بسم الله الرحمن الرحيم
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ{19}
تنتقل الآية الكريمة لتبين ( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ) , نفخة الصور الثانية , تزجر الناس زجرا الى الحشر , كما يزجر الراعي اغنامه , ( فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ ) , حينئذ يخرجون من قبورهم احياء مبصرين , او ينتظرون ما سيفعل بهم .
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ{20}
تروي الآية الكريمة على لسانهم ذلك الحين ( وَقَالُوا ) , الكفار فقط , ( يَا وَيْلَنَا ) , يدعون على انفسهم بالثبور , ( هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ) , الذي وعدنا به من قبل , فكذبناه .
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ{21}
تروي الآية الكريمة جوابا لقولهم على لسان ملائكة العذاب ( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ) , بين الخلائق , ( الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) , الذي كنتم تكذبون به في الحياة الدنيا .
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ{22}
تستمر الآية الكريمة ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا ) , ظلموا انفسهم بإيرادها موارد العذاب , وايضا الذين ظلموا المؤمنين , ( وَأَزْوَاجَهُمْ ) , ومن هم على شاكلتهم , ( وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ) , من دون الله تعالى , يطرح الكثيرون اسئلة بخصوص تعذيب الالهة , فما ذنب الصنم ان يلقى في النار , فالذنب ذنب من عبده ؟ ! , في ذلك عدة اراء نذكر منها لا على سبيل الحصر :
1- زيادة في التنكيل بالكفار , حيث يلقون في النار وتلقى معهم الهتهم , التي كانوا يعتقدون شفاعتها .
2- الاصنام مادة , فلا يضرها ان ألقيت في النار او في اي مكان اخر .
3- النار تحتاج الى وقود , { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } البقرة24 .
مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ{23}
تستمر الآية الكريمة ( مِن دُونِ اللَّهِ ) , كالأصنام وغيرها , ( فَاهْدُوهُمْ ) , سوقوهم , ادعوهم , ارسلوهم , ( إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ) , الى الطريق المؤدي الى جحيم النار .
( عن الباقر عليه السلام يقول ادعوهم إلى طريق الجحيم ) . "تفسير القمي" .
وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{24}
تستمر الآية الكريمة ( وَقِفُوهُمْ ) , احبسوهم عند الطريق , ان الطريق الى جهنم ليس ميسرا ايضا , بل هناك عدة مواقف فيه , ( إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) , عن عقائدهم او اعمالهم او كلاهما , وهذا احد تلك المواقف .
مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ{25}
تستمر الآية الكريمة بمزيد من التنكيل والتوبيخ للكفار ( مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ) , لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تتناصرون في الدنيا , طالما تحزبتم وتناصرتم في الدنيا ضد الرسل والانبياء "ع" والمؤمنين .
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ{26}
تستمر الآية الكريمة ( بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ) , منقادون , خاضعون للأمر الالهي القاضي بعذابهم .
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ{27}
تستمر الآية الكريمة كاشفة عن حالهم عند ذاك ( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ) , يلوم بعضهم بعضا , يوبخ بعضهم البعض ... الخ .
قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ{28}
تروي الآية الكريمة قول بعضهم لبعض ( قَالُوا ) , الاتباع للمتبوعين , ( إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) , كنتم تأتوننا من الجهة التي نأمنكم فيها لحلفكم انكم على الحق واصراركم وتعصبكم لمواقفكم , الامر الذي اقنعنا بإتباعكم وإتباع نهجكم .
قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ{29}
تروي الآية الكريمة رد المتبوعين على التابعين ( قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) , بالأصل انكم لم تكونوا مؤمنين , قلوبكم كانت تميل الى الكفر , نافرة عن الايمان .
وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ{30}
يستمر في الآية الكريمة كلام المتبوعين للتابعين ( وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ) , نقهركم ونجبركم به على متابعتنا , بل اتبعتمونا بمليء ارادتكم , ( بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ ) , بل كنتم ضالين مثلنا , فرقنا عنكم انا سدنا وتأمرنا عليكم .
فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ{31}
يستمر في الآية الكريمة كلام المتبوعين للتابعين ( فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ) , فوجب علينا قول ربنا , ( إِنَّا لَذَائِقُونَ ) , العذاب .
فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ{32}
تستكمل الآية الكريمة ذلك الحوار ( فَأَغْوَيْنَاكُمْ ) , اضللناكم وابعدناكم عن طريق الحق , ( إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ) , انا كنا ضالين , حق علينا العذاب والهلاك , فوقع علينا بسبب كفرنا , واهلكناكم معنا .
فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ{33}
تقرر الآية الكريمة ( فَإِنَّهُمْ ) , الاتباع والمتبوعين , ( يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) , مشتركون في العذاب كما كانوا مشتركون في الغواية والضلال .
إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ{34}
تقرر الآية الكريمة ايضا ( إِنَّا كَذَلِكَ ) , كما فعلنا بهؤلاء , ( نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) , نفعل بالمجرمين غيرهم , ينزل العذاب على تابعهم و متبوعهم .
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ{35}
تذكر الآية الكريمة سبب نوالهم العذاب ( إِنَّهُمْ ) , أي هؤلاء الكفار , ( إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) , اذا دعوا الى التوحيد , ( يَسْتَكْبِرُونَ ) , استكبروا واعرضوا عنها وعمن جاءهم بها .
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ{36}
تروي الآية الكريمة قولهم عندما يدعون الى التوحيد ( وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا ) , التي وجدنا اباءنا عابدون لها , ( لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) , يعنون به النبي الاكرم محمد "ص واله" يتهمونه بالشعر والجنون , وهذا من جملة ما أتهم به (ص واله) .
بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ{37}
تروي الآية الكريمة رده جل وعلا على مقالتهم تلك ( بَلْ جَاء بِالْحَقِّ ) , من عنده جل وعلا , الذي قام به البرهان والبينة , ( وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) , وتطابق وتصادق على ما جاء به المرسلين قبله .
إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ{38}
يستمر الرد الرباني في الآية الكريمة ( إِنَّكُمْ ) , ايها المشركون , ( لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ) , بسبب كفركم وتكذيبكم .
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{39}
يستمر الرد الرباني في الآية الكريمة ( وَمَا تُجْزَوْنَ ) , لا جزاء لكم يوم القيامة , ( إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) , الا بما كنتم تعملون به في الدنيا , كالشرك والمعاصي . |