• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أسفارٌ في أسرارِ ألوجود ج4 – ح5 .
                          • الكاتب : عزيز الخزرجي .

أسفارٌ في أسرارِ ألوجود ج4 – ح5

 ألعشق و آلجمال من جهة .. و آلفيزياء ألكمية من جهة أخرى .. مسألتان مُتداخلتان في آلوصف و آلمعنى و آلحيثيّة لرسم طريق ألحياة و تحقيق سعادة ألأنسان عبر معرفة آلأسرار, و من طبيعة ألأنسان أنّ قلبهُ يتنفّر من آلجدب و آلقحط و آلصلابة و آلقسوة و آلغلظة, و ينجذب نحو آلّلين و آللطافة و آلجمال و آلعشق .. ألّذي ليس بآلضرورة أن تكون تلك آلصفات مُتجسداةً في وجه و قلب ألأنسان فقط كدلالة على شخصيته فحسب .. بل يتجسّد أيضاً في كلّ شيئ .. في آلطبيعة .. في آلمخلوقات .. في آلأشياء ألماديّة ألصّغيرة و آلكبيرة .. ألحيوانية و آلنباتية .. حتىّ في آلذّرة و آلعلوم .. و آلنظرة و نبرة آلصوت و آلأشكال و مدى أهميّة و دور آلمُمكنات في آلوجود!؟
 
عندما كنتُ في مرحلة ألدّراسة ألأبتدائية و آلمتوسطة و آلثانوية -  كنتُ أحبّ آلرسم و آلنحت و آلموسيقى أكثر من آلفيزياء و آلعلوم, و لعلّ أكثر ألناس لا يُحبّون آلعلوم ألجامدة ألخالية من آلرّوح و آلحركة و آلحياة .. لأن تَعَشّق ألأنسان مع آلعلوم و آلتكنولوجيا – كما هو واقعه آليوم - لا تتلائم كثيراً مع فطرة ألأنسان و آلرّوح و آلمعنويات, بل و تُبعدهُ عن حقيقتهِ و تُجَمّد مشاعرهُ في آلمجال آلأنساني و آلعاطفي, و كنتُ شخصياً أشعر بآلضيق و آلخناق لدراسة ألعلوم و آلرياضيات في بداية حياتي, و كان للمنهج ألجّاف و طرق ألتدريس و أخلاقيّة المعلمين و سياسة المشرفين دوراً سلبياً مُكملاً .. حالتْ دون إقبالنا في وقتها كثيراً على تلك العلوم! 
 
من طبيعة آلنفس أنّها لا ترتاح للأمور ألخالية من آلرّوح و آلألوان و آلحركة و آلحرية و آلمحبّة و آلتفاعل ألحي مع واقع ألحياة, بل آلنفس تُحب آلأشياء ألفاعلة ألجميلة ألّتي تتحرّك مع نغمة آلحياة و آلوجود و تُؤثر و تتأثر بها, و لهذا كنتُ دائماً أسأل آلمعلم في بداية كلّ فصل سؤآلاً كان بعضهم لا يرتاح إليه, و ربما وبّخني بعضهم مع عدم آلأجابة .. لأكره ألمادة ألدراسية منذ أول آلفصل و من آلأساس, و كان السؤآل: [ما آلفائدة من دراسة علم الهندسة أو الجبر أو الكيمياء أو الرياضيات مثلاً؟].
 
كما إنني لم أتأقلم من آلجانب ألآخر أيضاً مع منهج ألحوزة العلمية في آلنجف ألذي كان سلبياً هو آلآخر على أكثر من صعيد و لا يزال؛ حيث لم تستطع أن تُواكب حركة المجتمع و بآلتالي إتّخاذ موقفاً واضحاً و رشيداً من آلعلوم ألأنسانية و تطور ألفكر ألأنساني و كذلك الأحداث المأساوية التي مرّت بآلعراق, بعكس آلحوزة آلعلمية ألمنهجية في قم و آلتي بدأت تتخصص في آلدّراسات آلعلمية, حتى إرتقت إلى مصاف ألجامعات ألعالمية .. حيث جعلتْ ألأنسان محورَ كلّ حركتها ألفكريّة و آلعلمية طبقاً لمنهج ألأسلام, لهذا فإنّها آليوم لا تخطو خطوة و لا تُصدر أمراً ما لم تجعل مصلحة ألأنسان و سعادته أساساً للأجتهاد مُقتربةً بذلك كثيراً من آلتفسير ألأكاديمي ألذي قدّمه آلفكر ألغربي عموماً, و لهذا نرى تجاوب هذه آلحركة ألمتطورة للفكر ألأسلامي مع متطلبات آلعصر و إنسجامها مع آلتفسير الذي يُقدمه آلعلوم الأكاديمية للحياة البشرية و الظواهر الكونية .. و منها بآلخصوص ألفيزياء آلمعاصرة(ألكوانتوم) كنتيجة طبيعية.
 
يقترب ألتصور ألذي يُقدمه علم ألفيزياء ألمعاصر للوجود إستناداً إلى آلكوانتوم(ألنظرية ألكمية), بكل أضدادها و أسرارها .. و إلى آلنظرية ألنسبيّة و فيزياء ألفلك, وفق أكثر من زاوية من آلتصور ألذي كان يحملهُ علماء و أئمة الأسلام منذ أكثر من 1400عام.
 
