• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مجلس حسيني -مواصفات السفراء في السياسة الإسلامية .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

مجلس حسيني -مواصفات السفراء في السياسة الإسلامية

سقتك دما يا ابن عم الحسيـن*** مـدامـُع شيعـتـك السافـحـة
لأنـك لــم تــْرَو مــن شـربـٍة*** ثنايـاك غـدت فيها طائحـة
رموك من القصر إذ أوثقوك*** فهل سلمت فيك من جارحة
و سحـبـا تُـَجــُّر بأسـواقـهـم*** ألـســَت أمـيـرهـم الـبـارحـة
قضيت ولم تبكك الباكيات *** أليس لك في الحي من نائحة
 
عادة يكون السفير ممثلا حقيقيا للجهة التي اختارته للسفارة .... فالأنبياء كلهم سفراء الله إلى الناس وهم ممثلون لكلام الله وأوامره وشريعته للناس , وقضية السفارة لا تكون بالأشياء التافهة , وان وجدت سفارة لجهات سيئة تافهة , فان حقيقة السفير تفضح الجهة السيئة , وتبين تفاهتها .. لذلك يعتمد أصحاب المسؤوليات الكبرى على شخصية السفير .. وفي زماننا هذا يدخلون السفير في دورات لتعلم  الأصول الدبلوماسية , لان هذا الرجل يمثل شعبا بأكمله ...  
    من هنا أصبح على كل صاحب قضية حين يرسل رسولا , لا بد ان يهتم بالرسالة التي يحملها , لان رسالته هي صلب مسؤوليته ,  وقد انتهج الرسول {ص}هذا الأسلوب لإيصال دعوته إلى الآفاق. وكذلك الأنبياء الآخرون اختاروا رسلا  أو وكلاء لقومهم . وقد ذكر القران الكريم حالات متعددة لرسل استخدمهم الأنبياء مثل هدهد سليمان , وكان واجبه استقصاء فقط لدولة بلقيس في اليمن , فجاء بمعلومات مهمة جدا للدولة التي يقودها سليمان , كذلك عيسى {ع} حين أرسل الحواريين للناس , أما النبي محمد {ص} فالتاريخ يذكر انه اتخذ أكثر من تسعة سفراء بينه وبين الدول والعشائر .أطلق المتأخرون على الرسل مصطلح "السفراء" لأن الذي يرسل من مسئول إلى مسئول يسمى "سفيراً" بموجب المصطلحات السياسية الحديثة.وأضافوا إلى مسؤوليته قسما للتجارة والثقافة والأمني .
كان هدف سفراء النبي{ص} الدعوى والإصلاح ، فقاموا بهذه المهمة خير قيام.وقد ورد ذكر سفراء النبي{ص} في عدة مصادر.. ذكر النووي : " أرسل النبي {ص}عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشي، فأخذ النجاشي كتاب الرسول{ص} ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، وجلس على الأرض، ثم أسلم حين حضر جعفر بن أبى طالب وحسن إسلامه وكان له موقف جهادي مع المسلمين المهاجرين .. وأرسل دحيه الكلبي بكتاب إلى هرقل عظيم الروم يسمى القيصر فأخذ قيصر كتاب النبي{ص}ووضعه على خاصرته ووصل دحيه وقال له : لو كان في بلادي لاتبعته ونصرته  . وأرسل{ص}شجاع بن وهب الأسدي إلى جبلة الغساني... ومن المشهورين من سفراء النبي {ص} عبد الله بن حذافة إلى كسرى ملك فارس وحاطب بن أبى بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر، فقال خيرًا، وقارب أن يُسلم، وأهدى لرسول الله{ص}ماريه القبطية وأختها شيرين ..فزوج النبي {ص} شيرين لحسان بن ثابت لأنه لا يجوز الجمع بين الأختين .. وهذا دليل حب قيصر الروم  للتواصل مع النبي {ص} .. 
وكرر إرسال شجاع بن وهب الأسدى إلى ملك البلقاء من أرض الشام { الأردن }وإلى المنذر ملك البحرين فرحب بالسفير وصدق نبوة محمد {ص} ودخلت البحرين الإسلام بسبب رسالة ذلك السفير  ".ثم أرسل عليا {ع} لليمن وبقي فيها إلى حجة الوداع حين أرسل عليه إن يعود إلى مكة فيوافيه في الحج  في حجة الوداع , وكان بعدها تنصيبه وليا للعهد في غدير خم .. 
ومن حوارات بعض السفراء ما ذكره البغدادي في تاريخه : كتاب المحبر : قال : أرسل النبي{ص}جرير بن عبد الله البجلى إلى ذي الكلاع وذي عمرو،باليمن وكان ذو عمرو يهوديا. فقال لجرير "إن كان صاحبك صادقا فقد مات اليوم فإني أجد في كتبنا أنه يموت في هذا الشهر ويحتمل هذا اليوم , وهو  آخر نبي على وجه الأرض" فكتبوا ذلك اليوم بينهم ..بعد حين أتت الركبان بنعي النبي{ص} أنه مات في ذلك اليوم فأسلما ووفد ذو الكلاع على عمر فأغزاه بالشام فلم يزل بها حتى قتل بصفين مع معاوية.
  لما جاء عبد الله بن حذافة إلى كسرى بن هرمز فلما قرأ كتاب النبي{ص}مزقه ورماه فقال{ص}"مزق الله ملك فارس كل ممزق"  فما افلحوا بعد دعوته".وقد بلغ عدد سفراء النبي{ص}إلى أمم الأرض خمسة عشر سفيراً .. وكل واحد منهم له اختصاص بجهته التي أرسله لها ..ـ :
1 ـ جعفر بن أبي طالب.
جعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول {ص} أخو علي بن أبي طالب لأبويه وهو جعفر الطيار, اسلم بعد إسلام أخيه علي بقليل، ولما هاجر إلى الحبشة أقام عند النجاشي ورجع إلى المدينة خلال فتح خيبر فتلقاه رسول الله{ص}اعتنقه وقبل عينيه وقال : ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر وأنزله إلى جنب المسجد ولما قاتل جعفر قطعت يداه والراية معه لم يلقها؛ قال رسول الله{ص} "أبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة" ولما قتل وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح كلها فيما أقبل من بدنه ..كان قويا كأخيه أمير المؤمنين {ع} بالقوة والشجاعة ,  قال ولده عبد الله بن جعفر : كنت إذا سألت عمي عليا{ع}  شيئا فمنعني قلت له : بحق جعفر إلا أعطاني وقال : وكان عمر جعفر لما قتل إحدى وأربعين سنة .
