• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بحث حول تسمية من قتل سيد الشهداء ومن حزّ رأسه الشريف .
                          • الكاتب : احمد خالد الاسدي .

بحث حول تسمية من قتل سيد الشهداء ومن حزّ رأسه الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وآله الطاهرين وبعد:
في حوار مع مجموعة من الشباب المؤمن جرّنا الكلام حول الشخص الذي ارتكب الجريمة العظمى وقام بحزّ الرأس المقدس لمولانا سيد الشهداء عليه السلام.
وبعد التوكل على الله بحثنا عن هذا الموضوع في الروايات الشريفة وظهر لنا ان الروايات اختلفت فيمن قتل سيد الشهداء وهل من قتله هو نفسه قد حزّ رأسه ام شخص آخر؟
وفي الجواب سنذكر ما وجدناه بشكل مختصر وان كانت الروايات مختلفة والامر يحتاج الى بحث وتحقيق والله اعلم, وسنكتفي بذكر المصادر بدون شرح وتطويل طلباً للأختصار والله الموفق.
أن الامام سلام الله عليه لما وقع صريعا من ظهر فرسه ، وبقي على الأرض كانت القبائل تتحاشى قتله ، ولا تقدم عليه كما ذكر ذلك المؤرخون . إلى أن تقدم من كتبت عليه اللعنة والخزي .. وأكثر الروايات التاريخية ، يتردد فيها أحد أسماء الشؤم التالية باعتبار أن واحدا منها أو أكثر ، هو الذي لبس ثوب اللعنة الالهية :
اولا: خولي بن يزيد الاصبحي لعنه الله.
- الذهبي في سير أعلام النبلاء فقال : طعنه سنان في ترقوته واحتز رأسه خولى لا رضي الله عنهما (1). 
- شرح الأخبار : جُرِحَ الحُسَينُ عليه السلام جِراحاتٍ كَثيرَةً . وثَبَتَ لَهُم وقَد أوهَنَتهُ الجِراحُ ، فَأَحجَموا عَنهُ مَلِيّاً ، ثُمَّ تَعاوَروهُ‌ رَمياً بِالنَّبلِ ، وحَمَلَ عَلَيهِ سِنانُ بنُ أنَسٍ النَّخَعِيُّ فَطَعَنَهُ ، فَأَثبَتَهُ ، وأجهَزَ خَولِيُّ بنُ يَزيدَ الأَصبَحِيُّ مِن حميَرَ وَاحتَزَّ رَأسَهُ ، وأتى‌ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ (2).
- أنساب الأشراف عن عوانة بن الحكم : قُتِلَ الحُسَينُ عليه السلام بِكَربَلاءَ ، قَتَلَهُ سِنانُ بنُ أنَسٍ ، وَاحتَزَّ رَأسَهُ خَولِيُّ بنُ يَزيدَ ، وجاءَ بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ ، فَبَعَثَ بِهِ إلى‌ يَزيدَ مَعَ مُحَفِّزِ بنِ ثَعلَبَةَ (3).
- المعجم الكبير عن الزبير بن بكّار : قَتَلَهُ [أيِ الحُسَينَ عليه السلام‌] سِنانُ بنُ أبي أنَسٍ النَّخَعِيُّ ، وأجهَزَ عَلَيهِ خَولِيُّ بنُ يَزيدَ الأَصبَحِيُّ مِن حِميَرَ ، وحَزَّ رَأسَهُ وأتى‌ بِهِ عُبَيدَ اللَّهِ (4).
 
ثانيا: سنان ابن انس النخعي لعنه الله.
وأكثر الروايات تشير إلى أنه هو الذي احتز رأس الحسين عليه السلام 
- فقد قال ابن عنبة في كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : واختلف في الذي أجهز عليه فقيل شمر بن ذي الجوشن الضبابي لعنه الله تعالى ، وقيل خولى بن يزيد الاصبحي ، والصحيح أنه سنان بن أنس النخعي وفى ذلك يقول الشاعر :
              فأي رزية عدلت حسينا                      غداة تبيره كفا سنان
- كما ذكره الفضيل بن زبير الكوفي الاسدي (من أصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما السلام) في كتابه  تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام فقال : الحسين بن علي ، ابن رسول الله صلوات الله عليهم . قتله سنان بن أنس النخعي ، وحمل راسه فجاء به خولى بن يزيد الاصبحي (5).