و كما بيّنا - و بعكس آلتصور آلآلي للوجود ألذي إعتمده آلفكر آلغربي منذ عهد آلأغريق و مروراً بعصر النهضة قبل 1000عام - نجد أن رجال ألتصوف و آلعرفان كانوا يعتقدون بأنّ آلأشياء و آلأحداث ألمدركة بآلحواس وفق علاقتها  آلجدلية, و إرتباطها ببعضها, ليستْ إلّا صوراً و تجلّيات عن الحقيقة المطلقة بذاتها, بمعنى أنّ هناك حقيقة جوهريّة تختبئ ورائها, بعكس آلنظرة ألآلية للوجود ألتي إعتمدها آلفكر ألغربي,إبتداءاً من آلفلاسفة ألأغريق, و مروراً بفلاسفة اليونان ثم تطورات آلنهضة (ألرينوسانس) ألتي قاربت ألألف عام. 
 
إن رواد العلوم خصوصاً ألفيزياء في الوقت الذي يستخدمون لغة ألرياضيات ألحديثة ألبالغة ألدقة, للتعبير عن موضوعاتها .. نرى آلعرفاء و آلصوفيون؛ يعتمدون على الحدس و آلعلم ألّلدني و آلحدس ألداخلي, مع التأكيد على أن المعرفة الصوفية لا يمكن التعبير عنها بلغة ألكلام, و أن تلك التجربة وفق هذا المعنى متعالية عن الوصف, لكونها تعتمد على جوهر الأنسان (ألقلب) ألذي إن أمّن الاتصال بمنع الفيض ألألهي فانه سيخترق الحجب و جدران المختبرات إلى اعماق و جواهر الأشياء في الوجود, فآلعقل وحده لا يمكن أن يكون مصدراً للمعرفة لانه محدود و مجرد آلية لتفسير و تحليل تجاربهم ألعرفانيّة الذاتية.
 
فعلماء الفيزياء يوظفون في مباحثهم ألوجودية ألتجارب العلمية, و التي يتعاون على إنجازها فريق عمل دؤوب مؤهل بقدرات عالية, و بآلأستعانة بآليات تقنيّة على درجة من الدّقة, فيما رجال ألتصوف, على العكس, يكتفون في معراجهم نحو هذه المعرفة, بآلتسامي ألروحيّ و آلحدس ألّلدني, من دون توظيف أية آلية خارجية, كما كان حال آلشيخ البهائي حين أسس الحمام و المئذنة بحيث أن فريقاً من آلعلماء الفرنسيين و الأنكليز أرادوا أن يكتشفوا سرّ ذلك الحمام ألذي كان يُحمى إلى درجات حرارة عالية بسبب شمعة و كذلك سرّ تكبير صوت المؤذن إلى أضعاف مضاعفة من خلال منصة عادية إستفاد الشيخ البهائي من تردد آلأصوات .. حين ارادو كشف أسرار و معادلات ذلك لم يقدرو لحد آلآن معرفة أسرارها, بل سببوا خراب آلحمام الذي كان يعمل حتى عهد شاه إيران المقبور قبل الثورة.
 
كما إنّ طبّ الإبر يحقق الكثير من آلأنجازات في شفاء المرضى و بكلفة أدنى و جهد أقل بآلقياس مع العمليات الجراحية آلحديثة, هذا مع الفارق الكبير في النتيجتين, حيث إن الطب ألإبري أفضل بكثير من آلعمليات الجراحية, و قد أشرنا في هامش الحلقة السابقة لهذا الموضوع.
 
يبدو أن الشيخ البهائي هو أوّل من إستفاد من فيزياء الكوانتوم قبل آينشتاين و بلانك ألذي سبق آينشتاين .. بسبعة قرون تقريباً, و إن آلمقاربة بين التجربة ألعلمية و آلتجربة الصوفية هنا , تدعو للدهشة .. بآلقياس إلى ما يبدو من إختلاف بين طبيعة العلم و طبيعة العرفان, و على آلرغم من ذلك فأن التشابه بين العلمين في الحقيقة كبير جداً؛ حيث تتطلب ألتجارب ألفيزيائية ألحديثة ألّتي تبحث في مكونات أجزاء العناصر ألدقيقة من الفيزيائي مراحل طويلة و صعبة من التدريب, قد تصل لسنوات عدّة, ألأمر ألذي يشبه ما يتطلبه آلتصوف ألعميق من سنوات طويلة من آلتتلمذ على يد آلأمام ألرّوحي ألواصل بجانب ألرياضة الرّوحيّة , كما إنّ دقّة و فعاليّة ألأجهزة ألتّقنية , تُمكّن ألفيزيائي من آلوصول إلى آلأحساس نفسه, إذا لم يكن أكبر من آلذي يصل إليه ألعارف عبر آلتأمل ألحدسي ألباطني.
 
فآلفيزيائي و آلعارف, يستخدمان ألتأمل ألعميق مع آلذكر .. ليتولد عندهما قدرات خارقة لا تشبه ألمتعارف عليه, تكون مطيّتها آلتفكير ألعميق في آلوجود, و هي آلحالة ألتي يستحيل على آلعِلماني و  آلباحث ألعادي أن يصلها .. بآلرّغم من إختلاف ألّلغة و آلتّقنية ألتي يُوظّفها كلا آلطرفين للتّعبير عن كشوفاته أو نتائج سيره و تحقيقاته.
 