وهناك ادوار تعتبر خيانة لأهل البيت {ع} قام بها بعض السفراء منهم أبو موسى الأشعري ..كان أبو موسى على البصرة في زمن عمر ولما قتل عمر أقره عثمان عليها ثم عزله واستعمل بعده عبد الله بن عامر وهو من اكبر أعداء أمير المؤمنين{ع} , وهو من أغرى عائشة وطلحة والزبير بالقدوم للبصرة , وألا هم لا يعرفون شيئا عن أهلها , ولم يكاتبوهم ولكن وجود عبد الله بن كريز واليا لعثمان بالبصرة حققت له قاعدة فكرية ضد الإمام أمير المؤمنين {ع} المهم بقي أبو موسى بالبصرة إلى أن حدثت ثورة بالكوفة على سعيد بن العاص وذهب وفد من الكوفيين للمدينة العاصمة , طلبوا من عثمان أن يستبدل واليهم سعيد بن العاص { وهو الذي كلفه يزيد بقتل الحسين ولو كان متعلقا بأستار الكعبة } فأرسل عثمان أبا موسى الأشعري على الكوفة حتى قتل عثمان فاقره الإمام على الكوفة , ولكنه اكتشفه قبيل معركة الجمل انه  يحبط الناس من الالتحاق بجيش الإمام {ع} في معركة الجمل . وكان من خطط بني أمية الطلب لمن يواليهم البقاء في بلدته حتى بعد خلعه .. كما فعل الوليد بن عتبه حين طلب منه معاوية البقاء في الكوفة وتأسيس منظومة استخبارات ضد دولة الإمام علي {ع} فقام بأعظم دور في هذا المجال , وكذلك طلب عثمان من أبي موسى البقاء في الكوفة .. ولكنه مات في سنة 42 هـ ..
 
السفير حين لا يَكون عالِمًا بما هو ذاهب ليدعو له، فسيكون مِعول هدمٍ لقضيته من حيثُ لا يشعر، ولقد كان السفراء المسلمون أصحابَ علم ودينٍ وحكمة، ونضرب هنا مَثلاً بالعَلاء بن الحضرمي "قَدِم على المنذر بن ساوى،وكان يعبد النار على دين المجوسية .. فقال له: يا منذرُ، إنك عظيمُ العقل في الدنيا، فلا تَصغُرنَّ عن الآخرة، إنَّ هذه المجوسية شرُّ دين ليس فيها تكرم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يُستحيا من نكاحه، ويأكلون ما يتكرَّم على أكله، ويعبدون في الدنيا نارًا تأكلهم يوم القيامة، ...فانظر هل يَنبغي لمن لا يكذب أن لا تُصدقه، ولمن لا يخون أن لا تأمنه، ولمن لا يخلف أن لا تثق به؛هو النبي الأمي محمد {ص} فقال المنذر: قد نظرت في أمر ديني فوجدتُه للدنيا دون الآخرة، ونظرتُ في دينكم فوجدتُه للآخرة والدنيا، فما يَمنعني من قَبول دينٍ فيه أمنية الحياة وراحة بعد الموت .. واسلم . 
إذن صفات السفير لا بد أن يتصف بالحكمة والعقل وله إمكانية الإقناع برسالته .أن يكون مقنعًا، حسَن التصرف، متَّزنًا غير متهور، عاقلاً ذكيًّا، حاضرَ البديهة قويَّ الحجة، سليم المنطق يعرف ماذا يتكلم , ينطق بالحكمة ويدعو إلى العقل والنور , وهذه كلها جمعت في مسلم بن عقيل {ع} حيث عبر عنه الحسين {ع}  قال :" أرسلت إليكم أخي وابن عمي والمفضل عندي من آل بيتي مسلم بن عقيل .. ثم يأمرهم أن يطيعوه .. وانه يحمل رسالة معرفة أمرهم ويكتب أليه عن موقفهم ..
ومن الصفات التي يجب ان يتصف بها السفير هي : الشجاعة والصبر؛ فالمكلف بمثل هذه المهامِّ لا بد أن يتمتع بشجاعة فائقة، وصبرٍ عظيم، وعزمٍ لا يَلين؛ لأنه سيَسير آلاف الكيلومترات ذهابًا وإيابًا، وسيَقطع الفيافيَ ويَمشي على أرض صخرية ورملية، وسيَلتقي بالسباع والهوام، والأعداء والغادرين، وسيمر عليه الليل الطويل والنهار الشاقُّ، وربما جاع وعطش، وسيَلتقي بالملوك ذَوي القوة والجاه ، والأمراء ذوي البطش، والجنود ذوي البأس، ممن يَحتاج في لقائهم إلى رباطة الجأش، فربما عُذِّب وربما سُجن؛ لذلك فمن لم يكن شجاعًا وصَبورًا فلا يمكن أن يُباشر هذه المهمة، وسفراء الحسين {ع} كلهم يَمتلكون هذه الصفات؛ لأنهم مجرِّبون، فقد خاضوا معاركَ شرسة كثيرة، ومَرُّوا بمواقفَ أثبتوا شجاعتهم وثباتهم.
وأخيرا المظهر اللائق وجمال الشكل؛ ولو إن الإسلام لا ينظر إلى شكل الإنسان، بل ينظر إلى قلبه وعمله وجوهره، ولكن في بعض المهمات يحتاج الأمر إلى ذلك من باب: (حدِّثوا الناس بما يعرفون)، وهي قاعدة بليغة في السياسات الخارجية.
لم يحدد الرسول سفراءه من قبيلة أو بيتٍ واحد، بل نوَّع بينهم، واختار من كل قبيلة واحدًا، والمثير أنه لم يكن من بين هؤلاء السفراء أحدٌ من أقرباءه إلا علي بن أبي طالب {ع} في ذلك دلالات سياسية بأن رئيس الدولة يُعيِّن سفراءه على أساس الكفاءة المهارات، وليس على أساس القَرابة والنسب.... إذن لا بد أن يكون السفير مميزا بمواهب يمثل الجهة التي أرسلته .. فمسلم بن عقيل {ع} وبقية السفراء الحسينيين يمثلون حركة وثورة الحسين بكل تفاصيلها .. فمن هم السفراء في تاريخ الشيعة ؟...