- وذكره الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتابيه الاعتقادات باعتبار أنه قاتل الحسين عليه السلام. وكذلك في اماليه ينقل رواية طويلة عن الامام الباقر عليه السلام وفيها: فنزل سنان بن أنس الايادي (لعنه الله) وأخذ بلحية الحسين (عليه السلام) وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول: والله إني لاحتز رأسك، وأنا أعلم أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخير الناس أبا وأما(6).
- وفي تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن جعفر بن محمّد بن عليّ [الصادق‌] عليه السلام : جَعَلَ سِنانُ بنُ أنَسٍ لا يَدنو أحَدٌ مِنَ الحُسَينِ عليه السلام إلّا شَدَّ عَلَيهِ مَخافَةَ أن يُغلَبَ عَلى‌ رَأسِهِ ، حَتّى‌ أخَذَ رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام فَدَفَعَهُ إلى‌ خَولِيٍّ (7).
- وقال السيد ابن طاووس في كتابه اللهوف ما نصه:
فنزل إليه سنان بن أنس النخعي لعنه الله فضربه بالسيف في حلقه        الشريف وهو يقول: والله إنّي لأحتزّ رأسك وأعلم أنّك ابن رسول الله وخير الناس أباً وأُمّاً!!! ثمّ احتزّ رأسه الشريف صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله وروي: أنّ سناناً هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة، ثمّ قطع يديه ورجليه، وأغلىٰ له قدراً فيها زيتٌ، ورماه فيها وهو يضطرب(8).
- اسد الغابة : قَتَلَهُ [أيِ الحُسَينَ عليه السلام‌] سِنانُ بنُ أنَسٍ النَّخَعِيُّ ، وقيلَ : قَتَلَهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ، وأجهَزَ عَلَيهِ خَولِيُّ بنُ يَزيدَ الأَصبَحِيُّ ، وقيلَ : قَتَلَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، ولَيسَ بِشَي‌ءٍ ، وَالصَّحيحُ أنَّهُ قَتَلَهُ سِنانُ بنُ أنَسٍ النَّخَعِيُّ . وأمّا قَولُ مَن قالَ : قَتَلَهُ شِمرٌ وعُمَرُ بنُ سَعدٍ ؛ لِأَنَّ شِمراً هُوَ الَّذي حَرَّضَ النّاسَ عَلى‌ قَتلِهِ ، وحَمَلَ بِهِم إلَيهِ ، وكانَ عُمَرُ أميرَ الجَيشِ فَنُسِبَ القَتلُ إلَيهِ (9).
- لباب الأنساب : وجَزَّ رَأسَهُ سِنانُ بنُ أنَسٍ النَّخَعِيُّ (10).
ثالثا: شمر بن ذي الجوشن لعنه الله
- تاريخ دمشق عن محمّد بن عمرو بن حسن : كُنّا مَعَ الحُسَينِ عليه السلام بِنَهرَي كَربَلاءَ ، فَنَظَرَ إلى‌ شِمرِ بنِ ذِي الجَوشَنِ ، فَقالَ : صَدَقَ اللَّهُ ورَسولُهُ ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : «كَأَنّي أنظُرُ إلى‌ كَلبٍ أبقَعَ يَلَغُ في دِماءِ أهلِ بَيتي» . وكانَ شِمرٌ أبرَصَ(11).
