• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في مجرى الأقدار .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

في مجرى الأقدار

"أقدار"، في مجراها، وضعتَ صديقي، شفيفَ الكلمة، روايتكَ الرهيفة، "أقدار"، تمثّلت أمثولةَ حياةٍ على ما فيها من حكم قدَرٍ تملّكَ في الشخصيّات. أشبعتَ السياقَ حلاوات السرد النابضِ بالواقع، أضفيتَ عليه نسيماتٍ فاكهة، تطفو على قسمات القارئ جرّاءها بسماتٌ لاهية محبّبة.

والسرد في نصّكَ بابٌ يفتح على الحوار الراقي بين أشخاص الرواية، التي تعود من واقع الكلام إلى زمن الحدث بانسيابٍ تتلذّذ مروراته! 

وفنّ الرسالة تنوّع في المُؤشِّرات. كم حلوٌ تنقلّكَ في الزمن والمكان، إلى عوداتٍ في العاطفة والمشاعر، يتفاعل معها القارئ كأنّما هو على معرفةٍ بالناس يعايش مجرياتهم.

هي أقدارٌ في شخصيّاتكَ. أقدارهم حُكِموا فيها. وهي في قساواتها غالبَ النصّ، تطفو في السياق عذبةً لا تخدش شعورًا، ولا تحرّك غضبًا، أو تثير شحنًا في النفوس. وإن غالَبَ الظنَّ أنّ المجرى طبيعيُّ الحال والحدث، فلا يخلوَنّ النصّ من تشويق. هو تتابعٌ متناسق في منطق الأمور، خلْوٌ من رتابة، داسمٌ في المبادئ الإنسانيّة وتخبّطها في الانزلاقات النزواتيّة، على إدراكاتٍ واعية لتفاوت الحركة القِيَميّة!

من ناحيةٍ أخرى، بادٍ واضحًا نَتْجُ المواقف والأسس الأخلاقيّة والتربويّة التي انتهجها أبطال الرواية. فلا تداعيات مفاجئة أو غير منتظَرة في مآلات الأشخاص ومساراتهم الحياتيّة البتّة. لكأنّ الراوي، بطل الرواية الأساس، يبغي في لا وعيه رسمَ صورةٍ، أيقونة، لتحكّم الإنسان بمصيره من خلال خياراتٍ يتبنّاها لمسار حياته!

جديرٌ التنويه هنا بما للشأن الأدبيّ من حصّةٍ في اهتمامات الرواية. فجلّ الشخصيّات أديبٌ أو شاعر. وعلاقات الجميع تلتقي أصحاب المنشورات ودور النشر. في الواقع، يؤول الأمر إلى إصداراتٍ أدبيّة، لا يمكنكَ تبرئة المؤلّف من "لوثتها".

"أقدار"، روايةٌ شاملة، حوت جمالات الوطن إلى مشقّات الغربة، وتفاعل الحضارتين في الأحبّة  

والأصدقاء، ربيبي البيئة اللبنانيّة الصادقة. واكتنزت مواجهات الإنسان مع الألم والموت، ومع العلاقات العاطفيّة التي تقذفها غالبًا قساوات المجتمع بحمم القهر والتعنّت.

وتدخل "أقدار" عالم التاريخ الحديث من باب الحرب اللبنانيّة ومآتيها على الواقع اللبنانيّ في ركْب السياق، ما أضفى طابعًا واقعيًّا جليلاً، وجميلاً!

في "أقدار"، أثرتَ فينا موريس، حنينًا دفينًا إلى ملاذاتٍ إنسانيّة ارتدْتَها أكيدًا، عالمها القرية ومكاناتها الدافئة من جهة، وَسلّم القيم التي يروق ارتقاؤها. أعدتَ إلى روحنا صفاءاتٍ حسبناها مع تواتر الأيّام أقدارًا، وإذ هي مراحاتٌ من تواتر كم حلوٌ مرورٌ به مجدّدًا... 

موريس النجّار، ركبتَ بِنَا سفنَ أعمارٍ ماخرًا بحر وجودنا، فلا نروم إلقاء مراسينا إلاّ في ميناءاتٍ ضفافها، أيضًا، راقي الأدب واللغة، حيث أصالاتٌ نعلو بها عُبابًا ونعمق!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=90669
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29