من هم السفراء الأربعة ؟
السُّفراء الأربعة : مُصطلحٌ يُرادُ به سفراء الإمام المهدي المنتظر ( عجَّ) و نوابه ، يسمونهم  أصحاب الوكالة الخاصة في فترة الغيبة الصغرى ، حيث أن أحداً من الناس لم يتمكن من الاتصال بالإمام المهدي ( عجَّ ) أو الاجتماع إليه في تلك الفترة إلاّ من خلال سفرائه الأربعة . ويُعرف هؤلاء السفراء بالنواب الأربعة وهم ليسو من ال البيت {ع} بل كل هؤلاء السفراء و النواب من كبار علماء الشيعة و زهّادهم ، و من أصحاب الأئمّة السابقين ( ع) ، و قد تمَّ اختيارهم و تعينهم من قِبَل الإمام المهدي ( ع) .
*** مهمة السفراء الأربعة :.. كان السفراء يشكِّلون حلقة اتصال بين الإمام المهدي ( عجَّ) و بين شيعته في مختلف الأقطار ، فكانوا يحملون إليه رسائل شيعته وأسئلتهم ، ثم يأتون إليهم بالجواب ,ومن مهامهم أيضاً أنهم كانوا يستلمون الحقوق الشرعية و يحملونها إلى الإمام ( عجَّ) ، أو يتصرفون بها حسب ما تقتضيه المصلحة . و قد استمرت سفارة السفراء الأربعة قُرابة 70 عاماً ، من سنة 260 حتى سنة 329 هجرية ، و هي الفترة التي تُعرف بفترة الغيبة الصغرى .
أسماء السفراء الأربعة و تراجمهم..السفراء الأربعة هم التالية أسماؤهم حسب ترتيب تولِّيهم للسفارة :
السفير الأول:.. عثمان بن سعيد بن عمرو العَمري الأسدي ، المُكنَّى السمّـان جاء في موسوعة طبقات الفقهاء : ـ أنه ـ أدرك الإمام  علي الهادي {ع} خدَمَهُ ولهُ إحدى عشرة سنة ، ثم لقي بعده الإمام أبا الحسن العسكري{ع}وسمع منهما الحديث وتوكَّل لهما  ، و كان ذا منزلةٍ رفيعة عندهما ، ثم أدرك الإمام المهدي المنتظر ( عجَّ) ، و تولّـى السفارة له زمناً قصيراً  .. 
وردت روايات كثيرة في مدحه ، منها ما رواه الشيخ الطوسي  عن علي أحمد بن إسحاق ، عن الإمام العسكري حيث سأله :مَنْ أُعامل ، و عمّن آخذ ، و قول مَنْ أقبل ؟ قال ( ع) : " العَمْري و ابنُهُ ثقتان ، فما أدّيا فعنّي يؤديان ، و ما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما و أطعهما ، فأنهما الثقتان المأمونان . مات ودُفن في مدينة بغداد ، قريبا من ساحة الميدان.
السفير الثاني وله محمد بن عثمان بن سعيد العَمْري ، المُكنَّى بأبي جعفر العسكري ، أثنى الإمام المهدي ( عج ) عليه و على والده ، له كُتب مصنفة في الفقه مما سمعه من الإمام العسكري ( ع ) و الإمام المهدي المُنتظر ( عجّ) ،ودخلت رواياته في مساند الشيعة الأربعة , الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لم يحضره الفقيه ..تولَّى السفارة زمناً طويلاً ، و حدّدها السيد هاشم معروف الحسني بأربعين سنة. كان ( رحمه الله ) يعلم بوقت وفاته ,أخبره الإمام {عج} فأعدَّ لنفسه قبراً  و كان ينزل إليه ويقرأ فيه القرآن، و يقع قبره اليوم في جامع الخلاني ببغداد. تُوفي سنة : 305
السفير الثالث :.. الحسين بن روح النوبختي ، يُلقَّب البغدادي . كان فقيهاً ، مفتياً ، كثير الجلالة ، ذا عقل  فحفّ به الشيعة و عوّلوا عليه في أُمورهم ، و حملوا إليه الأموال ، و كثر من يزورونه حتى كان الأمراء و الوزراء و الأعيان يركبون إليه ،تولَّى السفارة من سنة 304 أو 305 هـ حتى وفاته في شعبان سنة 326 هـ، أي أكثر من عشرين سنة، و دُفن في بغداد ....
السفير الرابع :..علي بن محمد السَّمَري 15يُكنَّى بأبي الحسن ، ولقبه البغدادي .هو آخر السفراء الأربعة ، تولَّى السفارة  سنة 326 هـ حتى وفاته سنة 329 ، دفن ( رحمه الله )في بغداد. بوفاته إنتهت النيابة الخاصة ، كما إنتهت فترة الغيبة الصغرى. لذلك حدد الشيعة غيبات الإمام المهدي {عج} من خلال السفراء , فقالوا له غيبتين .. الأولى تُسمى بالغيبة الصغرى ، بدأت  بعد وفاة والده الإمام العسكري {ع} سنة 260 هجرية ، و انتهت بوفاة السفير الرابع  سنة 329 هـ   ,وهي بحدود 70 سنة  . 
الغيبة الثانية : تُسمى بالغيبة الكبرى ، بدأت سنة 329 هجرية بوفاة السفير الرابع و لا تزال مستمرة حتى الآن و ستستمر حتى يأذن الله عَزَّ و جَلَّ للإمام المهدي ( عج) بالظهور ليملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ً. وللشيعة خاصة والمسلمين عامة تصنيفات ودراسات علمية وفكرية بخصوص الغيبة وفلسفتها وأهدافها , لسنا بصددها, إنما تحدثنا عن تاريخ سفراء المهدي {عج} ..  
