من على سلسلة تلال المطلة على قريةٍ غرب الموصل، رصدت القوات العراقية اسرة هاربة من جحيم تنظيم داعش، رأى الجنود من خلال نواظيرهم المدنيين وهم يقتربون ويلوحون بالعلم الأبيض. الأسرة كانت مكونة من ثلاث نساء واحدة منهن كانت حاملا مع رجلين وعدد من الأطفال يصطحبون كلبا.
في الأسبوع الماضي، تعرض الجنود الى قذائف هاون من قبل مسلحي داعش كانت مصدرها تلك التلال، إلا ان الجنود تمكنوا من مساعدة الأسر الهاربة وعبورهم التلال وهم يرددون جملة “الحمدلله”.
خديجة عباس، كانت في الجزء العلوي من التل، تعثرت لاكثر من مرة قبل عبورها، حتى أنها اضطرت لخلع حذائها البلاستيكي لتتمكن من الوصول الى نقطة تمركز القوات الامنية وتسليم نفسها لهم بعد معاناة قضتها لسنتين تحت حكم تنظيم داعش. أوضحت السيدة ان على الاقل عشر عائلات محاصرين من قبل مسلحي داعش، وأكدت انهم ارسلوها للقوات الامنية لمعرفة ما اذا كان الوضع آمناً ليتمكنوا من الهرب ليلاً.
وفي هذه الاثناء، يعمل منتسبو المخابرات العراقية على التحقيق مع المدنيين الذين تمكنوا من العبور، ومعرفة ما اذا كانوا مسحلين في تنظيم داعش ام لا، فضلاً عن قيام ضباط عراقيين، بالتدقيق في هويات المدنيين وفحصها جيداً للتأكد من عدم انضمام بعضهم الى تنظيم داعش.
وقدم الجنود العراقيون الذين كان بصحبتهم مستشارون اميركان السجائر الى المدنيين الذين لم يدخنوا منذ ثلاث سنوات، فيما اضطر طبيب فريق صحيفة “النيويورك تايمز” لاسعاف امرأة حامل قد اغمي عليها، بعد أن ركض اعضاء الفريق نحو السيارة وعادوا بالمغذي وربطوه بساعدها الايمن، فيما كلف زوجها بحمل المغذي ليتدفق السائل الموجود فيه الى جسمها.
بدأت الأسر تتدفق واحدة تلو الاخرى بعد تأمين الطريق وعبور التل بصورة اسهل مما كانت عليه سابقاً، وما إن رصدت القوات العراقية عدة سيارت مسرعة نحوها، حتى بدأت بإطلاق عيارات نارية تحذيرية، لكن السيدة عباس طمأنت الجنود ان هذه السيارة تعود لاقاربها وهم في طريقهم لبر الأمان. وعانى الجيش العراقي من السيارات المفخخة التي تنطلق بصورة سريعة نحوهم.
أخبرت السيدة عباس القوات الامنية، ان اقاربها يستقلون ثلاث سيارات بيضاء اللون وواحدة زرقاء، مما دفع القوات الامنية الى مراقبة هذه الاوصاف من السيارات عبر النواظير وعدم اطلاق النار عليها.
يصف المدنيون الناجون من جحيم داعش بعد وصولهم للقوات الامنية، الحياة العصيبة في ظل حكم تنظيم داعش حتى أن احدهم قال مازحاً “ الجميع يفرون من داعش، وانا جلبت هذا الكلب لانه لن يسلم منهم”. لحظة وصول هذه الاسرة الى نقطة القوات الامنية كانت تلوح بقطعة مربعة من القماش في اشارة للقوات بانهم مدنيون.
وبحلول المساء، عبر التل حوالي ٣٠ مدنياً ليبدأ مسلحو داعش بضرب نقاط القوات الامنية بقذائف الهاون، فيما طلبت القوات من المدنيين بالتحرك الى مكان آمن. وبعد ساعات من سقوط القذائف، شوهدت سحابة دخان عالية تتصاعد من سيارة تبين انها مفخخة انفجرت في حي كانت القوات تحاول تطهيره، وبحلول نهاية اليوم اعلنت القوات تحريره بالكامل.
وبعودة القوات الى مقارهم وبرفقتهم فريق صحيفة النيويورك تايمز، شاهد احد الصحفيين سيارة السيدة عباس وهي ترفع يدها بعلامة النصر “V” وابتسامة شاحبة.
المصدر: نيويورك تايمز |