إن غاية آلذّكر ألأساسية هي لجم ألعقل ألظاهر عن ألتفكير و آلأعتماد على آلعقل الباطن بقوّة, و آلخوض في مقامٍ  يغيبُ فيه ألعقل ألظاهر كليّاً تقريباً, و يحلّ محلّهُ آلحدس كوسيلة للوعي. و آلوصول إلى هذه ألدرجة من سكينة العقل يتمّ عن طريق تركيز ألمرء على عنصر بذاته, عبر الترتيل و آلتبتل بذكر آلله و آلعمل ألصالح, و أثناء آلذكر و آلأتصال بآلمعشوق يتخلّص ألعقل من كلّ ألأفكار و آلمفاهيم و بآلتالي يصبح مُهيّئاً للأبحار خلال ساعات طويلة في رحاب مقام حدسيّ مُفارق, على إنّه و بناءاً على هذا آلتوقف للعقل  عن آلتفكير, تقوم ألحالة آلحدسية ذاتها , بتطوير حالة من آلوعي ألّلدني ألذي لا علاقة لهُ بما هو موجود ليحلّ محلّ ألعقل , و هذا آلوعي آلأخير بآلذات هو آلذي يُمَكّن ألعارف من إدراك ألوجود من دون حجاب بذاته و من ذاته كما هو حال ألعلوم ألتجريبية(1), كما إنّ تجربة آلتوحد مع آلوجود , تعدّ آلخاصية ألأساسية لهذا آلمقام ألحدسي, أو هذه ألحالة ألأستغراقية للشعور ألباطن, و آلّتي تنتفي خلالها أشكال ألأنفصال أو آلتعدد كافّة, و يتأكد خلالها معنى ألوحدة ألكلية, أو آلولوج إلى عالم ألأنوار بلغة ألعرفان, و آلذي يؤسس لتجربة إنغماس آلوعي في حالة توحد مطلق مع آلوجود(2), بحيث يُمكن للعرفاء من تجاوز وجودهم ألخاصّ ألقائم بذاته, و توحدهم مع  آلحقيقة ألمطلقة.
 
من جانب آخر فأنّ العلم ألتجريبي(الصوري) يمكن أن يستخدم للتدمير كما يمكن أن يستخدم للبناء أيضاً .. حسب ما أشرنا سابقاً, و هنا يأتي ألدّور ألأهمّ للأيمان في رأي "هانز" ألذي يعتقد؛ [بأن آلعلماء لا يمتلكون ألحقائق و آلأجابات كما يؤكدون], و يجد في آلتساؤلات ألّتي يُواجهها آلعلماء يوميّاّ أكبر دليل على هذا آلأمر, و خاصّة ألعلماء الذين يبحثون في اصل الحياة, فكلما توصلوا لأستنتاج ناقضه إكتشاف جديد في اليوم التالي. 
 
و يضيف هانز بأن التجربة العملية لا يمكن أن تأتي بكلّ الأجابات, و هو آلأمر الذي حذّر منه آلفيلسوف "عمانوئيل كانت"(3) منذ ربع قرنٍ تقريباً, و آلسؤآل آلأساسي ألّذي لا يُمكن للعلم أو آلتجارب ألأجابة عليه, هو؛ مصدر حياتنا و آلمغزى منها(4), و هنا يأتي دور ألميتافيزيقيا أو علم ما وراء ألطبيعة, و هو آلعلم ألذي فَقَدَ هو آلآخر رونقه في عصرنا آلحالي, هذا آلعصر ألذي يعتمد فقط على كلّ ما يراه أو يُمكن إثباته بتجربة عمليّة, و لكن منذ جرائم ألحرب ألعالمية الثانية و حادثة ناكازاكي و هيروشيما و آلعلم فقد برائته, و أصبح خرافة كما أطلق عليه آلفيلسوف كارل جاسبرز(5), كما أن إستخدام امريكا لصواريخها المتطورة ضد إيران حين هجمت على طائرة بوينك مدنية كانت تنقل آلمسافرين من دبي إلى طهران في غضون ألحرب ألعراقية - ألأيرانية؛ و كذلك آلهجوم على المدنيين من قبل إسرائيل على لبنان في حرب تموز عام 2006م؛ و على آلمدن الفلسطينية؛ و ضرب ألمدنيين في آلعراق بكافّة أنواع الأسلحة من قبل آلقوات ألدّوليّة ألمشتركة خلال ألأعوام ألمُمتدة بين 2003 – 2011م؛ بآلأضافة إلى إستخدام ألكواتم و آلتكنولوجيا ألمتطورة لإغتيال ألعلماء في إيران و آلدّول ألأسلاميّة؛ كلّ هذا جعلتْ آلعلم و آلتكنولوجيا تصطدم بأمورٍ و أسئلةٍ أخلاقيّة .. لا يُمكن أن يُجيب عنها إلّا علمٌ يفوق مُجرّد ألتجربة.
 
إن كلّ تلك الأسئلة عن أصل الحياة و هدفها و أخلاقيات التجارب ألمختلفة, لا يُمكن حلّها إلا بآلتعاون و التكامل بين الدين و العلم؛ بين الغيب و الواقع؛ بين السماء و آلأرض؛ هذا التعاون لا يتحقق إلا من خلال ألتصالح من جديد بين علماء الدين  الحقيقيين مع العلم كما هو حال قيادة العلماء للحكومة الدينية في إيران, و كذلك تصالح آلعلماء ألأكاديميين مع الدين .. هذا من جانب و من آلجانب آلآخر تصالح الطرفين معاً لخلاص العالم من الأزمات المختلفة ألعسكرية و الأقتصادية و السياسية و الثقافية, بمعنى نحن بحاجة ضرورية إلى حوار جدّي بين الطرفين, لأنتشال البشرية من خطر المجاعة و العطش و الحرب و المرض و الدمار و الفناء!
 