****  سفراء الحسين عليه السلام:.... وهم ستة سفراء أولهم : ...حنظله بن أسعد الشامي والثاني  سليمان بن رزين .. والثالث  عبد الله بن يقطر الحميريّ والرابع عمرو بن قرظة الأنصاريّ وهذا استطاع الإفلات من جميع من حاول قتله واعتقاله واستشهد مع الحسين {ع} في كربلاء ..والخامس قيس بن مسهر الصيداويّ والسادس مسلم بن عقيل ...  
من بين أصحاب الإمام الحسين {ع} والمقرّبين منه تبرز بعض الوجوه والشخصيّات الأمينة والمخلصة والناشطة والتي أدّت دور الرسول والناقل لكلمات الإمام وتوجيهاته وكذلك دور الممثّل عنه، وبعبارة أخرى قاموا بدور السفير لسيّد الشهداء عليه السلام نذكر منهم:حنظلة بن أسعد الشباميّ
كان شيعيّاً شجاعاً قارئاً للقرآن ذا لسانٍ وفصاحة، ومع حضور الإمام عليه السلام في كربلاء جاء حنظلة إليه، ومع اصطفاف ابن سعد وجيشه في مقابل الإمام وأصحابه أدّى هذا الرجل دور الرسول والسفير من قبل الإمام أبي عبد الله عليه السلام يحمل رسائله إلى ابن سعد قبل شروع الحرب والقتال، وجاء في يوم عاشوراء إلى سيّد الشهداء عليه السلام يطلب منه الإذن في القتال وتقدّم بين يديه وأخذ ينادي: "يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلماً للعباد، ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد يوم تولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد"."يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذابٍ وقد خاب من افترى".فخاطبه الحسين {ع} يا حنظله ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟". فقال حنظلة: "صدقت جعلت فداك، أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بإخواننا؟". وأذن له الإمام الحسين عليه السلام بالمبارزة والنزول إلى الميدان ودعا له، ثمّ تقدّم حنظلة إلى القوم شاهراً سيفه يضرب فيهم قدماً حتّى استشهد  (رضوان الله عليه)، وقد ورد اسمه في زيارتي الناحية والرجبيّة .
الثاني :... سليمان بن رزين ...كان سليمان يقوم بخدمة الإمام الحسين{ع} في مكّة  فوجّه اثنين من أصحابه  لحمل رسائله إلى خمسة من رؤساء البصرة  - الأحنف بن قيس، مالك بن مسمع، المنذر بن الجارود، مسعود بن عمرو  النهشلي زعيم تميم ..وقيس بن الهيثم- وبعض أشرافها   فتوجّه سليمان نحو البصرة وأوصل رسائل الإمام عليه السلام إليهم والتي يدعوهم فيها إلى بيعته وممّا ورد من كلام الإمام في هذه الرسائل: "وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أحييت، وإنّ تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد..." وقام أشراف أهل البصرة بإخفاء أمر الرسالة باستثناء المنذر بن الجارود صهر ابن زياد , فقام بتسليم الرسالة إلى ابن زياد حاكم البصرة آنذاك، أمر بإحضاره ثم قتله وأمر بصلبه ..في زيارة الناحية المقدّسة بعد السلام على "سليمان" لعن قاتله "سليمان بن عوف الحضرميّ" وهو المباشر لقتله.
*** نقف عند الشهيد الأول سليمان بن رزين :.. لا بد ان نعرف ما جرى في الكوفة  والبصرة أيام الثورة , ومن هم الذين استشهدوا خارج كربلاء، المصادر تذكر ان أول شهيد للثورة استشهد في البصرة على يد ابن زياد،قبل ان يأتي للكوفة ..  في نفس الفترة التي كان فيها مسلم بن عقيل يتابع امور السفارة  في الكوفة، كان سفير  الإمام الحسين {ع} إلى البصرة، يتابع التطورات فيها، حيث كانت البصرة الجناح الآخر للثورة وهي تمثل ثقل العراق على مستوى العالم الإسلامي كله .. رغم وجود تمايز واضح للكوفة ولكن هذا لا يلغي دور البصريين في معركة كربلاء ..في الفترة نفسها كانت شهادة السفير الأول سليمان بن رزين  الذي هو ثقة الحسين {ع} من أهل بيته .كان على البصرة .. وجاءت شهادته على يد نفس الظالم ابن زياد الذي قتل السفير مسلم بن عقيل {ع} كانت شهادة مسلم على يد "شر البرية" كذلك كانت شهادة أخيه ابن رزين فقد أمر الطاغية ابن زياد بقتله "على المنارة؟" قبيل توجهه بيوم إلى الكوفة.
**** غيَّب بقصد مع سبق الإصرار من قبل  كتاب البلاط حقيقة ما جرى في البصرة، قبل شهادة رسول الإمام إليها، وبعد الشهادة مما حال دون معرفة انعكاس أحداث الكوفة في الرئة الأخرى للثورة ,إلا أن من المقطوع به أن طاغية كابن زياد لا يمكن أن يترك البصرة دون إجراءات مشددة قبل خروجه منها، وقبل أن يكتب من الكوفة إلى "عامله بالبصرة أن يضع المناظر، ويأخذ بالطريق". هذا دليل بوجود حركة مهمة وإرهاصات بتأييد الثورة الحسينية .. كانت العادة في مثل هذا لو عصفت بالكوفة حوادث فان تتواصل بينها , خاصة بطون القبيلة الواحدة ويكون تناغم ولو جزئي في الموقف والولاء.
ولكن لم يصلنا ما جرى بالبصرة من أحداث - ماعدا خبر الشهداء البصريين في ساحة كربلاء و شهادة رسول الإمام{ع} والرسالة التي حملها وردة فعل من  وجهت الرسالة إليهم، وهو امر يستوجب التعرف عما جرى في البصرة إلى سؤال جاد شديد الإلحاح.هل اقتصر الأمر على قتل رسول الإمام في البصرة، وانتهى الأمر؟!خصوصاً وأن الشهيد الأول دون الشهداء ما يزال اسمه وقبره  مجهولاً. ..كم في حنايا التاريخ درر لم تكتشف، هل الدنيا الدار التي لا يمكن أن يعرف فيها أولياء الله؟ هل أنت يا سيدي ، "أبو رزين" الذي شهد بدراً، وعرف بأنه مولى علي{ع}وكان يصلى خلفه وشهد معه صفين؟ هل أنت من يتحدث عن شهادته أبو حمزة الثمالي؟ هل أنت من تشرفت بثقة مولانا الحسين {ع} كموقع الشهيد مسلم بن عقيل، فأنت ثقة الحسين!! نعم عرفنا  أن الوالي ابن زياد  صاحب التاريخ الدموي الذي ورثه عن أبيه، عندما كان والياً على البصرة، مارس البطش وكمِّ الأفواه، مما يجعل إمكانية الاعتراض والممانعة تشبه المستحيل، ومهمة هذا الرسول كسرت هذا الحاجز النفسي.وتحدت الطغيان والفرعونية الأموية. ***** قبر سليمان بالبصرة :......
