بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد
إنّ هذه المقولة على اطلاقها محلّ اشكال لأمور:
أوّلا: إنّ لفظة (دين) لا تطلق إلّا على ما ثبتت نسبته للشارع المقدّس بالقطع واليقين فقط، كوجوب الصلاة وصوم شهر رمضان وغيرها من الأمور الضرورية النسبة للشارع، أمّا لو جاءت رواية ونقلت لنا مضمون من المضامين فإنّه لا يعتبر دينا ما لم تكن رواية متواترة أو محفوفة بقرائن تفيد العلم، نعم يرتّب عليها الأثر الشرعي لقيام الدليل على ذلك لكن تبقى في إطار الظنّ الخاص، بل حتّى لو جاءت آية بمضمون من المضامين فإنّه لا يكون دينا إلّا إذا كانت نصّا فيه بحيث لا يحتمل خلافه أمّا لو كانت ظاهرة في معنى من المعاني، فإنّ هذا المعنى لا يطلق عليه أنّه دين إذ أنّه يمكن رفع اليد عنه لأيّ قرينة في المقام.
ثانيا:إنّ لفظة (العلم) لا تطلق إلّا على الأمور التي ارتقت إلى مستوى الحقائق تسالم عليها العلماء بحيث لا يمكن أن تتغيّر وتتبدّل الآراء فيها مع الزمن مثل كروية الأرض ووجود المجرّات الأخرى وغيرها، أمّا النظريات العلمية أو الفرضيات العلمية فهي تبقى أمورا ظنية تختلف باختلاف العالم والزمن وتطوّر التكنولوجيا.
وبهذا التقريب يكون عندنا صور من التعارض بين القضايا الدينية والقضايا التجريبية وفي كلّ هذه الصور يقدّم اليقين على سواه:
الصورة الأولى: تعارض (حقيقة علمية) مع رواية أو خبر في كتب الحديث
يؤخذ بالحقيقة العلمية وتسقط حجيّة الخبر وإن كان صحيح السند لأنّه ظني في مقابل يقيني
الصورة الثانية: تعارض (الحقيقة العلمية) مع آية غير قطعية الدلالة
يؤخذ بالحقيقة العلمية ويرفع اليد عن ظاهر الآية لأنّه ظني في مقابل يقيني
الصورة الثالثة: تعارض (الدين) مع فرضية علمية
يؤخذ بالدين وتردّ الفرضية
الصورة الرابعة: تعارض (الدين) مع نظرية علمية
يؤخذ بالدين وتردّ النظرية
الصورة الخامسة: تعارض (آية أو رواية) مع نظرية أو فرضية علمية
يتوقّف في هذا الفرض حتّى ترجّح كفّة أحدهما لأنّ كليهما ظنيين
الصورة السادسة: تعارض (الدين) مع (حقيقة علمية)
هذا فرض محال لعدم امكانية التعارض بين يقينيين
وعليه فنقول: لا يمكن التعارض بين الدين والعلم بحسب (الصورة السادسة) وما يذكره بعض غير المسلمين هو من الصور الخمسة الأولى، واطلاق (تعارض العلم والدين) على هذه الصور محلّ تأمّل كما تقدّم.
ولم أظفر بحسب تتبّعي القاصر أحدا ادّعى تعارضا بين العلم والدين من قبيل الصورة السادسة التي حكمنا باستحالة وقوعها ومن عنده تعارض من هذا القبيل فليئتنا به. |