• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أنا أرفض واتحفّظ وأُعارض..! .
                          • الكاتب : زيدون النبهاني .

أنا أرفض واتحفّظ وأُعارض..!

 قديماً قالوا؛ فهم السؤال نصف الجواب، وهذا ما لم يحدث للأسف معَ التسوية الوطنية، فجملة المطبلّين ضدها لم يسمحوا لأنفسهِم فهمها، أو أنهم فهموا المراد منها، ولم يفهموا إنها الحل الوحيد المتبقي لديهم، فهذه هي الحرب العالمية اصبحت ماضياً تتذكرهُ الكتب، ولم تصبح كذلك بأحلام هتلر أو عنجهية ستالين، بل أصبحت كذلك لأنها أنتهت بأتفاقات كبيرة.
 
ما حصلَ معَ التسوية الوطنية، يُذكّرنا بالأيام الإولى لتأسيس مرحلة ما بعدَ صدام، فالثقة لم تكن مطروحة، لولا حنكة المرجعية الدينية والتيّار السياسي القريب منها، الذي أستطاع ترجمة مواقفها إلى مفاهيم وأسس ومشاريع، أثمرت فيما بعد لبناء دولة جديدة، على أنقاض نظام صدام اللانظامي.
 
القصد؛ إننا إذ كنا نمتلك تجربة فريدة من نوعها، لماذا لا نُعيد تكرارها؟!
 
أخذت كتابة مسودّة الوثيقة الوطنية ثمانية أشهر من الزمن، كُلفت لجنة تحالفية بذلك، ابان رئاسة السيد الجعفري للتحالف الوطني، وقد آخذت هذه اللجنة بجميع ملاحظات القوى المنضوية تحت خيمة التحالف، بحيث أصبح الحياء يداهم تلك القوى، حيثُ لا مجالَ أمامهم اليوم للطعن بها، إلّا أمام وسائل الإعلام!
 
الحقيقة المرّة تقول؛ إن الهمّ الأنتخابي وراء ما يحدث، كلهم مقتنعين بأن الوثيقة تمثّل خلاصاً في زمن لا خلاص فيه، لكنهم بذات الوقت يكررون تجارب مأساوية كان عنوانها؛ اللعب على وتيرة الورقة الطائفية، وهذا للأمانة ليسَ ما يستخدموه في الأجتماعات الرسمية، بل هو حديث عابِر في وسائل الإعلام، الغاية منه كسب تعاطف الشارع!
 
الميكافيلية في الطرح تختلف عن وطنية التوجه، هناكَ أحزاب ستقتلها وثيقة التسوية، إن لم يكن لديها تأييد شعبي واضح، وهنا تنسجم بعض التيارات الشيعية معَ السنيّة والكردية، خوفاً على مصالح ترسخت لها، أو هكذا تظّن هي، بالتالي يكون خيار الرفض هو الأسهل من المغامرة، والحصيلة سيبقى الوطن يُباع في مزادات المقامرة..
 
ماذا فهمنا مِن التسوية لنرفضها؟!
إن ما عرضتهُ وسائل الإعلام، ما تعاطت معه، الأسلوب الهجومي الذي تبنتهُ بعضها، والتحليلي الذي أنتهجهُ بعضها الآخر، كُله يدور في مرحلة واحدة من مراحل التسوية الوطنية، وهي مرحلة "الحسم"، وهنا نقصد؛ حسم الورقة الشيعية، حسم تبنيها شيعياً، وحسمها إعلامياً، أي الطريقة التي سيتم بها طرحها والوقت والأسلوب، وهذا وإن حُسمَ قراراً، لكنهُ لا يزال لم يُحسم فعلّياً.
 
تلي المرحلة السابقة أربعة مراحل آخرى؛ هنّ على التوالي: "حسم ورقة المكونات الآخرى، حسم الفريق المفاوض، حسم التفاوضات، مرحلة التنفيذ والضمانات"، وهذا يعني؛ إن من رفض التسوية بمرحلتها الإولى يتكهن بخسارتهِ في المراحل الأربع القادمة، أو هو ليسَ خياراً ليكون ضمنها أصلاً!
 
الخلاصة؛ يحاول البعض أن يروّج لسمومٍ لا يعرف إنهُ سيتغذى بها اولاً، فالوثيقة لامست العقل الأممي، كذلك الدولي، ومن يُريد أن يرفض ويتحفظ ويُعارض لغايةٍ في نفسِ يعقوبهِ، عَليهِ أن يُدرك جيداً إن تجربة الحروب وعسكرة المجتمع، جعلت الجميع يخسرون، أرواحاً ومالاً ووطن، فإن كانَوا هم مستعدّين لخساراتٍ أُخرى، الشعب مستعد لمستقبلٍ جديد، وهو يقول وبصوتٍ واحد، انا ارفض وأتحفظ وأُعارض كل مصالحكم الضيقة..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=87439
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29