لقد أخطأت حكومات العالم و آلبشرية معها أيضاً(6) أخطاءاً جسيمة في آلماضي و الحاضر حتى يومنا هذا؛ و لعلّ آلسبب ألأساسي يعود إلى تنحي آلناس عن مساندة الأنبياء و الصالحين و إلتفافهم حول محاور الشر و الفتنة خصوصاً في تأريخنا الأسلامي حين ترك الناس أهل ألبيت ألطاهرين ألأوصياء و سيّدهم ألأمام علي(ع) كنموذج للعدالة و التقوى و إلتفّوا حول من هو ليس بأهلٍ لتحمّل ألمسؤولية .. لتجري ألمصائب على آلأمّة حتّى تفرقت إلى أكثر من سبعين مذهباً و حزباً يكفر بعضهم بعضاً, كما إن الذي حصل في أوربا ألمسيحية لم يكن بأقل من ذلك و إن إختلفت الأشواط و الأوضاع و نوع المجابهات ألتثقيفية و الديناميكية ألصراعية ألخصبة بين العقل ألديني / و العقل ألفلسفي منذ آلقرن الثالث عشر و حتى اليوم, حيث إزدادت قرناً بعد قرن, و هذا بسبب ألأطر ألأجتماعية – ألسياسية و آلأقتصادية للمعرفة و التي شهدتْ تطوراً دمجياً أو إستيعاباً مُلازماً و متواصلاً في جميع بلدان أوربا آلغربية, كان العقل الفلسفي يشمل العقل العلمي في البداية, و لكن هذا آلأخير راح يبتعد تدريجياً عن آلميتافيزيقيا ألكلاسيكية, ثمّ بشكل أكثر عن العقل اللاهوتي حتّى إنفصل عنه كلياً, لكي يصبح آلآن ألعقل ألعلمي – ألتكنولوجي ألذي يحتقر ألفكر ألفلسفي أو يهمله و يزدريه بحجة إنّه لا نفع و لا مردودية إقتصادية له, كل شيئ لا يؤديّ إلى مصلحة مادية لا قيمة له في عصر ألأستهلاك ألسريع ألذي لا يتوقف و الذي أصبح غية بحدّ ذاته, و آلغريب جدّاً أنّ طبقة ألتكنوقراط التي كانت حاكمة في زمن جيسكار ديستان في فرنسا أرادتْ حذف تعليم ألفلسفة من آلمدارس ألثانوية, لكنّ دريدا و أمثاله كمحمد أركون قد جنّ جنونهم حين هبوّا يُدافعون عن آلفكر ألفلسفي و تعليم ألفلسفة! و لولا دفاعهم لكانت فرنسا و من يدور في فلكها آليوم في مقدمة ألدّول ألّتي تريد القضاء على كلّ ما يتعلق بآلغيب, و ما منعها للحجاب ألأسلامي عام 2005م إلاّ مُؤشرات واقعيّة على ذلك(7).
 
آلوجود من خلال ألفيزياء ألحديثة:
 
في آلفيزياء , نجد عدداً كبيراً من آلنماذج و آلنظريات ألفيزيائية ألتي حاولت أن تُقدّم تفسيراً لحقيقة ألوجود , و هي آلمحاولات ألتي شكّلت أساسات ألبحث ألعلميّ ألحديث, مع ذلك نجد عالماً مثل "آلبرت آينشتاين" يؤكد بأنه: [بقدر إستناد ألقوانين ألرياضيّة إلى آلواقع, تكون غير أكيدة, و بقدر ما تكون أكيدة فأنّها لا تستند إلى الواقع], حيث بدا جليّاً أمام آلتحليل ألعقلي, أنّ آلجوهر ألأساسي للأشياء, يتكشّف و كأنه مُستحيل أو مُتضاد, و بآلرّغم من أنّ هذا آلّلغز ألمُحيّر أو (ألسّر ألوجودي), كان قائماً في قلب ألتفكير ألعرفاني منذ زمن طويل , نجد أنّ  آلعلم لم يعترف به كذلك, إلّا في آلفترة ألقريبة ألماضية حين بزغتْ نور ألثورة ألأسلاميّة في إيران و تقدّمتْ بخطى واثقة و هي تشقّ طريقها لخلاص ألأنسان ألمستضعفْ من ظلم و تبعيّة ألمنظمة ألأقتصادية ألعالمية ألّتي إستغلّتْ ألعلوم ألتكنولوجية من أجل آلتسلط على حياة ألبشريّة.
 
حيث لم تعد ألمعرفة ألمتعلقة بعالم ألذّرة, و ما دون ألذرة(ألكوارك) مستندة إلى التجربة ألحسيّة, فقد تأكد أنّ هذه المعرفة – أي القائمة على الحواس أو آلمنطق – لم تعد بآلضرورة صحيحة, و حيث أتاحت ألفيزياء ألكمية للعلماء أليوم إمكانيّة ألأكتفاء بمجرد نظرة مجردة عن حقائق ألأشياء, أيّ أنّ علماء الفيزياء أليوم صاروا مثل رجال الصوفية , يعتمدون على التجربة – غير ألحسيّة بجانب آلتفسير ألأكاديمي للعلوم – لتفسير ألوجود, و صاروا يخوضون مثلهم في أسرارِ و ألْغازٍ هذه آلتجربة.
 
تتضمن ألفيزياء ألكمية على آلكثير من آلأضداد أو ألمتناقضات و آلّتي تعود بآلدّرجة آلأولى إلى طبيعة ألضّوء ألثنائية, أو أكثر عموماً إلى طبيعة ألأشعّة ألكهرومغناطيسية, و قد أشرنا لتفاصيلها سابقاً.
 
فآلضّوء بحكم تكوينه ينتج ظواهر تصادميّة مُتشعبة, تنساب بشكل طبيعيّ مع آلموجات ألضّوئية, و هو ما يُمكن رؤيته بآلتجربة, عن طريق توظيف مصدرين للضوء, ينتج أحدهما ضوءاً يختلف عن ألآخر, كأنْ يكونَ أحدهما ساطعاً و آلآخر أضعف منه, كما أنّ للنّور طاقة لم يتعيّن حقيقتها بدّقة بعد, بآلأضافة إلى إحتوائها على جسيمات صغيرة لكن داخل حيز محدود و تنتشر في مساحات واسعة من الفضاء لا يعلم أحد حقيقتها و مداها!؟
 
كما لا تملك أيّة لغةٍ أو تجربةٍ أو حتّى تصورٍ أو فكرٍ؛ ألقدرة على تقديم تفسيرٍ واضح لمثل هذه ألحقائق.
 