- مثير الأحزان : ثُمَّ جاءَ آخَرُ فَقالَ : أينَ الحُسَينُ ؟ فَقالَ : ها أنَا ذا ، قالَ : أبشِر بِالنّارِ . قالَ : اُبشِرُ بِرَبِّ رَحيمٍ ، وشَفيعٍ مُطاعٍ ، مَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ . قالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُ أكبَرُ ! قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : رَأَيتُ كَأَنَّ كَلباً أبقَعَ يَلَغُ في دِماءِ أهلِ بَيتي . وقالَ الحُسَينُ عليه السلام : رَأَيتُ كَأَنَّ كِلاباً تَنهَشُني ، وكَأَنَّ فيها كَلباً أبقَعَ كانَ أشَدَّهُم عَلَيَّ ، وهُوَ أنتَ ، وكانَ أبرَصَ . ونَقَلتُ عَنِ التِّرمِذِيِّ : قيلَ لِلصّادِقِ عليه السلام : كَم تَتَأَخَّرُ الرُّؤيا ؟ فَذَكَرَ مَنامَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَكانَ التَّأويلُ بَعدَ سِتّينَ سَنَةً (12).
- المناقب لابن شهرآشوب : قَتَلَهُ عُمَرُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ وخَولِيُّ بنُ يَزيدَ الأَصبَحِيُّ ، وَاجتَزَّ رَأسَهُ سِنانُ بنُ أنَسٍ النَّخَعِيُّ وشِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ (13).
 
- الارشاد للشيخ المفيد  يذكر ما يلي: ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجالة فقال: ويحكم ما تنتظرون بالرجل؟
ثكلتكم أمهاتكم! فحمل عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك على كفه اليسرى فقطعها، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه، وطعنه سنان بن أنس بالرمح فصرعه، ويدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي لعنه الله فنزل ليحتز  رأسه فأرعد، فقال له شمر: فت الله في عضدك، ما لك ترعد؟ ونزل شمر إليه فذبحه ثم دفع في رأسه إلى خولي بن يزيد... الخ (14).
 
فائدة:
ننقل لكم تحليلا للروايات اعلاه من كتاب من قضايا النهضة الحسينية الجزء الثاني للشيخ فوزي آل سيف وهو التالي:
بعد التعرض إلى الأقوال ، يمكن لنا أن نذكر ملاحظات لعلها تلقي بضوء على الإجابة ، ونترك المجال للقارئ أيضا لكي يتأمل ، ويكون صورة عن الحادثة :
الملاحظة الأولى : أنه لا بد من التفريق بين ( قتله ) و ( احتز رأسه ) مع أن هاتين الكلمتين أحيانا يذكران في سياق معنى واحد ، ولذا فإن الرواة الذين نقلوا الصورة التفصيلية فرقوا بين من ( قتله ) ومن ( احتز رأسه ) . فإن ( حز الرأس ) عادة ما يكون بعد القتل ، فإن طبيعة عمل المجرمين ذلك أنهم يريدون أن يهدوا أمراءهم رؤوس أعدائهم كما فعل أتباع معاوية برأس عمرو بن الحمق الخزاعي رضوان الله عليه ، للتقرب لهم وللحصول على جوائزهم ، وأيضا لإضعاف الروح المعنوية لأتباعهم ، وهم في هذا حتى يحتزون رأس الميت لهذا الغرض ، أو يقتلون شخصا آخر للتلبيس على الأتباع بأن المقتول هو قائدهم(15).
والتركيز على الفرق بين الأمرين مهم جدا ، ويرفع الكثير من الابهام عن الصورة الحقيقية . فقد ترى نفس الشخص يروي بأن شمرا هو الذي قتل الحسين ، وفي مكان آخر يقول إن الذي حز رأسه هو سنان ، فيتصور الناظر لأول وهلة أن كلامه متخالف ، بينما التدقيق في المسألة بناء على الفرق بين ( القتل ) و ( حز الرأس ) ينفي ذلك .
الملاحظة الثانية : أننا نعتقد أن الروايات القائلة بأن خولى بن يزيد الأصبحي هو الذي قتل الحسين أو احتز رأسه ليست قريبة من الواقع ، ونعتقد أن الذين ذكروها قد اعتمدوا أساسا على الشعر الذي قاله هذا الآثم أمام أميره وهو يحمل الرأس ، طمعا في الجائزة :
إملأ ركابي فضة أو ذهبا
 إني قتلت السيد المحجبـا
قتلت خير الناس أماً وأباً(16).