استوقفني مقال كتبه الصحفي المخضرم الأخ عبد الأمير الديراوي بعنوان { سيرة ذاتيّة لقرية تعددت أسماؤها وشاعت أخبارها } تحدث فيها عن قرية تسمى معاوية تابعة لمنطقة الدير..فيها مواقع تاريخية ودينية كثيرة أبرزها قبر سليمان بن رزين مولى الإمام الحسين بن على{ع} سفيره إلى أخماس البصرة قبل مجئ الحسين{ع}للعراق وامسك به زياد وقتله في البصرة .وهناك مرقد يدعى - مقام نبي الله سليمان بن داوود {ع} مستمرة الزيارات أليه إلى يومنا . انتهى....وبعد حين قدم لي الأخ المشرف التربوي والمحقق دايم عبد العال كتابا بعنوان { صحابة وتابعين نزلوا البصرة واثروا فيها } للكاتب وليد شريدة جاسم ..جاء في صفحة 265ترجمة لقبر الشهيد بعنوان { مرقد سليمان رسول الحسين} ما يلي ...ومرقده في ناحية الدير التابعة إلى البصرة وعلى الرغم من شهرة هذا المقام عند اغلب الناس يعرف ب سلمان بن داود إلا أن لا شاهد يدل على هذه التسمية في كتب التاريخ والسير والآثار ... {{هنا ينفي الكاتب إن هذا القبر لسلميان النبي -ع- }} ...ثم يستطرد بقوله : " أما صحة القول بان هذا المرقد هو لسليمان بن رزين رسول الحسين {ع} إلى أهل البصرة ..!!!" فقد أكدته المصادر والآثار التي تدل على قربها من الدقة التاريخية.؟.. وقد أشار إلى هذا الشيخ محمد حرز الدين في كتابه مراقد المعارف ج1 صفحة 325 بقوله : إن هذا القبر هو لسليمان بن رزين مولى الحسين {ع} ورسوله الذي أرسله إلى رؤساء الأخماس في البصرة وقبض عليه عبيد الله بن زياد وقتله ... والمثير للاهتمام إن قصر ابن زياد المسمى { القصر الأبيض } الذي كان مركز البصرة يومذاك في شمال البصرة وتحديدا شمال نهر الدير . هذا يعني دقة المعلومة وإمكانية تصديقها حيث إن القبر قريب جدا من القصر المذكور ...دعوتي لكل المعنيين للتأمل في هذا الموضوع .. راجيا الدقة في المصادر حيث إنني بحثت في جميع المواقع الالكترونية التي تهتم بتاريخ المراقد والقبور لم أجد من يحدد قبر الشهيد سليمان بن رزين عليه السلام ..نعم يذكرون انه قتل ودفن في البصرة ...وفي الوقت الذي تشاد أبنية وأضرحة لشخصيات في البصرة لا صحة لها وتحوم حولها الشكوك ولا توجد وثائق تاريخية تنهض بصحة وجود قبر لفلان الفلاني خاصة المنسوبين لأبناء الأئمة .. لماذا يتغافل الجميع هذا القبر حتى انه لم يشاع اسمه بين المواكب الحسينية ، أهالي البصرة بالتحديد ..الأخوة المعنيون بالأمر.. طلبي أوجهه للجميع أن نحقق في قبر السفير المنسي من شهداء الثورة الحسينية ، والمخفي قبره الشريف .. من سن سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة ..
**** عبد الله بن يقطر الحميريّ :.. وهو أخ الإمام الحسين {ع} من الرضاعة، عُدَّ من أصحاب النبيّ{ص}من هي أمّه ؟ وكيف أصبح أخا للحسين{ع} كتب الشيخ محمّد بن طاهر السماويّ في ( إبصار العين في أنصار الحسين:ص 3 ) تحت عنوان: عبد الله بن يَقْطُر الحِمْيَريّ ـ رضيع الحسين{ع} كانت أمّه حاضنةً للحسين كما قامت أم  قيس بن ذريح  للحسن {ع} ، ولم يكن رضع عندها، ولكنّه يُسمّى عبد الله بن يقطر رضيعاً لحضانة أمّه للحسين{ع} وأمّ الفضل بن العبّاس( لُبابة) كانت مُربّيةً للحسين(ع) ولم تُرضعه أيضاً ـ كما في الأخبار أنّه لم يرضع مِن غير ثَدْي أمّه فاطمة {ع} وإبهامِ رسول الله{ص}.
فكانت تُطلق المصطلحات؛ للتبرّك والافتخار بشرف العلاقة مع أهل البيت{ع} . وبذلك تكون لعبد الله بن يقطر علاقةٌ أُسريّة مع البيت النبويّ الطاهر، مع أنّ أصله مِن حِمْيَر عرب الجنوب. فيكون ابن يقطر رضوان الله عليه صحابيّاً، قال ابن حجر الشافعيّ: إنّه كان صحابيّاً؛ لأنّه لِدَة الحسين.. من هنا عُرِف عبد الله أكثر من غيره ...لمّا بلغ الإمام الحسين{ع} الحاجز من بطن الرمّة , بعث إلى أهل الكوفة كتاباً، قال فيه: « بسم الله الرحمن الرحيم: من الحسين بن عليّ إلى وجوه المؤمنين والمسلمين، سلامٌ عليكم، فإنّي أحمدُ إليكمُ اللهَ الذي لا إله إلاّ هو. أمّا بعد؛ فإنّ كتاب مسلم بن عقيلٍ جاءني يُخبرني فيه بحسن رأيكم، وإجماع ملأكم على نصرِنا والطلبِ بحقّنا،أن يُثيبكم على ذلك أعظمَ الأجر. وقد شخصتُ إليكم من مكّة , طوى الكتاب ودفعه إلى عبد الله بن يقطر. ويقال انه أرسل كتابين: أحدهما مع عبد الله بن يقطر، والآخر مع قيس بن مسهر الصَّيداوي...... هنا كانت الوقيعة!