إنّ آلعرفاءَ و آلصوفيّون فإنّهم يُؤسّسون ألتجربة آلروحية مع الوجود لواقعة وجودية على درجة من آلأهمية, تقلب رأساً على عقب كافّة ألتصورات ألسابقة ألتي كان يملكها آلأنسان عن آلكون, و يتدخّل مقام  ألشهود ألذي يُمثل أرقى تجربة روحيّة في عالم ألشعور ألأنساني, ليختصر كلّ أشكال ألتجارب ألقياسيّة ألسّابقة!
 
حين أصبح علماء ألفيزياء في آلنصف آلأول من آلقرن ألعشرين على وعي تامّ أمام نتائج ألتّجارب ألجديدة حول حقائق ألذّرات؛ إهتزّت أسس تصوراتهم للوجود, و أصبحت مقولاتهم تتشابه مع مقولات ألعرفاء و آلصوفيين, حيث كتب "هيسنبرغ يقول: [لا يُمكن فهم ألتطورات الحديثة ألتي صارتْ تتم في ميدان الفيزياء .. إلّا بعد آلأعتراف بأنّ آلأساسات ألأوليّة للفيزياء صارتْ تهتز, و أنّ هذا آلأهتزاز أدّى إلى الشعور بأنّ آلأرض ستنفصل عن العلم].
 
لقد حدثت تغيّرات جذرية في طبيعة معرفتنا بآلمكان و آلزمان و آلمادة, أو آلاشياء و الموجات و المسبب و آلمؤثر. و آلتي أدّتْ من دون شك إلى آلتأسيس لتصورٍ جديد عن آلوجود مختلف راديكالياً عما سبق, و آلذي لم ننتهي بعد من تحديده بشكلٍ نهائي على آلرغم من بحوثنا آلمسهبة فيها.
 
تُحتم ألنسبية الفيزيائية إنّه, إذا تمكن المرء من تصور مفهوم ألزمان بإعتباره رباعيّ آلأبعاد, فأنّ آلعديد من مظاهر التناقض ألتي كانتْ تبدو قائمة سرعان ما ستنتهي, بيد أن التصوف يتيح ذلك بآلفعل , حيث يمكن للمريد أن يصل إلى مقام ألأستغراق ألروحي, لينتج حالة من الوعي ألحدسي فوق الطبيعي, و التي يتحقق فيها  الشعور اللدني أو ألحدس ألزمكانيى (ألزمن + ألمكان), بإعتباره وجوداً متعدد آلأبعاد.
 
فآلتجربة ألعرفانيّة عبارة عن تحقّق لحالة ألفناء, يتوقف فيها آلتميز بين آلجسم و آلعقل, أو بين آلفاعل و آلمفعول أو آلمحسوس و آلمعقول .. حيث لا يكون فيها وجود لزمانٍ من دون فضاء - و لا فضاء من دون زمان - بل يكون وجودهما واحداً مُتداخلاً.
 
و تقدم ألنماذج ألنسبية و نظريات ألفيزياء ألحديثة أليوم ألبرهان على صدقيّة عنصرين أساسيين لتصورات ألعرفاء و آلمتصوفين عن ألوجود و هما:
 
وحــدة ألوجود؛ بمعنى إرتباط كل عنصر فيه مع العناصر ألأخرى, بنظام معقّد جدّأً لا يفهم أسراره آلحقيقية .. و نوع و كيفية الأرتباط سوى الله تعالى.
حيوية آلوجود؛ بمعنى أن لكلّ عنصر و موجود كينونة و حياة خاصة بهما تُسبّح جميعها لله, و لا ندرك كيفيتها, و ترجع حقيقتها و حيويتها لله تعالى.
 
و حقيقة المكان في آلوجود الكائن هلاليّ – مُتحدّب – بدرجاتٍ مختلفة(8), و أنّ آلزّمان ينساب عبر آلكون بنسبٍ مختلفة, إلّا أن آلعلم لم يتوصل إلّا إلى آلقليل من آلحقائق بهذا آلشأن, حيث ما زلنا نتعامل مع آلمكان بإعتباره ثلاثيّ آلأبعاد, و مع آلزمان بإعتباره ينساب بثباثٍ في خط أفقي إلى آلأمام, رغم إن الحقيقية ربما بآلعكس من ذلك تماماً!
 
و يعود هذا آلتصور إلى إقتصار نظرتنا على آلتجارب ألعاديّة في آلتعامل مع آلعالم ألطبيعي, حيث يكفي أن يرتفع الأنسان بهذه آلتجربة, لكي تتغيّر نظرته كلياً عن ألوجود. 
 
و إستناداً إلى تجربة ألعرفاء, فأننا نرى إن وعي العارف و إدراكه بآلزمان يأخذ أبعاداً فوق الوجود ألماديّ, بحيث يقطع الصلة مع مفهوم الزمان ألافقي, و يدخل في عالم الحقيقة ألما لا نهائي .. ألسرمدي, ليكون وجوده خلاقاً, لا يبقى للماضي و الحاضر و المستقبل معنىً في وجوده, حيث تختفي في العالم ألروحي كافة ألمقايس ألتي جعلناها للوقت – كالماضي و الحاضر و آلمستقبل – و يختصر العارف كل الوجود في لحظة بذاتها من الحاضر ترتعش آلحياة بأسرها في جوهر حقيقتها, بآلضبط كما هو حال وجودنا عند النوم, حين تتحرّر الروح من قفص البدن  لتخترق العوالم ألكبرى مُختزلاً ألزّمان و آلمكان و آلكتلة و آلطاقة في لحظاتٍ فقط!
 