وأول ما في ذلك أن هذه الأبيات أيضا نسبت لسنان بن أنس النخعي ، ولو صحت نسبة الأبيات له فالصورة التي يمكن رسمها من خلال ما ذكر عن تـأريخ هذا الرجل هي صورة الرجل المعتوه الذي لا يقدّر ولا يعرف حتى كيفية طلب الجائزة من أعداء القتيل وهم قادته !! فإن من يريد جائزة من عمر بن سعد أو من ابن زياد أو يزيد لا يصح أن يتوسل في ذلك بمدح عدوهم بأنه خير الناس أماً وأباً ، وأنه السيد المحجب !! ولذا قيل أنه قد منع من العطاء ورُد بقولهم : إن علمت أنه خير الناس أما وأبا فلمَ قتلتَه ؟
وفي الوقت الذي كانت سائر القبائل والأفراد يتحامون عن قتله ويترددون في ذلك لكيلا ينسب الفعل إليهم ، يقوم هذا الرجل بالافتخار بذلك ، مع العلم أنه لم يفعل ! مما يعطينا صورة عن شخص أقرب إلى العته منه إلى الشخص السوي !
والظاهر ـ والله العالم ـ أن الحسين عليه السلام بعدما قُتل ، وحز رأسه ، أعطي هذا الرجل رأسه لكي يحمله إلى ابن زياد كما هو الثابت أنه حمله فيما بعد وانطلق به إلى الكوفة بعد المعركة ( مشتركا مع حميد بن مسلم الأزدي أو أن هذا في مهمة حمل الرأس وذاك في مهمة إخبار عائلة عمر بن سعد عن سلامته !) . ويشهد له أن أكثر من رواية تفيد أنه بدر إليه خولى فأُرعد ( أصابته الرعدة من الخوف ) فتراجع . وأيضا ما ذكره أكثر من مصدر أنه قد دفع إليه الرأس(17).
 إضافة إلى أنه لم يأت له ذكر في أي من الأخبار ـ مهما كانت أسانيدها ـ المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام باعتباره القاتل .
الملاحظة الثالثة : يبقى الاحتمال دائرا بين شمر بن ذي الجوشن وبين سنان بن أنس النخعي ، وبالنسبة إلى الثاني فإن أكثر الروايات التاريخية تتحدث عن أنه قتل الامام ، أو احتز رأسه ، بينما تتحدث الروايات المنسوبة لأهل البيت المعصومين عليهم السلام عن أن القاتل شمر وأنه هو الذابح .
ويحتمل أن يكون القاتل هو شمر بن ذي الجوشن الضبابي ، وأن الذي احتز رأسه فيما بعد القتل هو سنان بن أنس ، ويمكن الاستشهاد لهذا بعدة أمور :
 ما ذكر في أكثر من رواية تاريخية أن شمر بن ذي الجوشن أمر أن ينزلوا إليه وأنهم ما ذا ينتظرون به ، فنزل إليه سنان فأرعد وخاف وتراجع ( وبعضها يفصل أنه نظر إلى عينيه فرأى فيهما عيني علي ابن أبي طالب أو عيني النبي صلى الله عليه وآله ) فاكتفى من ذلك بأن طعن الامام الحسين عليه السلام بالرمح ، ثم ولى خائفا ، فتولى شمر أمر قتله ، ثم بعد أن قتل الشمر الحسين عليه السلام وأجهز عليه ، لم يبق المانع الذي منع سنان قبلئذ ، فاحتز رأسه .
 يظهر من روايات أخرى أن سنانا هذا كان حريصا على أن ( يحوز ) برأس الحسين عليه السلام مهما كلف الأمر ، ولعل شمرا الذي كان يهمه فقط إنهاء المعركة منتصرا !! وفي وقت سريع ولذا لم يتحمل تردد البعض ، فصاح بهم ماذا تنتظرون ؟ ولم يكن همه في رأس الحسين ، قد التقت رغبته مع رغبة سنان الذي كان يهمه فقط أن يظفر برأس الحسين(18) .