• قال السيّد ابن طاووس:فلمّا قارب دخولَ الكوفة، اعترضه الحُصَين بن نُمَير ليفتّشه، فأخرج الكتابَ ومزّقه، فحمله الحصين إلى عبيد الله بن زياد! مكتوفاً .فسأله عن حاله فلم يُخبره...  
كان هنالك حوارٌ عجيب، يُنقَل مرّة أنّه بين قيس بن مسهر وعبيد الله بن زياد، ومرّةً أخرى مع  عبد الله بن يقطر :لمّا مَثُل بين يديه (أسيراً) قال له عبيد الله:  ـ مَن أنت ؟  ـ أنا رجلٌ من شيعة أمير المؤمنين عليّ أبي طالبٍ وابنه.ـ لماذا مزّقت الكتاب ؟ قال :  ـ لئلاّ تَعلمَ ما فيه...ـ مِمّن الكتاب وإلى مَن ؟قال : من الحسين بن عليّ إلى جماعةٍ من أهل الكوفة لا أعرف أسماءَهم. فغضب ابن زياد وقال له: والله لا تُفارقُني حتّى تُخبرَني بأسماء هؤلاء القوم، أو تَصعدَ المنبر فتلعنَ الحسين وأباه وأخاه، وإلاّ قطّعتُك إرْباً إرْباً!فقال : ـ أمّا القومُ فلا أُخبرك بأسمائهم، وأمّا اللعن فأفعل! ...صَعِد عبد الله بن يقطر المنبر، فحَمِد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ{ص} ، ثمّ أكثرَ من الترحُّم على أمير المؤمنين ووُلده ، ثمّ شرع بلعن عبيد الله بن زياد وأبيه زياد ولعنِ عُتاة بني أُميّة عن آخِرِهم، ثمّ قال مخاطباً الحاضرين ينقل إليهم سِرّاً ووصيّةً: ـ أيُّها الناس، أنا رسول الحسين بن عليٍّ إليكم، وقد خلّفتُه ببطن الرمّةِ فأجيبوه .
وقيل: إنّه قال: ـ أنا رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول الله إليكم لتنصروه وتُوازروه على ابن مرجانة وابن سميّةَ الدَّعيِّ ابن الدعيّ! ...فأخرجوه وأمر بإلقائه من أعلى القصر، فرُميَ من فوق القصر إلى الأرض مكتوفاً، فتكسّرت عظامه ، وبقيَ به رمق.. فأتاه عبد الملك بن عُمَير اللّخمي ( قاضي الكوفة وفقيهها ) فذبحه مُجْهِزاً عليه عن خُبثٍ وجبن، فقضى عبد الله شهيداً . ولمّا عِيب على القاضي عبد الملك اللخميّ أنّه أجهز على كسيرٍ مُحتضِر، كان عذره سخيفاً كفعله، إذ قال: أردتُ أن أُريحَه! .ووصل خبر مقتله إلى الحسين{ع}  في منزل زبالة تأسّف الإمام عليه كثيرا وأخبر أصحابه بمقتله..
***** عمرو بن قرظة الأنصاريّ :... هو أحد أصحاب أمير المؤمنين{ع} التحق بالإمام الحسين{ع} في كربلاء قبل بدء القتال، في تلك الفترة قبل المعركة , أرسله الإمام بكتاب إلى عمر بن سعد وأحضر جوابه وكانت سفارته في نقل الرسائل المتبادلة حتّى ورود شمر بن ذي الجوشن يوم التاسع عصرا عندها انقطعت الرسائل بينهما. .... في يوم عاشوراء طلب عمرو بن قرظه من الإمام {ع}الإذن في المبارزة فأذن له .. عندما برز إلى القتال كان يرتجز ويقول في شعره:دُونَ حُسَيْنٍ مُهْجَتِي وَدَارِي ثمّ إنّه قاتل مدّة من الزمن ورجع نحو الحسين..  فوقف دونه ليقيه من العدوّ، فجعل يتلقّى السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلى الحسين سوء حتّى أثخن بالجراح، فالتفت إلى الإمام عليه السلام وقال له: "أوفيت يا ابن رسول الله؟" قال:"نعم أنت أمامي في الجنّة، فأقرئ رسول الله وأعلمه أنّي في الأثر".وفي تلك الحال خرّ عمرو بن قرظة إلى الأرض صريعاً واستشهد (رضوان الله عليه).. 
****مسلم بن عقيل..أبوه عقيل بن أبي طالب وأمّه تدعى "عليّة"..
اقترن مسلم بابنة عمّه رقيّة بنت أمير المؤمنين{ع} ,كان مسلم في معركة صفّين على ميمنة جيش الإمام {ع} ولعب دورا قتاليا كبيرا مع أهل الشام , وقد ذكر التاريخ إن الإمام أمير المؤمنين أنب ولده محمد بن الحنفية حين تراجع أثناء المعركة , ولم يؤنب مسلم بن عقيل او غيره . ، وفي عهد الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام كان مسلم بن عقيل مثال التابع المخلص والمطيع إلى جانبهما، وكان شابّاً شجاعاً مقداماً حتّى قيل عنه: بأنّه كان مثل الأسد .. وإذا كان حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله . فان مسلم بن عقيل لقب بالأسد أي أسد المدافع عن الحسين . لذلك استهدفه الإعلام الأموي .
بعد وصول رسائل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين عليه السلام، قام بإرسال ابن عمّه مسلم بن عقيل إليهم، وأوصاه بالتقوى وكتمان أمره واللطف بالناس، وقال له: "إن رأيت الناس مجتمعين مستوثقين فعجِّل إليَّ بذلك".وتوجّه مسلم برفقة قيس نحو الكوفة وواجها بعض المشاكل والصعوبات في منزل "المضيق"، وبعد اجتاز المشاكل اتّجه إلى الكوفة بعزم أكبر...