إختزال الكتلة و آلطاقة:
 
 و قد صار في مقدور ألعلماء أليوم قياس كتلة ألجسيمات ألصغيرة بتوظيف وحدات ألطاقة, أيّ آلكتلة ليس إلاّ! شكلاً من أشكال ألطاقةE=MC2وضّح آلبرت آينشتاين طبيعة ألعلاقة بين آلكتلة و تكافؤ ألطّاقة من خلال المعادلة الرياضية المعروفة بين آلعلماء, هذا آلأكتشاف ألعلمي كان قد دفع آلعلماء إلى مراجعة تصورهم لحقيقة ألـ "ألجُسيم ألدقيق" في شكلٍ جذريّ, و صاروا ينظرون للجسيمات – ما دون ألذّرة - بإعتبارها جمعٌ من الكم / أو حزم من آلطاقة, و بآلتالي توقف ألتعامل مع هذه الجسيمات, بإعتبارها مكونة من مادة أساسية, حيث تأكدت كونها مجرد طاقة مرتبطة و مصاحبة للحركية و تحقق ألعمليات ألفيزيائية, و هذا يعني أن طبيعة ألجسيمات – ما دون ألذرة – هي في الوقت نفسه حيوية(أي من دون مستقر لها), و أنها بما هي كذلك موجودة داخل ألزمان و آلمكان ألرباعي ألأبعاد(9), و وفق هذا آلمعنى تملك ألجسيمات – ما دون ألذّرة – في آلوقت نفسه خاصيّة مكانية و خاصيّة زمانية لذاتها, و هذه آلخاصيّة ألمكانية هي آلتي تجعلها تبدو كأشياءٍ لها كتلةٌ بذاتها, فيما خاصّيتها آلزمانية تظهر كحركية مصاحبة لعمليات ألطاقة ألمتكافئة.
 
ألمشكلة هي عدم إمكانية رؤية حقيقة ألجسيمات ما دون ألذرية, حتى لو وضعناها تحت آلمجهر, فهي ليست ماديّة بحتة, بل يُلاحظ جملة من النماذج و آلأشكال ألمتغيرة بإستمرار و آلتي تنتقل من شكل إلى آخر دون توقف, في إهتزاز مستمر للطاقة.
 
إن تلك الحيوية  التي تمتاز بها الجسيمات ليستْ ناتجة عن نقلتها ألمستمرة في المكان بسرعة خارقة, بل هي بآلقياس  إلى حيويتها ألخلاقة بذاتها في ذاتها .. ألأمر ألذي يعني أن آلحيوية و الوجود في المادة متداخلان مع بعضهما, بمعنى وحدة الوجود و الحيوية مسألتان في مسألة واحدة, و إنهما يؤسسان وفق هذا المعنى لجوهر الحقيقة نفسها ألموجودة في ألزمان و آلمكان! و هذا ما حيّر آينشتاين نفسه حين لاحظ أن حركة الأليكترون بفعل الطاقة لا يُمكن تحديدها!
 
و آلعارف في مرحلة الفناء كما عبرنا عنه في حلقات سابقة يصل مرحلةً يدخل من خلالها في آلزمان و المكان بمستوى لا تراه ألعين ألمُجرّدة و لا تستشعرها الحواس آلظاهريّة, حيث تتحقق لهم تجربة وجوديّة خارقة يصبحون فيها قادرين على إدراك ألكون, بمستوى مُماثل للمعرفة ألتي يصل إليها ألفيزيائي في تأمله لحقيقة عالم الجسيمات(ما دون ألذّرة), حيث يترآى للصوفي أنّ آلوجود ألحقّ هو جوهر كل الظواهر ألتي لا يمكن أن تقوم بذاتها بل بإرادة الله و وجودها تجليات لذات الحق تعالى .. ألذي هو مصدر كلّ آلصور في عالم ألأمكان, و متعال كذلك عن ألوصف أو آلتحليل.
 
إنّ آلوجود هو تجلّي لذات ألحقّ, ليس له أيّة حقيقة منفصلة, و إنّ الفيزيائي ألذي يستند في نظرته للوجود إلى خبرة معرفية عميقة للعقل المنطقي يشبه إسلوب ألعارف ألذي يستند إلى خبرة معرفية شبيهة آلعمق و لكن عبر آلعقل ألحدسي (ألباطن), و كلا آلمبحثين في آلواقع ضروري من أجل فهم أكمل و أعمق للوجود, فتجربة آلعرفاء ضرورة لفهم جوهر و حقيقة ألأشياء, فيما آلعلم يُقدّم ألأسس ألضّرورية للتعامل مع متطلبات ألحياة ألعصرية.
هذا بآلأضافة إلى أن آلعرفاء يُحاولون مع ذلك تقويم ألتجربة ألعلميّة كي لا تنحرف عن مسارها فتكون بدلاً عن نفعها خطراً على آلبشرية قد تقضي على وجودها في آلأرض!
 
و من هنا يأتي ألدور ألأهم للأيمان في رأي هانز ألذي قال: [ألتجارب ألعملية لا يمكن أن تأتي بكل ألأجابات], و هو آلأمر ألذي حذّر منه "كانت" أيضاً كما أسلفنا .. حين طرح ألسؤآل ألكبير الذي ليس بإمكان ألتجربة و لا آلعلم ألأجابة عليه و هو:[ما آلمغزى من حياتنا و ما هي كينونتها؟].
 