 إما ليفتخر به أو ليحصل على الجائزة هذا بناء على أنه هو قائل الأبيات المذكورة ( إملأ ركابي .. )(19) .
وإذا أعدنا إلى الذكر ما سبق من التفريق بين القتل وحز الرأس ، وأنه يظهر أن الذي حصل شيئان مختلفان قد قام بكل جريمة منهما شخص يختلف عن الآخر ، أمكن لنا تصوير الجمع بين ما هو في الروايات التاريخية ، وما ورد في بعض المرويات المنسوبة لأهل البيت عليهم السلام(20).
 أن اختصاص شمر بن ذي الجوشن في زيارة عاشوراء باللعن ( إضافة إلى يزيد وابن زياد وعمر بن سعد ـ وهم من يمكن أن ينسب إليهم القتل لأمر الأولين وقيادة الثالث كما ذكرنا في البداية من صحة نسبة بعض الأفعال لمتعددين مع أن المباشر له واحد  ) ، هذا الاختصاص لا مبرر له غير دوره الاستثنائي في هذه الجريمة ، وهو القتل وإزهاق روح الامام المعصوم صلوات الله عليه , الأمر الذي ذكر في زيارة الناحية .. والحد المذكور في زيارة الناحية وهي الأكثر تفصيلا في هذه الجهة من عاشوراء ، أنه ( جالس على صدرك ، مولع ( مولغ )(21) سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده ..) وهذه لا تفي بمعنى أكثر من القتل. والذبح يمكن حصوله من دون حز الرأس بكامله .
ولم يذكر سنان بن أنس في روايات أهل البيت ، غير الرواية التي وردت في الأمالي ويظهر فيها أن سنان كان مستقلا بأمر القتل بتمامه دون شمر ، وهو مخالف للمشهور من أن شمرا كان له دور أساس في القتل ..
وهناك ملاحظة أخيرة وهي احتمال حصول الاشتباه عند بعض ناقلي الخبر لا سيما ممن كان حاضرا ، بين الشمر وسنان ، فإن الأخير كان شديد الشبه(22) بالأول من ناحية الشكل كما ذكروا .
والمسألة غير محسومة عندي ، وتحتاج إلى مزيد بحث ، وإن كان ما سبق ذكره من أن القاتل هو شمر لما ورد في الزيارتين ، وأن مَن حز الرأس بعد القتل ـ طلبا للجائزة ـ هو سنان لما ذكر في أكثر المصادر التاريخية ، هو الأقرب (23).
لكنه مخالف لما عليه المشهور لدى أهل المنبر والمتحدثين في السيرة  والله العالم .
ونكتفي فيما ذكره الشيخ فوزي ال سيف ويجب ان نذّكر الاخوان الاعزاء بأننا قد استفدنا كثيرا من كتاب الصحيح من مقتل سيد الشهداء واهل بيته للمحقق الشيخ محمد الريشهري وفقه الله.
 والحمد لله رب العالمين.
احمد خالد الاسدي
13 محرم الحرام 1438
الهوامش:
(1) سير اعلام النبلاء 3 / 300
(2) شرح الأخبار للقاضي نعمان المغربي ‏3 / 155 
(3) أنساب الأشراف : ج 3 ص 418 ، الفتوح : ج 5 ص 119 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج 2 ص 36 ، مطالب السؤول : ص 76 ؛ كشف الغمّة : ج 2 ص 263 وفيها «نزل إليه خولي بن يزيد الأصبحي - لعنه اللَّه - فاحتزّ رأسه» فقط ، بحار الأنوار : ج 45 ص 56
(4) المعجم الكبير : ج 3 ص 117 الرقم 2852 ، العقد الفريد : ج 3 ص 366 عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، تاريخ دمشق : ج 14 ص 252 ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج 6 ص 2663 وراجع : جواهر العقدين : ص 409 والإفادة لأبي طالب الزيدي : ص 60 .]
(5) تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام بتحقيق العلامة السيد محمد رضا الحسيني في ص 23.