ولمّا وصل إليها دخل منزل المختار، وبدأ الشيعة يتردّدون إليه، ولكن مع قدوم عبيد الله بن زياد والإجراءات التي وضعها في المدينة قام مسلم بالانتقال من مكانه إلى منزل هانئ، واستمرّ أهل الكوفة بالقدوم عليه وعلى حدّ قول أبي مخنف: فقد بايعه أكثر من ثمانية عشر ألفاً من أهلها.وما لبث مسلم أن كتب كتاباً للإمام الحسين عليه السلام يخبره ببيعة أهل الكوفة ويستعجله في القدوم إليها .
***( الى هذه الفترة شنت الجهات الإعلامية عاصفة من الأكاذيب للنيل من ثورة الحسين {ع} والشخصيات التي معه خاصة مسلم بن عقيل )***  هنا كتب الأمويون عن الشيعة ومواقفهم وجهادهم ومشاركتهم في ثورة الحسين {ع} وقالوا إن أهل الكوفة يخونون العهد .. الخ .
أليك بعض الأكاذيب التي كتبت عن مسلم {ع} قالوا ّ: بأنّ مسلم بن عقيل كان عمره عند شهادته ثمانية وعشرون عاماً. هذا الرأي بعيدٌ جدا حيث إنّ بعض أولاد مسلم استشهدوا في كربلاء وكانت أعمارهم قريبة إلى هذا العمر ً، فمحمّد بن مسلم  استشهد وعمره سبعة وعشرون سنة .. وعبد الله بن مسلم استشهد في كربلاء وعمره ستة وعشرون سنة .. لباب الأنساب، ج1،ص182.
من قتل مسلم بالكوفة ..؟ ومن قتل الحسين{ع} .. هذا السؤال يتردد كثيرا في ذهن الناس , اختلف المؤرخون  في تحديد هوية الجاني، فمنهم من يقول هم أهل الكوفة واغلبهم رجال الدولة الأموية ، آخرون يقولون بل الشيعة هم قتلوا الحسين ثم مسلم بن عقيل عليهما السلام  ، قسم ثالث يقول: من قتل السبط هم من كتب له أن أقدم إلى الكوفة فقد أينعت الثمار واخضر الجناب، ثم غيروا رأيهم وانقلبوا على الإمام لصالح السلطان، . {{ الرأي الأخير ذو مفهوم واسع يشمل أطراف عديدة }}.
      لا أريد أن أدافع عن احد، بقدر ما أسعى إلى تحديد هوية الجاني الذي ارتكب الجريمة في عاشوراء عام (61) للهجرة.ولا أريد أن ادخل في متاهات ليس لها أول ولا آخر، ولا كما يفعل البعض، تهربا من العقدة التاريخية ..الأمر ليس التهمة، إنما هو فاجعة حدثت فعلا فلا نكن ضحايا لعملية تزوير تاريخية ضخمة، تتحمل الأجيال وزر من وضع ذلك التزوير .ما سبب اختيارالامام الكوفة ..
 هنالك ثلاثة أسباب دعته إلى ذلك؛: الأول: كون الكوفة كانت آنذاك حاضرة بلاد المسلمين، فهي معسكر المسلمين واكبر حواضرهم، كان عدد نفوسها آنئذ أكثر من (4) ملايين نسمة، فعندما يذكر الناس  الكوفة وأهلها، كانوا يعنون بها الأمة الإسلامية ذلك الوقت .
الثاني: كون الكوفة كانت معقل شيعة أبيه أمير المؤمنين{ع}  وقد وثق بهم الإمام {ع} ووفوا بعهدهم وقاتلوا بين يديه..ففي الكوفة كان يقطن حواريو الإمام أمير المؤمنين{ع} وقادة جنده وجيشه وزعماء القبائل الشيعة الخلص، ممن لم يشك في أمير المؤمنين طرفة عين، أمثال برير بن خضير  الهمداني، وهو من أشراف أهل الكوفة، وجبلة بن علي الشيباني وكان من شجعان الكوفة، وزهير بن القين البجلي وزاهر بن عمرو، وهو ممن بايع الرسول الكريم (ص) تحت الشجرة، في بيعة الشجرة المعروفة، وسعد بن الحرث الخزاعي، وكان صحابيا ورئيس شرطة الإمام علي (ع) في خلافته، ثم ولاه على أذربيجان مدة، وشوذب الشاكري وكان صحابيا، اشترك مع أمير المؤمنين في حروبه الثلاثة، وغيرهم بالمئات (وهؤلاء كلهم التحقوا بالحسين في كربلاء واستشهدوا بين يديه).
الثالث والأهم: لكون الكوفة بلد المسلمين الوحيد الذي بادر لدعوة الحسين للمجيء أليها لإقامة الدولة الإسلامية من جديد، بعد أن رفض أهلها البيعة للطاغية الذي نزا على سلطة المسلمين في الشام بغير حق، فكانت الكوفة السباقة، بل الوحيدة التي تفاعلت مع حركة الرفض التي أعلنها الحسين{ع} إذن الكوفة فيها ثورة حتى بدون وجود الحسين ’ وحين عرفوا بالرفض بايعوه وهو عارفون ..
نعود للإجابة على السؤال من قتل مسلم بن عقيل ثم  قتل الحسين عليه السلام؟.
أولاً: إن حركة التواقيع على البيعة من الكوفة إلى الحسين وهو في مكة المكرمة، تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: تلك التي وقعها صحابة أمير المؤمنين{ع} وهم أول الناس لبيعة الحسين لإقناعه بوجود الناصر في الكوفة. وإن أول كتاب بالبيعة وصل من أهل الكوفة أليه في مكة المكرمة كان قد وقع عليه خمسة من أشهر صحابة أبيه وهم: سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد البجلي، وحبيب بن مظاهر الاسدي، وعبد الله بن وائل. وهؤلاء الخمسة، استشهد بعضهم في حركة مسلم بن عقيل، قبل أن يصل الحسين كربلاء، وآخرون مع  الحسين في كربلاء، .. وهناك أعداد كثيرة منهم بعد حركة مسلم رموهم بالسجون ومنهم من التحق بالحسين {ع} ومنهم من التحق بالثورات بعد مصرع الحسين {ع} وهم من رفع شعار يا لثارات الحسين .