و من هنا أرى أن دور ألميتافيزيقيا – أو علم ما وراء ألطبيعة – و  آلذي فقد رونقه مع بدء ألنهضة الأوربية بسبب إنحراف ألدين ألمسيحي و رجال  الكنيسة .. قد بدأ يطرح نفسه بقوّة من جديد خصوصاً بعد إنتصار الثورة ألأسلامية في إيران ألتي أعادتْ ألأمل لمستضعفي العالم بإمكانية الخلاص من ظلم أصحاب الشركات و آلبنوك و آلقوى ألكبرى آلتي تُحاول جاهدةً كبح جماح تلك الثورة العملاقة بتشويه حقيقتها عبر آليّات و مؤآمرات و حروب مختلفة, لكونهم – أي أصحاب ألشركات و آلبنوك – علموا أنّ هذه آلثورة لو إستمرّتْ ستنهي وجودهم, و لهذا ما توقفوا عن معاداتها منذ إنطلاقتها و إلى يومنا هذه!
 
و آلجانب آلأهم في دور عالم الغيب في تحقيق سعادة الأنسان هو ألمحافظة على الجانب ألجمالي في آلأشياء و آلوجود .. ذلك الجانب ألذي تأثر سلبياً و إلى حدٍّ كبير بسبب ألمسير ألخاطئ للعلم و التكنولوجيا, فآلجمال سواءاً في عالم المشهودات أو آلغيبيات له مراتب و درجات, ففي آلوجود آلظاهر إنتظم الجمال بشكل درجات, و كذا في عالم الباطن, و من واجب كلّ إنسان يقظ أن يتّخذ من سلم الجمال طريقاً في عالم المحسوسات درجة درجة حتى يصل الجمال  المعقول!
 
بل إنّ بعض العرفاء كحافظ الشيرازي(10) لا يرى جمالاً في آلأشياء و آلمخلوقات و آلوجود سوى جمال و حكمة آلله تعالى .. و لذلك تكاد لا ترى في ديوانه بيتاً و احداً من الشعر لم يُشر فيه إلى حكمة آلباري و دقّة صنعه و جماله, كما أجمع دارسوا أدب هذا الشاعر العارف؛ بأنّ مفهوم ألحياة في نظره يختلف تماماً عن نظر ألآخرين .. إنّها تتمثل بآلوصال مع آلمعشوق, و لا يتحقّق هذا آلوصال إلّا عن طريق تذوّق ماهيّة ألجمال .. بحيث لا يرى شيئاً إلّا و يرى الله قبله و معه و بعدهُ, كما قال سيّد  ألعاشقين و إمام ألمتّقين و ملهم ألعارفين علي(ع).
 
تعريف الجمال بكلمة واحدة هو: "هالةً من نور تحطّ في آلقلب ألذي تنوّر بجمال الله".
 
يقول الدكتور "حسين آللهي ألقمشئي" في مقدمته لديوان حافظ آلشيرازي: [ليلة آلمعراج – معراج النبي(ص) – خارجة عن مسألة ألزّمان و آلمكان, و إن كلّ من تمكّن آلخلاص من شرّ ظلمة ألنفس؛ فأنّ قلبه يُنوّر بشراب ألتوحيد](11).
 
و آلّنفس آلأنسانيّة ألنظيفة .. من طبيعتها عشق آلتناسق و آلصفاء و آلهدوء و آلجّمال .. و لهذا ربّما كان إستغراب ألفيلسوف إقبال ألّلاهوري من عودة ألرّسول(ص) إلى آلأرض مُجدّداً في محلّه .. بعد ما إنتقل إلى خارج هذا آلزمن و رآى جمال ألمحبوب حين صار منه قاب قوسين أو أدنى أثناء ألمعراج ألسّماوي(12)!؟
 
و آلسّفر في عالم ألجّمال و آلتوطن فيه .. يتطلّب معرفة أصل و حقيقة ألزّمن و تأريخ آلوجود, ليتمكن ألسّالك من طيّ تلك آلمراتب ألرّفيعة بإطمئنان لمعرفة سرّ آلأسرار على حقيقتهِ, لذلك سوف نبدأ ببحث حقيقة ألزّمن و نشوء ألكون في آلحلقة ألقادمة إن شاء الله كي نقترب من سّر آلأسرار آلأعظم عبر آلأسفار رويداً رويداً, و لا حول و لا قوّة إلّا بآلله آلعلي ألعظيم.
 