(6) الاعتقادات ص 98 وامالي الشيخ الصدوق 1/226.
(7) تاريخ الطبري : ج 5 ص 453 وص 468 ، تاريخ دمشق : ج 14 ص 249 ، المحن : ص 150 كلاهما عن أبي بكر بن أبي شيبة ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج 6 ص 2661 وفيها «سنان بن أبي أنس» ؛ الأمالي للشجري : ج 1 ص 170 .
(8) السيد ابن طاووس في كتابه اللهوف ص 176.
(9) اُسد الغابة : ج 2 ص 28 ، ذخائر العقبى : ص 250 نحوه ، الكامل في التاريخ : ج 2 ص 581 ، الثقات لابن حبّان : ج 2 ص 309 وفيهما «والذي قتل الحسين بن عليّ عليهما السلام هو سنان بن أنس النخعي» فقط .
(10) لباب الأنساب : ج 1 ص 396 .
(11) تاريخ دمشق : ج 23 ص 190 ح 5031 و ج 55 ص 16 ح 11583 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج 2 ص 36 عن عمرو بن الحسن ، كنز العمّال : ج 13 ص 672 ح 37714 ؛ بحار الأنوار : ج 45 ص 56 وراجع : تذكرة الخواصّ : ص 252 
(12) مثير الأحزان : ص 64 ، بحار الأنوار : ج 45 ص 31 ؛ أنساب الأشراف : ج 3 ص 401 وليس فيه ذيله من «وقال الحسين عليه السلام» وراجع : الفتوح : ج 5 ص 99 ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج 1 ص 251 .
(13) المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 77 ، بحار الأنوار : ج 44 ص 198 ح 15 .
(14) الارشاد للشيخ المفيد 2 /112
(15) الطبري ج 6 ص 179
(16) البعض ذكر أن سنان بن أنس هو الذي كان ينشد هذه الأبيات 
(17) تاريخ الطبري ج 4 ص 348 : وما هو إلا أن قتل الحسين فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولى بن يزيد وحميد بن مسلم الازدي إلى عبيدالله بن زياد .
(18) الطبري ج 4 ص 346 : ( قال أبو مخنف ) عن جعفر ابن محمد بن على قال وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة .. قال وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين إلا شد عليه مخافة أن يغلب على رأسه حتى أخذ رأس الحسين فدفعه إلى خولى ..
(19) ذكر ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 : وقيل أن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس : قتلت الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، أعظم العرب خطرا أراد أن يزيل ملك هؤلاء ، فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلا !! فأقبل على فرسه وكان شجاعا به لوثة فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد وأنشد الأبيات المذكورة ، فقال عمر : أشهد أنك مجنون ! وحذفه بقضيب ، وقال أتتكلم بهذا الكلام ؟ والله لو سمعه ابن زياد لقتلك !!
(20) نقول المنسوبة للتوقف في تصحيح أسانيدها ، وإن عمل بها جمع غير قليل من العلماء ، وإلا لو كانت صحيحة السند أو تم الوثوق بصدورها ـ على المسلك الآخر ـ لكنا لا نتوقف في تقديمها على ما عداها ، لكونها عن أهل البيت عليهم السلام ،والذين هم أدرى بما جرى على جدهم الحسين عليه السلام .
(21) أولع بالشيء : أغري به ، ولهج به .. وأولغ : الكلبَ صاحبه : جعله يشرب .
(22) ذكر القندوزي في ينابيع المودة عند حديثه عن سنان بن أنس أنه كان كوسج اللحية قصيرا أبرص أشبه الخلق بالشمر اللعين 
(23) نقل لي "والكلام للشيخ فوزي"  أحد الشباب المؤمن أن الخطيب المعروف الشيخ الوائلي رحمه الله يرى أيضا نفس النتيجة المذكورة ، وقد سمعه يقول ذلك في حديث خاص ، ولكنه لا يعلنها على المنبر لاصطدامه بما هو المألوف عند المستمع !! ولم يتسن لي التأكد من هذه المعلومة حتى وقت كتابة هذه السطور .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84909
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19