقهم بتهييج الرياح والامواج او بأي سبب اخر , عند ذاك :
1- (  فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ ) , فيها عدة آراء منها :   
أ‌) صريخ بمعنى ناصر ينصرهم من الغرق . 
ب‌) كل موت تسبقه صرخة , الا الغريق لا يمكنه ان يصرخ .
2- (  وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ ) : ينجون من الموت .  
 
إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ{44} 
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقاتها مستثنية (  إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا ) , استثناء من شملته رحمته جل وعلا , (  وَمَتَاعاً ) , فينجو من الموت ليتمتع بالحياة , (  إِلَى حِينٍ ) , الى وقت معلوم , حيث انقضاء الاجل .   
 
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{45} 
تضيف الآية الكريمة ناصحة (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ) , تجنبوا , ابتعدوا , اتركوا , (  مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ) , من الذنوب على رأي , او عقاب الدنيا على رأي اخر , (  وَمَا خَلْفَكُمْ ) , عذاب الاخرة , (  لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) , بادراك التوبة والمغفرة .   
( عن الصادق عليه السلام معناه اتقوا ما بين ايديكم من الذنوب وما خلفكم من العقوبة ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني " .      
 
وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ{46} 
تضيف الآية الكريمة (  وَمَا تَأْتِيهِم ) , وما يأتي الكفار على ايدي الرسل والانبياء "ع" , (  مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ ) , دلائل قدرته جل وعلا وحججه وبراهينه , (  إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) , رغم ثبوت الحق وعجزهم عن دحضه وتفنيده اعرضوا عن الرسل نصرة لعاداتهم وتقاليدهم المتوارثة التي اعتادوها .   
 
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{47} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ) , للكفار ذوي السعة , (  أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ ) , على الفقراء وذوي الحاجة , (  قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) , قال الكفار للمؤمنين ردا عليهم , وتضمن شطرين : 
1- (  أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ ) : على نحو الاستهزاء بمعتقدات المؤمنين ناشئ من فرط جهلهم , أي لو كان الله رازقا كما تقولون لمّ لا يرزق الفقراء ؟ ! , غافلين او متناسيين ان الله تعالى يأخذ بالأسباب , وكذلك موارد البلاء والابتلاء , وايضا ان الفقير وان كان فقيرا الا ان رزق ربه له لا ينقطع عنه بحال من الاحوال وان قتير عليه , كما وان الرزق ليس بالمال فقط , وان تصور ذلك الاعم الاغلب من الناس , بل الرزق يشمل موارد كثيرة اخرى كنعمة الحياة والعافية والامان الى غير ذلك . 
2- (  إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) : انتم ايها المؤمنون في بعد وتيه واضح عن الحق , حيث تعتقدون ان الله تعالى هو الرزاق وتطلبون منا ان نطعم "نرزق" الفقراء وذوي الحاجة من اموالنا الخاصة , لو شاء الله لرزقهم على ما تعتقدون , او اطلبوا الرزق لهم من الله ؟ ! .       
 
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{48} 
يستمر كلام الكفار في الآية الكريمة مستفهمين على نحو الاستهزاء والانكار والتكذيب (  وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ) , البعث والحساب , الذي تتوعدونا به , (  إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) , فيما تخبرونا عنه مما سيجري علينا فيه .    
 
مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ{49} 
تجيب الآية الكريمة على تساءلهم (  مَا يَنظُرُونَ ) , لا ينتظرون , (  إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ) , اغلب الآراء تشير الى انها نفخة الصور الاولى , (  تَأْخُذُهُمْ ) , تضربهم , على نحو المأخوذ حين غفلة من امره , (  وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) , مشغولون في التخاصم في تجاراتهم وشؤونهم الاخرى .  
 
فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ{50}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ) , عند ذاك سيكون حالهم حال العاجز , الذي يعجز عن ابسط الاشياء كالوصية , (  وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) , او العودة الى الاهل , " تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فما يطويانه حتى تقوم الساعة والرجل يرفع اكلته الى فيه فما تصل الى فيه حتى تقوم والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم" - تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - .   
 
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ{51} 
ذكرت الآية الكريمة السابقة النفخة الاولى , فعرجت الآية الكريمة الحالية الى ذكر النفخة الثانية (  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) , النفخة الثانية , وبينهما زمن يقدره الله تعالى بحكمته , (  فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ ) , يخرجون من قبورهم , (  إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ) , يسرعون مندفعين الى موضع الحساب .    
 
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ{52}
تروي الآية الكريمة ما يقوله الكفار في ذلك الحين (  قَالُوا يَا وَيْلَنَا ) , يستهلون كلامهم بالدعاء بالويل والثبور على انفسهم , (  مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ) , حسبوا انهم كانوا نياما , فاستيقظوا متسائلين عمن ايقظهم  , فاتاهم الجواب على لسان الملائكة , على رأي وعلى رأي اخر هو اقرار منهم  (  هَذَا ) , البعث , (  مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ ) , الذي كذبتم واستهزئتم  به , وطالما استعجلتموه , (  وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) , في انذاركم منه .   
 
إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ{53} 
تستمر الآية الكريمة مبينة (  إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ) , البعث من القبور كان بنفخة واحدة  فقط , (  فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) , نتيجتها ان جميع الخلق بين يديه جل وعلا للحساب .  
ملخص الآية الكريمة ان البعث هيّن عليه عز وجل .
( عن الامام الصادق عليه السلام قال إذا امات الله أهل الارض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم واضعاف ذلك ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات اهل الارض وأهل سماء الدنيا واضعاف ذلك ثم امات اهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما امات اهل الارض واهل السماء الدنيا والسماء الثانية واضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الارض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك في كل سماء مثل ذلك واضعاف ذلك ثم امات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم امات جبرئيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم امات اسرافيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم امات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم يقول الله عز وجل لمن الملك اليوم فيرد على نفسه لله الواحد القهار اين الجبارون اين الذين ادعوا معي الها آخر اين المتكبرون ونخوتهم ثم يبعث الخلق قال الراوي فقلت ان هذا الامر كائن طول ذلك فقال أرأيت ما كان هل علمت به فقلت لا قال فكذلك هذا ) . "تفسير القمي" .  
 
فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{54}
تؤكد الآية الكريمة على امرين : 
1- (  فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) : الله جل وعلا عادل , لا يظلم احدا , ولا يظلم عنده احد .
2- (  وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) : كل يجزى حسب عمله , لا ينقص منه شيء ولا يزاد عليه شيء , وله جل وعلا ان يضاعف ثواب المؤمنين .  
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82313
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19