القسم الثاني،:جماعات غفيرة من المنافقين النفعيين ,خافوا على موقعهم الاجتماعي وفكروا في غنيمة إذا حكم الحسين في الكوفة،..او خشي القتل على يد أصحاب الإمام، ظنا منه بأنهم سيتعاملون مع خصومهم كما يتعامل الأمويون مع خصومهم عندما يخيرونهم بين البيعة او القتل.فبايعوه ..بعد أن رأوا حركة التواقيع قد تحولت إلى تيار هادر لا يمكن تجاهله، فقرروا الانحناء أمام العاصفة،.. يعني حالهم  حال أهل مكة الذين اضطروا لإعلان أسلامهم بعد الفتح خوفا وطمعا..
ولكن الأغلب كانوا قد بايعوا يزيد بعد موت أبيه معاوية مباشرة، وهم الذين كتبوا ليزيد بأمر وصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة منهم ,شبث بن ربعي وحجار بن ابجر وعمر بن سعد ومحمد بن الأشعث وأخوه قيس ، هؤلاء لم يكونوا، في يوم ما من شيعة علي{ع} أبدا، وقد وجه لهم الحسين {ع} عتابا شديد اللهجة في كربلاء ,وذكرهم بكتبهم، ليكشف حقيقتهم أمام الملأ بالرغم من إنهم أنكروا معرفتهم بالكتب التي ذكرها في خطبته وذكر أسماءهم ..هؤلاء آخر من كتب للحسين، وهو دليل واضح على انهم لم يكتبوا له ابتداء عن قناعة، وإنما عن خوف او طمع، او من باب (حشر مع الناس عيد).
الحقيقة التي يجب لا نغفل عنها هي، ان الحسين لم يلب دعوة هؤلاء عندما قرر المجيْ للعراق ، وإنما اعتمد على شيعته الرجال المخلصين، لأنه يعرفهم جيدا , وفعلا كانوا بقدر المسؤولية ..بعودة سريعة الى مصادر التاريخ يتضح لنا ان الذي اشترك في القتال ضد  الحسين في كربلاء هم القسم الثاني، فيما لم يشترك في القتال ضده اي واحد من القسم الأول، الذين استشهدوا مع مسلم بن عقيل في الكوفة، او ممن ألقت عليه القبض أجهزة السلطان الجائر، فكان يقبع في السجون عند وصول الحسين {ع} إلى كربلاء، او كان متخفيا في الكوفة، وعندما سمع بخبر وصول الحسين الى كربلاء سعى جاهدا ليصل اليها ويلتحق بركب الحسين، وان مصادر التاريخ تذكر بان أكثر من (70) واحداً منهم، على الأقل، كان قد تمكن بالفعل من الوصول الى كربلاء والالتحاق بركب الحسين والقتال الى جانبه والاستشهاد بين يديه. وهذا يؤكد ان العدد لم يكن سيعين مقاتلا مع الحسين يوم عاشوراء ..وهناك عدد كبير ممن انقلب من معسكر ابن زياد مع الحسين يوم عاشوراء ..    في مقتل السيد المقرم رواية عن مقتل  مسلم بن عقيل {ع} رواية مضطربة تقول : واقبلوا نحو القصر فتحرز ابن زياد وغلق الأبواب ومعه 30 رجلا من الشرطة ... ثم ينتقل إلى نقطة أخرى يقول { ولكن نفاق الكوفة وغدرهم فلم يبق من الأربعة آلاف إلا ثلاثمائة .. هل تعقل هذه الرواية ..؟ ولكن ابن زياد  أرسل ثلاثين ممن معه إلى أصحابه..  لما شعر بحركة مسلم فتوافدوا نحو القصر للدفاع عنه ..؟. هؤلاء هم بالأساس بايعوا معاوية , وكتبوا للحسين {ع} ثم رجعوا عن بيعتهم لمسلم وانقلبوا عليه ..وفي صفحة 175 {نهضة مسلم يقول } : لما بلغ مسلم خبر هاني بن عروة تعجل الخروج – يعني خرج بجيش مقابل القوات الأموية وليس للقصر , فعقد لواء لعبيد الله بن عمر الكندي , ومسلم بن عوسجه الاسدي , وبعث الرجال مع أبي ثمامة الصائدي  على تميم , والعباس بن جعده بن هبيرة على ربع المدينة هؤلاء  كلهم استشهدوا مع الحسين , فهل يعقل ان يستشهد القادة فقط دون جنودهم ..
     دور النساء في الكوفة . لم يقتصر معركة كربلاء ومواقفها على عنصر الرجال لان الإسلام لم يحرّم على النساء المشاركة في الأعمال الاجتماعيّة في ميادين العامّة، . وقد لاحظنا دورهن في رفد الجبهات الجهادية بالمؤمنين وهذه مسؤوليّة خطيرة تقوم بها الأمّهات المؤمنات في تربية وإعداد الشهداء، وتنشئة جيل مؤمن شجاع مدافع عن الحقّ..   وهناك نسوة شاركن بقوة في ثورة أبي عبد الله ووقفن موقفا انحنى له التاريخ , عرفن الحق وقدمن الغالي والنفيس ومنهن طوعه ,من هي طوعه وكيف التصق اسمها بحركة مسلم بن عقيل..؟
لمّا دخل مسلم بن عقيل{ع} الكوفة ممثّلاً للحسين{ع} ,بايعه الناس ، صار يشكّل خطراً على النظام الأمويّ في الكوفة، لكنّ الأوضاع تغيّرت بعد مجيء ابن زياد إليها شيئاً فشيئاً، حتّى اعتقل هاني بن عروة فاضطر مسلم{ع} التعجيل بالخروج ضدّ ابن زياد، فكانت محاصرة القصر، ثمّ آلت الأمور إلى ان يبقى وحيدا ,حتّى جاء الليل فلجأ إلى دار"طوعة" فآوت مسلماً في بيتها وقامت بخدمته خير قيام، معرّضة نفسها إلى خطر ابن زياد ، وفاءً لمولاها الحسين{ع}وكل ما كتب التاريخ عنها وعن ولدها , ولكنها كانت مضحية حين تحوّلت دار تلك المرأة المجاهدة إلى ميدان مواجهة بين مسلم وابن زياد، وفي ختام تلك المواجهة خرج عليه السلام من دار "طوعة" وقاتل الجند المهاجمين في ميادين الأزقّة.
29-8-2016



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82935
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19