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
(1) كما يعلم المتطلعون في علوم الأديان؛ بأن العلم ألذي عناه الأمام علي(ع) و الذي يكون هو "آلحاجب ألأكبر" .. إنما هي آلعلوم التجريبية, بعكس العلوم الألهية التي تفتح آفاق الفكر العميق عن طريق القلب لكشف اسرار الوجود.
(2) بحثنا آلموضوع في حلقات سابقة من آلجزء ألثاني.
Immanuel Kant(3) 
(4) حتى الأسلاميون لم يتمكنوا لحد آلآن من إعطاء أجوبة دقيقة و مقنعة لهذا السؤآل, و قد عجزوا عن تفسير آلآيات التي جاءت بهذا المضمون و منها: [ما خلقت الجن و الأنس إلا ليعبدون], فآلله تعالى غني عن العبادة كما أكدّت ذلك آيات أخرى و أحاديث مفصلة, و كذلك فأن العبادة نفسها ما زالت مجهولة المعنى و الهدف, و ربما آلزمن القادم يُفسر ألأشارات التي أوردناها في حلقات سابقة من آلأسفار عند بحثنا لاسباب خلق الله تعالى للوجود و الأنسان و التي إختصرتها بآلعشق و المحبة .. تلك المحبة التي ستمحى مع مرور السنين و تطور العلوم التكنولوجية المادية التي لا تنسجم مع طبيعة الأنسان و غاياته في الوجود بسبب آلتعامل آلخاطئ من قبل مجموعة ظالمة تتحكم اليوم بأكثر إقتصاد ألعالم و توجه العلم من خلال أهدافها!؟ 
Karl Jaspers(5) 
(6) من آلخطأ أن نلقي بآللائمة فقط على الحكومات في قضية الفساد و آلظلم الذي وقع و يقع على الأرض, فآلناس مشتركون معهم بدرجات متفاوتة, بل لولا سكوت الناس و قبولهم بما يقع لما إستمرّ الحكام بآلظلم و القتل و الحرب و الأستضعاف!
(7) إن حذف الفلسفة من آلبرامج التعليمية يعني تخريج أجيالٍ لا يفهمون و لا يعقلون سوى ما يرتبط ببطونهم و ما دونها, بمعنى حيوانات أليفة على هيئة بشر, هذا بآلنسبة للصالحين منهم أما المنحرفين فأنهم كآلذئاب ألمفترسة, فماذا يمكن أن يبقى من الأنسان إذا تجرد عن روحه و عاطفته و إحساسه!؟
(8) بمعنى يتأثر بآلقوى الطبيعية الأخرى و بآلزمان الذي يتداخل في تكوينه, لهذا يكون مُحدباً بمقدار و نسبة ذلك التأثر.
(9) بمعنى؛ ألطول و العرض و آلأرتفاع و آلزمن.
(10) حافظ ألشيرازي شاعرٌ إيراني, ولد في شيراز, و عاش في القرن الثامن(727 – 792هـ).
(11) إلهي قمشهئي, حسين, إستاذ آلأدب و آلعرفان في جامعة طهران, كتب مقدمية لديوان حافظ ألشيرازي – للتفاصيل راجع:
ألشيرازي, حافظ(2000م), مقدمة ديوان حافظ, مطبعة ألأسلامي, طهران – ط19.
(12) بآلطبع لم يكن آلخيار بيد آلرسول(ص) كي يختار البقاء في آلعرش أو النزول للأرض, و لو كان الخيار بيده ما كان ينزل للأرض أبداً, و إنما كان ذلك بأمرٍ إلهي لأكمال ألرسالة آلألهية ألخاتمة للبشرية. 
 
 
 

كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : عزيز الخزرجي من : كندا - تورننتو ، بعنوان : تكملة جواب السؤآل ألعراقي في 2011/08/24 .

في الحقيقة .. لا يوجد آليوم علماء روحانيون حقيقيون - خصوصاً في حوزة النجف الاشرف, بل أستطيع القول بأنهم - ليس كلهم طبعاً - لكن الأكثرية .. "روماديون" و ليسوا "روحانيون", فلو كانوا بحقّ, لكنا رأينا على الاقل نظريات جديدة ليس في العلوم التكنولوجية فحسب - بل حتى في العلوم الحوزوية, فما زالوا محصورين بين النجاسات و آلمطهرات ألتي أجاب عنها آلرسول(ص) و الأئمة الأطهار و العلماء أمثال ألمفيد و الطوسي قبل قرون.
لكن آلحوزة العلمية في قم بدأت تتخصص منذ عشر سنوات تقريباً لهذا خرّجت الكثير من العلماء في إختصاصات مخلتفة, و لهذا نرى اليوم إن آلجمهورية الأسلامية وصلت القمة في العلوم في المنطقة و حتى في العالم!



• (2) - كتب : عزيز الخزرجي من : كندا - تورننتو ، بعنوان : إلى أخي العراقي ألسائل عن الشيخ البهائي في 2011/08/24 .

لقد زرت بنفسي مدينة إصفهان للتحقق من صحة تلك الآثار الغريبة, و رايتُ آلأماكن ألتي أشرنا لها, حيث تعطل آلحمام , أما المأذنتان فما زالتا باقيتان, و إستحدث محلها التكنولوجيا الحديثة لأداء نفس الغرض, و آلذي حدث حسب ما فمتُ من أحد الزملاء المهندسين ألمختصين .. أنه في زمن الشاه - قبل الثورة آلاسلامية المباركة - زار وفد فرنسي - ألماني مشترك لكشف أسرار آلمئذنة و الحمام الطبيعي, و عندما بدؤا بآلحفر و التنقيب و رسموا الخرائط الواقعية, و أرادوا إعادة تشغيلها من جديد إلا أنهم لم يفلحوا بتدشينها, و بقى الوضع على حاله حتى يومنا هذا للأسف!

و لا أدري سبب عدم محاولة العلماء الأيرانيين من تشغيلها مجدداً؟

هذا كل ما اعرفه عن تلك المواقع آلعلمية ألتأريخية, و يا حبذا لو تقومون بزيارة لمدينة إصفهان للتحقق من أسرارها, شكراً على متابعاتكم يا أخي العزيز و نأمل التواصل بآلخير و المعرفة.

• (3) - كتب : Amir من : العراق ، بعنوان : سؤال في 2011/08/24 .

السلام عليكم
شكرا لهذا البحث
اود ان اشير بأنه رياضيا وتجريبيا لا يمكن معرفة تصرف الألكترون في فيزياء الكم فمعادلة شرودنكر تصف حالة معينة للألكترون كما في المعادلة التفاضلية المشهورة...
يلاحظ ان الألكترون يختفي ويظهر في "قدر الطاقة" Potential well فيتم معاملته موجيا.
سؤالي اذا امكن : لما العرفاء كالبهائي ره استطاعوا بالعرفان ان يصلوا لحقائق سبقت العلم بالبحث التجريبي اين هي القدرات الان الا يوجد عرفاء؟ منذ الطفولة وانا اسمع بقصة السيد البهائي ره كقصة مشهورة لا غير
مع التحية





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8757
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28